الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يظل الوعي حبيس كهف أفلاطون؟

محمد العرجوني
كاتب

(Mohammed El Arjouni)

2024 / 2 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حينما اعتبر الفيلسوف نيتش أن القوة هي التي تسير العالم وليست المثالية، وأن هذه القوة تتنافى والأخلاق التي تظل ملجأ للضعيف، فإنه لم يبالغ في تقديره هذا. ما دام، دائما حسب نيتش، لا وجود لعالم عادل. فالمثالية والأخلاق من مميزات الإنسان الحالم الذي ما يزال يؤمن بالخير ولو في معمعان الشر. الحلم إذن هو أس الحقيقة المثالية. أما الحقيقة الواقعية، فأسها هو القوة التي تعيش على الخداع وإيهام الآخر.
فكلما كنا مثاليين حرصنا على الأخلاق باعتمادنا على قول الحقيقة العليا. إلا أن هذه الحقيقة لا تخدم مصلحة القوي الذي يعيش مع ومن أجل الحقيقة الدنيا. والمصلحة هذه تنتمي للغريزة. و الغرائز متنوعة وهي التي تشكل دوافع الإنسان وبالتالي وحشيته. وربما هو ما أوصله ليخلص إلى هذه النصيحة :
‏"لا تقع ضحية المثالية المفرطة وتعتقد بأن قول الحقيقة سوف يقرّبك من الناس، الناس تحبّ وتكافئ من يستطيع تخديرها بالأوهام. منذ القدم والبشر لا تعاقب إلاّ من يقول الحقيقة. إذا أردت البقاء مع الناس شاركها أوهامها. الحقيقة يقولها من يرغبون في الرحيل" . وهكذا نستخلص بدورنا بأن كل القوانين التي سطرها القوي، لم تكن إلا لإخضاع الضعيف ولكي تُخترق من قبل القوي. فالاختراق وصمة القوي. ما يجعلنا نستحضر
الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط، الذي دقق في مفهومي القانون والأخلاق بقوله :" في القانون : الإنسان مُذنب عندما يَنتهك حقوق الآخرين .في الأخلاق : الإنسان مُذنب إذا كان يُفكّر بذلك." ليتبين لنا بأننا نعيش عصر الانتهاكات الجنونية على أرض الواقع، وهو دليل على اختراق القوي للقوانين من غير إحساس بالذنب، ودليل أكثر بشاعة بأنه لا يحس بتاتا بأنه مذنب، ما يعني فقدانه لأدنى حس أخلاقي.
لهذا في اعتقادي يواجه الضعيف هذه القوة المتجبرة التي لم تعد تؤمن لا بالقوانين ولا بالأخلاق، بعمليات الانتحار. وهي عمليات تؤجج الوعي الإنساني. وعي بتفاقم الظلم وبعدمية وجود مؤسسات قيل عنها حامية حقوق الإنسان. وعي بأن هذه المؤسسات التي تبدو حقيقية، ما هي إلا أوهام في حقيقة الأمر.
فإلى أي مدى يتواصل هذا الوعي؟ وماذا ينتج عنه على أرض الواقع، خاصة وأنه وعي عالمي، بفضل تكنولوجيا التواصل، أم تراه يظل حبيس كهف أفلاطون؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة