الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة للآية 219 من سورة البقرة

يوسف يوسف

2024 / 2 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أستهلال :
( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ / 219 سورة البقرة ) .. في هذا البحث المختصر ، سأسرد تفسيرا عاما للآية أعلاه - من المصادر المعتمدة ، ومن ثم سأستعرض قراءتي الشخصية ، متناولا مفردة الخمر دون الميسر .

الموضوع :
المحور الأول / الأثم :- " قل فيهما إثم كبير" فإنه يعني بذلك جل ثناؤه : قل يا محمد لهم فيهما ، يعني في الخمر والميسر إثم كبير . فالإثم الكبير الذي فيهما ما ذكر عن السدي فيما : حدثني به موسى بن هارون .. قال : ثنا أسباط ، عن السدي : أما قوله : " فيهما إثم كبير" فإثم الخمر أن الرجل يشرب فيسكر فيؤذي الناس . وإثم الميسر أن يقامر الرجل فيمنع الحق ويظلم . حدثني محمد بن عمرو .. عن مجاهد : " قل فيهما إثم كبير" قال : هذا أول ما عيبت به الخمر . حدثني علي بن داود .. عن ابن عباس قوله : " قل فيهما إثم كبير " يعني ما ينقص من الدين عند من يشربها . والذي هو أولى بتأويل الآية ، الإثم الكبير الذي ذكر الله جل ثناؤه أنه في الخمر والميسر ، في الخمر ما قاله السدي زوال عقل شارب الخمر إذا سكر من شربه إياها حتى يعزب عنه معرفة ربه ، وذلك أعظم الآثام ، وذلك معنى قول ابن عباس .

المحور الثاني / المنافع :- وأما قوله " ومنافع للناس " فإن منافع الخمر كانت أثمانها " قبل تحريمها " ، وما يصلون إليه بشربها من اللذة ، كما قال الأعشى في صفتها . لنا من ضحاها خبث نفس وكأبة وذكرى هموم ما تفك أذاتها وعند العشاء طيب نفس ولذة ومال كثير عدة نشواتها وكما قال حسان : فنشربها فتتركنا ملوكا وأسدا ما ينهنهنا اللقاء وأما منافع الميسر فما مصيبون فيه من أنصباء الجزور ، حدثني موسى بن هارون .. قال : ثنا أسباط عن السدي : أما منافعهما فإن منفعة الخمر في لذته وثمنه ، ومنفعة الميسر فيما يصاب من القمار . حدثنا علي بن داود ، قال : ثنا أبو صالح .. عن ابن عباس : "ومنافع للناس" قال : يقول فيما يصيبون من لذتها وفرحها إذا شربوها . واختلف القراء في قراءة ذلك .
* نقل التفسير من موقع / القرآن ، وبأختصار .. ( أما ما ورد بالتفسير أعلاه بشأن تحريمها فلا يوجد نص يشير بذلك ) .

القراءة :
بداية ، أود أن أبين ، بأني سأعمد الى ترك جانبا ، ما فسره المفسرون ! ، لأنهم يفسرون ويرقعون ، وفق هوى معتقدهم ،أما قراءتي تعتمد على فحوى متن النص ، وبطريقة عقلانية ، بعيدا عن تأثير الأنتماء العقائدي .
1 . في الآية أعلاه ، نلحظ أن الذات الألهية كان غير واضحا ، فهو بين من أن الخمر بها " إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ " ! . بمعنى لم يأمر أو يوضح للمتلقي من أن الخمر آثمة أو نافعة ، بل وقف موقفا وسطيا / رماديا ضبابيا ! . وهذه البنية النصية ليست ألهية ! . لأن الله يقول أما نافعة أو ضارة .

2 . هكذا هو النص القرآني ، غير واضح ، وكما قال علي بن أبي طالب ، القرآن " حمال أوجه " ، ومن موقع / أسلام أون لاين ، أنقل “ وأخرج ابن سعد عن عكرمة قال : سمعت ابن عباس يحدث عن الخوارج الذين أنكروا الحكومة فاعتزلوا علي قال : فاعتزل منهم اثنا عشر ألفا فدعاني علي فقال : اذهب إليهم فخاصهم وادعهم إلى الكتاب والسنة ولا تحاجهم بالقرآن فإنه ذوو وجوه ، ولكن خاصهم بالسنة” . أي أن النص القرآني يقبل أكثر من تفسير ، ويحتمل عدة تأويلات .

3 . من جانب أخر أن الخمر ، كان محللا ، وكان كبار الصحابة يحتسوه ! . ومن موقع / القطرة ، أنقل التالي عن تعاطي عمر بن الخطاب شرب الخمر { لا شك في أن عمر بن الخطاب ، كان مدمنا على معاقرة الخمر في الجاهلية والإسلام ، أما في الجاهلية فقد اعترف بنفسه أنه من أكثر الناس شربا لها ! إذ ورد في مصادرهم : " إني كنت لأشربَ الناس لها - أي للخمر - في الجاهلية " ! ( كنز العمال ج5 ص505 ) . كما قال : " كنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأشربها "! (البداية والنهاية لابن كثير ج3 ص101). } .

4 . وحين كان أتباع محمد يأتون الصلاة وهم سكارى ، نزلت الآية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ .. / 43 سورة النساء ) ، وحين لم يمتثلوا للآية ، جاءت آية أخرى ، ب " أجتناب الخمر " ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ / 90 سورة المائدة ﴾ ، فلم يكن هناك تحريم ، بل أجتناب ، ومعنى كلمة " أجتناب " وفق قاموس المعاني ، هو التالي : ( تَحَاشِيهَا ، تَجَنُّبُهَا ، تَلاَفِيهَا ، البُعْدُ عَنْهَا ) .

خاتمة :
ما أختم به القول ، هل النص القرآني خيير المسلم بين شربه للخمر ، وأشار الى منافعه ، وبين أجتنابه وعدد أثامه ! . أذا كان كذلك ، فسنكون أمام الآية / 219 من سورة البقرة - التي سبق ذكرها ، التي ستقاطع ما سبقها من آيات / التي تؤكد على أجتنابه ! . بمعنى أخر ، أكد هذا النص القرآني للمسلم ، الخيار بين شربه للخمر ، أو تركه .. أما النقطة المحورية المهمة ، أنه ليس هناك من نص واضح وجلي في تحريم الخمر أو في تعاطيه .. أي " أنه لا تحريم ألا بنص ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محل نقاش | دعوات التنوير الفكرية.. تحديث أم تحريف؟


.. شرطة الاحتلال تعتدي على فلسطينيين وتمنعهم من الصلاة في المسج




.. سعيد شيمي: الإخوان وراء حريق القاهرة ووعي السياسي كان عال لأ


.. الكاتب والباحث حسن المصطفى يكشف سبب ظهور ما يسمى المرجعية ال




.. ما تاريخ المرجعيات الشيعية في دول الخليج العربي، وكيف هي علا