الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الكراهية واللاشعور الكوني

محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)

2024 / 2 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ثقافة الكراهية واللاشعور الكوني!

منذ بداية التأريخ كان الميدان الأكبر المحتدم بالصراعات والحروب والغزوات على مستوى العالم بأسره، هو الشرق الأوسط، أظن، وظني هنا ليس عرضياً، بقدر ماهو ناتج من شكوكي الشِّبه علمية المنطلقة من تصور مؤسّس على توجُّه تحليلنفساني، وهو اننا لا يجب علينا أن نكتفي بلاشعورنا الفردي وحتى الجمعي لتفسير الظواهر المعمّرة التي تلاحقنا كالظل في يقظتنا والكوابيس في منامنا، بل ربما تتوسع دائرة الخافية في كثير من الأحيان لتضم الإنسانية كتأريخ بشري، على إختلاف انتماءاتها وهوياتها العرقية والدينية والمذهبية، بمعنى الذهاب الى ماوراء اليونغية(كارل يونغ) والدخول الى غياهب الذاكرة الكونية إن صح التعبير. شرقُ أوسطٍ تأسست عليه الأديان الإبراهيمية(اليهودية والمسيحية والاسلام)، ولا أعرف سرّ هذه الحكمة؟ هل هو مصادفة؟ أم للمناخ والتضاريس والجغرافية دور مثلما يفسره التطوريون الداريونيون وفق نظريتهم(الانتخاب الطبيعي) في انبات هذا الواقع الجيوديني المتحوَّل في النهاية الى ماورائيات، وتسببت في الاخلال بالتوازن النفسي للأفراد وجَعَلَهُم كائنات أكثر قلقة من على سطح المعمورة؟.
دخلت هذه الأديان في دوامة مستمرة من الحروب والإقتتال فيما بينها مقتنعين في أعماق إيمانهم بحيازة كل منهم دون الأخرى الحقيقة المطلقة والنهائية سواء لوجوده كدين، أو لإعتقاده بالمنظومة القيمية المتفردة بها.
دخلت هذه العداوات المطعمة بهذه الأطر المعتقدية، تقاليد الحياةِ لمعتنقيها، وتنمذجت في أيقونات مقدسة يُقتدى بها ويُقلّد، وكذلك في أساليب الحياة العامة التي تحولت بعدئذ الى ثقافات واسعة ممثلة عن كل اطار معتقدي، حيث تدعم بقاء وتقوية الاسلوب على حساب الأساليب الأخرى المنبعثة من الديانتين الأخريين. انغرست مفاهيم وأفهومات كل ثقافة في البنيان التأريخي لكل إطار مرجعي، الى أن جعل من كل فرد مؤمنٍ أو أي فرد منتمٍ كياناً ممثلاً للإمتداد التأريخي الى الجذور ومن الجذور الى الراهن المعاش.
عُقَد تأريخية عويصة هي الصراعات الدامية اللامتناهية بين المقدسات الثلاثة، لم يجرؤ أحدٌ، أو تمكن جهةٌ، الى الآن الاقتراب من تقديم طروحات لحياة جديدة مشتركة تبدأ بغرس بذور الوئام بدل ثقافة الكراهية والاقصائية. أصبح اللاتوازن الديني والمذهبي في الشرق الأوسط حالة مستمدة من الخبرات اللاشعورية التي ارتواها أساساً قداسة الصراعات والحروب الدائمة المبنية على نداءات الآلهات الثلاثة لأحقية رسائلهم كل واحد منهم دون الآخر. وتقولبت عقائد الإلغاء والإقصاء منذ ظهور الايديولوجيات الحديثة كالقومية والإشتراكية والمسميات الأخرى في الأحزاب ذات الهيكلية المتمدنة والأوطان الوليدة في أرحام التنوير والحداثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ


.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح




.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا