الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإمام الذهبي: ينبغي إخفاء الحقيقة وإعدامها

إلياس شتواني

2024 / 2 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يمكن إختزال الكاهن الإسلامي في ثلاث كلمات: شغيل لدى الدولة.

يقول الإمام ابن كثير:
فصل: قد تقدم أن إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد لما امتحن الجماعة في القول بخلق القرآن، ونفى التشبيه، فأجابوا كلهم إلى نفي المماثلة، وأما القول بخلق القرآن فامتنعوا من ذلك وقالوا كلهم: القرآن كلام الله. قال الإمام أحمد: ولا أزيد على هذا حرفا أبدا وقرأ في نفي المماثلة قوله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [ الشورى : 11 ] فقالوا: ما أردت بقولك السميع البصير؟ فقال: أردت منها ما أراده الله منها، وكان من الحاضرين من أجاب إلى القول بخلق القرآن مصانعة مكرها؛ لأنهم كانوا يعزلون من لا يجيب عن وظائفه، وإن كان له رزق على بيت المال قطع، وإن كان مفتيا منع من الإفتاء، وإن كان شيخ حديث ردع عن الإسماع والأداء، ووقعت فتنة صماء ومحنة شنعاء وداهية دهياء، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم العزيز الحكيم. البداية والنهاية - الجزء 14 - سنة ثمان عشرة ومائتين - الصفحة 211

يخبرنا إبن كثير في كتابه الموسوعي "البداية والنهاية" عن كتاب المأمون إلى نائبه ببغداد إسحاق بن إبراهيم بن مصعب، والذي يأمره فيه أن يمتحن القضاة والمحدثين بالقول بخلق القرآن. كان من بين أهم الشخصيات التي لم ترضخ لأوامر الخليفة العباسي (المنقلب) المأمون (قاتل أخيه الخليفة الأمين!) بالقول بخلق القرآن، الإمام أحمد بن حنبل. لكن على النقيض من ذلك، يذكر لنا التاريخ المدون جملة من الشخصيات التي وافقت مكرهة على ذلك. من أهمها نذكر: محمد بن سعد كاتب الواقدي، أبو مسلم مستملي يزيد بن هارون، يحيى بن معين، أبو خيثمة زهير بن حرب، إسماعيل بن داود، إسماعيل بن أبي مسعود، وأحمد بن إبراهيم الدورقي.

وافقت هذه الشخصيات على القول بخلق القرآن مكرهة لأنهم، كما يخبرنا ابن كثير، كانوا عبارة عن أجراء ومرتزقة بيد ماكينة الدولة الاسلامية، فكان الحاكم يعزل من لا يجيب عن وظائفه، وإن كان له رزق على بيت المال قطع، وإن كان مفتيا منع من الإفتاء، وإن كان شيخ حديث ردع عن الإسماع والأداء، وغير ذلك من أساليب التهديد والابتزاز.

يقول الإمام الذهبي:
"قلت: كلام الاقران إذا تبرهن لنا أنه بهوى وعصبية، لا يلتفت إليه، بل يطوى ولا يروى، كما تقرر عن الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين، وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والاجزاء، ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف، وبعضه كذب، وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا، فينبغي طيه وإخفاؤه، بل إعدامه لتصفو القلوب، وتتوفر على حب الصحابة، والترضي عنهم، وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء، وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى، بشرط أن يستغفر لهم، كما علمنا الله تعالى." سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج 10 - الصفحة 92

يخبرنا الذهبي بأريحية تامة أن الحقيقة هي حكر على آحاد العلماء. بل يجب على العالم، روح الأمة ومنارتها، أن يكتم ويخفي، بل ويعدم الحقائق المتعلقة عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتلهم بعضهم لبعض (راجع حربي الجمل وصفين). لقد قام المسلمون بالفعل بطي الحقائق وشطبها، وذلك من أجل غايات سياسية ومذهبية لا يسعنا ذكرها هنا. المهم من هذا كله أن الكاهن الاسلامي، بنسخته السنية الغالبة، يفتقر فعلا لأبسط أسس المهنية والأمانة العلمية. كيف لا والكاهن الاسلامي لا يزال أسير الحاكم؛ أسير الماضي؛ أسير قدسية العدول والثقاة؛ أسير "قال" و"حدثنا" و"أخبرنا"..

كلنا أمل!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي