الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجربة الجبل وتداعياتها ..الجزء الثالث

علي خزعل كرادي

2024 / 2 / 9
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


تجربة الجبل وتداعياتها!.الحلقة٣ .

في صيف عام ١٩٨٧ ، وبعد أن حوصرت وغلقت أمامي فرص النجاة والحياة ، حيث الحرب وسعيرها وملاحقة أجهزة النظام لي ومتابعة كل خطواتي ورصدنا كعائلة شيوعية معادية لسياسة البعث . إذن .. مصيرنا مقرون بأي تطورات قد تحدث في المشهد السياسي العراقي ومفاجأت الحرب وويلاتها ، قد تؤدي بنا الى الهلاك والموت ، في خضم غمرة تلك التطورات والتوقعات والهواجس والخوف . قررت الإلتحاق بفصائل الانصار الشيوعيين ” البشمركة ” في القرى المحررة عبر قريبي عبد العظيم كرادي ، وكنت يومها أجهل هذه التشكيلات ووجودها وطريقة عملها ونمط عيشها . في ظهيرة ساخنة وصلت مع قريبي الى مدينة كفري ومنها الى أطرافها حيث مزرعة الشيخ عطا الطالباني مدير بلدية كفري ، حيث شعرت حينها بشيء من الأمان ، وألتقينا في المزرعة بشاب أيضاً يود الإلتحاق من أهالي جديدة الشط عبر الحاج صفوك والد طه صفوك ” أبو ناصر ” . لكن هذا الشاب في لحظة وصولنا الى القرى المحررة في مناطق كرميان تركنا وألتحق بفصائل القوى الاسلامية .

بعد ليلة من المشي عبر دليل من أهالي المنطقة ، وكان فيها القمر مضيء ، وصلنا الى المناطق المحررة وألتقيت برفاق ومقاتلين يجوبون القرى حاملين أسلحتهم الخفيفة وروحهم على كف أياديهم ، بعد أيام لاتعد تم تنسيبي الى أحد الفصائل وتسليحي وأصبحت واحد منهم ومن تفاصيل يومياتهم التجوال في القرى وبين أهاليها والتوزيع على بيوتهم الطينية والبسيطة لنقاسمهم لقمة العيش الشحيحة . طيلة هذا الوقت لا أحد يسألني عن سبب إلتحاقي ولا عن توجهاتي ولا عن وضعي في مدينة بعقوبة ، بعد فترة بدأت أشعر بالعزلة رغم أني كونت علاقات طيبة مع رفاق عرب هيمن ، آزاد ، عمار ، وكنت أسمع كلمات منهم عن عدم الارتياح والاستياء من طرق العمل والعلاقات ، لكنهم كانوا يعزلونني عندما يجتمعوا في الفصيل لبحث موضوع ما أو تطور حصل !.

بعد فترة وصل الى الاراضي المحررة الصديق والرفيق السابق من أهالي الهويدر محمد السعدي ” لطيف ” من بغداد ، كان في مهمة حزبية ، فالتقينا وتحدثنا قليلاً عن قضايا عامة وعن رفاق سابقين وعن مدينة بعقوبة ، رغم أني كنت الاحظه مشغول بالكتابة واللقاءات المستمرة والطويلة مع أبو ناصر مسؤول التنظيم الأول ، رأيته معتد بوضعه ومحاط بالاهتمام ربما يشعر بهذا الاعتزاز لحجم مهامه الحزبية بين بغداد والجبل .

ذات يوم بلغت فجأة بمهة مفرزة الى المقر العام للقاطع في جبل قرداغ ، والذي فاجأني أكثر في لحظتها كنت أنا وابو ناصر ومحمد السعدي في المفرزة وبعد نهارين وليلة وصلنا الى مقر القاطع المطل على سفح جبل وفي مربع محصور بالغرف وطبابة وسجن ورفاق ، هنا بدأت أشعر باليأس ، عندما كنت أقارن نفسي بالسجناء وطريقة الاهتمام بهم من بعض الرفاق . كان محمد السعدي ” لطيف ” يقضي أكثر وقته بصحبة الرفاق المسؤولين أبو ناصر وأبو لينا وأبو النور ومحمد عرب وأبو عادل ، وكان يدعيني أكثر من مرة أن أكون معهم ، كنت أتجنب اللقاء معهم في جلساتهم الليلية وخاصة بعد أن قررت بالرحيل وترك مواقع النضال ، وهذا حصل عندما تعززت علاقتي بالصديق محمد السعدي في الحديث عن تفاصيل كثيرة حول أخفاقات التجربة وعرفت منه إنه سوف يترك الجبل وبتوجه الى إيران المنفذ الوحيد لنا . وقال لي : بقائي فقط أيام حيث وصلت الى طرق مسدودة حول مجمل قضايا تستحق الوقوف أمامها ، وأنا طلبت منه سوف أرافقه ، وبعد أن تأكد من موقفي بشد الرحيل ، تحدث مع أبو ناصر بطلب رسمي وحزبي سوف نترك مواقع الانصار بأقرب مفرزة شيوعية تتوجه الى مقر قيادة الحزب الحدودي في منطقة ” دولا كوكا ” خلف قصبة ” قلعة دزة ” .

ذات صباح ممطر والغيوم ملبدة في السماء عرف محمد السعدي بتحرك المفرزة بقيادة النصير سردار أخو الشهيد ياسين في معركة ” سويلميش ” . فطلب محمد السعدي من قيادة القاطع بالتحرك مع المفرزة وبعد لقاء قصير بين محمد السعدي وأبو ناصر عند مدخل المطبخ ، ناداني وطلب مني أن أرافقه الى المشجب وتسليم سلاحنا الى الرفيق حميد الخانقيني ، وفي لحظات وداع صعبة تحركنا مع المفرزة بإتجاه الحدود والتي تطول عدة ليالي وأيام ومخاطر جمة !. في الحلقة القادمة تفاصيل ما حدث مع المفرزة .. أنتظرونا .

علي كرادي
٢٠٢٤








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا


.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في




.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة