الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف المستتر والنبلاء الذي خلف القناع خوفا من الرقيب

جاكلين سلام
كاتبة صحفية، شاعرة، مترجمة سورية-كندية

(Jacqueline Salam)

2024 / 2 / 4
المجتمع المدني


يوميات الكتابة
كتب الشاعر الانكليزي جون ملتون في رائعته الخالدة "الفردوس المفقود" : الدماغ في مكانه، وبمحض ذاته يستطيع أن يجعل من الجنة جحيما، ومن الجحيم جنة"
وهناك كتب وأفكار غزيرة تتفق مع مثل هذا القول. بتصوري أننا نستطيع أن نغير احداثيات وطبيعة الحالة التي نحن فيها وذلك بتغيير طريقة تفكيرنا في كل صغيرة وكبيرة نعيشها في صراع مع ذواتنا، أو نجابهها مع الآخرين ونحكي عنها ونبالغ في تضخيمها.
أنا شخصيا لا أحب الجحيم بعد. كنت هناك وحدي فترة ولم أخبر أحدًا بالتفصيل. لكل جحيمه الحاضر والماضي.
الجحيم، تلك القسوة التي تسحق الفرد والجماعة، بيد الأفراد وبيد جماعات لها سلطة أعلى مادياً. والجحيم مادي ومعنوي، يزيح النور ويطفئ قنوات الفكر الحر.
*
في العالم العربي عدد من "النبلاء في الروح والفكر" يكتبون بأسماء وهمية ويقدمون محتوى فكرياً يتمرد على الظلام ويطرح البدائل الأسمى للتعايش السلمي. بعضهم نصف معلن. عن وفي هذه الفضاءات يحضر الرقيب ويحضر النظيف فكرياً، ويحضر عدد من الجبناء واللصوص وهناك أعوان الجهل والتخلف وأدمغتهم لا تحتمل التنوير بل العكس. نحلم أن يأتي يوم ويزيل الكاتب القناع عن صورته ويقول ما لديه دون خوف من المحاسبة. أمثلة: مواقع يوتيوب، منصات فلسفة وفكر، مواقع بأسماء مستعارة وتقدم الجديد والمتمدن.
*
أجد أن في الكتابة من الحاضر أو الذاكرة محاولة في قتل الرقيب الذي يجلس في الرأس بكل تجلياته وأعوانه. تحرير الفكرة الأهم إلى السطح والى القراء شبهها بعض الكتاب بعملية تشبه "تقشير البصل"
كم رقيباً علي أن تقتل كي تصل إلى تلك الشعلة!
*
كتابك مطمور في داخلك، كل ما عليك فعله أن تحفر في الداخل، أن تزيح القشور حتى تدرك اللبّ، كي تصل الى ذلك الشيء الذي ينعيك دون غيرك، ومن هناك تكتب. وهناك تكتشف أن ما يعنيك ويدل عليك قد يثير حفيظة من يقف في الخنق الآخر فكرياً وعملياً، أو حتى بدون تفكير. وهذه أيضاً ممكنة، مادام الآخر يمتعض ويخرج من كتابك دون أن يحرقه.
*
الأيام كتب ملقاة في الأرض ولكل منها ومنا نصيب ومسعى.
أيامك ليست أيامي، لكن هناك ما نشترك فيه دون أن أعرفك وتعرفني.
بعض الأيام من حجر وضج، وبعضها من ورد وبرد وبعضها يموت من الرعب.
وبعضها ينتظر أن يصبح كتابا فيه تلك الخلطة من القسوة والهشاشة والغرابة والنقصان.
*
الناس كالأيام يختلفون عن بعضهم. أنا أشرب قهوة الصباح وأكتب والشمس تتدفق من نافذة الصباح، أنت الذي يقرأ قد يكون في آخر الليل أو منتصف النهار ولديه حساسية شديدة من القهوة بل وكراهية بسب بمبالغة الشعراء في مديح القهوة ومنهم محمود درويش-مثلا. وهناك من لا يقرأ كي يفكر ، بل كي يختلف معك وينتصر عليك، وهناك من يقلب الصور في الهاتف الجوال كي يقتل الوقت، أو يبحث عن حشوة لتلك الهوة في داخله بحثاً عن مجهول.

4 فبرير /شباط 2024








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما آخر المواقف الإسرائيلية بشأن صفقة تبادل الأسرى؟


.. لغياب الأدلة.. الأمم المتحدة تغلق قضايا ضد موظفي أونروا




.. اعتقال حاخامات وناشطين في احتجاجات على حدود غزة


.. الأمم المتحدة: إزالة دمار الحرب في غزة يتطلب 14 سنة من العمل




.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة