الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أَنْتَ مَوْجُودٌ لِأَنَّكَ تُؤَثِّرُ وَلَيْسَ لِأَنَّكَ تُفَكِّرُ

اتريس سعيد

2024 / 2 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


1 _ مِنْ تَرْكَنَا فِي مُنْتَصَفِ اَلْغَابَةِ لَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ عَمَّا فَعَلَتْهُ بِنَا اَلذِّئَابُ
2 _ مَنْ لَمْ يُقَاتِلُ مَعَنَا تَحْتَ ضَرَاوَةِ اَلسُّيُوفِ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُشَارِكَنَا نَشْوَةَ اَلنَّصْرِ
3 _ قِلَّة اَلْحِيلَةِ لَيْسَتْ اَلْقَنَاعَةَ، وَالْفَقْرُ لَيْسَ زُهْدًا، وَالْعَجْزُ لَيْسَ صَبْرًا، إِطْلَاقُ مُسَمَّيَاتِ اَلْفَضِيلَةِ عَلَى اَلْأَشْيَاءِ اَلَّتِي تُعْدِمُ فِيهَا حُلُولَكَ لَنْ يَجْعَلَ مِنْهَا أَشْيَاءَ رَائِعَةً، بَلْ سَيَجْعَلُهَا أَزْيَاءً نَفْسِيَّةً تَرْتَدِيهَا مِنْ أَجْلِ تَحْسِينِ صُورَتِكَ أَمَامَ نَفْسِكَ فَقَطْ
4 _ عِنْدَمَا نَتَأَذَّى يُعِزُّ عَلَيْنَا إِغْلَاقُ اَلْبَابِ اَلَّذِي طَالَمَا تَمَنَّيْنَا أَنْ يَبْقَى مَفْتُوحٌ، قَدْ يَمُرُّ عَلَيْنَا وَقْتٌ تَجِفُّ فِيهِ أَقْلَامَنَا وَتُغَادِرَنَا حُرُوفنَا وَتَرْحَلُ وَيَخُوننَا تَعْبِيرُنَا، فَنُلْتَمَسَ اَلصَّمْتَ وَيَعْتَرِينَا فِي وَحْدَتِنَا، وَيُهَجَّرَنَا اَلْكَلَامُ، يُسَكِّنُنَا اَلسُّكُونُ لِأَنَّنَا نَحْتَاجُ إِلَى هُدْنَةٍ كَيْ نَبْتَعِدَ عَنْ ضُغُوطَاتِ اَلْبَشَرِ وَالْحَيَاةِ فَتَضِيقَ صُدُورُنَا فَنَهْرَعُ إِلَى خَلْوَةٍ نَفْسِيَّةٍ يَغْزُونَا فِيهَا صَمْتٌ رَهِيبٌ وَبِدَاخِلِنَا بُرْكَانِ نَاشِطِ مِنْ اَلصُّرَاخِ
5 _ اَلْأَشْيَاء اَلْأَصْلِيَّةِ لَا تَسْعَى لِإِثْبَاتِ نَفْسِهَا، لَكِنَّ اَلْمُتَنَاقِضَاتِ تَسْعَى لِإِثْبَاتِ نَفْسِهَا مِنْ خِلَالِكَ، مِنْ خِلَالِ عَالَمِكَ، إِنَّهَا تَسْتَعْمِلُ جَسَدَكَ وَطَاقَتَكَ وَكِيَانَكَ لِتُثْبِت نَفْسَهَا سَوَاءٌ اَلْجَانِبُ اَلْإِيجَابِيُّ أَوْ اَلْجَانِبِ اَلسَّلْبِيِّ، كُلُّ مَنْ يُحَاوِلُ إِثْبَاتَ نَفْسِهِ هُوَ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، وَأَنْتَ بِلَا وَعْيِ تَتَبُّعِ هَذِهِ اَلْآلِيَّةِ وَتَنْسَاقُ وَرَاءً اَلْجَانِبَيْنِ وَتَجِدُ نَفْسُكَ بِلَا وَعْيٍ تُحَاوِلُ إِثْبَاتَ شَيْءِ مَا، وَمِنْ خِلَالِ تَفَاعُلِكَ مَعَ مَا يَجْرِي حَوْلَكَ أَنْتَ تَخْدِمُ اَلضِّدَّيْنِ وَتَكَوُّنَ مُسْتَعْمِلاً، وَتَتَأَرْجَحُ مَعَهُمَا يَمِينًا وَشِمَالاً دُونَ أَنْ تَنْجَحَ فِي اَلْوُصُولِ لِمُخْرِجِ أَوْ نِهَايَةِ، فَنِهَايَة كُلِّ قَضِيَّةٍ هِيَ بِدَايَةٌ لِقَضِيَّةٍ أُخْرَى، دَوَّامَةً لَا تَنْتَهِي إِلَّا بِعَدَمِ اَلتَّفَاعُلِ.
6 _ نَحْنُ اَلْكَائِنُ اَلْحَيُّ اَلْوَحِيدُ اَلَّذِي يُدْرِكُ حَتْمِيَّةَ اَلْمَوْتِ وَلِذَا ؛ لَا يَجُوزُ أَنْ نُؤَجِّلَ اَلسَّعَادَةُ إِلَى زَمَنٍ قَادِمٍ، يَجِبَ أَنْ نَكُونَ سُعَدَاءَ اَلْآنِ، لِهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ نُضَيِّعَ اَلْوَقْتُ فِي اَلصِّرَاعَاتِ وَ التَّفَاهَاتِ بَعِيدًا عَنْ اَلْفَرَحِ وَالْمَسَرَّاتِ وَإِدْخَالِ اَلسَّعَادَةِ عَلَى عَلَاقَاتِنَا وَمُحِيطُنَا مَعْنَوِيًّا وَمَادِّيًّا بَعِيدًا عَنْ خِطَابَاتِ اَلْوَعِيدِ اَلْكَهَنُوتِيَّةِ اَلَّتِي تُمَارِسُ اَلنُّصْبَ وَالِإحْتِيَالَ عَلَى إِرَادَتِنَا وَ إخْتِيَارَاتِنَا وَتَطَلُّعَاتِنَا
7 _ خَطِيئَة اَلْإِنْسَانِ اَلْوُجُودِيَّةِ هِيَ مُحَاوَلَتُهُ اَلتَّحَرُّرَ مِنْ هَيْمَنَةِ اَللَّحْظَةِ بَدَلاً مِنْ أَنْ يَحْيَاهَا
8 _ اَللَّحْظَةُ كَأَنَّهَا ذَاتُ رُوحٌ أَبَدِيَّةٌ عِنْدَمَا تعِيشُ تَفَاصِيلَهَا مِنْ لَحْظَةِ مِيلَادِهَا اَلْخَاطِفَةَ إِلَى أَنْ تَمُوتَ بِبُطْىءِ وَتَسْكُنُ قِيعَانُ اَلذَّاكِرَةِ، كُلُّ شَيْءٍ يَسْكُنُ اَلتَّفَاصِيلَ اَلصَّغِيرَةَ اَلَّتِي تَهَرَّبَ مِنْ طُغْيَانِ اَلْإِنْكَارِ أَوْ اَلْعَاطِفَةِ، أُمًّا عَنِّي فَدَائِمًا مَا أَتَمَسَّكُ بِاللَّحْظَةِ بِشَرَاسَةِ وَأقْبِضْ عَلَى كُلِّ تَفْصِيلَةِ بِهَا وَأَوْثَقَهَا، لَا أَجْمَلَ مِنْ أَنْ تَكُونَ رَهْن اِعْتِقَالُهَا. تُؤَبِّدَهَا وَتَحْتَفِل بِعَدَدِ اَلثَّوَانِي بِهَا وَلَا تَرْكَنُهَا لِأُمْنِيَةٍ مُؤَجَّلَةٍ فِي ذِمَّةِ اَلْمَجْهُولِ وَمِزَاجِيَّةُ اَلزَّمَانِ.
9 _ اِسْتَقَرَّ فِي اَللَّحْظَةِ وَآحْتَفَلَ بَمَكَاتَفَتَهَا دُونِ اِرْتِبَاطَاتٍ بَائِسَةٍ بِالْقَادِمِ وَالْآتِي وَبعْدٍ اَلْآتِي: ضَوْءُ اَلْقَمَرِ، دِفْىءُ اَلشَّمْسِ، نَبَاتَاتِي اَلصَّغِيرَةُ، كُتُبِي وَمَكْتَبَتِي، كُوبُ اَلشَّايِ اَلسَّاخِنِ، أُغْنِيَاتُ اَلْمَحَبَّةَ وَالْأَقْرَب لِقَلْبِيٍّ، إِنَّ اَلتَّمَعُّنَ فِي تَفَاصِيلَ هَذِهِ اَلْأَشْيَاءِ بَحْثًا عَنْ اَلْجَمَالِ فِي اَلْمَكَانِ حَوْلِي كَانَ يَسُدُّ جَمِيعُ اَلثُّقُوبِ اَلَّتِي أَحْدَثَتْهَا اَلْأَيَّامُ اَلشَّاقَّةُ فِي رُوحِيٍّ
10 _ اَللَّحْظَةُ اَلْحَاضِرَةُ هِيَ مَا تَمْلِكُ، أَقْبِضُ عَلَى اَللَّحْظَةِ. أَطْيَافَ اَلْمَاضِي وَهَوَاجِسُ اَلْمُسْتَقْبَلِ تَجْتَمِعُ عَلَى اِلْتِهَامِ اَلْحَاضِرِ اَلَّذِي لَا نَمْلِكُ سِوَاهُ، اَللَّحْظَةَ رَغْمَ أَنَّهَا عَابِرَةٌ وَوَهْمِيَّةٌ وَسَرَابِيَّةُ لَكِنَّهَا اَلْيَقِينُ اَلْوَحِيدُ اَلَّذِي أَمْلِكُهُ عَلَى أَطْلَالُ هَذَا اَلْعَالَمِ اَلْخَرِبِ
11 _ إِنَّ اَلْإِنْسَانَ سَيَعْرِفُ لَاحِقًا، تَعْرِيفًا مُطْلَقًا فِي اَلنِّهَايَةِ، بِأَنَّهُ مَحْضٌ هَيْكَلٍ يَقْطُنُهُ سُكَّانُ مُتَنَوِّعُونَ وَمُتَنَافِرُونَ وَ مُسْتَقِلُّونَ
12 _ مَا اَلْهَدَفُ مِنْ اَلْوُجُودِ إِذَا كَانَ نِهَايَتُهُ اَلْمَوْتَ
13 _ اَلْخُلُود لَيْسَ هُوَ اَلِإمْتِدَادُ فِي اَلزَّمَنِ، بَلْ هُوَ اَلِإمْتِدَادُ فِي أَعْمَاقِ اَللَّحْظَةِ
14 _ خَلْقَ اَلْبَشَر وَأَثْبَتَ لَهُمْ أَنَّ فِي خَلْقِهِمْ هَذَا حِكْمَةٌ، ثُمَّ مَوْتِهِمْ. لَيْسَ هَذَا مِنْ اَلْحِكْمَةِ فِي شَيْءِ هَذَا كَمَنَ يَأْخُذُ حَجَر وَ يَتَكَلَّمُ مَعَهُ ثُمَّ يَرْمِيهُ لِيَتَفَتَّتَ
15 _ يَقُولَ اَلْفَيْلَسُوفُ اَلرُّوسِيُّ نِيقُولَا بِيرْدِيَائيفْ : يُمْكِنَ لِلْكَائِنِ اَلْبَشَرِيِّ أَنْ يَحْتَمِلَ اَلْعَذَابُ، فَهُوَ يَمْلِكُ مِنْ اَلْقُوَّةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَظُنُّ يَكْفِي أَنْ نُبَرْهِنَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ اَلْحَرْبِ وَالثَّوْرَةِ. لَكِنَّ مِنْ اَلصَّعْبِ عَلَيْهِ أَنْ يَحْتَمِلَ غِيَابُ مَعْنَى عَذَابِهِ. لَقَدْ كَتَبَ نِيتْشَهْ قَائِلاً : إِنَّ اَلْكَائِنَ اَلْبَشَرِيَّ يَحْتَمِلُ اَلْعَذَابُ بِشَكْلِ أَكْبَرَ مِمَّا يَحْتَمِلُ غِيَابَ مَعْنَى هَذَا اَلْعَذَابِ. اَلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ أَنَّنَا نَعْيُ مَعْنَاهُ وَهَدَفِهِ هُوَ مُخَالِفٌ كُلِّيًّا لِلْعَذَابِ اَلَّذِي لَا مَعْنًى وَهَدَف لَهُ. إِنَّ نَحْتَمِلَ بِشَكْلٍ بُطُولِيٍّ اَلْبَرَاهِينُ اَلْأَكْثَرُ إِيلَامًا، يُفْتَرَض وَعْيًا بِمَعْنَى هَذَا اَلْأَمْرِ اَلَّذِي نَجْتَازُهُ.
16 _ أَمَّا بِخُصُوصِ اَلرُّعْبِ اَلْأَكْبَرِ يَقُولُ بِيرْدِيَائيفْ : أَنَّ اَلرُّعْبَ اَلْأَكْبَرَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اَلْكَائِنِ اَلْبَشَرِيِّ، حِينُ يَجِدُ أَنَّ اَلْجَمِيعَ مِنْ حَوْلِهِ غُرَبَاء، عُدْوَانِيِّينَ، بَارِدَيْنِ، غَيْرَ مُبَالِينَ بِبُؤْسِهِ وَ شَقَائِهِ. لَا يُمْكِنُ لِلْكَائِنِ اَلْبَشَرِيِّ أَنْ يَحْيَا فِي اَلْبَرْدِ اَلْقَارِسِ، إِنَّهُ بِحَاجَةِ إِلَى اَلدِّفْىء. لَا يُمْكِنُ لَهُ أَنْ يَكُونَ مُبَعْثَرًا فِي أَرْجَاءِ اَلْأَرْضِ، يَشْعُرَ بِأَنَّهُ مَرْمِي إِلَى قُدْرَةٍ دُونُ مَلْجَأٍ، مَتْرُوك إِلَى قُوَّتِهِ اَلْمَحْدُودَةِ، إِنَّهُ يَتَصَارَعُ، يُحَاوِلَ أَنْ يُدَافِعَ عَنْ حَيَاتِهِ، لَكِنَّهُ يَجِدُ نَفْسَهُ أَحْيَانًا خَائِر اَلْقُوَّةِ، لَا يُحْتَمَلُ تَجَارِبَ أَلِيمَةً أَكْثَرَ, لِذَلِكَ يَتَوَلَّدُ عِنْدَهُ أَحْيَانًا اَلْمَيْلُ إِلَى اَلِإنْتِحَارِ
17 _ إِنَّ هَذَا اَلْبَحْثِ عَنْ «اَلْخَيْرِ اَلْحَقِيقِيِّ» ، مِثْلَمَا يَقُولُ « سِبِينُوزَا» اَلشَّابَّ، هُوَ أَسَاسُ اَلسَّعْيِ إِلَى اَلْحِكْمَةِ لَدَى اَلْفَلَاسِفَةِ اَلْإِغْرِيقِ اَلْقُدَامَى. وَيَعْنِي ذَلِكَ سَعَادَةً عَمِيقَةً وَدَائِمَةً يُمْكِنُ اَلْحُصُولُ عَلَيْهَا بِوَجْهِ مَا عِنْدَمَا نُصْبِحُ غَيْرَ مُبَالِينَ بِالْأَحْدَاثِ اَلْخَارِجَةِ عَنَّا، سَوَاءَ أَكَانَتْ أَحْدَاثًا مُسْتَحَبَّةً أَمْ كَانَتْ مُزْعِجَةً، وَلَكِنْ عَبْرِ تَغْيِيرِ اَلْوَعْيِ اَلْخَاصِّ حَتَّى يَعْثُرَ فِي دَاخِلِهِ عَلَى اَلسَّعَادَةِ اَلدَّائِمَةِ. مَا يَبْدُو لِي مُنْذُ اَلْبِدَايَةِ أَنَّهُ مِيزَةٌ خَاصَّةٌ ب « سِبِينُوزَا » مُنْذُ بِدَايَةِ عَمَلِهِ اَلْفِكْرِيِّ، هُوَ أَنَّ هَذِهِ اَلسَّعَادَةِ تَتَّخِذُ لَدَيْهِ اَلصُّورَةُ اَلْعَيْنِيَّةُ لِلْغِبْطَةِ Joie. وَلَكِنَّ مَدَارِسَ اَلْحِكْمَةِ اَلْقَدِيمَةِ لَا تُعِيرُ اِهْتِمَامًا لِلْغِبْطَةِ : فَالسَّعَادَةُ اَلْقُصْوَى (يُودِيمُونِيا eudemonia) تَكْتَسِي بِالْأَحْرَى صُورَةَ اَلسَّكِينَةِ (sérénité) وَالطُّمَأْنِينَةُ (ataraxie). إِنَّ اَلْمَسْعَى نَحْوَ اَلْحِكْمَةِ هُوَ نَفْسُهُ، وَهُوَ عَدَمُ إِخْضَاعِ اَلْمَرْءِ سَعَادَتَهُ أَبَدًا لِلْعِلَلِ اَلْخَارِجِيَّةِ، وَلَكِنَّ هَذَا اَلتَّوَجُّهِ اَلْأَصِيلِ نَحْوَ اَلْغِبْطَةِ يُمَيِّزُ بِشَكْلٍ خَاصٍّ اَلْحِكْمَةِ اَلسَّبِينُوزِيَّة مُنْذُ نَشْأَتِهَا.
18 _ اَلْمَرْأَةَ اَلَّتِي لَا تَسْتَمِعُ إِلَيْكَ لَا تَنْتَمِي إِلَيْكَ، اَلْمَرْأَةُ اَلَّتِي لَا تَأْخُذُ اَلتَّصْحِيحَاتُ مِنْكَ، إمْرَأَةٌ لَا تَأْخُذُ اَلتَّعْلِيمَاتُ مِنْكَ، اَلْمَرْأَةُ اَلَّتِي لَا تَأْخُذُ اَلتَّوْجِيهَ مِنْكَ، تِلْكَ اَلْمَرْأَةِ مُتَعَالِيَةً وَمُتَغَطْرِسَةً، إِنَّهَا تَعْتَقِدُ أَنَّهَا تُسْدِي لَكَ مَعْرُوفًا مِنْ خِلَالِ كَوَّنَهَا فِي عَلَاقَةٍ مَعَكَ، تِلْكَ اَلْمَرْأَةِ تَعْتَقِدُ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْكَ وَتَسْتَحِقُّ أَنْ تَكُونَ مَعَ شَخْصِ أَفْضَلَ مِنْكَ، أَغْنَى مِنْكَ، أَكْثَرَ نَجَاحًا مِنْكَ، تِلْكَ اَلْمَرْأَةِ غَيْرِ مُحْتَرَمَةٍ، دَائِمًا مَا تتَجَادَلُ مَعَكَ؛ دَائِمًا مَا تَخْلُقُ درَامَا غَيْرَ ضَرُورِيَّةٍ؛ لَا تَمْنَحُكَ اَلسَّلَامَ لِأَنَّهَا تُرِيدُ إِثْبَاتَ وُجْهَةِ نَظَرٍ مَا، تِلْكَ اَلْمَرْأَةِ سَوْفَ تُذِلُّكَ وَ تَتَخَلَّى عَنْكَ، لِذَلِكَ تَوَقَّفَ عَنْ مُحَاوَلَةِ تَغْيِيرِهَا، تِلْكَ اَلْمَرْأَةِ سَوْفَ تُدَمَّركَ، اُرْكُضْ بَيْنَمَا لَا يَزَالُ بِإِمْكَانِكَ...
19 _ قَبْلُ أَنْ تَخْتَلِفَ اَلنُّصُوصُ تَخْتَلِفُ اَلْأَفْكَارُ وَقَبْل أَنْ تَخْتَلِفَ اَلْأَفْكَارُ تَخْتَلِفُ مَعَانِي وَقَبْل أَنْ تَخْتَلِفَ اَلْمَعَانِي تَخْتَلِفُ اَللُّغَةُ وَقَبْل أَنْ تَخْتَلِفَ اَللُّغَةُ تَخْتَلِفُ اَلْمُجْتَمَعَاتُ وَ الْأَفْرَادُ، أَيْضًا تَخْتَلِفُ اَلْأَعْرَاقُ وَالتَّجَارِبُ اَلتَّارِيخِيَّةُ اَلَّتِي هِيَ بِمَثَابَةِ اَلْعَلَمِ اَلْحَقِيقِيِّ لِفَهْمِ اَلتَّطَوُّرَاتِ اَلْمَادِّيَّةِ وَالْأَنْمَاطِ اَلْمَعِيشَةِ اَلْحَاصِلَةِ عَلَى حَيَاةِ اَلْإِنْسَانِ
20 _ قَضَيْتُ يَوْمُ وَاحَدٍ مُطِيلٍ اَلتَّفْكِيرِ وَمَقْلَبًا اَلْفِكْرُ هُنَا وَ هُنَاكَ كَذُبَابَة وَقَعَتْ فِي شَبَكَةٍ، حَتَّى تُخَدِّرَ عَقْلِي وَرُوحِيٍّ ذَاتهَا، وَصِرْتُ أَرْتَعِشُ غَضَبًا، شَاعِرًا بِقَبْضَةِ اَلْقَدَرِ اَلْحَدِيدِيَّةِ تَمَسُّكَ بِخِنَاقِي، أَوْ مُهَدِّئًا بَيْنَ حِينِ وَآخَرَ بِأَمَلٍ ضَعِيفٍ مُبْهَمٍ بِمُسْتَقْبَلِ أَقَلِّ فَظَاعَةٍ.
21 _ أَشْعُرُ بِالْخَجَلِ مِنْ اَلصِّنْفِ اَلَّذِي أَنْتَمِي إِلَيْهِ. إِذْ يُفَرِّطُ فِي اَلْقَسْوَةِ. وَالتَّعَصُّبُ. وَالنِّفَاقُ. وَبَلَادَةُ اَلْإِحْسَاسِ. وَالْجُنُونُ. أُفَضِّلُ أَنْ أَكُونَ حَشَرَةً. نَحْلَةٌ أَوْ فَرَاشَةٍ وَأُحَلِّقُ بِبَصِيرَةٍ مَحْدُودَةٍ وَسَطَ أَعْشَابِ اَلصَّيْفِ اَلْبَرِّيَّةِ عَلَى أَنْ أَكُونَ مِنْ اَلْبَشَرِ وَأَشْعُرُ بِالنَّقَائِصِ وَالْعَذَابَاتِ اَلْهَائِلَةِ اَلَّتِي تَسْكُنُ هَذَا اَلْعَالَمِ اَلتَّعِيسِ
22 _ لَا تَكُنْ مُتَفَهِّمًا تَمَامًا، وَلَا مُتَسَامِحًا جِدًّا، لَا تَتَكَيَّفُ مَعَ اَلظُّرُوفِ دَوْمًا، تَقْدِيرُكَ لِكُلِّ اَلْأَحْوَالِ وَلُيُونَتكَ سَيُحَوِّلُكَ إِلَى شَخْصٍ مُتَجَاوِزٍ دَوْمًا، رَغْمَ رَجَاحَةِ عَقْلِكَ سَتُصْبِحُ فِي آخِرٍ اَلْقَائِمَةِ وَلَنْ يُؤْخَذَ لَكَ أَيُّ إعْتِبَارٍ، مِنْ يُخْطِئُ فِي حَقِّكَ سَيُعِيدُ اَلْكُرَةَ دَوْمًا لِأَنَّكَ بِنَظَرِهِ سَهْلٍ تَافِهٍ وَمُتَسَامِحٍ ! جَرَّبَ أَنْ تَكُونَ مِنْ اَلصَّعْبِ إِرْضَائِكَ، جَرَّبَ أَنْ تَكُونَ مُتَطَلَّبًا، جَرَّبَ أَنْ تَكُونَ مِثْلٌ قَلَمِ اَلْجَافِّ اَلْخَطَّأ لَا يُمْكِنُ مَسْحُهُ، جَرَبُ أَنْ تَكُونَ عَقَبَةٌ لِلْأَوْغَادِ، لِأَنَّكَ طَرِيقٌ وَعِرٌ سَيُفَكِّرُ كُلَّ مَارْ فِي خُطُورَتِكَ وَ غُمُوضَكَ ! لَا تَكُنْ مِطْوَاعًا مَعَ اَلْكُلِّ، لَا تَأْخُذُ شَكْلَ اَلْأَحْوَالِ فَأَنْتَ بِالنِّهَايَةِ لَسْتَ مَاء، أَنْتَ شَخْصٌ صُلْبٌ وَلَهُ قَرَارَاتُهُ وَمَا يُحِبُّ وَمَا لَا يُحِبُّ وَغَيْرَ مُتَاحٍ غَالِبًا ! لَا تَكُنْ مُتَوَفِّرًا مَعَ اَلْأَوْغَادِ ! جَرَبُهَا مَعَ مِنْ لَا يسْتَحَقْ سَتَفِي بِالْغَرَضِ دَعْ لُيُونَتَكَ لِمَنْ يَسْتَحِقّ
23 _ لَطَالَمَا كَانَ اَللَّهُ مُشَابِهًا لِمَخْلُوقَاتِهِ، فَهُوَ ثَابِتٌ عَلَى كُرَهِ مَا يَكْرَهُونَ وَعَلَى حُبِّ مَا يُحِبُّونَ، وَسَتَجِدُهُ دَائِمًا إِلَى جَانِبِ مَنْ هُمْ فِي اَلسُّلْطَةِ، وَمُعْظَمَ اَلْآلِهَةِ تُفْرِحُهُمْ اَلْأَضَاحِيّ، وَرَائِحَةُ دِمَاءِ اَلْأَبْرِيَاءِ ظَلَّتْ عَلَى مَدَى اَلْأَزْمَانِ عِطْرًا إِلَهِيًّا
24 _ سَوَاءً كُنْتُ فَانِيًا أَوْ خَالِدًا هِيَ مُجَرَّدُ مَسْأَلَةِ إِدْرَاكٍ لَا حَاجَةً لِلتَّغْيِيرِ اَلْوُجُودِيِّ، هُنَاكَ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ أَكْرَهَهَا فِي اَلْمُجْتَمَعِ اَلْمُعَاصِرِ. وَأَوَّلَا أَوَدُّ أَنْ أُعَبِّرَ عَنْ كُرْهِي لِحَقِيقَةِ أَنَّ كُلَّ شَيْءِ وَ كُلِّ شَخْصِ تَقْرِيبًا لِلْبَيْعِ. لَيْسَ فَقَطْ اَلسِّلَعَ وَالْخِدْمَاتِ، بَلْ اَلْأَفْكَارِ، اَلْفَنُّ، اَلْكُتُبُ، اَلْأَشْخَاصُ، اَلْقَنَاعَاتُ، اَلشُّعُورُ، اَلِإبْتِسَامَةُ، كُلُّهَا تَحَوَّلَتْ إِلَى سِلَعٍ، وَكَذَلِكَ اَلْإِنْسَانُ كُلُّهُ، بِكُلِّ جَوَارِحِهِ وَ إِمْكَانِيَّاتِهِ، يَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ قِلَّةً قَلِيلَةً مِنْ اَلنَّاسِ يُمْكِنُ اَلْوُثُوقُ بِهَا، لَا يَقْتَضِي بِالضَّرُورَةِ أَنِّي أَقْصِدُ عَدَمُ اَلنَّزَاهَةِ فِي اَلْعَمَلِ أَوْ اَلِإسْتِخْفَافِ بِالْعَلَاقَاتِ اَلشَّخْصِيَّةِ، بَلْ أَقْصِدُ شَيْئًا أَعْمَق : عِنْدَمَا يَكُونُ اَلْإِنْسَانُ لِلْبَيْعِ، كَيْفَ نَثِقُ أَنَّهُ سَيَكُونُ غَدًا هُوَ نَفْسُهُ اَلَّذِي نَعْرِفُهُ اَلْيَوْمَ ؟ كَيْفَ أَعْرِفُ مِنْ هُوَ ؟ أَوْ لِمَنْ سَأَمْنَحُ ثِقَتِي ؟ كَيْفَ أَثِقُ بِأَنَّهُ لَنْ يَقْتُلَنِيَ أَوْ يَسْلُبُنِي ؟
25 _ أَنْتَ مَوْجُودٌ لِأَنَّكَ تُؤَثِّرُ وَلَيْسَ لِأَنَّكَ تُفَكِّرُ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال بحاجة لجواب الحكيم
ماجدة منصور ( 2024 / 2 / 14 - 09:10 )
هل لك أن تشرح لنا مفهومك الخاص عن الوعي؟؟؟

هذا السؤال مازال يدور بعقلي منذ فترة طويلة و سألت فلاسفة كثر عن مفهومهم الخاص للوعي و لكني بحاجة لتعريف جنابك للوعي و كينونته0

أأرجو التكرم بالإجابة !!!0

مع فائق الإحترام

اخر الافلام

.. موجات الحرارة تهدد قطاع الطاقة العالمي | #عالم_الطاقة


.. الاتحاد الأوروبي يعبر عن دعمه لجهود الوسطاء الدوليين من أجل




.. نتنياهو: قبلنا مقترح الوسطاء وهو اقتراح جيد يتوافق مع فكرة و


.. ترمب يجتمع بنتنياهو للمرة الثانية في واشنطن لمناقشة الوضع في




.. زيارة ماكرون إلى بريطانيا... استقبال ملكي وقمة حول الدفاع وا