الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فحص شهادة تاسيتوس عن حركة المسيحيين والمسيح، والتحول مِن المسيحية الروحية للثورية

ابرام لويس حنا

2024 / 2 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


على مر السنوات جادل العلماء أن اجزاء من تقرير تاسيتس/ تاسيتوس عن المسيحييين وارتباطه بحريق روما هو إضافة من القرن الرابع و ما بعده ولم يكن من النص الاصلي لتاسيتس، وبالرغم إننا لا نستطيع ان نكون متأكدين الا ان الادلة تشير الى انه ربما العبارة التي تُشير للمسيح هي اضافة مسيحية متأخرة وذلك لأن تاسيتس فى الاصل لم يشير الى المسيح، فمَن كَان يُشير له ليس المسيح وذلك في قوله " أعدم خريستوس Christus ، مؤسس هذا الاسم، في فترة حكم طِيباريوس بأمر من نائب /وكيل الإمبراطور procurator بيلاطس البنطي وبعد إخمادها بفترة من الوقت، إندلعت الإشاعات الفتاكة مرة أخرى، ليس فقط في يهودا مصدر هذا المرض، بل و في العاصمة ذاتها، حيث تجتمع كافة الاشياء السيئة والمشينة من كل مكان وتجد رواجاً لها"auctor nominis eius Christus Tiberio imperitante per procuratorem Pontium Pilatum supplicio adfectus erat" ( تاسيتس ، الحوليات ، الكتاب 15 ، المقطع 44)، وتسمي تلك الشهادة بالاضافة لاضطهاد المسيحيين بشهادة تاسيتوس التاسيتوسية Testimonium Taciteum وهي :

"وجد نيرون المجرمين وألحق بهم أشد انواع التعذيب، اولئك الذين كرهوا لأعمالهم الخَسِيسة و الذين تدعوهم الناس بـ الكريستوسين Chrestianos، وقد اعدم مؤسس الاسم وهو المسيح/ خريستوس Christus في فترة حكم طيباريوس بأمر من نائب/ وكيل الإمبراطور بيلاطس البنطي، وبعدما تم إخماد الإشاعات الفتاكة بُرهة لكنها إندلعت مرة أخرى، وعادت الإشاعات المُدمرة للظهور مرة اخرى ليس فقط في يهودا مصدر هذا الشر بل و في روما ذاتها، حيث تجتمع كافة الاشياء السيئة والمشينة من كل مكان وتجد رواجاً لها، لهذا أعقتل المُعترفين أولاً و بناءاً على معلوماتهم أدين عدد كبير من الناس، ليس بسبب جريمة حرق المدينة بل من اجل بُغض الجنس البشري، ولهذا سُخر مِنهم بشتي الأشكال، فعند موتهم كانوا يغطون بجلود الحيوانات الميتة ويتركون للكلاب تمزقهم أو كانوا يصلبون وفي نهاية اليوم يحرقون كالمشاعل...لذلك نشأ شعور بالشفقة على عقاب المجرمين بمثل تلك العقوبات القاسية، فقد أحسوا الجميع أن هؤلاء الناس يعاقبون على هذا النحو ارضاء لوحشية رجل واحد وليس من اجل المصلحة العامة" ( تاسيتس ، الحوليات ، الكتاب 15 ، المقطع 44).

إن الجملة الهامة هنا هي "وقد اعدم مؤسس الاسم وهو خريستوس Christus في فترة حكم طيباريوس بأمر من نائب/ وكيل الإمبراطور بيلاطس البنطي" والتي تُعتبر أول اشارة واضحة من خارج العهد الجديد ترجع لعام 116 م تُشير لإعدام المسيح، لكن هل مِن المُمكن أن تكن إضافة متأخرة؟

أ) نعرف من سوتونيوس أنه في حكم كلاوديوس كانت توجد مجموعة من اليهود يثيرون القلاقل تحت قيادة (خريستوس chrestus/ chresto) كالتالي" منذ ان كان اليهود يثيرون القلاقل بصفة مستمرة بتحريض من خريستوس قام كلاوديوس بطردهم من روما" (سوتونيوس ، كلاوديوس ، المقطع 25 ، القطعة 4)، الذين ذكرهم تاسيتس – إحتمالاً- اثناء سرده لاعمال الشغف في الحوليات في السنين الاولى لحكم كلاوديوس إلا ان تلك السنين الاولى لحكمه مفقودة، ومِن ثَم فَمن المٌفترض أن تكن شهادة تاسيتس تتحدث أصلاً عن الثوار اليهود الذين تم قمعهم لاول مرة ايام حكم كلاوديوس الذين كانوا تحت قيادة كريستوس/ خريستوس ومِن ثَم تسموا بإسمه، هؤلاء الذين احتقروا لأعمالهم الخسيسة أصحاب الإشاعات الفتاكة والمُدمرة، وعلى هذا فإنه من المفترض أن شهادته الأصلية هي كالتالي:

"وجد نيرون المجرمين وألحق بهم أشد انواع التعذيب، أولئك الذين كرهوا لأعمالهم الخَسِيسة و الذين تدعوهم الناس بـالمسيحيين، وبعدما تم إخماد الإشاعات الفتاكة بُرهة لكنها إندلعت مرة أخرى، وعادت الإشاعات المُدمرة للظهور مرة اخرى ليس فقط في يهودا مصدر هذا الشر بل و في روما ذاتها، حيث تجتمع كافة الاشياء السيئة والمشينة من كل مكان وتجد رواجاً لها"

إلا إنه قد أضُيف عليها:

"وقد اعدم مؤسس هذا الاسم وهو المسيح في فترة حكم طيباريوس بأمر من نائب /وكيل الإمبراطور بيلاطس البنطي"

ب) تناقض وتخلل نَسب المَنسوب إليهم لمؤسسهم، فالمخطوط الأصلي لتاسيتس يذكر المسيحيين Chrestianos وبالتالي نسبة إلى Chrestus وعلى هذا وليس Christus، في حين إسم المؤسس بالمسيح (Christus)، فلو كان يذكر Chrestianos فهو على ذلك يوافق سوتونيوس، الذي يذكر بوجود مجموعة من اليهود كانوا يثيرون القلاقل تحت قيادة خريستوس chrestus) وبالتالي فَمن يتبعوا chrestus يُنسب إليهم ويصفوا بكونهم Chrestianos، كما الفكرة بوجود اضطهاد لــ "حشد كبير multitudo ingens" من المسيحيين بروما وبالرغم من كونه ليس امراً مستحيلاً لكنه مَشكوك فيه لحد كبير، لانه على النقيض من عدد المسيحيين فقد كان هناك يهوداً بروما ربما يقدر عددهم بعشرات الآلاف و لربما كان هناك ما يكفي من اتباع كريستوس اثناء حكم كلاوديوس – قبل حُكم نيرون ومِن بعده– لإحداث تحرك واسع على مستوي المدينة ضد الرومان و أن هؤلاء اليهود كانوا يُسموا نسبة للمسيح، ولم يخرجوا عن اليهودية، بل كانوا يُعتبروا طائفة يهودية (روحية ثورية)، ومِن ثَم فجزء مِنها ثوري كان يُمارس الُعنف ضد الرومان وهؤلاء الذين سجلهم سوتونيوس، وهم الذين يستحقوا اشد انواع العقاب، لكن ذاك العدد الضخم من اليهود يُمكن إعتبارهم ميسانيين ضد روما (مسيحيين)، ومن يتبع تلك الطائفة او ذاك الرأي (الروحي الثوري) مِن بين اليهود يُعد ضد روما، إلى أن توسعت الحركة ليقبل الفكر الروحي كذلك الأميين ليَصبحوا كأنما لو كانوا يهوداً لا يقبلون عادات الرومان وأفعالهم، وعلى هذا فإن مَن يَذكرهم تاسيتس هم بالفعل المسيحيين نَسبة إلى المسيح الملك اليهودي الذي ينتموا إليه وينظرون له ويتطبعون بصفاته آخذين إياه نموذج (حتى وإن كان لمَ يُصلب أو لم يوجد اصلاً) لكنه لا يَنفي من وجود مجموعة طبقت (اليهودية الروحية الثورية) ضد روما والظلام، لكنه ليس بالضرورة يذكر (المسيح وإعدامه) كما وُرد في الرواية الإنجلية، فَمُجرد ذكر إياها بنفس الوصف المسيحي يؤكد أن كاتب النص هو مسيحي مُثقف أدخلها على النص، فَمن غير المُرجح أن كاتب وثني لديه علم بالإنجيل (ولا يذكره) فلم يقع الإنجيل تحت يديه ليقراءه ويقتبس منه بدقة، لهذا فإن حَذف الشهادة للمسيح لا تؤثر على المقطع الأصلي لتاسيتس.

فمُعدل الإقحامات والإضافات التي قام بها ريتشارد كارير Richard Carrier بسردها مقالة بتتبع أقل معدل للإضافات والاقحامات المتاخرة المــسيحية في الكتابات الوثنية، مُبتدئًا من تجميع الشهادات من روبرت فان فورست Van Voorst، حيث إعتمد "فان فورست" على تسع شهادات فقط من الشهادات الغير مسيحية، وحسب تحليله، فإن إثنين فقط من تلك التسع شهادات ليس من غير الواضح ما اذا يذكرا يسوع بالفعل ام لا (سوتونيوس Suetonius، مارا بار سيرايبون Mara bar Serapion )، أما شهادة ثالوس Thallus لا تذكر يسوع مطلقاً، وبهذا يتبقى لنا ست شهادات، من بينها هناك شهــادتين بهما إضافات متاخرة (شهادة يوسيفوس في النسخة المطـولة له والنسخة القصيرة له)، على هذا يكون معدل الاقحامات /الاضافات المتاخرة على اقل تقدير هو اقحام واحد من كل ثلاثة شهادات اى 1 / 3.

وبالرغم من هذه النتيجة المذهلة إلا Carrier قام بافترض معدل أعلى بكثيراً لتجنب خطأ التحيز نتيجة صغر حجم العينة (قلة عدد الشهادات)، فأفترض Carrier وجود شهادة واحدة مضافة فقط من كل عشر شهادات، بل ولكي يكون أكثر دقة و أكثر حرصاً جعل المعدل أقل عشرين مرة بمعني ان المعدل أصبح من كل (200 مائتي) شهادة هناك على الاقل شهادة واحدة مضافة اى ان المعدل هو 1 / 200، و لا يُمكن ان يكون المعدل اقل من هذا ابداً.

ثم ربط Carrier هذا المعدل بالإقحامات المتأخرة المسيحية ولكن تلك المرة في الكتب المسيحية ذاتها، فهناك حوالي 8000 عدد في العهد الجديد، مِن بينهم هناك على الاقل 20 مثال معروف بكونه مُقحم أو إضافة متأخرة وهي أمثلة لا شك في اضافتها، وبالرغم إنه واقعياً فإن المُعدل أكثر بكثير ولكنه على هذا المعدل هو وجود شهادة واحدة مِن بين أربع مائة عدد، أي 1 / 400.

وبالطبع من المفترض ان يصبح معدل الاضافات والاقحامات في الكتب الغير المسيحية اعلى من هذا بكثير في المصادر الغير مسيـحية لانه كانت هناك حاجة لخلق شواهد على الإيمان في المؤلفات الغير مسيحية لكي يكون الإيمان أكثر إقناعاً، فعلى الاقل سيكون معدل الإقحامات ضعف الاقحامات في المصادر المسيحية ولهذا فإن اقتراح بوجود اضافات متاخرة و اقحامات في شهادة تاسيتوس هو امر في النطاق المُحتمل المُمكن حدوثه.

ج) ليس من الواضح لماذا اعتبر تاسيتس وعامة الشعب بأن المسيحيين هم " مجرمون يستحقون أقصى درجات العقاب لمجرد كونهم مستعبدين لخرافة كما يصفها بليني بكونها "خرافة فاسدة ومبتذلة" (بليني، الرسائل ، الكتاب 10، الرسالة 96) أو كما يصفها سوتونيوس بكونها "خرافات جديدة وخادعة" (حياة القياصرة: نيرون ، الكتاب 16 ، المقطع 2) والتي لم تكن في الواقع جريمة ناهيك عن استحقاقهم الاعدام! إلا لو كانوا ثوريين، فَمن المُحتمل أن المسيحية إنتقلت مِن (الروحية) إلي (الثورية) لتصبح (روحية ثورية)، فكما يذكر بليني بأنهم :

(يجتمعون على نحو منتظم قبيل الفجر في يوم مُحدد، ويغنون بالتناوب للمسيح كما لو كان إلهاً، وأتخذوا على أنفسهم قَسم وهو عدم ارتكاب اى عمل شرير و الابتعاد عن لاحتيال والنهب و الزنا و ألا يخلفوا عهداً او يحجبوا امانة حان موعد تسليمها، بعد هذا كان من عادتهم ان ينفصلوا، ثم يعيدوا التجمع للاشتراك في الطعام - الذي من النوع العادي والبسيط، الا انه حتى تلك العادة قد تركــوها بناءاً على منشوري الذي بناءاً على أوامرك فقد منعت التَجمعات السياسية الا اني قد رأيت انه من الضروري للغالية استخراج الحقيقة الفعلية، ولهذا قمت بتعذيب إمراتين عبـدتين يطلق عليهم شماسات ، إلا انني لم اجد أكثر من خرافات فاسدة خرافية) (بــليني ، الرسائل، الكتاب العاشر، الرسالة 96)

إلا إن طقوس مثل (المعمودية، الأفخارستيا، الدعوة بإسم الآب والإبن والروح) وعقيدة (الميلاد، ثم الصَلب ثم الموت والقيامة) تنقل الإنسان من إنسانه العتيق (في المعمودية) ففي المعمودية يغتسل جسده من الوساخات ويتطهر بالمياة ليشرق نوره مثل الشمس التي تَخرج من المياة لتشرق بنورها على الظلمة، وفي الأفخارستيا يتحد اليهود بالنور ويتجدد دمهم وجسدهم ليحل النور الإلهي عليهم، كما إن (مائدة الأفخارستيا) مشهورة قديماً بكونها (إجتماع وإتحاد) إتحاد (في الجسد والدم والروح) كأنه (إشارة) للإستعداد للإستشهاد في سبيل الملك اليهودي: المسيا واليهودية، والدعوة بإسم الآب والإبن والروح القدوس؛ من المعروف مَن هو الآب وهو الله يهوه، والإبن هو الملك، والروح القدوس هو النور الإلهي، فكأن اليهود وهم في شتاتهم وإضطهادهم مازلوا يعترفون (بيهوه والملك اليهودي والنور الإلهي)، كل هذا ولد فيهم روح الثورة ضد روما والظلمة، مما أثار بالفعل قلق كبير و عداء صريح للإمبراطورية الرومانية وأنه كان يُنظر اليها على كونها تهديد، وبحلول بدايات القرن الثاني كان المسيحيين معروفين جيداً ومكروهين بشكل عام، وكان يتم القبض على المسيحيين عند انتهاك القوانين العامة كانتهاك قانون منع التجمعات غير القانونية (كالأفخارستيا) ورفض مباركة تمثال الروح الحارسة للإمبراطور وهو قسم الولاء عند الرومان (بليني، الرسائل، الكتاب العاشر، الرسالة 96- 97، الرسالة 34)، وبالرغم مِن عَدم وجود انه لا يوجد هناك اى دليل موثوق فيه يذكر انهم عوقبوا على تلك الجرائم في القرن الاول الميلادي (انظر على سبيل المثال؛ سفر الاعمال الذي لا يصور لنا ابداً ان الرومان يحاكمون المسيحيين بل يصور لنا النقيض وهو رفض محاكمتهم، سفر الاعمال 18: 12- 17، 23: 26- 35، 26: 24 – 32) إلا أنه من الواضح أن اليهود كانوا (يقتلون فوراً أو يُعاقبون) إلا أصحاب الجنسية الرومانية كانوا يُرسلون إلى روما (مثل بولس)، كقول بليني :

(أقوم بإستجواب المتهميين ما اذا كانوا مسيحيين، فإن أقروا بإنهم مسيحيين، أعيد عليهم السؤال مرتين ولكن هذه المرة مضيفاً التهديد بعقوبة الإعدام، فإن أستمروا في اجابتهم بالايجاب، أمر بأخذهم للإعدام، مهما كانت طــبيعة عقــيدتهم، لأنــني أعتقد أن عنــادهم و صلابتهم لابد وأن تعاقب، أما المواطنون الرومان الذي يُفتنوا فأمرت بأرسالهم الى روما للمحاكمة) (بــليني ، الرسائل، الكتاب العاشر، الرسالة 96)

د) عادة يتم عرض شهادة سولبيسيوس سيفيروس Sulpicius Severus (القرن الخامس) كدليل على الشهادة التاسيتسية وذلك اعتماداَ على كتابه ( السجل Chronicle ، الكتاب الثاني، المقطع 29 -30) و الذى يستمد هذا المقطع من تاسيتس بكل تاكيد (ومن بينه فقرة الإضطهاد) لكنه و بشكل لافت للنظر لم يذكر السطر الخاص بالمسيح والمشكوك فيه، لهذا من المحتمل ان سولبيسيوس سيفيروس لم يكن يعتمد على مخطوطة بها الاضافات والاقحامات المسيحية، لكنه افترض بكل بساطة ان " Chrestianos"هم " Christianos" مثلما افترض أوروسيوس Orosius أن كريستوس الذي ذكره سوتونيوس هو المسيح:

هـ)لا يوجد اى دليل على ارتباط المسيحيين بحريق روما، فبالرغم إن حريق روما هو نفسه حادثة مثبته بالادلة الادبية والمادية (ديو كاسيوس، التاريخ الروماني، الفصل 62 ، المقطع 16- 18) والذي يذكر فيه الحريق لكنه لا يذكر اى عقاب و لوم بخلاف اللوم الذى ألقى على نيرون، كذلك (بليني الاكبر ،التاريخ الطبيعي ، الكتاب السابع والعشرين، الفصل الاول، المقطع 5) حيث يذكر ان نيرون حرق المدينة و انه هو الذي يُلام على هذا، وهناك ادلة اثرية و نقوش، لكن لا يوجد دليل على ارتباط المسيحيين به إلا فى اواخر القرن الرابع الميلادي، فأول ذكر يربط المسيحيين بالحريق نجده في رسائل سينيكا وبولس ( التي ترجع لأواخر القرن الرابع الميلادي) و التي تنص على : "لقد تم اعدام اليهود و المسيحيين على انهم مدبرين/ صـانعين النيران كالعادة Christiani et Iudaei quasi machinatores incendii - pro! - supplicio adfecti, quod fieri solet" فبالرغم إن ديو كاسيوس ولا بليني الأكبر يُذكرا أي عقاب للمسيحيين أو ارتباط المسيحين بحريق روما، لكن يُمكن ان نيرون قد عاقب المسيحيين بسبب وجود يقين بأن إله النور (إلهم) سوف يَزيل الظُلمة ويحرق الظلام، وكانوا يَرتبطون بإله النور حارق الشر كقول يوحنا المعمدان عن المسيح "الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ" (مت 3: 12)، خصوصًا أن المسيحية كانت ديانة (روحية ثورية يهودية) كما قُلنا إنتقلت من (الروحية إلى الثورية) لهذا المتطرفين مِنها لعلهم مارسوا التطهير بيديهم، آخذين نموذج (تطهير الشمس للظلمة، والنار للظمة) لذا فلا غِرابة إن قام أحدهم في إشعال النار في روما التي تُمثل الشر والزني وتشبيها ببابل كقوله " الْمِيَاهُ الَّتِي رَأَيْتَ حَيْثُ الزَّانِيَةُ جَالِسَةٌ، هِيَ شُعُوبٌ وَجُمُوعٌ وَأُمَمٌ وَأَلْسِنَةٌ، وَأَمَّا الْعَشَرَةُ الْقُرُونِ الَّتِي رَأَيْتَ عَلَى الْوَحْشِ فَهؤُلاَءِ سَيُبْغِضُونَ الزَّانِيَةَ، وَسَيَجْعَلُونَهَا خَرِبَةً وَعُرْيَانَةً، وَيَأْكُلُونَ لَحْمَهَا وَيُحْرِقُونَهَا بِالنَّار... وَالْمَرْأَةُ الَّتِي رَأَيْتَ هِيَ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي لَهَا مُلْكٌ عَلَى مُلُوكِ الأَرْضِ»." (رؤ 17: 15- 18)، بل ان حريق روما يُذكر انه عقاب من الله لاضطهاد نيرون للمسيحيين (رؤ 19 : 1- 4 ، 17: 12-14)، روما التي إحتلت بلادهم وقتلت أبناء اليهود وشتتهم وأعدموهم وقتلوهم ونكلوا بهم أفظع الفظائع، كل هذا جَعلهم يَشعلون النار فيها، ولهذا فإن الإشارة المذكورة في رسائل سينيكا وبولس العبارة بإنه كان (عادة يتم القاء اللوم على المسيحيين) تفترض وجود تاريخ طويل من الاضطهاد كإضطهاد اليهود والمسيحيين، وكذلك اعمال بولس الابوكريفي 11: 3 (وهو عمل يرجع الى اواخر القرن الثاني الميلادي) عندما هدد بولس نيرون بأن الله سيحرق هذا العالم بالنيران، فكانت ردة فعل نيرون حرق رفقاءه، بل لعل نيرون حرق المتطرفين مُعاقبًا معهم الروحيين مِن المسيحيين وبالتالي تهدئة الشعب الروماني، مُعرضاً الأبرياء منهم لأبشع أنواع التعذيب وإختراع أنواع جديدة من العذابات لشفاء الِصدور، لكن يتبقى أن المسيحيين لم يقوموا بأي عمل من أعمال الحريق كما يعترف تاسيتس إنه بعدما بحث الشعب المنكوب عن كبش فداء و وجــدوا ضالتهم فــي نيرون نفسه الــذي كان غائباً عن روما في أنتيوم Antium الساحلية (والتي مشهورة الآن بإسم أنسيو Anzio) عندما بدأت النيران والذي بـدوره القى اللوم فوراً علــى (فــئة من الـرجال، إلى أولئك الذين كُرهوا لأعمالهم المشينة، والتي كانت العامة تدعوهم بالمسيحيين) (تاسيتس، الحوليات، الكتاب 15 ، 44)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في