الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكرد والإنسلاخ عن الإسلام

هشام محمد علي

2006 / 11 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قد يكون سبب التوجه العام الكردي نحو انتمائهم القومي لايختلف كثيراً عن السبب الذي دعى الأخرين بالتوجه نحو قوميتهم، سوى بخصوص مايتعلق بالقومية العربية التي طالما ربط البعض من العرب الذين لازالوا يطرحون افكارهم كحل لكل بلاء، كما الحال في العراق، بينها وبين الإسلام.
هنالك العديد من الأراء وهي السائدة سياسياً تقول بتفضيل غير التوجهات الإسلامية التي تنتشر بين اوساط كردستانية عديدة بسبب ان هذه التوجهات كانت إحدى اهم اسباب عدم امتلاكهم لدولتهم المستقلة لحد الأن، إذ يعتقدون، ان امتناع الكرد بالقيام عن اي عمل بسبب انتمائهم الديني كان يعود بالمنفعة إلى العرب والعكس صحيح، فقيامهم بأي عمل لأجل او بأسم الإسلام يذهب للعرب، وهم غالباً مايتخذون من صلاح الدين الأيوبي نموذجاً للكردي الذي عمِل لأجل الإسلام فسجلت اعماله كنقاط لصالح التاريخ العربي والشواهد والمصادر كثيرة.
دائماً كان العرب يكررون عن ان عبادة الأكراد "عادة وليست عبادة"، يبدو ان جزءً من هذا الكلام اثبت صحته عندما بداء الجزء الأكبر من الكرد التخلف عن المناداة بأنتمائه الديني على حساب الأنتماء إلى مرحلةِ عادةٍ جديدة وهي الصحوة القومية، التي مازال البعض من العرب يتخبطون بها منذ ان تخلصوا من الإستعمار الأجنبي ولحد الساعة، رغم إدراك العديد من نخبهم الثقافية والسياسية من أنها باتت شبه محنطة.
المواطن الأعتيادي تهمه الأُطر، ولا علاقة له بالجزئيات والحيثيات، فقد شاع جواب الكردي "فلسطين عربية، اني كردي ماعلية" حينما يُسأل عن القضية الفلسطينية ، فهو يعتقد ان لادخل له طالما هم ينادون بأنها عربية ، وهم لم يلاقوا سوى النكران من العرب (الحديث نسبي) مستشهدين بصمتهم إزاء موت الالأف، بل ونكران وجودهم كما في سوريا.
هنا اود ان اسرد لكم قصة اعتراف صديق عزيز لي وهو تدريسي في إحدى الجامعات العراقية، دكتوراة علم إجتماع، بعد نقاش قصير حول انتماء صلاح الدين القومي، ومن يقول بكرديته او عروبته اجابني "وليكن صلاح الدين كردياً ولكن هل تنكر انه قال، انا خادم العرب".
اسردت هذه المقدمة لأوضح ان لتوجه الكردي نحو قوميته، او نحو ثقافةٍ طالما كانت غريبة عنه او نحو اي توجهٍ اخر، يتحمل العرب الجزء الأكبر من السبب فيه.
كثيراً ماذكرت وسائل الإعلام وذكره الناس، ان الكرد بداءوا يتحولون إلى المسيحية وان المنظمات التبشيرية تغريهم بالمال والوعود والهجرة إلى حيث الرفاه، وبعد تقصيٍ الأمر، اتضح لي وجود أناس قد تحولوا إلى المسيحية الإنجيلية المنتشرة في الغرب والتي يرفضها الغالبية من الكرد بل وحتى المسيحيين العراقيين انفسهم يرفضونها، كونهم من مسيحي المشرق، دون اي مقابل سوى الأنتماء.
هذه الجماعات تعمل على المسلمين اكثر من عملها على المسيحين، (ربما صعبوبة تقبل المسيحين اكبر منه عند بعض المسلمين) والمسلم الذي ينتمي إليهم يلاقي النبذ والمقاطعة من اهله واقرانه ويعامل معاملة الخارج عن الجماعة، وهذا الأمر بالنسبة لمعظم الحالات الموجودة، فهي تصل مرحلة عدم رد السلام عليهم في مناطق معينة.
نُشِرَ مقال في الموقع الألكتروني الخاص بـمعهد صحافة الحرب والسلام (IWPR) (تقرير الازمة العراقية المرقم 130 في 28-6-2005) جاء فيه ((كثر التحول الديني على الطراز الغربي للمسيحية بعد سقوط نظام صدام حسين، بينما المسيحيون مثل الاشوريين والكلدانيين لا يبحثون عن اعضاء جدد من خلفية اسلامية. قال ماجد رشيد محمد، عضو لجنة الكنيسة الكردية المسيحية، ان كنيسته كسبت 200 عضو جديد في الاشهر القليلة الماضية حيث اصبح عددها الان اكثر من 700 عضو)) وتسمى هذه الكنائيس (كةنيسةي كورد زمان/كنسية اللغة الكردية) إذ تجري الطقوس والشعائر الدينية فيها باللغة الكردية.
كي تكتمل الصورة رأيت ان الواجب المهني يفرض علي ان احصل على رأيٍ رسمي عما يجري من تحولات في الدين، فحصلت ونقلاً عن صحيفة الواشنطن تايمز24/05/2006 20:43 (توقيت غرينتش) عن نيجرفان بارزاني رئيس وزراء حكومة اقليم كردستان قال إنه يفضل أن يرى "مسلما يتحول إلى المسيحية بدلاً من ان يصبح مسلماً متطرفاً"
الأنتماء إلى الدين (بغض النظر عن اي دين) بداء يضعف في كردستان/العراق تحديداً بين الشباب، ولا اريد التطرق إلى توجهات البعض نحو المدنية وفصل كل مظاهر الدين من الحياة اليومية، إذ ان هذا الموضوع وحده بحاجة سطور وسطور.
قد يسأل احدهم إن لم يكن المال والإغراءت سبباً لأنتماء هولاء الشباب لهم فماذا هو السبب؟ واقول، قد يكون السبب هو ان هذا المعتقد الجديد لا يشبه الأديان التقليدية من ناحية الواجبات، وهو اقرب إلى حياة مدنية معاصرة، لكن قوانينها مستمدة من "الله"، وقد يكون السبب هو الجزع او الإحباط والفشل، وقد يكون البحثُ عن انتماء، وقد يكون فقط بسبب رفض فكرة الإسلام والحاجة إلى بديل، ولكنها بكل الأحوال ليست لأجل تفسير الظواهر االطبيعية التي لايستطيع العقل تفسيرها.
أتوقع تحول اكبر للشباب بغض النظر عن انتمائهم الحالي في التوجه نحو غير ما يؤمنون به، سواء كان التوجه ليبرالياً او يسارياً او نحو مجموعات دينية ذات طابع مدني، وهذا الأمر سيحدث في كل جغرافية تتوفر فيها فرص حرية التعبير والمعتقد، وتحديداً في مناطق الحكام العرب الذين طالما كمموا افوه شعوبهم لسنين، حتى باتت فكرة الخلاص منهم هي الأولى في سلم اولويات مواطنيهم، وليكن الثمن مايكون!
ليس التقصي والبحث عن الحقيقة لأجل الهِداية، سبباً لتحول من تحول وسيتحول من الكرد عن الإسلام، بل هنالك اسباب كثيرة تقف على رأسهم موقف المسلمين وتحديداً العرب منهم بحكامهم وشعوبهم، من القضية الكردية وشعب كردستان واتهاماتهم المستمرة لهم بخيانة الأمة والعمالة للغرب الذي دعا بحقوق الكرد بعد ان توافقت مصالحه وحل القضية الكردية بعد ان طال انتظار الكرد لألتفاتات عربية أو إسلامية دون جدوى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكوين- بمواجهة اتهام -الإلحاد والفوضى- في مصر.. فما هو مركز


.. الباحثة في الحضارة الإسلامية سعاد التميمي: بعض النصوص الفقهي




.. الرجال هم من صنع الحروب


.. مختلف عليه| النسويّة الإسلامية والمسيحية




.. كلمة أخيرة - أسامة الجندي وكيل وزارة الأوقاف: نعيش عصرا ذهبي