الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني الفصل السابع أن تكون محارب الحرية لاجل شعب في طوق المؤامرة 9 -1

عبدالله اوجلان

2006 / 11 / 30
القضية الكردية


3 ـ مرحلة العصابات والتدخل الإمبريالي على النطاق العالمي من 1988 ـ 1998.
إن استمرار الإرادة الحرة للشعب الكردي قد عززت تصعيد النضال رغم كل الضغوطات الخارجية والداخلية التي تمت ممارستها ضد طليعة حزب العمال الكردستاني، فقد ظهرت النزعات التي تطورت في الداخل والتي أرادت استخدام الكفاح المسلح حسب أطماعها السياسية وحسب مواقفها المزاجية التي تتنافى مع الأخلاق ومع مساق النضال، قامت تلك الشخصيات بسحق الكادر الذي لم يطور نفسه حسب احتياجات الكفاح المسلح باستخدام خصائص المجتمع المتخلف وأطماع الطبقة المهيمنة التي استيقظت حديثاً، حيث استهدفت هذه المواقف التآمرية المستوى الإيديولوجي والسياسي للمنظمة وتدميره بشكل منهجي، ولم تعرف حدوداً لاستخدام وتقوية المواقف الآنية والقدرة التسليحية وتأثير الجبال الذي يحول الإنسان إلى النزعة الحيوانية مما خلق صعوبات في الإشراف عليها وتطورت نزعة التحول إلى عصابات بدلاً من التجييش، واعتمدت شكلاً أساسياً من العمليات يصعب من خلاله التمييز بين المجرم والبريء دون الالتزام بقواعد الحرب، وظهر وضع ممسوخ لا يشبه أي شكل من أشكال الحروب، وحدث نوع من المعاناة يمكن تعريفه على أنه قائم على إنشاء عصابة كونتر كريلا (مضادة للكريلا).
سنكون قد قدمنا تفسيراً قاصراً إذا ربطنا هذه التطورات بالعملاء التقليديين وبممثلهم الأساسي الحزب الديمقراطي الكردستاني فقط، فهناك عاملان لعبا دوراً أساسياً في هذا الأمر، أولهما بنية المحاربين والكوادر المخلصة التي لم تقم بتدريب نفسها بالشكل الكامل استعداداً للمهام التي ازدادت صعوبة، وثانيهما الجهود التي تم بذلها لتحويل مكر ودهاء البرجوازية الصغيرة إلى منظمة متميزة، والاعتقاد حسب أقوالهم بأن طبقة القرويين قد وجدت الفرصة للاستيلاء على السلطة من المثقفين.
يجب انتظار ظهور هذه الأوضاع في كل مؤسسة لأنه لم يتم تنفيذ المهام الصعبة ضمن المراحل الصعبة، وخاصة في الأجواء التي تستمر فيها المؤامرات بشكل مكثف وتزداد الاستفزازات ، فإن تكاثر مثل هذه العصابات العاصية المتمردة يكون أمراً حتمياً، ولكن التدريب العسكري والإيديولوجي الكثيف يستطيع تجاوز هذه المرحلة بنجاح، ولكن ومن جديد لا يمكن إغفال الدور الذي لعبته المؤامرات الواعية والقوى العميلة التي كانت تواصل دعمها، والحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل خاص في خلق هذه المرحلة، فقد لعبت مرحلة التحول إلى عصابات وللحزب الديمقراطي الكردستاني دوراً بارزاً في عرقلة إنشاء الجيش أكثر من كافة القوى الأخرى، ويمكن النظر إلى هذا الوضع على أنه صراع طبقي في جوهره، وقد كان لهذا التطور المنحرف نصيب من الخسائر يقدر بتسعين بالمائة من مجموع الخسائر غير المبررة، لقد تمت التضحية بكل المكتسبات التي كانت ممكنة، وأقلها النضال التحرري الذي كان من الممكن أن يؤدي إلى خطوات ديمقراطية في عام 1993، وبسبب التحول إلى عصابات فقد أدى ذلك إلى الكثير من الآلام والخسائر لكلا الطرفين، حيث لعب مفهوم العصابة وممارساتها دوراً مصيرياً في سلبيات هذه السنين التي خرجت فيها الدولة وحزب العمال الكردستاني عن مسارهما ونهجيهما، لقد استمدت الدولة جرأتها من هذا الوضع واعتقدت بأنها انتصرت، وقامت بانتهاك القانون أو على الأقل قامت حكومة جيللر بانتهاك القانون بذهنية لا مثيل لها في التاريخ.
ففي حين كان حزب العمال الكردستاني يعيش هذه المؤامرة وهذه الانحرافات في بنيته المسلحة، تم تسليط عصابات القتل التي تقنعت بقناع حزب الله على رقاب الشعب الوطني وتم تنفيذ الآلاف من الجرائم بواسطة هذه العصابة، وتم تفريغ ما يقارب أربعة آلاف قرية ومزرعة من سكانها، كما تم العمل على تفريغ كردستان من سكانها عن طريق تهديد الشعب بالجوع وارتكاب الجرائم، فقد أظهرت المؤامرة وجهها الأكثر وحشية بهذه الجرائم التي نُفذت بشكل سري، كما قامت فئة من الموظفين الخاصين بتنفيذ جزء من هذه الجرائم خفية عن الدولة، ولأنه تم الخلط بين " أثر الفرس وأثر الكلب" (مثل شعبي)، كان من الصعب على الدولة أن تميز بين ممارسات القوة الخارجية وممارسات بؤر الرجعية المحلية لهذه الجرائم، ولكن الأمر المؤكد هو أن هذه المرحلة كانت واحدة من أحط المراحل الدنيئة التي نفذت ضد الشعب الكردي الوطني الشريف، وأن الأزمة التي شهدتها ولا تزال تشهدها تركيا بشكل أعمق، هي من نتاج تلك المرحلة، فقد تم نسف المرحلة التي كان من الممكن أن تؤدي إلى تحرر وأخوة بين الشعوب بواسطة اقتصاديات الحرب الخاصة وذهنية السمسرة والكسب السريع وبالرأي العام الذي لا يشعر أبداً بالمسؤولية الاجتماعية، وقد كانت فترة 28 شباط التي تطورت كرد فعل على هذه المرحلة عبارة عن خطوة ترميمية ناقصة، ولم يتم تطبيقها بالكامل، وهي محاولة لاعادة الدولة التي خرجت عن مسارها المشروع، وعلى الصعيد الإيديولوجي تتحول الدولة إلى جمهورية للطرق الدينية، وتضيع الجمهورية بالكامل وتبتعد تماماً عن مبدأ العلمانية الذي كان يعاني من النقص أصلاً، وكذلك يتم الابتعاد عن الحقوق ويتوجه الاقتصاد نحو مرحلة مليئة بالأزمات التي تزداد عمقاً يوم بعد يوم.
كان 28 شباط رداً إيجابياً على الخطوات الإيجابية التي تطلع إليها حزب العمال الكردستاني، ولو تطور الحوار لتولدت الإمكانية لحدوث تطبيع أكبر، ولما أعطيت هذه المرة فرصة للعمليات الموجهة لخنق حزب العمال الكردستاني وقيادته، وفي الحقيقة كان يتم جر تركيا إلى نهج 1925، لقد كانت تجري تقييمات مبالغ بها عن الحركة الكردية لإظهارها على أنها تشكل تهديداً مثلما حدث في عام 1925 لأجل جعل العراق من حصة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، بعد أن يتم الحصول على كافة أشكال التنازلات من أنقرة، ومن ثم العمل على تدمير قيادة حزب العمال الكردستاني وجماهيره الوطنية، لكونه يمثل حركة التحرر الكردية التي لا تناسب مصالحهم، وليتم تصعيد وتطوير والتحضير للبؤر الكردية العميلة المتمثلة بالحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني على مسارات انقرا وواشنطن ولندن، لكي تنقذ نفسها من عبء حزب العمال الكردستاني.
حقاً لقد كانت المؤامرة شاملة وكان يشك بأنها تنفذ لمصلحة تركيا، علماً بأن حزب العمال الكردستاني كان قد أظهر تجاوبه في وقف إطلاق النار من طرف واحد، وكان يمكن إلقاء خطوة على طريق الحل الأخوي بواسطة التحول الديمقراطي عن طريق العراق ودون وضع تركيا في موقف صعب، ولكن هذا الموقف لم يكن يناسب الذين يعيشون في الداخل على موارد الحرب، وقد كانت إسرائيل تهاجم حزب العمال الكردستاني من أجل توثيق روابط تركيا بها، وكانت تركيا تنظر إلى حزب العمال الكردستاني من موقف عاطفي مبالغ وأعلنت عنه على أنه الخطر الأكبر، ووصلت إلى وضع الاستعداد لتقديم كل أنواع التنازلات، وقد عقدت الأوساط المعتمدة على السمسرة في الداخل والخارج الآمال على هذه السياسة، لدرجة بدأت فيها بعمليات تفريغ البنوك في ليلة واحدة وسلب الموارد الاقتصادية، ولم ترغب أية حكومة بسحب يدها من الحرب دون أن تأكل من غنائمه، وبات الجو مثالياً بالنسبة للدول الغربية الكبرى ولاقتصادياتها القوية التي تريد توثيق روابط تركيا بسياساتها، وقد أصبح حزب العمال الكردستاني الضحية بينما الشعب الكردي الوطني لا يمثل لديهم أية قيمة أمام المكاسب اللذيذة، إذ أنهم لا يعتبرونهم شعباً كي يعترفوا له بالحقوق، بل تم الإعلان عن الكرد بأنهم إرهابيين، وقدمت الدول الغربية كل الدعم لهذه المزاعم.
وراح العملاء التقليديون الكرد والنزعة القومية البدائية البرجوازية الذين تقهقروا أمام حزب العمال الكردستاني ينتظرون تدميره بفارغ الصبر، واستنفرت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وبتخطيط مركزي لندني على نطاق عالمي وفي نهاية القرن العشرين وضعوا كل قواهم الاقتصادية والاستخباراتية والدبلوماسية والعسكرية في خدمة المؤامرة التي تم إعدادها لعبد الله أوج آلان، لقد قرروا هذه المرة أن يقضوا على إرادة التحرر الكردية نهائياً من خلال شخص حزب العمال الكردستاني وأوج آلان، وكان من الممكن شرح الخطة بعمق أكبر، ولكن ظهر في المراحل الأخيرة أن طرفه الآخر كان يهدف إلى إدخال تركيا في أزمة عميقة، وإن عدم بروز موقف التمرد الأعمى المنتظر، بل على العكس من ذلك أن الدخول في موقف وفاق أخوي مرن وسلمي وديمقراطي، وقف عائقاً أمام إتمام نجاح المؤامرة الإمبريالية.
إن المؤامرة الشاملة التي تم تدبيرها وتنفيذها ضد حزب العمال الكردستاني وضد الشعب الكردي المحب لوطنه وضد عبد الله أوج آلان هي آخر وأكبر مؤامرة في القرن العشرين، فقد تم إعدادها على مستوى عالمي وكان من أهم أهدافها ترسيخ النظام في تركيا، ولا يمكن لحركة تتمسك بوعي أخوة الشعوب والوطنية وتجعل ذلك موقفاً أساسياً لها، أن تفتح المجال لاستخدامها كأداة لهذه الألاعيب أكثر من ذلك، بل على العكس تماماً إذ أن قيامها بما يقتضيه تحرر الشعوب والعلاقات الأخوية فيما بينها هو من ضرورات احترام جوهرها والالتزام بها، ولا يمكن لحزب العمال الكردستاني أن يحترم نفسه دون أن يتخلص من الاعترافات والتعذيب في السجون، ومن الدسائس بين صفوفه، ومن تشكيل العصابات.
ويعمل حزب العمال الكردستاني في هذه المرحلة الجديدة على تحقيق ما تقتضيه مسؤولياته فيما يتعلق بالديمقراطية والسلام ضمن مفهوم الدفاع التكتيكي المعتمد على نهج الدفاع المشروع من خلال موقف استراتيجي يعتمد على وحدة الدولة والبلد من أجل الابتعاد عن المسار الذي يخدم النزعة الانفصالية، ويواصل وبعمق هذه المرحلة التي بدأت مع بداية الألفية الثالثة ويساهم بجهوده من أجل عدم الانزلاق إلى تعصب قومي من الطراز الفلسطيني الإسرائيلي أو الروسي الشيشاني، وذلك عن طريق تقييم مرحلة السكون النسبي وعن طريق قيام الدولة بما يقع على عاتقها، ويجب على حزب العمال الكردستاني وعلى إرادة الشعب الكردي أن يقوما بما يقع على عاتقهما لأجل التحول إلى قوة للديمقراطية في تركيا وتحويلها إلى دولة الحقوق والعلمانية، وهذا الوضع الذي يبدو بسيطاً يشهد حقيقة الحل السلمي والأخوي للشعبين.
يؤمل من حزب العمال الكردستاني في أن يخطو خطوات واقعية وناضجة حول هذا الموضوع من خلال مؤتمره الثامن الذي تجري التحضيرات لأجله، وبذلك يكون حزب العمال الكردستاني قد برهن عن نفسه بالتحول وإعطاء الأجوبة للأسئلة التي تطرحها الظروف الواقعية وظروف واقعه، فالإمكانية متوفرة للدخول إلى مرحلة جديدة متسلحاً بأسلوب قوي، ويكون حزب العمال الكردستاني الذي يمثل التعبير التنظيمي والواعي للإرادة الحرة لشعب تركيا، قد دخل في مرحلة ما بعد الألفين بالتجديد على كل الأصعدة، وإن هذا التجديد لن يتحقق من تلقاء ذاته، بل عن طريق التحول الواعي والتنظيمي من قمة رأسه وحتى أخمص قدميه، ومن أجل هذا يجب عليه تجسيد هذا التجديد بالمسار التنظيمي والعلماني والإيديولوجي والنظري والبرامجي والاستراتيجي والتكتيكي، الذي يجد التعبير الكافي في الممارسة ويعتمد على التقييم النقدي الشامل للماضي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب يفتح بحثاً قضائياً للتحقيق في تعرض مواطنين للاحتجاز و


.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م




.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف


.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال




.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي