الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقع التونسيات في مسار الانتخابات 2023/2024

امال قرامي

2024 / 2 / 3
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



يكثر الحديث خلال هذه الأسابيع، عن طرائق استبعاد السياسيين من المسار الانتخابي، ولعلّ أهمّها اتهامهم بتجاوزرات واقتراف جرائم تصل حد "الخيانة العظمى" كما هو حال عبير موسي. ولكن لا أحد يكترث بأشكال إخراج النساء من دائرة المجال السياسي فهذا موضوع "ثانوي بالنسبة إلى البعض" أو هو في عداد "ربّ ضارة نافعة" فماذا ربحنا من وراء مزاحمة النساء الرجال في السياسة؟ الهرج والمرج " و التطاول على الرجال وقلة الحياء".

ولا نحسب أنّ بمقدور أي أحد أن ينكر النتائج المترتبة عن إلغاء مبدأ التناصف، وهو آلية دافعت عنها التونسيات على اختلاف انتماءاتهن الأيديولوجية والثقافية والسياسية وغيرها حتى يتسنّى للنساء والشابات المشاركة في الفعل السياسي لا من موقع التصويت في الانتخاب فقط بل الترشّح وتنظيم الدعاية السياسية وإبداء الرأي في النقاش وغيرها. فما إن بدأ مسار ترسيخ مبدأ التناصف حتى رجعنا إلى نقطة الصفر.
وندرك من خلال مقارنة نسب المشاركة النسائية في الانتخابات السابقة، والانتخابات الأخيرة أنّ النسب صارت أقلّ مما كانت عليه، وأنّ العوامل التي من شأنها أن تحفّز النساء على ممارسة مواطنيتهن السياسية مفقودة. ويفسّر هذا التراجع بالمناخ العامّ السائد في البلاد، وبانحسار العمل الجمعياتي الذي كان له الفضل في تمكين النساء سياسيا، إذ ليس بوسعنا أن نتجاهل دور جمعيّة الناخبات التونسيات التي اهتمت باستخراج بطاقات التعريف لشريحة من التونسيات اللواتي كنّ مغيبات في المشهد السياسي ونظمت دورات تدريبية وورشات للتفكير ووضع البرامج وغيرها من الأنشطة، ولا يمكن أن نتغافل عن الأكاديميات السياسية التي نظمتها عدّة منظمات واحزاب وجمعيات كجمعيّة أصوات نساء ، وغيرها.
وإذا سلّمنا بأنّ العقليات السائدة لا تشجع النساء على التحوّل إلى فاعلات في المجال السياسي، وأنّ التجارب الماضية، فيها من الممارسات العنيفة ما يكفي لثني هؤلاء على المشاركة السياسية فإنّ الدولة لم ترسم سياسة واضحة لدعم الحقوق السياسية للنساء كفيلة بأن تشعرهن بأنّهن شريكات في تصور الشأن السياسي ولسن متفرجات أو "خزانا انتخابيا . كما أنّ استشراء العنف الذي يستهدف النساء وما حدث لعبير موسي له وقع في المقبلات على المشاركة السياسية إذ ما الرسالة التي يمكن أن ترسخ في المخيال العامّ؟
نعم، لم تكن الطريق مفروشة بالورود أمام المترشحات لرئاسة الدولة أو لقيادة الأحزاب أو البلديات... ولم تكن شرائح واسعة من التونسيين مرحّبة بدخولهنّ معترك السياسة فتعرضت أغلبهنّ لانتهاكات مختلفة. ولكنّهن استطعن رغم اختلاف أدائهن وقدراتهن ومستوياتهن الثقافية، أن يلفتن انتباه الأجيال الجديدة إلى أهميّة الانخراط في العمل السياسي واختبار الذات وخوض التجارب وتعلّم مهارة المجاجة والاستدلال وتبكيت الخصم واختيار المقام ونوعيّة الخطاب...وتمكنّن من إرباك التمثلات الاجتماعية ، وتوفير نماذج قدوة في السياسة.
فليس بوسع المرء، اليوم، أن ينكر، رغم كلّ التحفظات والاختلاف في تقييم مسيرة عبير موسي أنّها استطاعت أن تنتزع صفة "السياسيّة وأن تحتل مكانا في الذاكرة النسائية التي تحتفي بمنوبية الورتاني وبشيرة بن مراد وميّ الجريبي وأخريات. ولا أحد بوسعه أن ينسى حضور أسماء أخرى كبشرى بلحاج حميدة وسعيدة قراش وسناء بن عاشور وسامية عبّو ومباركة العويني البراهمي وأخريات دخلن التاريخ لإيمانهن بأنّهن لسن دخيلات على عالم السياسة بل هنّ مواطنات امتلكن الصوت فتحولن إلى ذوات فاعلة. وهنّ صاحبات أفكار، ومفاهيم وقيم يدافعن عنها وتصورات متنوعة بشأن الفعل في الواقع من أجل تغييره. قد تكون المرجعيّة نسويّة تقرن الشخصي بالسياسي، وقد يكنّ قوميات وقد يكنّ يساريات ترستكييات، وقد يكن محافظات أو وسطيات...ولكنّ يلتقين جميعا في حبّ الوطن والنضال من أجل مستقبل أفضل للتونسيا/ين.
يبدو أنّ الإرهاق النسويّ والإحباط والغضب قد جعل أغلبهن يبحثن عن السكينة أو يعدن التأمّل في مسارهن وتقييم ما تحقق وما تم التراجع عنه ...ولكن لا ضير في أن نذكّر أنّ الأجيال الجديدة التي ولدت في عصر الثقافة الرقمية والذكاء الاصطناعي ومناخ التحرر، ستأخد المشعل وتواصل النضال بآليات جديدة ومبتكرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المشاركة تيجان شلهوب


.. المشاركة أمل المدور




.. المشاركة في الاحتجاج نجمة حطوم


.. المشاركة تفريد الباسط




.. -بالزهور وسنابل القمح مستمرون في حراكنا السلمي-