الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نكشة مخ (5)

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

2024 / 2 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


صديقات وأصدقاء يتذمرون من المبالغة في نشر الأدعية المكرورة، في وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص. ولنا في الأمر قول، يتأسس على القراءة المادية التاريخية للظاهرة. أول ما نرى ضرورة ايراده في السياق، ندرة ظاهرة الأدعية بالشكل الذي نعرفه، في المجتمعات القوية المتقدمة بالعلم والتكنولوجيا. هذا يعني أن الأدعية ظاهرة تعكس واقعاً معيناً بأبعاده الإقتصادية والسياسية والاجتماعية والنفسية، في مرحلة ما. في ثقافتنا العربية، الأدعية ظاهرة متوارثة عبر القرون، حيث وجدت حتى اليوم من تفننوا ويتفننون في زخرفتها وإضافة الغريب إليها، لتبدو كما لو أنها صناعة قائمة بذاتها. ويُفترض وفق بنية العقلية الموقنة بأهميتها، بل وضرورتها، أن تقضي الحاجات وتُحقق المُراد إذا قيلت بالكيفية والكمية المطلوبتين. ومن الأدعية المتداولة كثيراً، طلب الصلاة على النبي 500 أو ألف مرة، أو ترديد دعاء بعينه يوم الجمعة مئة مرة، على سبيل المثال لا الحصر.
يُلاحظ تركيز الأدعية، في هذه الآونة، على طلبات تفريج الغم وتبديد الهم، وتوسيع الرزق، وإزالة الكرب، والشفاء من المرض. هنا، نحن أمام مرآة تعكس صورة واقع مجتمعنا بأبعاده الاقتصادية الاجتماعية، أولاً، والسياسية والنفسية، ثانياً. ما نريد الخلوص إليه، هو أن الأدعية في أهم دلالاتها وأخطرها، إنما هي أحد أوجه هروب الانسان من واقعه يستعين بها، لعجزه عن المبادرة إلى تغيير واقعه إلى الأفضل. ونضيف: الأدعية مرآة تعكس أعماق المجتمع، وعلى وجه الدقة، شعور أفراده بالإنسحاق والضياع وبحثهم عن معجزة الخلاص.
وللأدعية روافد عدة في الثقافة العربية، كلها في المبتدأ وفي الخبر من افرازات الواقع المعيش وصراعاته، عبر العصور. من هذه الروافد، في الماضي وفي الحاضر، الأدب الصوفي. فالحزن الذي يشيعه هذا الأدب، يعكس حالة من اليأس وخيبة الأمل في الواقع المعيش والشعور بالعجز عن التغيير. وللتأكد مما ذهبنا اليه، ندعو قارئنا العزيز إلى تأمل أنموذجين من الأدب الصوفي، وتدبر مضامينهما.
الأول:"حسبي الله لديني، حسبي الله لدنياي، حسبي الله الكريم لما أهمني، حسبي الله الحكيم القوي لمن بغى عليّْ، حسبي الله الشديد لمن كادني بسوء، حسبي الله الرحيم عند الموت". الثاني:"اللهم إني أسألك يا خير السامعين، وبجودك ومجدك يا أكرم الأكرمين، وبكرمك وفضلك يا أسمع السامعين، أسألك سؤال خاضع خاشع متذلل متواضع ضارع، اشتدت اليك فاقته، وعظُمت فيما عندك رغبته..."(أحمد أمين، ظهر الاسلام، الجزء 4، ص 174-175).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس #السيسي يستقبل سلطان البهرة ويشيد بدور الطائفة في ترم


.. 116-Al-Baqarah




.. 112-Al-Baqarah


.. سي إن إن تكشف عن فظائع مروعة بحق فلسطينيين في سجن إسرائيلي غ




.. نائب فرنسي: -الإخوان- قامت بتمويل الدعاية ضدنا في أفريقيا