الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث العشرة المبشرة بالجنة ، قراءة من زاوية اخرى

حسام سعد حسن
كاتب

(Husam Saad Hasan)

2024 / 2 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


غالبا ً ما يكون الحديث عن الروايات التي تحدثت عن تبشير النبي لبعض اصحابه بالجنة ، مادةً للجدل و النقاش بين المذاهب الشيعية و السنية التي تنزع الى منح اولئك الصحابة فضيلة ( الدخول الى الجنة في حياة اخرى ) ، في قبال المذاهب التاريخية ( الشيعية ) التي لا ترى فضلاً لاولئك الرجال في الدخول الى الجنة او غيرها ، و لا يجد المتتبع لذلك الجدل صعوبة في الوقوف على حجج الطرفين التي استفاضت بها كتب ومصنفات الفريقين اثباتاً او دحضاً ، لكن لنا في هذا الحديث وقفة للنظر من زاوية اخرى .
حديث العشرة المبشرة بالجنة ، يختصر البحث عن النظرة الفوقية و التراتبية التي بني عليها الاسلام وانطلق منها الى الافاق ( ابان الفتوحات الاسلامية ) لتاسيس منظومة ( غير عادلة ) بين البشر ، من خلال قسمتهم الى فئآت و طبقات ارتكازاً الى تصنيف الايدلوجيات و الجماعات المسيطرة في صدر الاسلام لتلك الطبقات و الفئات لما يعتقد انه الاسلام الصحيح و العقيدة الحقة او اي اعتبارات اخرى كما سنعرف بعد قليل ، وقبل الخوض في نقطة النقاش ، لا بد من التنبيه الى ان صحة او زيف نسبة هذا الحديث للنبي ، لا يؤثر في دلالات الحديث ، فهو وان لم يصح عن النبي ، فيكفي في كونه عاكس و كاشف عن مستوى وعي الجمهور الذي ظهر فيه الحديث وصدقوه وامنوا بصحته ..
ففي الحديث الذي رواه الترمذي بسنده ( الصحيح بحسب معايير اهل الحديث ) عن كل من عبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد عن النبي أنه قال: أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة .
بادئ ذي بدء ، حديث العشرة المبشرة بالجنة ، هو استمرار لمسلسل تأكيدات الخطابات القرآنية و النبوية من ان الجنة ستكون من حصة المؤمنين من افراد الجماعة ( الحقة ) حصراً ، وان اخراج غيرهم او استبعادهم من الفوز بها ( اي بالجنة ) امر طبيعي و ينسجم مع طبيعة المنظومة الدينية ، بل وهو امر بديهي و منطقي ، بحسب تلك المنظومة .
القراءة السريعة لحديث العشرة المبشرة بالجنة ، تشي ، للوهلة الاولى ، بفضيلة اولئك الصحابة وسابقتهم في نصرة الاسلام ، وهو امر مفهوم من هذه الزاوية ، الا انه و بقليل من التمحيص نجد ان الحديث اكتفى بالرجال و استبعد النساء ، واكتفى بالاحرار و استبعد العبيد و الموالي ، و اكتفى بالعرب واستبعد الاعاجم ، واكتفى بقريش و استبعد غيرها من قبائل العرب و في مقدمتهم الانصار .
تحاول الخطابات الدينية منذ صدر الاسلام ولغاية عصرنا الحديث هذا ، تقديم صورة عن المساواة بين البشر ، كأولوية من اولويات ذلك الخطاب ، وان الجميع سواسية كاسنان المشط ، الا ان هذا الادعاء سرعانما يصطدم بنصوص دينية و وقائع تاريخية ( بالذات زمن الفتوحات الاسلامية ) قسمت المجتمع الاسلامي الى طبقات ومراتب ، يتقدم فيها البعض على البعض الاخر ، وان التفاوت في العطاء او فرض الجزية على الشعوب ( المفتوحة ) ابرز ملامح ذلك التفاوت و التباين الطبقي في المجتمع الاسلامي الوليد.
لا شك ان محاولات نبي الاسلام تحسين مكانة المرأة او واقع العبيد ، لاقت نجاحاً في نفوس المؤمنين ، الا ان ادعاءات الخطابات الدينية ( في عصرنا الحالي بالذات ) بالغاء الفوارق الطبقية و الاجتماعية بعد ظهور الاسلام ، امر يكذبه واقع و تاريخ المسلمين .
لا يشمل الحديث عن المساواة الاسلام ، فحسب ، فالاديان التاريخية ( عموما) تساير الاوضاع الاجتماعية و الطبقية القائمة ، وان حل المشكلة ( ازالة الفوارق و تحقيق المساواة بين البشر ) تقع على عاتق الاجيال اللاحقة ، من خلال فهم تاريخانية ظهور الدين في مرحلة ذات طبيعة اجتماعية و طبقية معينة، وان التقدم الانساني و التاريخي يحتم على تلك الاجيال خلق ظروف جديدة لتحقيق المساواة بين البشر ، بدل التماس التبريرات و الترقيعات لمواقف الدين المبكرة في هذا المجال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب