الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر38

عبدالرحيم قروي

2024 / 2 / 29
الارشيف الماركسي


أصول الفلسفة الماركسية
الجزء الثاني
تأليف جورج بوليتزر، جي بيس وموريس كافين
تعريب شعبان بركات
الحلقة الثامنة والثلاثون
المادية التاريخية
-----------------------------------------------------
ظروف حياة المجتمع المادية
أ) البيئة الجغرافية.
ب) السكان.
طريق الإنتاج.
أ)القوى الإنتاجية.
ب)علاقات الإنتاج.
ملكية وسائل الإنتاج.
تغير طريقة الإنتاج مفتاح تاريخ المجتمعات.
الخلاصة.
--------------------------------------------------------
الإنتاج
القوى الإنتاجية وعلاقات الإنتاجية
1 – ظروف حياة المجتمع المادية
رأينا في القسم الثالث من هذا الكتاب ما هي نتائج النزعة المادية الجدلية إذا ما طبقناها على تاريخ المجتمعات و درسنا كيف تعكس حياة المجتمع الروحية ظروف حياته المادية.
ولكن هناك سؤال يعرض لنا وهو: ماذا يجب أن نفهم، حسب نظرة النزعة المادية التاريخية، من "ظروف حياة المجتمع المادية" أن الظروف المادية أي الظروف الموجودة مستقلة عن إرادة الناس التي توفرها لنمو المجتمع، متعددة ومتفاعلة.
فما هي، بين ظروف حياة المجتمع المادية، القوة الرئيسية التي تحدد وجه المجتمع وطابع نظامه الاجتماعي، وتطور المجتمع من نظام إلى نظام آخر ؟
ادعى البعض أن هذه القوة الرئيسية هي البيئة الجغرافية، وقال آخرون أنها ازدياد السكان. فهي أما أن تكون القضاء المحتوم الناتج عن ازدياد السكان.
فليس أمام المجتمع، كي يعيش سوى حلين عند الحاجة:
أما أن يغير الأرض، كما تفعل القبائل الرحل فتغزو أراضي جديدة، وأما أن يقلل من عدد سكانه، مستخدما الخصي EUGENIME كما كان يفعل الإسبارطيون القدماء1 وأما باهلاك الأفواه التي لا فائدة منها كالعجز والمقعدين والمرضى والمجانين، كما كانت تفعل بعض القبائل البدائية.
وتجمع حرب الغزو والأفناء الجماعي للسكان بين هذين الحلين. فلقد كان الخصي وإفناء المعتوهين يصحبان عند الهتلريين، نظريا وعملياً، عقيدة "المجال الحيوي"
تزدهر نفس النظريات البربرية الآن في أمريكا 2 وتنحط هذه النظريات بالإنسان إلى مرتبة الحيوان، إذ حينما يعيش نوع حيواني على أرض ذات مساحة معينة ولها إمكانيات غذائية معينة، تنشأ "قوانين للإسكان" تسمح بالتنبؤ بتغيرات النوع. ويمكن لنقص الغذاء وضرورة استهلاك غذاء مختلف أن يؤديا إما لزوال النوع أو تحوله.
ولكن الإنسان يختلف عن الحيوان: فهو يعمل ويناضل ضد الطبيعة. ولا يجب أن ننسى الجدلية: فليس هناك الطبيعة من جهة والناس من جهة ثانية، الجغرافية من ناحية، والبيولوجيا من ناحية ثانية، فيؤثر كل منهما تأثيرا سيئاً.
يكذب هذه الفكرة التطبيق العملي للإنسانية التي حولت الأرض لخدمتها عبر آلاف السنين.
ا – البيئة الجغرافية
البيئة الجغرافية، بما فيها من طبيعة تحيط بالمجتمع ومناخ ومصادر طبيعة وسهولة مواصلات، وأراض، هي شرط ضروري دائم لحياة المجتمع المادية. ولهذا كان من البديهي أن تؤثر على نمو المجتمع: فهي أما أن تعمل على هذا النمو أو أن تعيقه. فلقد عملت سهولة استخراج الفحم الحجري في انجلترا على نمو الصناعة في هذه البلاد. بينما وجود المستنقعات التي تتطلب أعمال التجفيف، أو وجود الصحراء التي تحتاج للري أو فقدان البترول كل ذلك ظروف يمكن أن تعميق نمو منطقة من المناطق.
غير أن تأثير البيئة الجغرافية ليس مبرماً. والدليل على ذلك أن التغيرات في المجتمع تتم بصورة أسرع من التغيرات في البيئة الجغرافية. فلو أن البيئة الجغرافية تؤثر تأثير مبرماً على تاريخ المجتمعات لوجب أن تحفظ هذا التاريخ بنفس المعالم طالما أن البيئة الجغرافية لم تتغير تغيراً أساسياً. بينما عرفت أوروبا خلال ثلاثة ألاف سنة أربعة أو خمسة أنظمة اجتماعية مختلفة: نظام الكومون البدائي، ونظام الرق، والنظام الإقطاعي وأخيراً النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي. ولم تتغير ظروف أوروبا الجغرافية تقريباً خلال هذه الفترة من الزمن.
والنظام الاجتماعي، بالعكس، هو الذي يحدد تحول البيئة الجغرافية. إذ أن نظام الرق القديم استنفذ أرض حوض البحر المتوسط ودفع إلى غزو الجول وتسوية أرضها. كما أن البرجوازية التجارية الهولندية قد انتزعت، في فجر الأزمنة الحديثة جزءاً من بلادها من مياه البحر. ولقد حولت الرأسمالية القائمة على التبادل الحر حقول القمح الإنجليزية إلى مراع للقطعان، وكذلك قضت الرأسمالية على الغابات في مناطق كاملة من أوروبا، فعملت بذلك على انتشار الطوفانات، كما أفقرت الأراضي الزراعية وحولت مناطق بأجمعها في الولايات المتحدة إلى بواد قفراء. بينما تقوم ورشات العمل في روسيا الشيوعية، بإخصاب الصحاري وتحويل مجاري الأنهار، وتحسين المناخ. ولقد أوجد العلم التقدمي، بعد دراسته لقوانين نمو الأراضي، الزراعة القطبية، وأحيا "الأراضي السوداء" الشهيرة، كما اكتشفت قوانين تطور المناظر .
وكذلك قضت الديمقراطية الشعبية في الصين على مصائب فيضانات الأنهار الكبرى.
تحتج الطبقات الرجعية "بالبيئة الجغرافية" للتخلص من مسؤولياتها في المصائب العامة. فإذا كانت سدود هولندا قد تداعت عام 1953 فما ذلك ألا لأن البرجوازية الرجعية أبت أن تسحب فلساً من ميزانية الحرب لإصلاح هذه السدود.وإذا كانت الجماهير الفقيرة في اليونان لم تحظ بالمعونة ضد الزلازل، وفي ايطاليا ضد الفيضانات فسبب ذلك سياسة البرجوازية الطبقية وليست "البيئة الجغرافية".
يدعي المؤرخون الاجتماعيون الديمقراطيون، الذين يريدون إخفاء العامل الحقيقي في التطور الاجتماعي، أنهم يفسرون التاريخ بواسطة "البيئة الجغرافية". وليس هدف هذه النزعة المادية الفجة إلا أن تقنعنا بأزلية "مدنية" غريبة أو أطلنطية مزعومة وتعارض "الشرق" و "الغرب" وتبرير الحرب الباردة.
ب – السكان
السكان، نموهم وكثافتهم، كل ذلك بدون شك عناصر ضرورية من بين ظروف حياة المجتمع المادية، إذ لا يمكن لأي مجتمع أن يوفر حياته المادية بدون حد أدنى من الناس وأن يقف في وجه قوى الطبيعة. وعدد السكان الفعالين من العناصر التي يجب أن نحسب حسابها لتقدير القوى الإنتاجية. لأن نمو السكان يؤثر في النمو الاجتماعين فهو يسهله أو يعيقه. وهكذا فأن تدفق الأيدي العاملة، التي هاجرت إلى الولايات المتحدة، قد ساعد على النمو السريع للصناعة الضخمة التي لم يمكن قد مضى قرن على وجودها. كما أن أفناء جزء من سكان أميركا الشمالية من الهنود على يد المستعمرين الانجلو سكسون، قد ساعد على ركود القبائل الباقية التقني والاقتصادي.
ولكن هذا التأثير نفسه ليس فاصلا، والدليل على ذلك أن نمو السكان نفسه لا يمكن أن يفسر لنا لماذا يخلف نظام اجتماعي معين نظاماً اجتماعياً ولا يخلفه نظام آخر، فخلف نظام الرق النظام الإقطاعي وهذا النظام الإقطاعي قد خلفه النظام الرأسمالي. فلو أن نمو السكان يؤثر تأثيرا قاطعا لكان على البلاد التي بلغت أضخم كثافة من السكان أن تتمتع بأفضل نظام اجتماعي. فقد كانت كثافة السكان في بلجيكا عام (1939) 26 مرة أعلى منها في الاتحاد السوفياتي، ومع ذلك لا تزال بلجيكا في مرحلة الرأسمالية بينما الاتحاد السوفياتي قد انتهى من هذا النظام.
والنظام الاجتماعي، على العكس، هو الذي يفسر حركة السكان. فليس من الصعب أن ندرك أن الرأسمالية في خفضها لقوة الجماهير الشرائية، وإفقار العمال، وفرض حياة بائسة عليهم تزيد من نسبة الموت (ولا سيما بين الأطفال). وأما في الاتحاد السوفياتي، حيث تتعارض ظروف الحياة الاشتراكي مع ظروف الحياة الرأسمالية، فلقد ازداد عدد السكان بين 1949 – 1952 بما يقرب من العشرة ملايين، أي بما يساوي سكان بلجيكا والقطاع الشمالي معاً.
ولهذا فأن الاقتصاديين البرجوازيين، حين يعتمدون في تحاليلهم على حركة السكان -، دون أن يدركوا أن هذه الحركة في الواقع هي نتيجة يرتكبون في ذلك خطأ جسيماً.
ولهذا فليست البيئة الاجتماعية ولا نمو السكان هما اللذان يحددان طابع النظام الاجتماعي وتطور المجتمع من نظام إلى آخر.
وترى النزعة المادية التاريخية أن بين ظروف حياة المجتمع المادية قوة أخرى مستقلة في وجودها عن أرادة الناس وهي القوة الرئيسية للتطور الاجتماعي. وتتكون هذه القوة من طريقة الناس في الحصول على وسائل معاشهم، ألا وهي الوسائل المادية الضرورية للحياة. وهذا ما يسمى بنطرية الإنتاج للوسائل المادية.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تواجه المتظاهرين بدراجات هوائية


.. الشرطة الأميركية تعتقل متظاهرين مؤيدين لفلسطين وتفكك مخيما ت




.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. بيرني ساندرز يعلق على احتجاجات جام


.. الشرطة الفرنسية تعتدي على متظاهرين متضامنين مع الفلسطينيين ف




.. شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام