الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم الجهاد في المسيحية - مقدمة -

نافع شابو

2024 / 2 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وردت كلمة الجهاد في الكتاب المقدس بعهديه، بكل مصادرها ، تقريبا 22 مرة
جاء في معجم المعاني الجامع – عربي عربي أنّ كلمة جِهاد (أسم) الجَمع (جُهد)
مفهوم الجهاد في المسيحية هو مشتق من الجُهد المبذول في الطريق المؤدي الى الحق والحياة. اي الجهاد من اجل ان نعيش في مملكة الله ،أي الحياة مع الله الخالق واخوتنا في الأنسانية وليس الجهاد من اجل الموت في سبيل الله. ولقد بذل المسيحيون عبر التاريخ الكثير من الجهد في الجهاد في سبيل الله، وذلك من خلال نشر الإنجيل(بشارة الخلاص) ومساعدة الفقراء والمحتاجين ومقاومة الشر و الظلم والاضطهاد في هذا العالم .
جهاد المسيحي هو لمعرفة الله "الحقيقي" . يسوع من خلال تجسّده وحياته على الأرض جسّد لنا حقيقة الله وما علينا إلّا أن نجاهد لنتعمّق في معرفة الهنا وخالقنا من خلال علاقتنا بيسوع المسيح .هكذا نحصل على هبة الله لنا للحياة والتقوى بفضل معرفة الذي دعانا بمجده وعزّته (2بطرس 1 :3"
جهادنا هو جهاد لنيل الأيمان المجاني وذلك بمعرفة يسوع المسيح (بطرس 1 :1).
جهادنا أن نبتعد عمّا في هذه الدنيا من فساد الشهوة (2بطرس 1 :3،4) ، ونكون بسطاء لنشارك يسوع المسيح في طبيعته وحياته فهو تخلّى عن أمجاد هذا العالم وشهواته (راجع التجربة على الجبل) . وعلينا أن لا نحبّ إمتلاك ألأشياء من أجل الشهوة ، بل أن نشارك الطبيعة الإلهية . هذا هو جهادنا الحقيقي بالحصول على الفضائل السبعة الواردة في الرسالة الثانية لبطرس الرسول وهي : ألأيمان ، الفضيلة ، والمعرفة ، والعفاف ، والصبر ، والتقوى ، والأخاء ، والمحبّة (راجع 2بطرس 1 :3). هذه الدعوة هي أساس الملكوت الذي أسسه يسوع المسيح . مشاركة طبيعة الله لاتعني أننا أصبحنا آلهة أو من طبيعة أو جوهر الله ، مثل ألأبن الوحيد يسوع المسيح ، بل أقام فينا الله بروحه القدوس" "...وتصيروا شُرُكاء الطبيعة الإلهية. ولهذا إبذلوا جهدكم(جاهدوا) لتُضيفوا الفضيلة الى إيمانكم ، والمعرفة الى فضيلتكم ، والعفاف الى معرفتكم ، والصّبرَ الى عفافكم ، والتقوى الى صبركم ،وأخاء الى تقواكم ، والمحبّة الى إخائكم " (2بطرس 1 :4 - 7)
جاء في مقال منشور على موقع الحوار المتمدن للأخ منسي موريس عن مفهوم الجهاد في المسيحية ما يلي :
"الجهاد فى المسيحية ليس بعقيدة بل حالة وفرق كبير بين العقيدة والحالة.
فمثلاً لو قلت ( على الطبيب أن يجاهد ضد المرض) هل هذا معناه أن الطبيب أصبح " جهادى " ؟ ويتبنى فكر إجرامى؟ أم أن الطبيب يكافح والكفاح هنا حالة ؟.: الآيات التى وردت فيها كلمة " جهاد " تعنى الكفاح والتخلص من الشرور الأخلاقية والروحية وليست " جهاد " بمعنى العقيدة التى تدعو لقتل الناس لفرض الإيمان بالقوة .
المسيح نفسه نهى عن " عقيدة " الجهاد فى سبيله " كما يقول الرب يسوع : «مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم، لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا) (إنجيل يوحنا 18: 36):
المسيح لم يرفع يوماً سيفاً ولا أحد من تلاميذه فعل هذا الشىء فلو كان " الجهاد " فى سبيل المسيح عقيدة لكان التلاميذ الذين ضحوا بحياتهم فى سبيل نشر رسالة الحب مارسوها لكن هذا لم يحدث مطلقاً.(انتهى الأقتباس)

نعم ليس دعوة يسوع لتلاميذه ان يستخدموا السيف٬ والّا ما كان ليعارض السيد المسيح استخدام بطرس للسيف عندما فعل . فنجد بطرس يلجأ الي السيف وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه. فقال له يسوع "رد سيفك الي مكانه" ، بل ويقرر ان مصير من استخدم القتل والإرهاب هو الهلاك " لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ!" مت 26: 52"
اما الرسول بولس في رسالته الى روميا يقول :
"لاتجازوا احدا شرّ بشّر ، وأجتهدوا أن تعملوا الخير أمام جميع الناس ، سالموا جميع الناس ان أمكن ، على قدر طاقتكم ،"(روما 12:17,18 )

يسوع المسيح هو مثال المجاهد الحقيقي في حياته على الأرض. يسوع هو الحق والحق هو جوهر تعليم المسيح هو ان نسير في الحق وفي المحبّة ونجاهد لنمارس هاتين الفضيلتين ممارسة ملموسة في حياتنا اليومية (2يوحنا 1 : 4-6) لتحقيق الحق والمحبّة والحياة والعدالة في هذا العالم الذي يحكمه الشر. ولكونه أيضا رئيس السلام ، فقد جاهد لتحقيق السلام في هذه الأرض ، فهوعلّمنا كيف ننشر السلام في العالم اجمع " «سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ.إنجيل يوحنا (14 :27)
السلام في مفهوم المسيحية ليس بالضرورة معناه الراحة بل استغلال الراحة لنحُصّن انفسنا من هجمات قوات الشر . الراحة عند المؤمنين هي محطّة لأعادة النظر في حياتهم الماضيّة لتجديد الحياة الروحيّة والتحصّن بأسلحة الروح القدس لمواجهة قوات الشر في المستقبل. السلام يأتي من يقين استجابة الصلاة. يقول كاتب المزمور: ”بصوتي الى الربّ أصرخ فيجيبني من جبله المقدّس .في سلام استلقي وأنام”(مزمور 3:5 )”
. ولأنّ يسوع المسيح هو "المحبّة" فقد جاهد وحارب الحقد والكراهية من اجل نشر المحبة والسلام والعدالة
نعم مفهوم الجهاد في المسيحية قد يختلف عن مفهومه عند الخارجين عن الأيمان المسيحي، حيث لا يُقصد به القتال أو الحرب، وإنما يُقصد به جهاد البذل والعطاء والدفاع عن الحق والعدالة والمحبة والسلام
*الجهاد في المسيحية هو أن نقتدي بيسوع المسيح في تعاليمه وفي سيرة حياته على الأرض، مهما كان الحق مؤلما، لكي نصل الى عمق العلاقة مع المسيح واللاعودة الى الوراء حتى الموت. هو البقاء أمينا لله، يجب ان لايساق المؤمن وراء الرأي العام او ضغوطه. جهادنا جهاد سلوك الطريق الى الحق والحياة .
*الجهاد في المسيحية هو جهاد روحي، وجهاد ايماني ، وجهاد الصلاة
* الجهاد في مفهوم المسيحية هو ايضا جهاد من اجل المعرفة والخير والعدالة والمساواة والحُرّية والرأفة والكرامة البشرية
*الجهاد في المسيحية هو العطاء سواء كان في العمل من أجل خير البشرية وتقديس الجهد البشري كُلّه. فالأنسان مدعوٌّ لأكمال مسيرة التطوّر العظيمة بواسطة عمله وجهده اللذين يوصلان الكون الى كماله النهائي
الجهاد في المسيحية هو تحمل الآلام والأضطهادات وحتى الموت في سبيل تحقيق ملكوت الله
فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا."روميا 8 :38 ، 39"
يسوع المسيح يقول في انجيل يوحنا "
“اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ.” (يو12: 24)
هذا هو وضع يسوع ، فآلامه وموته تقوده الى القيامة التي تجمع المؤمنين في كنيسة واحدة . إنَّ مبدأ الحياة مرَّ في الموت ، لكي يحمل الحياة الى المائتين. فما لم تُدفن حبّة الحنطة لن تصبح سُنبلة قمح تنتج سنبلا كثيرا . وقد مات الرب يسوع ليبيّن سلطانه على الموت . وقيامته تثبت أنّ له الحياة الأبدية. وبسلطانه الإلهي يمكنه أن يهب هذه الحياة الأبدية لكلّ من يؤمن به .

رأى المسيح في مجيء اليونانيين باكورة الحصاد الذي سيحصد بواسطة موته. فحبة الحنطة تشير للمسيح الذي سيدفن بعد صلبه ليأتي بالأمم واليهود. والمسيح انتهز الفرصة ليعلن اقتراب ساعة موته والتي بها سيكون الخلاص لكل العالم يهودًا ويونانيين أي يهودًا ووثنيين.
الجهاد في المسيحية هو جهاد الخدمة للبشارة بالخبر السار (الأنجيل)والتضحية حتى الموت من أجل حياة ابدية مع خالق هذا الكون الذي خلقنا على صورته كمثاله ولن نرتاح الا في ان نعيش معه ونشاركه ملكوته الأبدية مع جميع اخوتنا البشر.
الناس على استعداد دائم لدفع ثمنٍ غالٍ لما يقدرونه. فهل في ذلك مفاجأة أن يطلب الرب يسوع هذا الألتزام ممّن يتبعونه؟ وهناك ثلاثة شروط، على الأقل ، ينبغي أن يُتمّمها من يريد أن يتبع المسيح . فعليه الأستعداد لإنكار الذات، وحمل صليبه، وتسليم حياته له . وكل ما دون ذلك هو خدمة وعلاقة سطحية “ان اراد أحد أن يتبعني فليحمل صليبه ويتبعني” لوقا 9 :23"
يقول فيليب يانسي في كتابه "يسوع الذي لم اكن اعرفه":
"لقد أصبحت المسيحية ديانة الصليب . قد يعتقد البعض أنّ من مات ميتة يسوع قد فشل، إلّا أنّ الرسول بولس يقول عن المسيح"أنّه جرّد الرياسات والسلاطين، أشهرهم جهارا منتصرا عليهم بالصليب"
قد كان الصليب معركة بين ابن الله والشيطان، جرد الرب يسوع فيها قوة الشيطان إذ جرّد الرياسات والسلاطين أي نزع سلاحهم ظافراً بهم فيه ( أي في الصليب ) ( رسالة كولوسي 15:2 ) .
اوّل ما يتبادر الى ذهني أولئك الذين يجرّدون البعض من قوّتهم: إنّ مناصروا التمييز العنصري الذين وضعوا مارتن لوثر في الزنزانة، والسوفيت الذين سجنوا سولجنستين ، وحكام تشيوسلوفاكيا الذين سجنوا فاتسلاف هافيل ، والفلبيون الذين إغتالوا أكينو ، وسلطات جنوب أفريقيا التي سجنت نلسن مانديلا (وما يحدث اليوم من جرائم بحق الشعب الفلسطيني خاصة وشعوب الدول العربية عامة ). كُل هؤلاء (وغيرهم عبر التاريخ) إعتقدوا أنهم حلّوا المشكلة، ولكن على العكس فقد كشف ذلك عنفهم وظلمهم.. عندما مات يسوع على الصليب تأثّر الجندي الروماني القاسي (الذي كان مشرف على صلب المسيح) تأثرا كبيرا وقال: "حقّا كان هذا إبن الله "مر 15: 39". فقد رأى التناقض الواضح بين زملائه اللصوص وبين ضحيّتهم يسوع الذي غفر لهم، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة. إن صاحب الوجه الشاحب المسمّر على الصليب كشف القوى الحاكمة في العالم على أنّها آلهة زائفة لم تفي بوعودها ولم تحقق العدالة. إنّ رجال الدين وليس أهل العالم هم الذين صلبوا يسوع المسيح. لقد كان هدفهم هو حماية قوّتهم وسلطانهم فقط.
واظهر اللصان المصلوبان مع يسوع (على شمال ويمين يسوع) استجابتين مختلفتين: ألأول سخر من ضعف يسوع " المسيّا الذي لا يستطيع أن يُخلّص نفسه " ، أمّا الثاني فقد أدرك نوعا آخر من القوّة. وبالأيمان طلب من يسوع قائلا:"اذكرني يا رب متى جئتُ في ملكوتُكَ"لوقا 23 :42". لم يخاطب أحد يسوع- عدا الذين سخروا منه – على أنّه ملك ورب إلّا هذا اللص الذي رأى بوضوح أكثر من أي شخص آخر طبيعة مملكة المسيح.
إنّ اللصين يمثلان الأختيار الذي على الأنسان أن يقرره عن الصليب طوال التاريخ.هل تنظر الى ضعف المسيح كمثل على ضعف الله ، أم كدليل على محبّته ؟
كتب" إم. سكوت بيك "هناك العديد من الطرق للتعامل مع الشر وطرق عديدة أيضا للقضاء عليه. وكلها مجرد مظهر للحقيقة، حتى أن الطريقة الوحيدة لهزيمة الشر هي أن تدعه يتسرّب داخل كائن حي يرغب في ذلك. وعندما يُمتص مثل الدم في الإسفنج أو الحربة في قلب شخص ما، عندئذ يفقد قوّته، ولا يعد له أثر ".إنّ القضاء على الشر يمكن أن يتحقق فقط بمحبة الأفراد .
إنّ ميزان القوى تغيّر تغيّرا قويّا في يوم الجلجلة (يوم صلب المسيح) بسبب يسوع الذي أمتصّ الشرّ. ولو كان يسوع ضحية بريئة مثل مارتن لوثر كنج أو مانديلا او هافيل او سولجنسين لكان قد ترك بصمته في التاريخ، ثُمَّ إختفى من المشهد. ولم تظهر له أي عقيدة بعد موته. ولكن الذي غيّر التاريخ هو يقظة التلاميذ ومعرفتهم أنَّ الله على أنّه الشخص الذي كان يرغب في التعبيير عن قوّته بالحب. إنّ القوّة تسبب المعاناة بينما الحب يمتصها، وفوق تلال الجلجلة تخلّى الله عن المسيح من أجل الآخرين. بنعمة يسوع المسيح الذي قدّم بكل اللطف النعمة . لقد غفر يسوع للزانية واللص على الصليب، وللتلميذ الذي انكره وقال : إنّي لا أعرفه . وطلب من نفس هذا التلميذ الخائن أن يؤسس الكنيسة كما أنّه سامح شاول الذي كان يضطهد الكنيسة والذي سوف يلقّب رسول الأمم (بولس الرسول) . إنّ النعمة تمد حتى الى الذين سمّروه على الصليب:"يا أبتاه اغفر لهم :لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون "لوقا 23 : 34". كانت هذه من بين أواخر الكلمات التي تفوه بها المسيح على الأرض.
ويقول يانسي في مكان اخر من كتابه:
ينبغي أن لاندع فكرة الشيطان تستحوذ علينا. إنّ من كان مأخوذا بمحبة الله له ومشغولا بخدمة الله لا يكاد يجد الوقت ليفكر ب "الخصم". ولكنه، الى ذلك، يعرف أنّه، على حدود منطقة النور التي فيها يحيا ويتحرك ، تتربص قوّة مظلمة ينبغي درء هجماتها الدائمة الاحتمال ، يجب ان نكون في يقظة وثقة ، وينبغي أكثر من ذلك ، الجهاد لإرغامها على التراجع كي تتسع باستمرار فينا ، وفي الكون قاطبة ، بتعاوننا مع قوّة الله الظافرة ، رقعة الملكوت النورانيّ . وكما انّ المسيح حقّق بحياته وموته وقيامته، غلبة حاسمة ونهائية على الشيطان .
في قصة للكاتب الروسي دستوفيسكي بعنوان "ألأخوة كرامازوف" وربما تكون من أعظم الروايات كُتبت حتى الآن ، والتي تلفت الأنتباه للتناقض بين إيفان الذي يعتنق مذهب اللا أدريين ، وأخوه التقي أليوشا . ويستطيع إيفان أن ينتقد فشل الجنس البشري وكُلّ نظام سياسي، ولكنّه لم يعطي أيّ حلّ للبشرية: الحُبّ. فيقول أليوشا (أخيه المؤمن) : إنَّني لا أعرف الحل لمُشكلة الشرّ ، ولكنّني أعرف الحُبّ"
السؤال ماذا تعلّم فيليب يانسي في جهاده في الحياة؟ يجاوب يانسي باختصار
"تعلّمتُ انّ الله في داخل الأنسان "ملكوت الله في داخلكم" من الكاتب الروسي تولستوي، بإتباع المُثل العليا في الأنجيل
كان تولستوي معذب مسيحي يناضل(يجاهد) طول حياته، ومثل سمكة السلمون التي تضع بيضها .وفي النهاية انهار بسبب الصراع والأنهاك الروحي .ورغم هذا فإني أشعر بأنني مدين له لملاحقته الدؤوبة للأيمان الأصيل والحقيقي والتي تركت فيّ أثرا عميقا . ووجدت في رواياته وقصصه القصيرة مصدرا للقوّة الأخلاقية. وبدون أدنى شك فقد رفع نظرتي للأمور.
وتعلّمتُ قيمة تأثير النعمة لخلاص الأنسان من الكاتب الروسي فيودور دوستوفسكي . فبينما كان يحاول تولستوي أن يُحسّن من ذاته، أضاع دوستوفيسكي صحته في شرب الخمر ، وتبديد الثروة في المقامرة . وارتكب دوستوفيسكي أخطاء كثيرة، ولكنه فعل شيئا واحدا صحيحا فإنّه عبّر عن ايمانه بالنعمة والفغران بنفس قوّة تولستوي .
لم يفق دستوفيسكي من التجربة التي كاد فيها أن يموت (بمشنقة) وأصبحت حياته بالنسبة له ذات قيمة كبيرة، وقال "إنّ حياتي الآن سوف تتغير وأولد من جديد" وهو في طريقه بالقطار نحو سيبيريا حيث يقضي مدة سجنه، سلّمته امرأة تقيّة نسخة من العهد الجديد، وهو الكتاب الوحيد المسموح به في السجن .. وبعد عشرة سنوات خرج من السجن بإيمان ثابت، كما شرح في العديد من كتاباته المشهورة قائلا: " إذا أثبت لي
أحدهم أن يسوع لا يقول الحق ، فإنني أُفضّل أن اظل مع يسوع من ان ابقى مع الحق"." إنتهى الأقتباس"
التاريخ البشري يخبرنا دائما أنّ المنتصر "هو الحق". ولأن يسوع المسيح هزم الخطيئة والموت و الشيطان على الصليب بقيامته ، فهو يدعونا أيضا في أن نجاهد لنحارب الخطيئة وننتصر على الموت بالقيامة ونهزم قوات الشر الروحية في حياتنا .يسوع هو الكلمة وسلاحه كان سلاح الحق يحارب رجال الدين المراؤون بهذا السلاح ، ولم يستخدم القوّة الجسدية فهو القائل "وَمَنْ أَخَذَ سَيْفًا فَسَيَهْلِكُ بِالسَّيْفِ"(متى 10: 34-38). هذا هو مفصل الأيمان المسيحي فإما ان نختار طريق الرب يسوع المسيح -لانّ الحياة انطلقت من آلامه وموته على الصليب حيث انتصر بالقيامة على الخطيئة والموت والشيطان- أو نختار الطريق المؤدي الى الموت والعيش في الظلام. يسوع المسيح يقول لنا : «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي" يوحنا 14 :6"
يسوع المسيح لانّه كان بارأ ولم يحمل خطيئة وهو القائل "من يبكتي على الخطيئة؟" فهو علّمنا كيف نحارب الخطيئة وإغراءات الشيطان. علّمنا يسوع انّ الله روح ووهب لنا الروح القدس هو القدوة لنا في جهادنا الروحي لنحارب به قوات الشر الروحية.
يقول يوحنا في رسالته الأولى "أنتم من الله وغلبتم (بجهادكم) الأنبياء الكذّابين لأن الله الذي فيكم (الروح القدس) أقوى من أبليس الذي في العالم ...من يعرف الله يسمع لنا من لايعرف الله لايسمع لنا" 1 يوحنا 4 :4 ،6"
يمكن أن ندخل في تفاصيل آيات في الكتاب المقدس عن مفهوم الجهاد في المسيحية تابعونا في المقالات التالية:








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با


.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط




.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-