الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في المدن الإيرانية... ألم وتوجس...الحلقة الخامسة

علي خزعل كرادي

2024 / 2 / 15
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


في المدن الإيرانية .. ألم وتوجس !.الحلقة٥ .

بقيت ليالي برفقة رفاقي ، سامي حركات ، محمد السعدي ، سيد لطيف ، نبيل ، أبو عليوي ، جابر . في المدن والقرى الإيرانية مع بشمركة ” الاتحاد الوطني الكردستاني ” والاهالي الهاربة من رائحة السلاح الكيمياوي بين الثلوج وهطول الامطار الغزيرة وتوارد الاخبار السيئة ، أن الجيش والجاش أحكموا سيطرتهم على المقرات والمرتفعات ، وأستباحوا المنطقة بالكامل ضمن عملية وخطط الانفال . بعد أيام من المعاناة الحقيقية والاوجاع والهزيمة ، وفرت السلطات الإيرانية بالتنسيق مع مسؤولي الاتحاد الوطني شاحنات مكشوفة لنقلنا الى مدينة ” سردشت ” الإيرانية الساحرة بشوارعها ومقاهيها وفنادقها ، ولقد وصلنا مع عدد من المقاتلين الى المدينة في مساء غائم والسماء تنذر بالامطار . وتم توزيعنا على أحد فنادقها مع تشديدات صارمة عن عدم مغادرة باحة الهوتيل ، ولأول مرة منذ فترة ، نحن في نعمة المدنية كهرباء وتلفزيون وماء ساخن وجلو كباب وفطور دسم ، في حينها شعرنا برهبة المدينة وتأثيراتها على عقل الانسان ، بعد يومين من هذا الاستجمام ، تم توزيع القوى ، كان نصيبنا مناطق ” نوزنك ” ، وحلنا ضيوف على مقرات الاتحاد الوطني الكردستاني نقاسمهم الحراسات والواجبات الليلية من إستطلاعات ونصب كمائن خوفاً من أي تقدم من القوات العراقية ، ولأننا أنا ومحمد السعدي قرارنا من البداية هو الهجرة !.

طلبنا من مسؤولي القوى في المنطقة ، بعد هدأت الاوضاع نوع عما بالتوجه الى إيران إذا لم يعد خروجنا له تأثير ، وقد أستقبلوا مقترحنا برحابة صدر ، وزودونا بهويات عن عدم التعرض باعتبارنا مقاتلين من تنظيمات الاتحاد الوطني . وذهبنا إلى مدينة ” سردشت ” وأخذنا قسطاً من الراحة ولمدة يومين في أحدى فنادق المدينة ، وكنت أحمل قدر من المبلغ حملته معي من العراق أستثمرناه أنا ومحمد السعدي لتلك الايام . بعد يومين من التجوال في المدينة ونفض غبار التعب عن أجسادنا ، حجزنا مقعدين في منشأة نقل الركاب الى العاصمة طهران ، من الساعة السابعة مساءاً الى السابعة صباحاً وصلنا الى العاصمة طهران . وطأت قدمينا مأرب كبير للمسافرين ، وحسب الوصايا في إلتزام الحذر عند الوصول الى طهران من الاصدقاء ، الذين سبقونا ، أجرنا تاكسي الى منطقة ” كوجه مروي ” حي تجمع العراقيين الأثير ، وبعد السؤال : وصلنا الى بيت صديقنا وأبن مدينتنا ياسين خضر القيسي . وبعد يومين وصل الشهيد سامي حركات وأنتقلنا معه الى بيت رفيقنا ” أبو محمد الصيدلاني ” رفيق قديم ومناضل معروف في مدينته ” الديوانية ” وله مواقف مسبقة تجاه سياسة الحزب ، فأتخذ موقف منها وترك التنظيم ، لكنه مازال يعتز بشيوعيته . في طهران عرفنا الشهيد سامي على شخصيتين مهمتين في العمل السياسي في إيران عبد الرزاق أبو وهيب ، جمال عيدي . موقفنا ووضعنا حتى نخرج من إيران لابد من الحصول على وثيقة ” ليزاباص ” وهذه الوثيقة تحصل عليها أن يكون وجودك رسمي وقانوني في إيران . وهذا لا يتم الا العودة الى الحدود وتسليم أنفسنا باعتبارنا هاربين من سياسة النظام وحربه . في ليلة ظلماء عدنا من طهران الى مدينة ” سقز ” الإيرانية ، بدون أوراق رسمية بعد أن أنتهت صلاحية أوراق عدم التعرض عندنا ، فكانت مخاطرة مجنونة ، لو وقعنا بيدهم ، كانت التهمة جاهزة بالعمل لصالح العراق والبلدين في حالة حرب طاحنة !.

وصلنا الساعة الثالثة فجراً الى مدينة سقز الإيرانية ، كانت تعم بالهدوء والسكون والشوارع فارغة الا من حركة الكلاب السائبة ، دفعنا باب أقرب فندق ودخلنا ، وكان موظف الاستعلامات نائم ، وصحا على ضجيج حركتنا ، وطلبنا منه غرفة وبين سكرات نعاسه وهيأتنا المكسورة الخاطر ، لم يطلب منا مستمسكات رسمية ، وألقينا روحنا التعبانة على الأسرة الى الساعة الواحدة ظهرا ، وبعد تناول وجبة سريعة ، ذهبنا الى حمام أهلي ، وفي اليوم الثاني ، ذهبنا الى مدينة الرضائية بدون أي وثائق تثبت وجودنا الرسمي في إيران ، لإنه لا في اليد حيلة ؟.
ومن مدينة الرضائية الى مدينة زيوه الحدودية حيث مقرات حزب الديمقراطي الكردستاني ” حدك ” . كانت أغلب قيادتهم موجودة في هذه الموقع على الاراضي الإيرانية ، بعد أن وصلنا لهم وعرفنا عن أنفسنا رحبوا بنا وطلبنا منهم تسليمنا الى القوات الإيرانية في المدينة ، أخذنا أحد المسؤولين بسيارة جيب عسكري وقدمنا الى القوات الإيرانية باعتبارنا هاربين من العراق وقضينا فترة بينهم ، وهذه بحد ذاتها مرور سهل لنا وخففت عنا من شدة الاسئلة في التحقيق وتسهيل معاملتنا . في نفس اليوم نقلونا بسيارة عسكرية الى معسكر مدينة ” خوي ” . يقع وسط غابات من الاشجار وعلى سفح جبل وذو منظر خلاب ، هنا وجدنا عدد من رفاقنا في المعسكر ، وكنا نتجنب بعضنا خوفاً من أن يكشف أمرنا للسلطات من خلال الجواسيس بيننا . كان كل جهدنا أن ننجز معاملتنا ونخرج من المعسكر سالمين وبأوراق رسمية ، وخلال شهرين خرجنا من المعسكر بأجازة وبلا عودة الى العاصمة طهران . ذهبنا حالاً الى بيت رفيقنا أبو محمد الصيدلاني ، وفي اليوم الثاني مباشرة باشرنا بالشغل في مطعم يمتلكه الاخوين مهدي وعلي فرجه المسفرين من العراق الى إيران عام ١٩٧٠ ، وهما من أهالي مدينة الكاظمية . والمطعم يقع وسط منطقة ” كوجه مروي ” المكتظة بوجود العراقيين أي عراق مصغر في شارع ناصر خسرو الشهير . ومن خلال عملنا في هذا المطعم ، كلنا نلتقي بعدة أشخاص ومن مختلف الانتماءات والتوجهات ، وتمكنا من تأجير شقة صغيرة وسط مجمع سكني كبير ، وكانت أبوابها مفتوحة للرفاق والاصدقاء .

هنا تفاجأت بزيارات ضامر خليل الدائمة لنا، ويبدو لي يريد يتناسى ما حدث معنا في الأمس في مديرية أمن بعقوبة ، وطرح نفسه عنصر مهم وفعال في منظمة طهران للحزب الشيوعي العراقي عبر مسؤوله المباشر عصام أبن خماس القصاب ، وربما هو لايعرف من هو ضامر وما علاقته بتنظيمات الحزب وموقفه المنهار والذي يثير الشفقة في أيام الإعتقال . وكان ضامر من خلال هذه المهمة الموكلة له من السيد عصام هو نقل الاخبار من وصل الى إيران من الرفاق ومن خرج وماذا قالوا وصرحوا وما هو موقفهم ، وكان يبالغ الى حد الكذب في النقل والأدعاء ، وعلاقته السيئة مع أبناء بعقوبة ياسين خضر القيسي والنجار أركان من خلال الكذب عليهم والافتراءات . وذات مساء ، كنا على سطح ذلك البيت أنا ، محمد السعدي ، ياسين القيسي ، أركان . زارنا ضامر ، وكان غير مرحب به ، لكن تدخل محمد السعدي إجبرنا على أستقباله ، وفي اللحظة الاولى من جلوسه واجهه أركان بعدة مواقف ، ولم يتمكن من تبريرها وتطور الموقف وهجم عليه أركان بسكين حادة ، كنا نقطع بها البطيخ ، مما رمى ضامر نفسه هرباً من سكينة أركان الذي صوبها أتجاهه الى باحة البيت عبر سلمه ، وعندما نزلنا أنا ومحمد السعدي وجدناه ممدد على الارض وفاقد الوعي ولولا تدخل بعض الاهالي من خلال بعض الاسعاقات لكان في عداد الموتى .
بعد شهور في إيران ، سنحت لي فرصة السفر الى سوريا بمساعدة بيت أختي أم نور وأخي أبو رشا ومن ثم الى مملكة الدانمارك وما زلت مقييم بها .
في الحلقة القادمة .. الموقف السياسي الوطني العراقي.. أنتظرونا !.

علي كرادي ٢٠٢٤








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تشتبك مع المتظاهرين الداعمين لغزة في كلية -


.. حشود غفيرة من الطلبة المتظاهرين في حرم جماعة كاليفورنيا




.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا