الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما نزرع الشَّوْكُ

حسين علي محمود

2024 / 2 / 24
المجتمع المدني


التطرف هو رفض أي من المعتقدات الثقافية، أو الدينية، أو الفكرية التي تخالف أفكار ومنهج الشخص المتطرف في مختلف قضايا المجتمع، حيث يخالف الفرد المتطرف القيم والسلوكيات والايدولوجيات المتعارف عليها بين أفراد المجتمع مصاحبا ذلك بخطاب الكراهية والكلام المسيء الذي يستهدف افراد المجتمع على أساس العرق او الدين أو النوع الاجتماعي حيث يؤدي ذلك الى تهديد السلم المجتمعي وزعزعة استقراره واحيانا ويعبر الفرد المتطرف عن أفكاره بطريقة عدائية، قد تصل إلى استخدام العنف، للدفاع عن أفكاره الصفيقة البعيدة كل البعد عن الوسطية والاعتدال

ان اي مجتمع عندما يضج بالتطرف ويقيده خطاب الكراهية فهو مجتمع متهالك متهاوي نحو الحضيض حيث ان التطرف وخطاب الكراهية امستا من الظواهر الخبيثة اجتماعيا وسياسيا في بعض دول العالم اليوم ولابد من القول ان ظاهرة التطرف تستند جذورها الى التركيبة الهيكلية لفكر الفرد والايدولوجيات المتبعة في النظم المجتمعية حيث ان التطرف والكراهية مرتبطان ارتباط وثيق بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية وحتى السياسية التي اذا ما عصفت في اي مجتمع فسيكون لهما تبعات سلبية على حياة افراده من جميع النواحي
الاواصر الاجتماعية والمنظومة السلمية دائما ما تكونان الضحية الاولى للتطرف والكراهية فالاواصر الاجتماعية تعتبر العدو اللدود للمتطرفين حيث دائما ما يجهزون عليها بشتى الطرق والانتقاص والتنكيل من الاشخاص المؤثرين اجتماعيا ودعاة التماسك الاجتماعي السلمي، إذ تعتبر هذه الافعال طريقة عدائية هوجاء فيما يعد خطاب الكراهية خطاب متعصب مهين واحتقاري لأفراد المجتمع الواحد وفجوة خطيرة في منظومة السلم المجتمعي وزعزعة كيانه كما يمكن التعبير عن الكراهية بأي وسيلة، بما في ذلك الصور والرسوم المتحركة والإيماءات والرموز ويمكن نشرها عبر الإنترنت أو خارجه، فما ان يستسلم المجتمع بكل كيانه لمزاعم الافكار المتطرفة ورائحة الكراهية المقززة عندئذ سيصاب المجتمع بحالة من الجمود الحياتي والانغلاق الفكري وعدم قبول الرأي الآخر مما يؤدي الى تعطيل القدرات الذهنية عن الإبداع والابتكار وصراعات وحروب عنيفة مدمرة للبنية المجتمعية، فلا بد من التوضيح حول مفهوم الكراهية والتطرف لناس حتى لا يقعوا في شباك الجهات المتطرفة بأفكارها وسلوكياتها التي تعانق التطرف الفكري الضال وتطارح الكراهية الغرام لتخلق بيئة مهزوزة داخليا ومشحونة بصبغة تعصبية يكون هلاكها بأقرب فرصة وتحت اي ضغط خارجي وهناك الكثير من الأمور التي يجب الانتباه لها ومن ضمنها:

الفهم الخاطئ للنصوص الدينية وتفصيل الاحكام الفقهية حسب المصالح والنزواة الشخصية واقصاء دور المؤسسات الدينية المعتدلة فكريا واجتماعيا، الغياب التام لدور الاسرة الرقابي في متابعة ابنائها في المدرسة او على وسائل التواصل الاجتماعي وتلقينهم الافكار السليمة وحثهم على التحلي بالصفات الحميدة التي تنعكس ايجابيا على المجتمع، تفشي ظاهرة البطالة فتؤدي الى فروع سلبية تنخر بنيان المجتمع وتهدم أركانه مما يؤدي الى زيادة التطرف الاجتماعي والكراهية وتحدث حالات الطلاق والسرقات وتجارة المخدرات مع تعاطيها، انتشار ظاهرة الامية بالعزوف عن التعليم لاسباب اقتصادية واجتماعية وتشريع قرارات ركيكة بعيدة المنهج العلمي والفكر القويم من شأن ذلك يؤدي الى الانغلاق العقلي والجمود الفكري الثقافي كل ما ذكرناه انفا يؤدي الى تضخم ظاهرة التطرف في المجتمعات والانحلال الاخلاقي بين الافراد، إذاً السلوكيات الانسانية المشينة تدل على تنشئة اجتماعية وسياسية ودينية غير سليمة

يقول نيلسون مانديلا "لا يوجد إنسان ولد يكره إنسانا آخر بسبب لون بشرته أو أصله أو دينه .. الناس تعلمت الكراهية وإذا كان بالإمكان تعليمهم الكراهية إذاً بإمكاننا تعليمهم الحب .. خاصة أن الحب أقرب لقلب الإنسان من الكراهية"
وبحسب "دليل تجنّب التمييز والكراهية في وسائل الإعلام" الصادر عن معهد الجزيرة للإعلام، فقد ظهر مصطلح "خطاب الكراهية" للمرة الأولى في الولايات المتحدة الأميركية عـام 1989، ليشمل المشـكلات المرتبطة بالخطاب العنصري المؤذي الـذي كان محصناً تحـت بنــد حمايــة حريــة التعبيــر.

يقول مارتن لوثر كينغ "الكراهية مثل السرطان غير المكتشف، تأكل شخصية من تصيبه" وفعلا ان من اعتد بالنفس الطائفي وارتدى رداء الكراهية فلقد أبتلي بسرطان الخذلان والفشل ونال عقابه دنيويا قبل الآخرة
ولا ننسى وسائل التواصل الاجتماعي التي كان لها الدور الكبير في الترويج للتطرف والكراهية بين الافراد ونبذ الآخر عن طريق الذباب الإلكتروني(الجيوش الإلكترونية) التي نسجت خيوط التطرف في كل زوايا المجتمع وحاولت مرارا ان تتملك القلوب عبر دس السم بالعسل واللعب على الوتر الديني والتاريخي واشاعت روح الكراهية الخبيثة في محاولات لانهيار سلم القيم والمبادئ لكن في المقابل كانت هناك اصوات افشلت هذه المخطات الدنيئة وظهر دور فعال للمؤسسات الدينية المعتدلة فكريا ومؤسسات اجتماعية وثقافية دحضت كل مشاريع التطرف وخطاب الكراهية
ومما يعزز ما ذكرناه اعلاه قول أنطونيو غوتيريش رئيس الامم المتحدة "انه يجب تصدي للكراهية التي تنتشر في الإنترنت انتشار النار في الهشيم. "

بحسب التقرير الصادر من الامم المتحدة عن خطاب الكراهية ..
عدت الأقليات القومية أو العرقية أو الدينية أو اللغوية أهدافًا متكررة لخطاب الكراهية، بما في ذلك عبر الإنترنت. وفقًا للتقرير المواضيعي للمقرر الخاص المعني بقضايا الأقليات، فإن 70 في المائة أو أكثر من المستهدفين بجرائم الكراهية أو خطاب الكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي هم من الأقليات، بالإضافة إلى كونهم الهدف الرئيسي لخطاب الكراهية، يقول التقرير إن أفراد مجموعات الأقليات هم أيضًا أكثر عرضة للتأثر بالقيود و/أو الإزالة بواسطة أنظمة تعديل محتوى الوسائط الاجتماعية.

تقول الناشطة المجتمعية(ر. س. م)
"ان التطرف وخطاب الكراهية في المجتمع يتولد من عدة انواع حسب ظروف كل مجتمع ومن ضمنها:
خطاب ابن المدينة الى ابن الريف، خطاب ابن شيخ القبيلة الى ابناء عمومته من القبيلة، خطاب الكراهية المجتمعي من ابناء من يشغلون الوظائف المرموقة الى ابناء الأشخاص العاديين، كذلك خطاب الكراهية للأشخاص الذين تُنشر مشاكلهم الاجتماعية في الانترنت من قبل الأفراد الآخرين ک(مطلق/مطلقة، أرمل/أرملة، متزوج/متزوجة) بالإضافة الى خطاب الكراهية الذي يتولد من حالات تزويج القاصرات حيث هذه الحالة تعد تطرف اجتماعي بأمتياز"

تضيف الناشطة المدنية "بأن الشعب العراقي منذ فجر التاريخ، هناك ارتباط دم مشترك وحضارة عريقة بالإضافة إلى عادات وتقاليد مشتركة تجمعهم، لكن بعد عام(2003) تم الترويج لمصطلحات( المكون، الاقلية، الاثنية الدينية)
وللأسف هذه المصطلحات الدخيلة حاولت إحداث شرخ كبير بين ابناء الشعب العراقي الواحد ومن المؤسف ذلك بسبب ضعف التربية المجتمعية للبعض وعدم تضمين مناهج حكومية تربوية لمصطلح المواطنة العراقية"

حيث تقول أيضا "الجميع تضرر من التطرف ورائحة الكراهية المقززة بشكل متفاوت وهذا أثر على الحياة الاجتماعية والثقافية في فترة من الفترات ما بعد(2014) نكبة داعش، لكن قوة وتضامن أبناء جميع الشعب العراقي والاواصر التاريخية والعرقية التي تجمعهم تحت مظلة العراق وخصوصا المجتمع النينوائي خفف من حدة خطابات الكراهية وقلل الفجوة التي تركت أثرها التنظيمات المتطرفة" .

ان الدور الرئيسي يقع على عاتق المؤسسات الثقافية والتعليمية والدينية المعتدلة بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني في نشر ثقافة التسامح والسلام والمساواة بين الناس وكذلك ثقافة تقبل الرأي الآخر الذي يندرج ضمن اشاعة حرية التعبير وحقوق الانسان ولا ننسى تفعيل دور الشباب الذين يعدون اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، فهم ركيزة أساسية لترويج ثقافة التسامح والمحبة بين أقرانهم، حيث لديهم القدرة والموهبة في التواصل النشط مع المكونات والطوائف، فهذا منظور ايجابي وسليم في سياسات مكافحة خطاب الكراهية والتطرف
تفعيل الخطاب المضاد يعد قاعدة مهمة في مكافحة الكراهية والتطرف حيث يكون عن طريق حملات اعلامية تثقيفية تتصدرها مؤسسات المجتمع المدني والفرق التطوعية وأصر على ما ذكرته انفا دور الشباب مهم للغاية في مكافحة التطرف وخطاب الكراهية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: إزالة دمار الحرب في غزة يتطلب 14 سنة من العمل


.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة




.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل


.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د




.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج