الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشهادة والتبشير- هي رسالة المؤمن - بيسوع المسيح

نافع شابو

2024 / 2 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الأنجيل هو الخبر الطيّب الذي يحدّثنا عن خلاص قدّمه الله عبر حياة يسوع وموته وقيامته . يسوع هو ألأسم البشري يعني "المُخلّص" . المسيح يدلّ على الصفة الملوكيّة . وكُلّ هذا ينتهي بلقب ابن الله.
"بشارة يسوعَ المسيح إبن الله ، بدأت كما كتب النبي ُّ إشعيا : "ها أنا أرسلُ رسولي (يوحنا) قُدّامك ليُهيئ طريقَكَ"مرقس 1 :1، 2"
عندما تُثيرُك حادثة عظيمة، فمن الطبيعي أنّك تُريد أن تخبر الآخرين بها، فرواية الحادثة تبعثُ فيك من جديد النشوة التي اختبرتها من قبل . وعندما تقرأ الكلمات الأولى لمرقس، تستطيع أن تُدرِك مدى إحساسهِ بها. تصوّر نفسك بين الجموع التي شاهدت يسوع يشفي ويُعلّم. أو تصوّر نفسك أحد التلاميذ وتجاوب مع كلماته، كلمات المحبة والتشجيع، وأذكر أنّ يسوع قد جاء لكل رجل وأمرأة وطفل، ولنا نحنُ الذين نعيش الآن ، كما للذين عاشوا من نحو ألفي سنة مضت .
يقول الله على لسان اشعيا النبي في العهد القديم:
ما أجمل أقدام المبشرين، المنادين على مسامعنا بالسلام، الحاملين على الجبال بشارة الخير والخلاص " اشعيا 52: 7"
يعتقد البعض أن لا علاقة للعهد القديم بالعهد الجديد (الحاضر) ، لكن في الحقيقة فإنّ صفحات العهد القديم والعهد الجديد نجد يسوع المسيح . هناك طرق مختلفة للرسالة، ولكن رسالة واحدة. ويقول أحد الآباء: ألعهد القديم هو ظلّ العهد الجديد ولا يمكن فهم العهد القديم الّا على ضوء (نور) العهد الجديد .
يقول الله على لسان النبي دانيال (العهد القديم): " ويضيء الحُكماء كضياء الأفلاك في السماء، واللذين هدُوا كثيرا من الناس الى الحق يضيئون كالكواكب الى الدهر والأبد " دانيال 12 :3".
يحاول كثير من الناس أن يكونوا نجوماً في عالم الترفيه ليشعروا بنجوميّتهم فقط بصورة وقتية. ويخبرنا الله كيف نكون نجوما أبدية بأن نتحلّى بالحكمة ونقود الكثيرين الى بر الله. فإذا شاركنا الآخرين يمكن أن نكون نجوما حقيقية تشع جمالا في نظر الله.
يقول اشعيا النبي:"أنتم شهودي ...ذُريّة عبدي الذي إخترتهُ لأنكم علمتم وآمنتم بي.. “اشعيا 43 :10"
كانت مهمة بني إسرائيل هي أن يُخبرون العالم عمَّن هو الله وعمّا فعله. والمؤمنون الآن يشاركون في مسؤولية أن يكونوا شهودا لله .فهل يعلم الناس من هو الله الحقيقي ، من خلال كلماتُكَ وقدوتكَ؟. فهم لا يستطيعون أن يروا الله مباشرة، ولكنهم يستطيعون ان يروه فيك.
أنّ َ الرب يسوع يُعلن الأمر بصراحة ووضوح أن حولنا حصادا مستمرا ينتظر جمعه وحصدهُ. فلا عذر للمؤمن أن يكون فاترا في شهادته ليسوع المسيح المخلص، إذ يقول “إنّني أُرسلكم لتحصدوا ما لم تتعبوا فيه فغيركم تعبوا وأنتم تجنون ثمر أتعابهم " يوحنا 4 :34". فالتلاميذ الحصّادين في الأزمنة الأخيرة، بعد أن عمل الأنبياء قبلهم، وهيّأ يسوع هذا العمل بشكل خاص. فما عاد لهم سوى أن يجنوا ثمرة أتعابه.
وعد يسوع تلاميذه قائلا: مثلما يَعرفُني الآب وأعرف أنا الآب، وأُضحّي بحياتي في سبيل خِرافي .ولي خراف أُخرى من غير هذه الحضيرة ، فيجب علي أن أقودها هي أيضا " يوحنا 10: 16".
هنا يتحدث يسوع المسيح عن معرفة متبادلة بينه وبين خرافه (المؤمنين به) ، وبالتالي محبة متبادلة تجد ينبوعها في المحبّة التي تربط الآب والأبن. في البداية آمن بعض اليهود بيسوع، وكم أراد أن يجمعهم كلهم. وفي بداية الكنيسة كان اليهود واليونانيون معا ويجب ان يكونوا في حظيرة واحدة. تشتت الكنيسة وتقسّمت فتطلعت الى المسيح الذي صلّى من اجل وحدتها "يوحنا 17: 21-22"
تشير كلمة "الخراف الأخرى" الى الناس الآخرين من غير اليهود. فقد جاء الرب يسوع ليخلّص الأمميّين الى جانب اليهود وهذه نظرة الى إرساليته العالمية: أن يموت من أجل خطايا العالم أجمع.
يوجد في كل امّة وفي كُلّ شعب قلوب تتجه نحو الله، مستعدة أن تقبل الأنجيل، لكن ينبغي أن يحمل أحدنا ألأنجيل الى هذه القلوب. إنّ البحث عن الله لايكفي، فيجب على الأنسان أن يجده.
بالرغم من وجود موانع وحواجز كثيرة لنشر البشارة في الكثير من دول العالم، لكن يظهر أن الرب كسر وحطَم جميع هذه الحواجز والموانع وأستطاع أن يغزو قلوب الملايين المتعطشة الى منبع الحياة ألأبدية.
يقول الله على لسان اشعيا النبي : قلتُ، "ظهرتُ لمن لا يسألون عنّي ووجِدتُّ لمن لا يطلبونني ، وقلت ها أنا ، ها أنا هنا لأمة لا تدعو بأسمي" اشعيا 65 : 1" .
فالله "يريد كل الناس ان يخلصوا والى ملكوت الله يدخلون"1تيموثاوس 2 :4".
يجب ان نشارك الناس في البشارة عن يسوع المسيح، فليس هناك خبر أهم من ذلك. يجب ألّا ننسى من يهلكون لحاجتهم لهذا الخبر السار. يجب ألّا ننشغل بإيماننا فنهمل مشاركة الذين حولنا فيه، بل يجب ألّا ننتظر على "بشارتنا"حتى طلوع الفجر، (كما قال أولئك البرص في سفر الملوك الثاني) "راجع 2ملوك 7 :3-10"
انّ دور الكنيسة ليس الجلوس مابين أربعة جدران، بل الخروج الى الناس اينما كانوا. وكذلك وحدة الكنائس ومسؤولية المؤمنين عن جميع الكنائس وليست كنيستهم فقط.
انَّ جوهر رسالة الخلاص التي يُطالب بها ربنا يسوع المسيح هو وحدة الكنائس، وعلى كل المؤمنين أن لا يركزوا على بناء الكنائس الحجرية، بل بناء الناس وملكوت الله. الكنيسة لم تعد شعبا يعيش بين أربعة جدران حجرية، فالكنيسة، كما يقول الرب يسوع المسيح، يجب أن تبحث عن الخراف الظالة وعن المتألمين والمهمشين والمنبوذين والمتروكين وحتى الأغنياء ورجال المال والسلطة والنفوذ، الذين هم فقراء بالروح بالرغم من شبعهم المادي، ولكنهم هم ايضا اختبروا أنّ الغنى والمال والسلطة، سراب وقبضة ريح كما يقول الحكيم.
يقول البابا فرنسيس في الأرشاد الرسولي "فرح الأنجيل" لسنة 2012 بأنه "يفضّل كنيسةً مجروحة ومتّسخة لأنها خرجت إلى الشوارع والطرقات، على كنيسة تهتم بمركزيتها وتنغلق على ذاتها في تشابك هواجس وإجراءات. وإن كان هناك ما يجب أن يثير اهتمامنا فهو أن هناك العديد من إخوتنا الذين يعيشون بدون صداقة يسوع".

أما البابا بيندكتس السادس عشر فيقول:
" الإيمان هو عطية، لا يمكننا أن نحتفظ بها لأنفسنا، وإنما يجب علينا أن نتقاسمها. فإن أردنا الاحتفاظ بها فقط لذواتنا، لتحولنا إلى مسيحيين متقوقعين، وعقيمين ومرضى. إن إعلان الإنجيل يشكل جزءًا من كوننا تلاميذًا للمسيح وهو التزام مستمر ينعش حياة الكنيسة بأسرها. إن حماسة التبشير هي علامة واضحة على نضوج الجماعة الكنسية" (بيندكتس السادس عشر، إرشاد رسولي. كلمة الرب)
ولو راجعنا ألأنجيل المقدس في العهد الجديد لعرفنا أهمية التبشير، فقد كانت آخر كلمات الرب يسوع المسيح لتلاميذه قبل صعوده الى السماء هي التبشير بالأنجيل لكل الأمم ابتداء من اورشليم:
" اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والأبن والروح القدس ، وعلموهم أن يعملوا بكل ما اوصيتكم به ، وها انا معكم طوال ألأيام ، الى انقضاء الدهر " ( متى 28:19)
"أذهبوا الى العالم كله، وأعلنوا البشارة الى الناس أجميعين " مرقس 16:15"
" وتُعلن باسمه بشارة التوبة لغفران الخطايا الى جميع الشعوب "لوقا 24:47"
وعندما نقرأ سفر أعما ل الرسل وتاريخ الكنيسة (سواء الكنيسة الشرقية او الغربية) سنصاب بالصدمة وتأنيب الضمير وسنعرف مدى فتور إيماننا المسيحي في هذا العصر، مقارنة بالمؤمنون الأولون، الذين كانوا شعلة من نار الروح القدس في ايصال بشارة الخلاص الى العالم “أعمال 8: 4” وسنعرف مدى تقصيرنا نحن ابناء أولئك الشهداء الذين انطلقوا من شرقنا لينقلوا بشرى الخلاص الى الأخرين من اخوتنا في هذا العالم.
أصبحنا اليوم نحن أبناء هذه الكنيسة العريقة والأصيلة، متقوقعين خانعين ، خائفين ، منقسمين ، حاملين هوية المسيح وصليب المسيح ، ولكننا في الحقيقة ، فاترين في ايماننا بسبب اننا غير متكلين على قوة الروح القدس ، بل اصبحنا نركز على الطقوس والفرائض والشريعة ومظاهر التدين والتمسك بحرفية الكتاب المقدس بدل ان نحيا في الروح ، في حين كان آبائنا شعلة من نار، بسبب قوة الروح القدس الذي كان يلهب قلوبهم فكانوا يذهبون لتبشير الشعوب شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا عابرين الجبال والصحارى والبحار في كل انحاء المعمورة ،متحملين كل المخاطر والظروف الصعبة والاضطهادات ،عاملين بوصية سيدهم رب المجد يسوع المسيح ".، وتكونون لي شهودا في أورشليم واليهودية كلها والسامرة، حتى اقاصي الأرض "اعمال1 : 8 ".
اليوم يا للأسف أصبحنا نخاف أن نبشر باسم المسيح حتى في أوطاننا، لابل هناك من يمنع التبشير بحجة أنّه يشكل خطورة على سلامة المسيحيين في هذه الدول. ونسينا قول المسيح لنا "لاتخافوا فأنا معكم الى نهاية العالم ".
ان جزء من مسؤوليتنا كمؤمنين هو أن نعاون الآخرين ليقفوا ويفكروا فيما ستنتهي اليه حياتهم، وأن نبين لهم عواقب تجاهل رسالة المسيح وخاصة في هذا الشرق المضطرب، والذي يبدو أن قوات الشر الروحية لها الغلبة في نشر الظلام والرعب والموت في نفوس الكثيرين من الناس الأبرياء.
ولكن بالمقابل هناك كنائس لها ارساليات ومبشرين الى انحاء العالم وتتحمل الاضطهادات والآلام وحتى الشهادة، ويقول البابا فرنسيس في رسالته بمناسبة يوم الأرسال العالمي 2013 " عدد الشهداء يفوق الآن اعدادهم في القرون الأولى - الذين يحتملون بثبات رسولي مختلف أنواع
الاضطهادات، ويخاطرون بحياتهم ليحافظوا على أمانتهم لإنجيل المسيح.لا إنجيل حقيقياً بدون هذا "الموت" في الأرض" (انتهى الأقتباس)
اخر إحصائية لمؤسسة "الأبواب المفتوحة" عن اخطر 50
دولة في العالم بالنسبة للمسيحيين ، تشير الى ان اكثر من 340 مليون مسيحي حول العالم مضطهدون بسبب ايمانهم*.
لايمكن أن نسمي أنفسنا بالمسيحيين إذا نحن تقوقعنا على ذواتنا وركزنا على خلاص أنفسنا دون ان نحاول أن نجذب اخوتنا الى المسيح لكي يتمتعوا بملكوته ويشربوا من ماء الحياة ويذوقوا الخبز النازل من السماء، يسوع المسيح، ويشاركوننا فرحنا وسلامنا.
يقول الكاتب والمفكر الروسي المشهور "لي تولستوي: “لا أحد له الحق أن ينبسط (يفرح) لذاته، بل أن يفكر بالآخرين ويحبهم وإلّا لا سعادة".

يقول الأب العلاّمة بولس الفغالي:
" أُلقيت على التلاميذ مهمة حمل النور الإلهي الذي يجتذب الأمم ... وهذا النور هو المسيح (يو 8: 12). كشفَ الله عن نفسه لشعبه، ليجعله منارة ونوراً في خدمة قصد حبه من أجل جميع البشر.
"جعلتك نوراً للأمم ليصل خلاصي إلى أقاصي الأرض" (أش 49: 6)..
وفسَّر أحد المعلمين: "كما أن الزيت يحمل النور إلى البشر، هكذا يكون شعبُ الله نورَ العالم". وكنيسة المسيح ليست نوراً في حدّ ذاتها. ليست ينبوع النار. إنها كالزيت الذي يحترق بنار الكلمة، بنار حبّ الله الذي ينير العالم .. نحن مدعوون لنكون انعكاس المسيح النور الذي تجرّأ وحده أن يقول: "أنا نور العالم" يوحنا 8:12".. والمسيحي هو الذي يرغب أن يتشبّه بالذي أحبّنا، أن يصير كاملاً في الحب على مثال الآب.
سُلِّم الإنجيل إلى التلاميذ ثمّ إلى الجماعات الأولى. وعليه أن ينتقل إلى العالم. ولكن كيف ينتقل؟ إنه ملح يعطي الحياة طعمها. إنه خمير يخمّر العجين ". هذا يعني أنه يختفي في حياة البشر كالحبة المزروعة في الأرض" أنتم ملح الأرض، أنتم نور العالم" متى5: 13- 14
ما اشبه اليوم بالباحة! فيسوع المسيح ولد بين شعب يؤمن بالكتب المقدسة وله تاريخ طويل وخبرة مع الله، ومع ذلك لم يقبلوه في قلوبهم بل تآمروا على يسوع المسيح وقتلوه، وهكذا رذل الشعب الذي كان لديه كتب تتنبىْ بقدوم المسيح وولادته في بيت لحم ، بينما الوثنيين الغرباء قبلوه وآمنوا به مثل المجوس والعالم الوثني .
للأسف اليوم هناك مسيحيين بالهوية يحملون اسم المسيح ويعلقون الصليب في صدورهم كتميمة أو كفأل حسن في حياتهم، دون أن يقيموا علاقة مع رب المجد الذي أحبهم وفدى حياته من أجهلهم.
هكذا اليوم، نحن مسيحيي هذا الشرق، الكثيرون منا رفضوا ولادة المسيح في قلوبهم، علما بان لنا تاريخ الكنيسة وشهادات آبائنا المؤمنين وخبراتهم مع يسوع المسيح، ومع ذلك اصبح المسيح غريبا عنا، وها هو اليوم يسبي قلوب الملايين من الوثنيين الذين فتحوا قلوبهم له، فيدخلون ملكوت أبيه ، بينما نحن نبقى خارجا .
كم من الرعاة في كنائسنا يمارسون الطقوس الدينية في يوم الأحد كوظيفة روتينية وكواجب مقابل أن يعيشوا حياة هادئة وكأنهم أصبحوا موظفين يعملون مقابل أجرة؟
كم من الناس الذين يحملون اسم المسيح متمسكين بقشور التدين يأتون الى الكنيسة في يوم الأحد أو المناسبات الدينية كعيد الميلاد وعيد الفصح ويمارسون الطقوس الدينية وكأنها عادات وتقاليد وواجبات، دون أن يفهموا جوهر هذه الأحتفالات بكونها لقاء مع المسيح وتناول جسده ودمه من خلال سر القربان المقدس، التي فيها يجدد المؤنون تناولهم لخبز الحياة، وان هذا التجمع هو فرح اللقاء مع الأخوة المؤمنين لتجديد الشكر والامتنان لفاديهم يسوع المسيح ؟
كم من الناس المولودين بالوراثة في عائلة مسيحية، ولكنهم للأسف لايعرفون قيمة هذه النعمة التي وهبها الله لهم من خلال المعمودية ولا يعيشون فرح الخلاص والسلام الذي مصدره يسوع المسيح؟
كم من ألأموال تصرف على الزينة والملابس والبذخ على الولائم والأحتفالات في مناسبات الأعياد وغيرها، فيما هناك الملايين من الفقراء والأطفال يحتاجون الى الخبز اليومي ليكفي رمقهم وجوعهم
بل محتاجين الى من يزرع الفرح في قلوبهم لأن يسوع المسيح يحبهم؟
وعن مخاطر التبشير يقول الرب يسوع المسيح: " ما اقوله لكم في الظلام قولوه في النور، وما تسمعونه همسا، نادوا به على السطوح، لا تخافوا الذين يقتلون الجسد ولا يقدرون أن يقتلوا النفس ، بل خافوا الذي يقدر أن يهلك الجسد والنفس معا في جهنم " متى 10:26- 28"،
يقول الرب لتلاميذه: "تشجعوا، أنا غلبت العالم" يو 16، 33 "
المسيحي الحقيقي هو الذي يحمل صليبه ويتبع المسيح في آلامه وعذاباته وموته لأنّ حبَّة الحنطة ان لم تمت فلن تعطي الثمر. نعم قد تكلف المؤمن مسؤوليته تجاه الآخرين الكثير من قيم هذا العالم، المجد، والشهرة، واوقات الراحة، والأصدقاء وحتى الأقرباء، لكن قيمة كوننا مؤمنون تلاميذ المسيح هي استثمار سيدوم الى الأبد، فعلى كل انسان أن يحسب الكلفة كما يقول الرب.
المسيحي الحقيقي هو جندي في جيش المسيح يحارب بسلاح الروح والحق كل اجناد الشر الروحية لخلاص الآخرين فكما ان َّ الجندي في
هذا العالم يدافع ويضحي عن وطنه، فكم من الأولى على المؤمن المسيحي أن يدافع عن الحق ويجاهد ويجاهر به دون خوف لأيصال بشارة الملكوت الى الآخرين. وهاهو بولس الرسول يشجع معاونه ثيموثاوس على القيام بواجبه كمعلم ومبشر وكجندي في جيش الله، وان يكون قدوة للمؤمنين في ألأيمان والصبر والمحبة والمثابرة وتحمل آلام ألأضطهاد وأن لايخجل في تبليغ الشهادة (راجع رسالة بولس الرسول الثانية الى تلميذه تيموثاوس).
يقول الرسول بولس لتلميذه ثيماثاوس: " سلّم ما سمعته مني بحضور كثير من الشهود، وديعةٌ الى اناس امناء يكونون أهلا ليعلموا غيرهم ".
2تيموثاوس 2 : 2 ".
في أعمال السينودس الذي عقد في الفاتيكان من السابع وحتى الثامن والعشرين من تشرين الأول أوكتوبر عام 2012 حول موضوع "البشارة الجديدة بالإنجيل لنقل الإيمان المسيحي". يكتب البابا فرنسيس: "أرغب في التوجه إلى المؤمنين المسيحيين لدعوتهم لمرحلة بشارة جديدة مطبوعة بهذا الفرح وتقديم طرق جديدة لمسيرة الكنيسة للسنوات القادمة. وناشد الحبر الاعظم الدول الاسلامية توفير الحرية الدينية للمسيحيين
"اخذا بالاعتبار الحرية التي يتمتع بها المسلمون في الدول الغربية".
المسيح هو رب كل الأرض وقد مات من أجل خطايا كل ألناس. نحن قد لا نكون مبشرين، ولكننا جميعا قد نلنا مواهب نستطيع أن نستخدمها لتحقيق ألأرسالية العظمى " راجع اكورنتوس 12: 1-11 ". فلا يجب ان نسمع الكلمة فقط بل ان نعمل على تحقيق الحق وايصال بشارة الخلاص الى جميع الناس، وان يحمل المؤمن نور المسيح حتى يشرق في حياته ويعكس هذا النورعلى الاخرين ليجدوا الله .
يقول الرسول بولس : "
"ألأيمان من السماع، والسماع هو من التبشير بالمسيح "روما 10: 17 ".
وعلى المسيحيّين اذا أن يجعلوا النور على منارة. أن يُعلنوا البشرى بصورة واضحة، وهكذا يستنير البيت ويستنير العالم.
اليوم اخوتنا في هذا الشرق هم أحوج الى الخلاص، وخاصة في هذه الظروف العصيبة، وهم في احتياج الى مساعدتهم في التخلص من قيود الإبليس الذي كبَّلهم بقيود العبودية وجعلهم يحاربون أخوتهم وأبناء وطنهم وجيرانهم.
انَّ اعلان البشارة للعالم هي من صلب الأيمان المسيحي لابل هي رسالة وامانة يجب ان يوصلها المؤمن لكل الناس اينما كانوا ومهما كانت الظروف. لذلك يقول الرب يسوع المسيح، ومن لا يقومون باستخدام مواهبهم الروحية في توصيل بشارة الخلاص لأخوتهم في الإنسانية، سينطبق عليهم قول الرب “سيأخذُ الله ملكوته منكم ويسلِّمُهُ الى شعب يجعلهُ يُثمر "متى 21: 43 ".
ان المحبة تعني العمل والعمل يعني: آنَّني أقوم بتطبيق ما اؤمن به والا فلا معنى لما اؤمن به، وخيرعمل يقوم به المؤمن هو خلاص الآخرين بإيصال البشارة لهم، لكي يكمل فرحه، والرسول بولس خير شاهد على هذه الحقيقة عندما يقول : "فاذا بشّرت فلا فخر لي . لأن َّ التبشير ضرورة فرضت علي. والويل لي ان كنت لا أُبشِّر "1كور 9:16"
اليوم علينا أن نقرّر من نطيع والله يريدنا أن نختار الحياة. يقول بطرس الرسول في سفر الأعمال "فتذكّرت ما قاله الرب لنا: إنّ يوحنا عمَّد بالماء ، وأمّا أنتم فستعمّدون بالروح القدس " اعمال 11 : 16"
فعند قبولنا للمسيح ومعموديّتنا بالماء والروح القدس ستتغيّر حياتنا الى الأبد. وهذه هي شهادة المؤمنين للعالم، عند قبولهم الرب وهكذا تغيّر الوثنيّون عندما قبلوا المسيح وتعمّدوا وحلّ الروح القدس عليهم.
لا تفترض أنّ الأنسان المتديّن يعرف الكثير عن يسوع (اعمال 17 : 23)
عندما وجدوا الفلاسفة الأبيقوريّين والرواقيّين أن بولس يبشّر بيسوع والقيامة من الموت قال بعضهم:"ماذا يعني هذا المدعي الأحمق بكلامه؟ "اعمال 17 :18”. وقال آخرون "يبدو أنّه ينادي بآلهة غريبة". شرح الرسول بولس لهؤلاء المتعلّمين من أهل أثينا من هو الإله الحقيقي الواحد. وبرغم أنّهم كانوا مُتديّنين بصفة عامة، لم يعرفوا هذا الإله.
ونحنُ اليوم نعيش في مجتمع "مسيحي ". ولكن الله لا زال مجهولا لمعظم الناس. فيلزم ان ننادي (نبشّر) ونشهد بمن هو الله، وأن نوضح ما فعله الله بواسطة إبنه يسوع المسيح لاجل كل البشرية .ولا يمكن ان نفترض ان يعرف الناس الرب يسوع بصورة حقيقية حتى المتدينين منهم او انهم يدركون أهمية الأيمان بالمسيح.
اليوم وبسبب الوسائل الكثيرة للأتصالات والميديا والقنواة الفضائية ووجود الكتاب المقدس عبر الأنترنت ومطبوعا بلغات غالبية الشعوب في العالم، أصبح اليوم من السهولة التعرف على شخصية يسوع السميح ورسالته الخلاصية. وبالرغم من وجود موانع وحواجز استطاع الرب ان يكسر ويحطم جميع هذه الحواجز والموانع واستطاع ان يغزو قلوب الملايين المتعطشة الى منبع الحياة الأبدية. يقول الرب على لسان اشعيا النبي : " ظهرتُ لمن لا يسألون عنّي ووجدتُ لمن لا يطلبونني ، وقلتُ ها أنا ، ها أنا هنا لامّةٍ لا تدعو باسمي" اشعيا 65:1". ما على المؤمن سوى أن يشرح للمتعطشين الى نبع الحياة من هو يسوع المسيح .
قد يضحكوا الناس ويستهزئوا بك، وقد يريد البعض منك المزيد من المعرفة وقد يؤمن القليلون منهم. ولكن لا تتردد في مخاطبة الآخرين عن المسيح خشية ألّا يؤمن أحد.
وأيضا لا تنتظر استجابة جماعية إيجابية لشهادتك بل ولو آمن القليلون فقط فذلك يستحق المحاولة والجهد (راجع اعمال 17 :23 ، 26 : 28"
أحيانا عندما نسأل أشخاص هل تعرف أقوال ألأنبياء (كما فعل بولس الرسول مع الملك أغريباس) ولكن كان رد الملك هو السخرية من بولس الرسول عندما فأجاه :" قليلا بعدُ ، وتقنعني بأن اصير مسيحيا" أعمال 26 :28" . هكذا أجاب أغريباس على كلام بولس بتعليق ساخر. ولكن لم يرد بولس بالرفض لكنه قدّم نداء شخصيا تمنى استجاب له كل الحاضرين المستمعين
"إنّ النداء الشخصي الجاد أو الشهادة الشخصية قد تبدي عمق اهتمامنا بالآخرين، وقد تنفذ داخل القلوب المتقسّية.
ينبغي علينا ان نحيا كما قال المسيح مقدمين الأيمان للغير مهما كان الثمن. وقد لا نُضرب أو نُسجن، ولكن قد نتعرّض للسُخرية والهزء او النبذ من المجتمع او ألأساءة الى سمعتنا. يجب ان نتذكّر آلام المسيح من اجل الحق . فكيف يمكن إذا للباحث عن الله أن يجده دون أن يدلّه أحد على الطريق؟ هل طلب الله منك أن تبيّن لأحد الطريق إليه؟
يقول الرب لتلاميذه:"ها أنا أرسلكم مثل الخراف بين الذئاب ...وأيّ بيت دخلتم، فقولوا أولا: السلام على هذا البيت، فإن كان فيه من يحبُّ السلام، فسلامكم يحلُّ عليه، وإلّا رجع إليكم" لوقا 10 : 3-5". السلام هو تمنِّ بالصحة والسعادة والبركة. ويسوع تمنَّ أن يتمتّع الذين يسمعون الخبر السار وان يقبلوا المسيح وتجاوبوا معه؟
شهادة المسيح تحمل: المحبّة، السلام، الخير، الخلاص. هذه هي خلاصة ما بشّر به يسوع المسيح. ولايمكن لانسان في كُلّ زمان ومكان أن لايتمناها، إلّا الذين غلبهم الشيطان ووقعوا في فخه لان الشيطان هو رئيس هذا العالم. بينما يسوع المسيح جاء ليحرّرنا من قيود الشيطان ليغمرنا بحبه وسلامه لنعيش السعادة الأبدية.
-------------------------------------------------------------------

المراجع
الكتاب المقدس
رسالة البابا فرنسيس
بمناسبة اليوم الإرسالي العالمي 2013

http://w2.vatican.va/content/francesco/ar/messages/
missions/documents/papa-francesco_20130519_giornata-missionaria2013.html
البابا فرنسيس يعلن عن الإرشاد الرسولي “فرح الإنجيل”
جhttp://www.boulosfeghali.org/boulos/index.php/site/
content?page=4&Cat=397
البابا فرنسين -ألأرشاد الرسولي-فرح ألأنجيل
إصلاح الكنيسة والحرية الدينية للمسيحيين في العالم الإسلامي -
http://www.almustaqbal.com/v4/Article.aspx?Type=np&Articleid=596308
ملح الأرض ونور العالم
الأب بولس الفغالي
http://www.boulosfeghali.org/boulos/index.php/site/content?page=11&Cat=397
*
لائحة بأخطر 50 دولة تضطهد المسيحيين حول العالم
https://www.youtube.com/watch?v=Hrk4gKfxiUA








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با


.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط




.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-