الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلاد الشام مهد الأديرة والمكتبات - سوريا اولاً - 2

مريم نجمه

2024 / 2 / 23
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بلاد الشام مهد الأديرة والمكتبات - دير الشيروبيم - 2

..... " أما الحقبة الثانية فهي بناء الأبنية الضخمة فوق سطح الأرض , وتبدأ باستلام الإمبراطور البيزنطي قسطنطين الكبير الحكم في العام ( 313 م ),حيث سمح وبتأثير من والدته المسيحية القديسة هيلانة بحرية العبادة للمسيحيين معتنقاً هو نفسه هذه الديانة , فشعر المسيحيون نتيجة ذلك بالأمان , فتكاثر عددهم بعد ذلك وتكاثر بناء الأديرة والكنائس في كل مكان , وخاصة على طريق القدس المحاذية لجبال القلمون التي اعتاد الأباطرة سلوكها حاجّين إلى الأماكن المقدسة . ومن جملة هذه الأديرة البناء العلوي لدير الشيروبيم , بعد أن كان مغاور , يدل على ذلك الكتابة اليونانية والصلبان المنقوشة بصورة واضحة على بعض الأحجار وهندسة البناء , وهذه الحقبة تنتهي بابتداء الفتح الإسلامي لسورية في عام ( 623 م) .
وهذا يعني أن هذا الدير , المبني فوق سطح الأرض , قد شيّد بين القرن الرابع والقرن السابع ميلادي والأرجح أن يكون في عهد الإمبراطور يوستينيانوس ( 527 - 565 م ) الأكثر ورعاً والأكثر شغفاً ببناء الأديرة والكنائس بين جميع الأباطرة الذين حكموا خلال هذه الحقبة .
وقد ذكر الدير شهاب الدين العمري في كتابه مسالك الأبصار في جملة ديارات الشام حيث قال : ( هو دير مار شريف يقصد للتنزه من بناء الروم بالحجر الجليل الأبيض , وهو دير كبيروفي ظاهرة عين ماء سارحة وفيه كوى وطاقات تشرف على غوطة دمشق ) .
وذكره أيضاً الرحالة الغربي بوكوك قائلاً : ( أنه حين صعد إليه عام 1727 م, كان مأهولاً , وفيه راهب واحد , وكنيسة عامرة لم تتعطل بعد ) .

كما أن محمد كرد علي في كتابه التاريخي خطط الشام ذكره مع حديثه عن صيدنايا حيث قال : ( دير صيدنايا : يؤخذ مما قاله صاحب مسالك الأبصار إنهما إثنان أحدهما يقصده النصارى بالزيارة وهو في دمنة القرية والآخر على بعد منها مشرف على الجبل شماليها بشرق وهو دير مار شربين ويقصد للتنزه من بناء الروم بالحجر الجليل الأبيض وهو دير كبير وفي ظاهره عين ماء سارحة وفيها ما يطلّ على بواطن ما وراء ثنية العقاب ويمتد النظر عبر طاقاته الشمالية إلى ما أخذ شمالاً عن بعلبك . وأما الذي في القرية فمن بناء الروم بالحجر الأبيض أيضاً ويعرف بدير السيدة وله بستان وبه ماء جارفي بركة عملت به وعليه أوقاف كثيرة وله مغلات واسعة وتأتيه نذور وافرة وطوائف النصارى من الفرنج تقصد هذا الدير وتأتيه للزيارة . وكنت أراهم يسألون السلطان في أن يمكنهم من زيارته وإذا كتب لهم زيارة قممه ولم يكتب معها صيدنايا يعاودون السؤال في كتابتها لهم , ولهم فيها معتقد وقال جاءت مرة كتب ريد فرنس ( ملك فرنسا ) وكتب الأذفونش ( ملك أسبانيا ) على أيدي رسلهم ومما سألوا فيها تمكين رسلهم من التوجه إلى صيدنايا للتبرك بها فأجاب السلطان سؤالهم وحمل الرسل على خيل البريد إليها . . وهذا الدير لم يزل عامراً إلى اليوم يزوره الناس من الأقاليم المجاورة وغيرها ) .
أتت عوادي الدهروعوامل الزمن على هذا الدير فخرّب ومات ذكره وبقي معروفاً في تسمية شعبية بدير شربين أو شربيم .
واليوم بعد إهمال طويل , عاد وبعث حياً بجهود قدس الأم كاترين أبي حيدر رئيسة دير سيدة صيدنايا البطريركي الشريف الجزيلة البرّ . فسوي وعمّر ولملمت حجارته المبعثرة في المكان وأعيد فتح وتنظيف مغاوره المنسية والمطمورة تحت الأرض وزرعت مساحة كبيرة من أرضه بما يزيد عن خمسة آلاف نصبة من مختلف أنواع الفاكهة والأشجار المثمرة والصنوبر والأرز والسرو وغيرها من أكبر مشروع تشجيري لجبل أجرد أقيم في المنطقة ونبشت المياه على عمق ( 300 ) متر لري هذا البستان الواسع الجميل وشقت الطريق إليه وعبدت فأحييت بذلك منطقة واسعة مهملة وميتة وتشجع أصحاب الأراضي الواقعة على جانبي الطريق فاستصلحوا أراضيهم بعد بوار طويل ونقبوها وزرعوها وحفروا الآبار الإرتوازية , وأخذت ( الفيلات ) تظهر هنا وهناك فاتحة عهدا جديداً لهذه المنطقة بجعلها منتجعاً سياحياً واثرياً كبيراً .
ويؤم هذا المقام المقدس مئات المؤمنين مرتين في كل عام , مرة لأجل الإحتفال بذكرى تدشينه في الحادي عشر من أيلول , ومرة أخرى لأجل الإحتفال بعيد مار ميخائيل رئيس الملائكة في الثامن من تشرين الثاني للتبرك والصلاة .
كما قده السواح أيضا على مدار السنة من كافة أقطار المعمورة , وذلك لموقعه الفريد من إطلالة على مدى بعيد وأشراف على مناظر خلابة تتوق لإليها أعين الناظرين , ولما له من قيمة أثرية هامة التي إن كانت تدل على شيء فعلى جبروت وعظمة الإنسان العربي السوري القديم .
وقد أعارت وسائل الإعلام المحلية والعالمية هذا الصرح الاثري والسياحي الكثير من الإهتمام , وكان أن تحدثت عنه الإذاعة البريطانية والسويسرية , وذكر في أكبر الصحف الأميركية والألمانية . والمحلية ."

1990 -
--------------------------------
المصدر : كتيّب دير الشيروبيم - دير سيدة صيدنايا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سباق بين مفاوضات الهدنة ومعركة رفح| #غرفة_الأخبار


.. حرب غزة.. مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحماس| #غرفة_الأخبار




.. قراءة عسكرية.. معارك ضارية في شمال القطاع ووسطه


.. جماعة أنصار الله تبث مشاهد توثق لحظة استهداف طائرة مسيرة للس




.. أمريكا.. الشرطة تنزع حجاب فتاة مناصرة لفلسطين بعد اعتقالها