الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لفينومينولوجيا - آلهة الأرض

طلعت خيري

2024 / 2 / 10
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ظاهر الحياة الدنيا ، هي المعرفة السطحية للحياة التي والف عليها الإنسان ، دون التعمق في حيثياتها الواسعة ، مكتفيا بمسخرات مبسوطة يستخرج منها رزقه دون مشقة وعناء ، فحدود تفكيره لا يتعدى نشاطه المعيشي ، مما جعله عرضة للاستغلال بشكل عام ، فالإنسان البسيط يتعامل مع أشياء مادية طوعية قادر على تغير شكلها ضمن حدود عمله الحرفي والمهني ، وأخرى قابلة للبحث العلمي كالتجارب الفيزيائية والكيميائية للحصول على نتائج علمية توفي بالغرض ، هذا فما يخص ماديات الأرض ، ولكن المشكلة في السماء التي لا يمكن إجراء عليها تجارب مادية لسعة الفجوة الفضائية ما بينها وبين الأرض ، مكتفيا الإنسان بالنظر إليها أو الاعتقاد بها ، ان اللاوعي البشري للسماء جعله عرضة للاستغلال في أمنه ومعيشته ودخله وغريزته وسعادته ، حيث استغل منظري الأفكار الوثنية والميثولوجية للاوعي لإعطاء السماء دورا من خلال ماديات الأرض، مخصصين لكل اله ارضي دورا سماويا متحكما بمفاصل الحياة المختلفة ، مثلا صوت الرعد في المعتقد الوثني الشركي لأهل مكة ، هي أصوات الملائكة ، بنات الله وهن يضربن السحب ، لإنزال المطر على الأرض ، ولكي يبعد الله الإنسان عن تلك الخرافة الرجعية الاعتقادية دعاه الى التفكير ، فقال أولم يتفكروا في أنفسهم ، ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما ، بينهما ، مجال حركة الشمس والقمر والسحب والمسخرات ، إلا بالحق ، الحق يعطى لله خالقها ، واجل مسمى ، اجل ينتهي ، فاليوم الواحد مقسم الى ساعات بين الليل والنهار لكل منهما بداية ونهاية زمنية ، أبعاد هذا التوضيح تصحيح الاعتقاد بان الأرض تتأثر بمسخرات السماء اليومية والفصلية ، فينعكس ذلك على نشاط الإنسان وحياته ، وليس بتأثير آلهة السماء ، إلا ان إعراضهم عن الإيمان باليوم الأخر حال بينهم وبين الحقيقة ، وان أكثر الناس بلقاء ربهم كافرون

أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ{8}

ولكي يفرغ الله السماء من ماديات الأرض ، ضرب مثلا على أمم سابقة ، ليطلع أهل مكة على آثار القرى المدمرة ، جعلوا لأوثان السماء ، دورا على الأرض ، ما معناه لو كان لأوثان السماء دورا فعليا على الأرض في أمنهم واستقرارهم ورزقهم لخلصتهم مما حل بهم ، أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا اشد منهم قوة ، قوة عسكرية وحضارية ، واثأروا الأرض ، اثأروا أزالوا الطبقة السطحية للأرض للوصول الى الطبقة الحجرية ، لاستخدامها في البناء المثير للدهشة والاستغراب من حالة العمران ، وعمروها ، اهتموا بالبناء والعمران ، أكثر مما عمروها ، أكثر مما سكنوها ، فلم يتمتعوا بعمرانهم لان حياتهم انتهت قبل انتهاء العمر الافتراضي للبناء ، وجاءت رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ، ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوء ان كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون ، الله يبدأ الخلق ثم يعيده ، ثم إليه ترجعون

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ{9} ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُون{10} اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{11}

من المعروف عن الفكر الوثني الشركي لأهل مكة ، لا يؤمن بالبعث والنشور الأخروي ، ولما رأى الزعماء والأسياد والرأسماليين ، ان الأيدلوجية الجماهيرية المكية أخذت بالتفكك لتقبلها طرح البعث والنشور خوفا من لقاء الله ، جعلوا لأوثانهم شركائهم ، الملائكة بنات الله ، شفاعة أخروية كتوازن سياسي للحد من التغير العقائدي ، رد الله على افترائهم ، قائلا ، ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ، يلبس حيرة وسكوت لغياب الشركاء عن الشفاعة ، ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء ، وكانوا بشركائهم كافرون ، كفروا بشركائهم الملائكة بنات الله ، ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون ، يتفرقون عما اجتمعوا عليه في الدنيا


وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ{12} وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاء وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ{13} وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ{14}

فأما الذين امنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون ، الروضة اسم شامل للطبيعة التي توفر الغذاء بأنواعه ذات المنظر الجميل ، يحبرون ، يتخيرون في أشياء كثيرة ومتنوعة لا حصر لها ، وما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون ، فسبحان الله ، سبحان الله هي التغيرات الزمنية لظاهرتي الليل والنهار اللتان يتفاعل معهما الإنسان ، كجزء من نمط حياته اليومية ، فحن لا نشعر بصباح جديد ، حتى ينتهي المساء ، فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ، وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا ، عشيا الليل وفيه يعشو النظر عن الرؤية بسبب الظلام ، فتتوقف الحركة والعمل ، وحين تظهرون ، تظهرون جاءت من الظهور بعد الاختفاء ليلا ، وخروج الناس للعمل نهارا ، يخرج الحي النهار ، من الميت الليل ، ويخرج الميت الليل ، من الحي النهار ، ويحي الأرض بعد موتها ، وكذلك تخرجون ، كذلك يوم القيامة

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ{15} وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاء الْآخِرَةِ فَأُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ{16} فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ{17} وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ{18} يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ{19}








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار