الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنها الحرب ياصاحبي ...الجزء الثاني

على خزعل كرادي

2024 / 2 / 4
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


إنها الحرب يا صاحبي !. الحلقة ٢ .

تلقيت عدة أسئلة وأستفسارات وحث على مواصلتي في نشر وجمع أوراقي المبعثرة وتدوينها كوثيقة إعتراف بالماضي حول تجربتي القصيرة ، لكنها غنية بالمعطيات والوقائع والزمن من رفاق وأصدقاء محبين وأهل بعد أن أطلعوا على الحلقة الأولى والتي حملت عنوان ” في إستذكار قديم لحقائق مغيبة ”!.

بعد إن أعفت علينا السلطات العراقية بعفو رئاسي ، كما أملاه علينا وعلى ذوينا مدير الامن العام فاضل البراك بكلمات وصايا وتهديدات ، أطلق سراحنا في تلك الظهيرة العراقية نحن الشبيبة الشيوعية في وضع عراقي سياسي مضطرب ، حيث الحرب في أوج سعيرها مع الجارة إيران على طول جبهات الحدود ، إنها حرب تحررية بعد أن كانت عدوانية من قبل العراق ، أصبحت الاراضي العراقية ومدنها في خطر دائم من غزوات الجيش الإيراني . أصبحت بالنسبة لي الحياة لا تطاق كسجين سياسي سابق كل الابواب تكاد مغلقة أمامي لافرص عمل ولا مساحة مضيئة مع أصدقاء ورفاق يتجنبوك واللقاء بك خوفاً وتحسباً من عيون الرقيب والأكتئاب يغمرني ، حتى لقاءاتي المتباعدة مع أبناء مدينتي ورفاقي أحمد سفر ، إبراهيم الخياط ، عبد العظيم كرادي ، باتت محسوبة ومتباعدة وحذرة وأبعدتني عنهم لإلتحاقهم بالخدمة العسكرية الإجبارية .

في تلك الظروف والاوضاع الصعبة تم إستدعائي الى الخدمة العسكرية الإجبارية ، وألتحقت الى معسكر تدريب المنصورية هنا ألتقيت مع صديقي القريب الى قلبي رعد عز الدين الخالدي أمضينا أياماً في هذا المعسكر لا تنسى وما وزالت ذكراها خالدة في الاذهان . وفي غفلة تاريخية من الزمن سرقوا منا هذا البريق من اللقاء الحميمي ، حيث تم تفريقنا من خلال توزيعنا على الوحدات العسكرية ، وكان اللقاء الآخير بيننا حيث أعتلى صديقي رعد الشهادة في حرب مجنونة لا هدف لنا بها ، بل كنا من رافضيها . وشكل إستشهاده لي صدمة كبيرة وحزن دائم ما زال ينهش باحشائي ، أبكيه بصمت كلما جلست وحدي .

كان نصيبي من هذا الفراق الأبدي تنسيبي الى لواء مشاة في محافظة سليمانية ، وقد سبق وصولي ترحيلي من الاستخبارات العسكرية حول ماضييه السياسي أنني شيوعي وخارج من محكمة الثورة بحد ذاته هذه كانت تهمة مرعبة لهم ومخيفة لي ولي أخ معدوم لمعارضته لسياسة النظام ومن عائلة معادية لهم . كنت يومياً أموت عدة مرات من خلال ممارساتهم معي مرة يجردوني من السلاح وبعدها يرجعوه لي وأحيانا يستثنوني من الواجبات اليومية التقليدية في الخدمة . ذات مرة زارنا أمر اللواء في الموقع المتقدم أي على خط الجبهة الساخن ووجدني مجرد من السلاح وبدون حتى أن يتعب نفسه بالسؤال ؟. عاقبني بتأخير إجازتي الدورية ورماني في السجن .

بشوق وحنين كبيرين أحمله إلى مدينتي بعقوبة وأخواتي العزيزات ، وأنا في طريقي لهم متمتعاً بإجازتي الدورية من وحدتي العسكرية ، لكن سرعان ما يتحول هذا الفرح والشوق الى قلق وخوف دائم بأستدعائات يومية الى مديرية أمن بعقوبة ومقرات حزب البعث ، كأنها واجبات يومية ضمن مجالات وظيفتهم ، حدث ذات مرة دعوني من الساعة الثامنة صباحاً إلى وقت قصير قبل الغروب جالس في الانتظار المميت ، بعدها يبلغونك أن الضابط كان مشغول وسمحوا لي بالعودة الى البيت والرجوع في اليوم التالي ، وحيال هذا الضغط النفسي والمعنوي ، كنت أخفيه على خواتي خوفاً من تداعياته السلبية على حياتهن وهن جزء من معاناة عامة . كنت أعيش أيام صعبة وخوف طيلة أيام إجازتي ، وأصبحت لا تعني لي شيء في حياتي المجهولة من ويلات الحرب ووقائعها ، وأنا أحد وقودها الدائميين . بدأت أبحث عن منافذ خلاص وهروب من وضع أصبح لا يطاق لحياتي وعلى أقل تقدير حفاظاً عليها بمأمن . في العام ١٩٨٧ ، أطلق الإيرانيين هجومهم الكبير على مدينة البصرة ، وما سميت بمعارك نهر جاسم ، وكانت وحدتي العسكرية مجحفلة الى المعركة المرتقبة ، في يومها توفرت لي فرصة في الهروب من الحرب والإلتحاق بفصائل الانصار الشيوعيين عبر قريبي عبد العظيم كرادي ، وأصبحت في مأمن وبعيد عن ويلات الحرب وعيون الاجهزة الامنية ، لكن واجهتني معاناة آخرى ومواقف تستحق الإستذكار في أعترافات لاحقة أنتظروها .

علي كرادي /٢٠٢٤ في








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا


.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في




.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة