الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متلازمة (الارادة والقوة) بين الغرب والعرب

ثامر عباس

2024 / 2 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


متلازمة (الإرادة والقوة) بين الغرب والعرب


ليس ثمة إنسان ، في الوقت الحاضر ، يجهل أسباب هيمنة بلدان العالم الغربي على بلدان العالم الشرقي ، كما ليس ثمة ما يعتم عليه رؤية العوامل الحقيقة التي بوأت الحضارة الغربية مكان الصدارة في مضامير التنافس البارد والتصارع الساخن بين حضارة الأول وحضارة الثاني . ولكن ، مع ذلك ، قلما يحسّ هذا الإنسان بوطأة تلك الوقائع والمعطيات لكي يضعها نصب عينيه حين تداهمه الأحداث وتعصف به الوقائع ، ويضطر ، من ثم ، للانغمار في أتون البحث الحلول واستنباط المعالجات .
وعليه ، قد يتساءل الإنسان العربي عن سرّ استمرار تفوق العالم الغربي على نظيره العالم الشرقي ، ليس فقط في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية فحسب ، بل وكذلك في الميادين الاجتماعية والثقافية والحضارية والعلمية ، حتى بعد أن ظفر هذا الأخير بكل ما كان يعتقد أنها مقومات (الاستقلال) السياسي وبناء دوله (الوطنية) . بالرغم من مرور عشرات العقود من السنين على لحظات (فك الارتباط) ما بين القوى الاستعمارية التي كانت تهيمن على معظم مجتمعات بلدان هذا العالم من جهة ، وبين قوى ما يسمى بالأحزاب والحركات المحلية التي كانت تسوق نفسها (كمنقذ) وحيد و(ممثل) وطني بلا منافس من جهة أخرى . هذا في حين استمرت مؤشرات هذه المجتمعات بالتدني في مضامير البناء والتردي في ميادين الإنتاج ، كما لو أنها تستعيد مجددا"سيرة كينونتها الأولى يوم كانت تعيش حياة التوحش الاجتماعي والتبربر الحضاري .
ولكي لا نذهب بعيدا"، فان ما يعطي لدول الغرب ميزة تفاضلية على دول الشرق هي المحافظة على استدامة متلازمة (الإرادة) و(القوة) ، ليس فقط على مستوى التحكم باتجاهات العلاقات الدولية فحسب ، وإنما على صعيد افتعال وإدارة الأزمات الإقليمية والدولية ، بحيث لا تسمح بتاتا"بانفراط عقد طرفي هذه المتلازمة مهما كانت الأسباب أو مهما استجد من ظروف . وهنا نسارع الى القول ؛ ان التأكيد على تلازم هذه الثنائية من قبل دول العالم الغربي ، لا يعني أنها معدومة كليا"لدى نظيرها دول العالم الشرقي كما قد يتبادر الى أذهاننا ، إنما الفارق يكمن بالنسبة للأولى في الإبقاء على مستوى عال من الترابط العضوي بين طرفي تلك المتلازمة بما يجعلها في حالة من التفاعل الدائم والفاعلية المستمرة ، دون السماح لأي طارئ بتعطيل ديناميتها وتنافر عناصرها . أما الفارق بالنسبة للثانية فيتحدد باستحالة قدرتها على الجمع بين طرفي تلك المتلازمة ، أي بمعنى أنها قد تمتلك في فترة من الفترات (الإرادة) دون حيازة (القوة) أو بالعكس ، باستثناء حالات نادرة لا يعتد بها كونها ذات طبيعة (طارئة) سرعان ما تفقد أحد القطبين ؛
أولا" - إما لأسباب ذاتية تتعلق بتورط الدولة (= السلطة) المعنية بانتهاج سياسات خاطئة وتعسفية ، بحيث تستهلك طاقاتها وتستنزف قدراتها في مواجهات عبثية ضد معارضيها سياسيا"وإيديولوجيا"من جهة ، وتفقد ، من جهة أخرى ، كل ما بحوزتها من أرصدة وطنية سابقة وشرعية مكتسبة يصعب - ان لم يستحيل – تعويضها في الأمدين القصير والمتوسط .
وثانيا"- وإما لأسباب موضوعية ترتبط بانخراط ذات الدول في تكتلات إقليمية وصراعات دولية لا ناقة لها فيها ولا جمل ، وإنما لمجرد التعبير عن التزاماتها الدبلوماسية إزاء شركائها أو حلفائها ممن يتعذر عليها التنصل من املاءاتهم وشروطهم . من هنا ، لا تلبث أن تسرّع عمليات استهلاك إمكاناتها الاقتصادية وقدراتها العسكرية وشرعيتها السيادية ، وبالتالي تفقد في كلا الحالتين أحد تينك العنصرين من عناصر المتلازمة المذكورة .
وهكذا نلاحظ على مدى عقود القرنين التاسع عشر والعشرين – يبدو ان المؤشرات ذاتها في القرن الحادي والعشرين -ان مسار متلازمة (الإرادة) و(القوة) وما يستتبعه من رجحان كفة الدول المستعمرة (بالكسر) على الدول المستعمرة (بالفتح) ، لم – ولن – ينحرف عن الاتجاه الذي اختطه لنفسه من الغرب الى الشرق ، طالما استمرت هذه الأخيرة عاجزة عن حيازة أحد قطبي تلك المتلازمة ، ناهيك عن إمكانية الجمع بينهما بحيث يبقى العالم الأول يضع الخطط ويصدر يأمر ، ويستمر العالم الثاني بإظهار الطاعة والإذعان لينفذ مضامينها مهما كانت الخسارات والانكسارات ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في إسرائيل تطالب نتنياهو بقبول صفقة تبادل مع حماس |


.. مكتب نتنياهو: سنرسل وفدا للوسطاء لوضع اتفاق مناسب لنا




.. تقارير: السعودية قد تلجأ لتطبيع تدريجي مع إسرائيل بسبب استمر


.. واشنطن تقول إنها تقيم رد حماس على مقترح الهدنة | #أميركا_الي




.. جابر الحرمي: الوسطاء سيكونون طرفا في إيجاد ضمانات لتنفيذ اتف