الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عندما يبكي رجالات غزة
ابراهيم ابراش
2024 / 2 / 7القضية الفلسطينية
حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهلنا في قطاع غزة ليست فقط لا سابقة لها تاريخياً من حيث حجم التدمير للمنازل والمستشفيات والجامعات والبنية التحتية بل أيضاً غير مسبوقة في حجم المعاناة الإنسانية للمدنيين وللعاملين في القطاع الطبي والدفاع المدني، وإن كان الحديث يدور غالباً عن معاناة الأطفال والنساء حيث نصف الضحايا تقريباً منهم فإن الرجال يعانون أيضاً ومعاناتهم مركبة معاناة شخصية نتيجة تعرضهم للموت أو الجرح أو الأسرـ يضاف لها معاناة ثقيلة تفرضها عليهم مسؤوليتهم عن جميع أفراد عائلتهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وإن كان رجالات غزة ككل رجال فلسطين تعودوا على الحروب إلا أنه لأول مرة أشاهد وأتعايش مع رجال يبكون وينتحبون بحرقة وقد عهدتهم شامخين جبارين يواجهون الموت بشجاعة.
ليس عيباً أن يبكي الرجال، مع أن الثقافة الاجتماعية السائدة في العالم العربي تعتبره عيباً وضعفاً في الشخصية، ولكن في قطاع غزة يكون لبكاء الرجال طعم مختلف، حيث تأتي في سياقات مختلفة لم يمر بها كل رجال العالم في كل الحروب التي مروا بها عبر التاريخ.
قوة الإرادة والصمود والشجاعة عند رجالات غزة التي طالما تغنى بها الأدباء والشعراء لا يعني أنهم بلا قلوب وعواطف، في حروب الكيان اليهودي الصهيوني على شعبنا وخصوصاً في حرب الإبادة الأخيرة لم ينج رجل من فقدان شهيد من أبناء أسرته أو إصابة جريح أو وقوع ابن أو ابنة في الأسر وأحياناً يفقد كل أفراد الأسرة، وقد شاهد العالم كيف ينبش الرجال بأيديهم العارية البيوت المقصوفة بحثاً عن أحياء أو جثث أو بقايا أشلاء لابن أو أخ أو زوجة أو أب أو أم الخ، وكيف يدفن الرجال جثث موتاهم أو بقاياها بقبور جماعية بدون أي طقوس جنائزية، وكيف بتر طبيب رجل ابنة أخيه بدون بنج وكيف يجوب الرجال الشوارع في شمال غزة حفاة عراة بحثاً عن الماء أو أي شيء يقتات به الأبناء حتى الحشائش وأعلاف الحيوانات وكثيرون منهم تلاحقهم طائرات كوادكابتر فيسقطون شهداء أو بإعدامات مباشرة ان واجهتم قوة معادية. في تراجيديا الموت هذه يستشهد الأب فيواصل الابن أو الزوجة البحث عما يسد الرمق وتجنب الموت عطشاً، هذا ناهيك عن الوقوف يومياً في طوابير تمتد لساعات للحصول على ربطة خبز أو كوبونة غذاء حيث ذل الانتظار وتنمر المتبرع أحياناً لا يقل عن قساوة الجوع.
الرجال في غزة لا يبكون ضعفاً بل قهراً لعدم قدرتهم على القيام بواجب الأبوة ومتطلبات الرجولة والشهامة تجاه أبنائهم ونسائهم، وعدم قدرتهم على مواجهة المجرم المتحصن في الدبابة المصفحة أو في طائرات الموت التي تجوب السماء. بعد أربعة أشهر من الحرب اتصل رجل أعرفه جيداً من شمال القطاع بعد أن تمكن من الحصول على مكالمة نت من صديق وخلال المكالمة أجهش بالبكاء وهو الرجل المقتدر وله مكانته في بلدته، بكى بحرقة وأبكاني وهو يصف ما يعانون من جوع وكيف يجوب الشوارع بحثاً عن أعشاب لإطعام أفراد أسرته وكيف فقد من وزنه ٣٠ كيلو جرام...
عندما يبكي الرجال قهراً وذلاً وهم يشاهدون أبنائهم يتضورون جوعاً ويشربون المياه الملوثة ويرتجفون برداً في الخيام وتفتك بهم الأمراض ويطاردهم شبح التهجير القسري إلى جحيم سيناء ... حينها فلتصمت كل الأصوات التي تتحدث عن الصمود وبطولات المقاومين وأن النصر صبر ساعة وقد طال الصبر دون أن يتحرك هذا العالم الظالم، ومؤشرات النصر ومفهومه ملتبسة ولم يعد المواطنون في غزة يتابعون سير المعارك أو يترقبون انتصار المقاومة بقدر اهتمامهم بالبحث عن كيس الطحين أو مياه للشرب أو خيمة تقيهم البرد القارص ووقف الحرب بصفقة أو هدنة دون الخوض في تفاصيلها فالمهم أن تتوقف ألة الموت اليهودية، فلا قيمة لأي نصر عندما يتعرض القطاع لكل هذا الدمار ويسقط كل هذا العدد من الشهداء والجرحى، أكثر من مائة ألف، وعندما تمتهن كرامة المواطنين ويبكي الرجال.
[email protected]
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - عندما يبكي رجالات غزة آه ثم آه ثم آه!!!
سهيل منصور السائح
(
2024 / 2 / 8 - 07:35
)
الخلاصة: يقزل الامام علي عليه السلام.
من استبد رايه هلك ومن شاور الرجال شاركها في عقولها. السؤآل: هل ما قامت به حماس يوم 7 من اكتوبر كان مدوس المآلات وهل كان باتفاق بينها وبين منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد حسب المتعارف ام انه قرار فردي؟؟؟. من هو المسؤول عن هذه الابادة؟؟؟. البطولة لا تعني الوقوع في التهلكة ابدا. يقول الله في محكم كتابه: واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل..... وهذا يعني ايجاد الوسآئل المطلوبة وحماس تدرك عدم التكافؤ في السلاح والعتاد والتاييد القوي للصهيونية من قبل الدول الامبرالية. هل من المنطق ان27 الف شهيد و 60000 جريح والدمار والخراب الذي طال غزة يكون ثمن تحرير مئاة اسرى؟؟؟؟.لكن:
اذا كان الغرااب دليل قوم *** يدلهم على الوادي الخراب
نتمنى ايقاف الحرب وتكون النتائج ايجابية للعزيين وكل فلسطين من اجل قيام دولة فلسطينية لان الاعمال تقاس بنتائجها وليس الخراب لاجل الخراب.
.. في الحادث الثاني من نوعه : إصابة عنصرين من قوة اليونيفيل جرا
.. وئام وهاب: إيران ليست المشكلة بل أميركا والعرب
.. لويد أوستن يؤكد لنظيره الإسرائيلي استعداد واشنطن للدفاع عن ش
.. نشرة إيجاز - كتائب القسام تعلن تدمير ناقلة جند إسرائيلية في
.. اندلاع مواجهات بين شبان وقوات الاحتلال في جبل صبيح ببلدة بيت