الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اهانة المواطن في بعض الدوائر الحكومية

وليد عبدالحسين جبر
محامي امام جميع المحاكم العراقية وكاتب في العديد من الصحف والمواقع ومؤلف لعدد من

(Waleed)

2024 / 2 / 23
المجتمع المدني


بعض الافلام السينمائية تتضمن رسائل واقعية تناسب في كثير من الاحيان كل زمان ومكان، ربما جميعنا شاهد فيلم زعيم السينما العربية عادل امام ( الارهاب ) الذي يحكي قصة موظف مصري بسيط راجع مديرية التربية عدة مرات كي يقوم بنقل ابنائه من مدرسة لأخرى ولما انهار نفسيا ؛ واضطر الى الشباك والعراك مع الموظف الذي منشغل عن عمله الوظيفي في عمل اخر ، ليفقد اعصابه ويأخذ بندقية حرس الوزارة ويرمي الاطلاقات النارية بشكل عشوائي مما يؤدي الى هروب اغلب موظفي المديرية واحتجازه مجموعة منهم ودخول الدولة والقوات الامنية في حالة انذار قصوى بسبب سيطرته على مبنى الدائرة الى اخر احداث الفيلم الذي متأكد ان اغلبكم شاهده مرارا ، غير ان الرسالة التي يمكن قراءتها من خلال سيناريو الفيلم هو اثار استخفاف اغلب موظفي الدوائر الحكومية بالمواطن عند مراجعة الدائرة والتمسك في شكلية الاجراءات الادارية بل واصطناع اجراءات لا اساس لها من القانون لأسباب واغراض اخرى !
مما يخلق حاجز نفسي وعدائي بين المواطن والموظف بل ويسمح بتسرب مافيات الفساد والسمسرة والمعقبين الى العمل الاداري الذي يفترض انه وُجد لخدمة المواطن لا لعذاباته !
فتعقيدات مديرية التربية المصرية خلقت من بطل فيلم الارهاب انسان ارهابي رغم انه بعيد كل البعد عن هكذا انحرافات ، ولا ادري ماذا خلقت تعقيدات دوائرنا في العراق لأُناس فاقدين ادنى مراتب الوطنية وحب البلد نتيجة عذابهم الاداري اليومي!
وينبغي الالتفات الى ما كتبه المهندس العراقي الراحل " رفعت الجادرجي " في مذكراته جدار بين ظلمتين عن مأساة المواطن العراقي في دوائره الحكومية حينما ذكر صراحة بأن " لا شك في أن الإنسان العراقي، مستلب الإرادة، و معرض للإهانة في مختلف مجالات معيشه بما في ذلك المدرسة والجامعة و مختلف دوائر الدولة، وكذلك في المصارف و الأسواق في الممارسات الحزبية، و في المستشفيات ودوائر الرعاية. و حتى إن أراد السفر أو الهجرة، فهو مهان في مختلف المراحل لتحصيل موافقة السفر وتحويل المبالغ المالية وتسهيل أمره في دوائر شرطة الحدود، و لا نبالغ كثيراً إن قلنا إن معظم أفراد المجتمع، كل من موقعه، يهين إرادة الفرد الآخر و يستلبها . لا ندري كم من أفراد المجتمع العراقي - من مثقف و عالم و فنان و جامعي و عسكري و رجل قضاء و لاهوت، تعرض لإهانات السلطة و ممارساتها اللا أخلاقية و اللاإنسانية. وكم منهم تعرض لمحن مشابهة لتلك التي تعرضنا لها، أو ما هو أشد منها. و لكن سؤالنا هو : كم من هؤلاء يمتلك الشجاعة المعنوية الكافية، و يكون صادقاً مع نفسه و يسجل ما تعرضت له عاطفته و وجدانه و إنسانيته من اهانة وعنف وارهاب او كم من هؤلاء آثر اخفاء ذلك وكتمانه "
لذا لا نستغرب ان يعاني المواطنين بل وحتى المحامين الذي كفل لهم الدستور والقوانين حقهم في تسهيل مراجعاتهم الادارية والاهتمام بطلباتهم ، ويوميا نستمع الى مشاكل المحامين ومعاناتهم بل وتعرضهم الى الاهانة والاعتداء كي يكونوا مصداقا للمقولة العراقية الدارجة " يصيحولك حمة وتريدلك حماي !!"
وسط تأكيدات من المراجع العليا لهذه الدوائر على احترام المواطنين والمحامين وعدم تعطيل طلباتهم ، ولكن اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي!
المشكلة متجذرة ولن تُحل بإعمام او تأكيد او مقال او نداء ، المسألة اكبر مما نتصور ، تحتاج تشخيص حقيقي وعلاج حقيقي ، يشترك فيه رجال السياسة والقانون وعلماء النفس والاجتماع ، تيقنوا انه مرض مزمن اصاب بلادنا منذ نصف قرن وتراكمت اوجاعه دون علاج!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: إزالة دمار الحرب في غزة يتطلب 14 سنة من العمل


.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة




.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل


.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د




.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج