الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاقة الترجمة اليونانية (السبعينيَّة) بالملك بطليموس الثاني فيلادلفوس (285-247 ق.م.) وبالتقاليد الربانية (الجزء الأول)

ابرام لويس حنا

2024 / 3 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الترجمة السبعينيَّة:

وصف الكاتب اليهودي فيلو السكندري في القرن الأول الميلادي الأسفار الموسوية اليونانية بانها "هدية صالحة" من اليهود إلى العالم اليوناني ( حياة موسى ، الكتاب الثاني، العدد 41) ، وفي عصرنا أطلق على السبـعـينية (LXX) -والتي هي أول ترجمة أستمرت للنصوص المقدسة من السامية إلى لغة هند أوروبية - لذا لُقبت "الأعجوبة" فهي أعجوبة سواء لغوياً و ثقافياً، فالسـبعينية تعد إنجازاً بارزاً لليهودية الهـلنستية والتي أثرت لاحقاً على المسيحية المبكرة ، وذات أهمية كبرى للدراسات الكتابية وغيرها يومنا هذا، وسميت هذه الترجمة بالسبعينية بناء على التقليد المتواتر بأنه قد قام بها سبعون (أو بالحري اثنان وسبعون) شيخا يهوديا في مدينة الإسكندرية في أيام الملك بطليموس الثاني فيلادلفوس (285-247 ق.م.).

وفي تلك المقالة سأذكر موضوعًا يُطرح في ساحتنا العربية لأول مَرة ألا علاقة الملك بطليموس بالترجمة السبعينية، فالترجمة السبعينية كانت تُسمى (بترجمة الملك بطليموس) كما سنرى، بل وسنرى تغيرات في الترجمة خَشية من اعتقاد الملك بإستهزاء اليهود به وبعائلته، فيذكر يذكر لنا التقليد الرباني في Megillah 9b:3 عن إسم زوجة بلطيموس التالي:

(كتبوا له –أي للملك بطليموس- : ذو القدم القصيرة المشعرة، ولم يكتبوا له "أرنباً "[ארנבת arnevet أرنبت / أرنفت] ( اللاويين 11 :6) ولان اسم زوجة بطليموس كان ארנבת [arnevet أرنبت / أرنفت] كان سيقول : " إن اليهود يسخرون منه و يقحمون اسم زوجته في التوراة) (1)

وتفسير ذلك: بانه عندما حاول الرباة ترجمة عدد "اللاويين 11: 6 " واجهتهم مشكلة ، وهي ترجمة لفظة "الأرنب" الذي ذكر من بين الحيوانات النجسة "وَالأَرْنَبَ، لأَنَّهُ يَجْتَرُّ لكِنَّهُ لاَ يَشُقُّ ظِلْفًا، فَهُوَ نَجِسٌ لَكُمْ" تشبة اسم زوجة بطليموس، فقاموا بترجمة اللفظ العبري "אַרְנֶבֶת arnevet / arnebeth" أي (الأرنب) الى "δασύπους dasypous " والذي يعني (ذو القدم المشعرة) ]من δασύς (dasús مشعر) +πούς poús) قدم)[ و ليس الى"λαγώς lagṓs " والذي يعني (أرنب) ، والسبب في هذا كما هو مذكور في التقاليد الربانية أن اسم زوجة بطليموس كانت تدعي arnevet، فخشية من أن يُقول الملك بأن اليهود يسخرون منه و يدرجون اسم زوجته في التوراة، لم يشيروا إلى الأرنب حرفياً ولكن بأحدي سماته، يُعلق العالم Veltri قائلاً :

[بالرغم من أن مهمته ليس تصحيح خطأ الرباة، إلا انه لم يكن اسم زوجة بطليموس ولا حتى والدته تدعي arnevet حقاً، ومع ذلك فقد كانوا مُحقين عندما قالوا أن استخدام مصطلح lagṓ من المحتمل أن يُثير غضب بطليموس ، وذلك لان كل الأسرة تنسب إلى "لاجوس Lagus Λάγος" و لهذا كان يطلق على الاسرة لقب " لاجيد Lagidae Λαγίδαι" ولهذا السبب بعينه قاموا بتغير المصطلح[ ( ص. 137- 138)

ب) يذكر لنا التقليد الرباني في Megillah 9a ، Mekhilta d Rabbi Yishmael 12:40 ، Tractate Soferim 1: 8 التالي:

(انه من ما كُتب لبطليموس : ها أنزل و أبلبل شفاههم) (2)

تفسير ذلك: تم استخدام صيغة المفرد بدلاً عن الجمع "هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ" لكي لا يعتقد الملك بتعدد الآلهة، فهنا التغير من صيغة الجمع للمفرد ليس بالضرورة لمواجهة الثالوث المسيحي، لان الاعتماد عليه من قبل المسيحيين لم يكن شائعاً، فمثلاً نجد أغسطينوس أسقف هيبو بجانب ذكره للثالوث المسيحي معلقاً على هذا العدد لكنه ايضاً يتسأل قائلاً : "هل يُفهم من هنا ان الله أخبر الملائكة ؟ أم يجب ان نفهمه وفقاً كما يقول فى بدء سفر التكوين : لنصنع الانسان على صورتنا و مثالنا" (تكوين 1: 26) ؟" (3)

ج) يذكر لنا التقليد الرباني كذلك في Midrash Bereshit Rabbah 38:10 :

(من بين الأعداد التي غيروها للملك بطليموس "هلم أنزل وأبلبل شفاههم" وضرب الرابي أبا مثلا عن البلبلة بقولة "سأجعلهم أمواتاً بشفاههم"، فمثلاً حين يقول أحداهما للآخر : "أعطني ماءاً" فالآخر سيعطيه تراباً حينها يقوم عليه ويشق جمجمته، وحين يقول أحداهما للآخر :"اعطني فاساً" فالآخر سيسلمه مجرفة، و حينها يقوم عليه و يشق جمجمته، فكما هو مكتوب : "سأميتهم بشفاههم") (4)

حيث ترجمت النسخة السـبعينية الفعل "بلبل" بـ "συγχέω" أي (يحير و يربك) ومنها اشتق إسم المدينة Σύγχυσις (سِنكخُسيس) أي (حيرة أو ارتباك) وليس بابل، لأنه كيف الله يُبدد الناس بسبب التكلم بلغات جديدة فالتحدث بألسنة هو شيء إيجابي للغاية بحيث لا يمكن أن ينتج عنه عقوبة، ولهذا كان الحل هنا هو أن تصبح بلبلة الألسن مجرد عدم قدرة على التواصل وفهم بعضهم البعض، وهو ما اخترته الترجمة السـبعينية؛ فغيروا الفعل "بلبل" إلى "συγχέω " أي (يحير و يربك)، وهو ما يوافق بعض التقاليد القديمة كالرؤى السيبيليَّة التي ذكرت أن "الله ارسل الرياحُ إلى الأرض البرجَ الكبير و أثارت الفتنة بين الناس، لهذا سمّى المائتون المدينة باسم بابل"(5)، فالمدينة سُميت بابل -حسب الرؤي السيبيليَّة- نتـيجة الدمار الذي وقع الذي نتج عنه الفوضى وليس نتيجة بلبلة الألسنة أو لغات جديدة تم إختراعها أو بلبلتها، بالطبع إن نص الرؤى السيبيليَّة يتضمن وجود لغات مسبقاً كان يتم التكلم بها والتي ساهمت بطبيعة الحال في زيادة الفوضى ولكن السبب الرئيسي كان دمار الله للبرج، ولعل ما ضاعف العقاب هو إعواج لسانهم و عدم القدرة على الفهم و ليس بالضرورة لغات جديدة، فالنص يُمكن فهمه كالتالي:

(هلم أنزل وأعوج شفاههم حتى لا يفهم كل واحد صوت صاحبه، فشتتهم الرب من هناك من على وجه الأرض كلها، فكفوا عن بناء المدينة والبرج، لذلك دُعي اسمها "ربكة" لان الرب هناك عوج لُغة كل الأرض وشتتهم من هناك الرب الإله على وجه الأرض كلها)

د) التثنية 4: 19 ، 17: 3 و عبادة النجوم :

يذكر لنا التقليد الرباني في The Babylonian Talmud, Megillah ,9b: 1 :-

(وكتبوا له: " الَّتِي قَسَمَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ لتنير להאיר لِجَمِيعِ الشُّعُوبِ) (6)

حيث قرأ الرباة نص التثنية "لِئَلاَّ تَرْفَعَ عَيْنَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ، وَتَنْظُرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ، كُلَّ جُنْدِ السَّمَاءِ الَّتِي قَسَمَهَا חָלַק الرَّبُّ إِلهُكَ لِجَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّتِي تَحْتَ كُلِّ السَّمَاءِ، فَتَغْتَرَّ وَتَسْجُدَ لَهَا وَتَعْبُدَهَا" ( التثنية 4: 18) إلى (الَّتِي قَسَمَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ لتنير להאיר لِجَمِيعِ الشُّعُوبِ) حيث أضافوا لفظ (تنير) لئلا يعتقد بطليموس أن التوراة تسمح لغير اليهود بعبادة الشمس و القمر والنجوم و إن الله أعطى تلك العبادات لجميع الشعوب لغير اليهود، خصوصاً عندما يستكمل سفر التثنية قائلاً : " يقول جميع الأمم لماذا فعل الرب هكذا بهذه الأرض، لماذا حمو هذا الغضب العظيم، فيقولون لانهم تركوا عهد الرب اله آبائهم الذي قطعه معهم حين أخرجهم من ارض مصر، وذهبوا وعبدوا آلهة أخرى وسجدوا لها آلهة لم يعرفوها ولا قسمت חָלַק لهم" ( التثنية 29: 25 -27)، فيُمكن أن يُفهم من هذا النص أن الله خصص آلهة أخرى للأمم ، بينما امتياز عبادته هو خاص بإسرائيل ونصيب إسرائيل، لهذا قامت الترجمة السبعينية بترجمة (قسم חָלַק) إلى ἀπένειμεν والتي تعني اعطاها وليس خصصها فقط.

هـ) يذكر لنا التقليد الرباني في The Babylonian Talmud, Megillah ,9a: 16 :-

(وكتبوا له: " أَمَّا إِقَامَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَقَامُوهَا فِي مِصْرَ وباقي الأراضي فَكَانَتْ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَة ) (7)

وذلك لكي لا يعتقد بطليموس وجود تناقض بين مدة مكوثهم في ارض مصر بين ما يذكره سفر التكوين :" فَقَالَ لأَبْرَامَ: «اعْلَمْ يَقِينًا أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيبًا فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ، وَيُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ. فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ" ( تكوين 15: 13) ، و بين سفر الخروج :" وَأَمَّا إِقَامَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَقَامُوهَا فِي مِصْرَ فَكَانَتْ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً" ( خروج 12: 40)، و لأن بني إسرائيل لم يمكثا كل هذه المدة بمصر أضافوا جملة "وفي باقي الأراضي".

هـ) سفر العدد 16: 15،

يذكر لنا التقليد الرباني في The Babylonian Talmud, Megillah ,9b: 1 :

(من ضمن الأعداد التي تغيرت للملك بطليموس هو مَا أَخَذَتْ شَيْئًا وَاحِدًا مِمَّا يَشْتَهُونَ) (8)

حيث غُير العدد من قوله "لاَ تَلْتَفِتْ إِلَى تَقْدِمَتِهِمَا. حِمَارًا חֲמֹר وَاحِدًا لَمْ آخُذْ مِنْهُمْ، وَلاَ أَسَأْتُ إِلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ" (العدد 16: 15) إلى " لاَ تَلْتَفِتْ إِلَى تَقْدِمَتِهِمَا، مَا أَخَذَتْ شَيْئًا وَاحِدًا مِمَّا يَشْتَهُونَ (חמד حمد ،𝔊 = ἐπιθύμημα أبـــيسيما = חָמוּד "مَحمود أي شيئاً محموداً طيباً مرغوباً فيه")، وذلك لأنهم اعتقدوا بأن ناسخ النسخة الماسورية أخطا بين חֲמֹר (حمور) و חָמוּד (حمود) أي أن الناسخ اخطأ بين الراء و الدال، فمن الأخطاء الشهيرة الخلط بين حرفي الدال ד و الراء ר، ولكن يُمكن أن النص الماسوري هو ما يعكس القراءة الأصلية إذا موسى يعترف بأنه لم يشتهي أو لم يأخذ منهم أصغر أو اتفه شيء وهو الحمار، وهو يُشبه ما يقوله صموئيل النبي قبل موته:" هانذا فاشهدوا عليّ قدام الرب وقدام مسيحه ثور من أخذت وحمار من أخذت ومن ظلمت ومن سحقت ومن يد من أخذت فدية لأغضي عينيّ عنه فاردّ لكم" ( 1صم 12 :3) .

و) الخروج 4 : 20
يذكر لنا التقليد الرباني في The Babylonian Talmud, Megillah ,9a: 15 ،, The Palestinian´-or-Jerusalem Talmud, Megillah 12b :-

(كتبوا له : فَأَخَذَ مُوسَى امْرَأَتَهُ وَبَنِيهِ وَأَرْكَبَهُمْ عَلَى حاملة/رافعة بشر) (9)

فالحمار لا يليق بمكانة موسي و زوجته و أولادهما، لهذا تم تغيرها إلى مركبة أو دابة جر ὑποζύγιον التي تستخدم في تسير المركبات لنقل البضائع أو الأشخاص أو للركوب بدون تحديد نوع الدابة المستخدمة وهو ما اختارته الترجمة السـبعينية وعلى النقيض من النص العبري فقد استخدمت صيغة الجمع τὰ ὑποζύγια "دواب جر" ولم يجد مترجمي السبعينية اي مشكلة في هذا بسبب شيوع استخدام الحمير في الشرق سواء للسفر أو لحمل الأثقال فقد شاع استخدام لفظة "دابة جر/حِمل ὑποζύγιον على الحمار (10) فمثلاً يستخدم افلاطون ὑποζύγιον ليقصد بها اى حيوان جر يستخدم في الحمل و النقل في قوله "فإذا تسببت دابة جر ὑποζύγιον أو أي حيوان آخر في قتل فإنه ما لم يكن ذاك القتل بسبب منافسة في الألعاب الرياضية العامة فإن قريب القتيل سيقوم بإجراءات القتل ضد القاتل ، و ستنظر القضية بمن يري القريب تعيينهم من المآمير الريفيين ، وستنعدم الدابة في حالة الإدانة ويرمى بها خلف الحدود ، واذا تسبب شيئاً جامداً /غير حياً في فقدان حياة أنسان باستثناء البرق أو غير ذلك من عقوبات الله و تسبب في الموت بسقوطه فوق رجل أو بوقوع الرجل عليه سيحاكم بأقرب جار يدعوه القريب الثاني للقتل ...و عند الإدانة سيرمي بالجماد وراء الحدود كما في حالة الأشياء الحية" (11)، وكذلك هيرودوت يقول في تاريخه " فوقعت الفكرة عند ماردونيوس وقعاً حسناً فارسل فرسانه في ذلك المساء إلى الممر في اعلى جبل كيثيرون ...وتمكنوا من الإمساك بقافلة من خمس مائة دابة جر ὑποζύγιά تحمل المؤن للجيش ...ولم يظهر الخيالة الفرس أية رحمة بل عملوا قتلا في الدواب ὑποζυγίουوالرجال دونما تمييز " (12).

ز) التكوين 49: 6 شمعون ولاوي:-

يذكر لنا التقليد الرباني في Babylonian Talmud, Megillah 9a:15 ، Jerusalem Talmud , Megillah 12b ، Mekhilta d Rabbi Yishmael 12:40 , Tractate Sefer Torah ,1 :9، Midrash Tanchuma Buber, Shemot, Siman 19: 2 :-

(فِي غَضَبِهِمَا قَتَلاَ ثوراً، وَبإرادتهما أزالا معلفاً/ مزوداً/ مسمناً ) (13)

بينما نقرأ في Tractate Soferim Chapter 1.8:-

( فِي غَضَبِهِمَا قَتَلاَ رجلاً איש ، وَبإرادتهما أزالا معلفاً/ مزوداً/ مسمناً ) (14)

فمن ضمن الأعداد التي غيروها في ترجمة بطليموس نص سفر التكوين "لأَنَّهُمَا فِي غَضَبِهِمَا قَتَلاَ إِنْسَانًا ( אִ֔ישׁ إيش) وَفِي رِضَاهُمَا عَرْقَبَا ثَوْر (שֽׁוֹר شور/ ثور)"

لأنه اذا كان يعقوب يقصد الإشارة إلى حادثة شكيم التي ذُكرت في (تكوين 34) حين قام شمعون ولاي بقتل شكيم و حمور وكل ذكر لم تأتي القصة على قطع أي أوتار لثيران أو قتل حيوانات، فلما يقتلوا الحيوانات بدلاً من أخذها والاستفادة منها؟ كما فعلوا سابقاً "وَنَهَبُوا الْمَدِينَةَ، لأَنَّهُمْ نَجَّسُوا أُخْتَهُمْ، غَنَمَهُمْ وَبَقَرَهُمْ وَحَمِيرَهُمْ وَكُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ وَمَا فِي الْحَقْلِ أَخَذُوهُ. وَسَبَوْا وَنَهَبُوا كُلَّ ثَرْوَتِهِمْ وَكُلَّ أَطْفَالِهِمْ، وَنِسَاءَهُمْ وَكُلَّ مَا فِي الْبُيُوتِ" (التكوين 34 : 27 -29)، لهذا قام الربانيين بتغيرها إلى بطليموس بقولهم (أزالا معلفاً/مزوداً/مسمناً אבוס) ، فـ (أبوص אבוס) يعني إما المكان كالمزود أو المَعلف كقوله " اَلثَّوْرُ يَعْرِفُ قَانِيَهُ وَالْحِمَارُ مِعْلَفَ אֵב֣וּס صَاحِبِهِ" (اشعياء 1 : 3 )، و " أَيَرْضَى الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ أَنْ يَخْدُمَكَ، أَمْ يَبِيتُ عِنْدَ مِعْلَفِكَ אֲבוּסֶֽךָ؟ " (أيوب 39: 9) ، و" حَيْثُ لاَ بَقَرٌ فَالْمَعْلَفُ אֵב֣וּס فَارِغٌ، وَكَثْرَةُ الْغَلَّةِ بِقُوَّةِ الثَّوْرِ" (أمثال 14: 4) أي المزود أو المعلف، أو كاسم مفعول אָ֝ב֗וּס كقوله "أَكْلَةٌ مِنَ الْبُقُولِ حَيْثُ تَكُونُ الْمَحَبَّةُ، خَيْرٌ مِنْ ثَوْرٍ مَعْلُوفٍ وَمَعَهُ بُغْضَةٌ." ( أمثال 15 : 17) أي المُسمن، وعلى هذا فإنه من المفترض إننا نجد الترجمة اليونانية لبطليموس تذكر (المزود φάτνην /φάτνης) أو (المُسمن (σιτευτός، كما يجب مُلاحظة أن (المُسمن σιτευτός) تُستخدم للإشارة إلى الثور الصغير كقوله "خُذْ الثَوْرَ الصغير השור الَّذِي لأَبِيكَ" (القضاة 6 : 25) الذي ترجم إلى " خذ العجل /الثور τὸν μόσχον المُسمن τὸν σιτευτὸν"، إلا انه يتبقى أن الكلمة العبرية المستخدمة هنا تٌشير إلى (المزود أو المعلف) وهو ما يفسره لنا علة ترجمته في الترجمات اليونانية الأخرى كترجمة أكيلا و سيماخوس الى (سور / جدار τεῖχος) و كترجوم أونكيلوس (سور שוּר) والفولجاتا (murum) ومدراش سفر التكوين Midrash Bereshit Rabbah 98:6 (وَفِي رِضَاهُمَا أزالا سوْراً שוּר)، فالكلمة تَحمل معنى (السور أو الثور) إن كانت بلا تشكيل، فمدينة حمور وشكيم كانت مَدينة مسورة " فَأَتَى حَمُورُ وَشَكِيمُ ابْنُهُ إِلَى بَابِ مَدِينَتِهِمَا....فَسَمِعَ لِحَمُورَ وَشَكِيمَ ابْنِهِ جَمِيعُ الْخَارِجِينَ مِنْ بَابِ الْمَدِينَةِ" (تكوين 34 : 20 ، 24 ) ، و بما ان للمدينة كان هناك بوابة / باباً، اذا بالتالي سيكون لها أسوار يمكن اقتلاعها و هدمها.

ولكن إن كان يعقوب قصد بالفعل استخدام كلمة "ثور" فكيف اذا كيف يمكن فهمها ؟

1- يمكن فهم المقصد من الثور هم حمور و ابنه شكيم الذين ذبحوا على يدي شمعون كما يُذبح الثور، وتشهد الاوغارتية على وصف القادة بــ "الثور" و "بالثيران" كقوله " أحاطت بي ثيران كثيرة. أقوياء باشان اكتنفتني ، فغروا علي أفواههم كأسد مفترس مزمجر " ( مزمور 22 : 12- 13) ، "إنتَهِرِ البقَرةَ الوحشيَّةَ والثِّيرانَ والعُجولَ مِنَ الشُّعوبِ. شَتِّتْ شُعوبًا يُسَرُّونَ بالحروب فيتذللون لكَ ويُقدِّمونَ الجزيَةَ" ( مزمور 68 : 31 ، ترجمة المشتركة)

2- أو تورية يقصد بها يعقوب ذاته، فسابقاً قال لهم يعقوب "لَقَدْ جَلَبْتُمَا عَلَيَّ الشَّقَاءَ עכר" (تكوين 34 : 30)، كأنه ثوراً وبفعلتهم تلك جعلوه عاجزاً عاقراً، لاحظ، أن الكلمة التي استخدمت للتعبير عن العجز هي עָקַר ، وهي ذاتها المستخدمة في قوله )عَرْقَبَا עִקְּרוּ ثَوْرًا) حيث شبه يعقوب نفسه بالثور النشط الذي حاول العمل و إرساء السلام و الأمان بيـنه و بين حمور وشكيم ، إلا إن أفعال أولاده كدرته وعجزته (15).

3- يُرمز لفحولة الرجل في الشرق الأوسط القديم بالثيران، هذه الخلفية الثقافية مهمة جداً لتفسير التكوين 49 : 6 : "فِي غَضَبِهِمَا قَتَلاَ إِنْسَانًا، وَفِي رِضَاهُمَا عَرْقَبَا ثَوْرًا"، فبعدما اختتن ذكور شكيم وحمور وحين كان الرجال يتألمون من الختان و قطع الغرلة، مستعدين في الدخول في الشركة الجديدة، قام شمعون ولاوي قاموا بقتلهم جميعاً ونهبوا المدينة فبدل يصبحوا (كالثيران الطاهرة) والدخول فى حياة جديدة تم قطع أوتار أرجلهم ومنعهم من الحركة أو الموت البطىء وبذلك شوه معني ومغزى الختان و صدر الحكم على بيت يعقوب و شمعون و لاوي وأسرهم "أُقَسِّمُهُمَا فِي يَعْقُوبَ، وَأُفَرِّقُهُمَا فِي إِسْرَائِيلَ" (تكوين 49: 7) ويمثل هذا السرد المذهل خلفية القانون الذي يحذر حرث الثور مع الحمار معاً "لاَ تَحْرُثْ عَلَى ثَوْرٍ وَحِمَارٍ مَعًا" (التثنية 22 :10)، حيث يُفهم من هذا القانون منع اى ارتباط وثيق بين المؤمنين وغير المؤمنين بما فيه الزواج ( 2 كو 6: 14) وذلك لان الحمار حيوان نجس بينما الثور حيوان طاهر.

4- إن اللفظ العبري المُترجم إلى "عَرْقَبَا " هو "עָקַר" يُستخدم كذلك ليعني "إزالة الشىء و للقلع" كقوله" لِلْوِلاَدَةِ وَقْتٌ وَلِلْمَوْتِ وَقْتٌ، لِلْغَرْسِ وَقْتٌ وَلِقَلْعِ עָקַר الْمَغْرُوسِ وَقْتٌ" (الجامعة 3: 2) و "لأَنَّ غَزَّةَ تَكُونُ مَتْرُوكَةً، وَأَشْقَلُونَ لِلْخَرَابِ، أَشْدُودُ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ يَطْرُدُونَهَا، وَعَقْرُونُ تُسْتَأْصَلُ עָקַר" (صفنيا 2: 4)، فبعدما قام شمعون ولاوي بقتل الذكور فسابقاً، قاموا بنهب المديمة واقتلعوا الماشية (من مكانها) كما ينص سفر التكوين "غَنَمَهُمْ وَبَقَرَهُمْ وَحَمِيرَهُمْ وَكُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ وَمَا فِي الْحَقْلِ أَخَذُوهُ" (التكوين 34: 28).


المراجع
1- וכתבו לו את צעירת הרגלים ולא כתבו לו (ויקרא יא, ו) את הארנבת מפני שאשתו של תלמי ארנבת שמה שלא יאמר שחקו בי היהודים והטילו שם אשתי בתורה
2- הבה ארדה ואבלה שם שפתם
3- Quaestiones in Genesim, Corpus Christanorum Series Latina 33:7, AUGUSTINE OF HIPPO , QUESTIONS ON GENESIS, PL 34, By John Litteral, Question 22]
4- הָבָה נֵרְדָה (בראשית יא, ז), זֶה אֶחָד מִן הַדְּבָרִים שֶׁשִּׁנּוּ לְתַלְמַי הַמֶּלֶךְ, הָבָה אֵרְדָה וְאָבְלָה. (בראשית יא, ז): וְנָבְלָה שָׁם שְׂפָתָם, אָמַר רַבִּי אַבָּא בַּר כַּהֲנָא מִשְֹּׂפָתָם אֶעֱשֶׂה נְבֵלָה, [שאחד בקש מחברו קרדום נתן לו מגרפה [וכעס עליו] וְזָרַק לוֹ בַּחֲזָרָה אֶת הַמַּגְרֵפָה וּפָצַע אֶת מֹחוֹ, הֲדָא הוּא דִכְתִיב מִשְֹּׂפָתָם אֶעֱשֶׂה נְבֵלָה], הֲוָה חַד מִנְּהוֹן אָמַר לְחַבְרֵיהּ אַיְיתֵי לִי קוֹלָב וְהוּא הֲוָה יָהֵיב לֵיהּ מַגְרוֹפֵי, הֲוָה מָחֵי לֵיהּ וּפָצַע מוֹחֵיהּ, הֲדָא הוּא דִכְתִיב מִשְֹּׂפָתָם אֶעֱשֶׂה נְבֵלָה، قوله "فكما هو مكتوب : سأميتهم بشفاههم" هو قولاً غير موجوداً في الأسفار لكنه مثالاً نموذجاً على دمج (القول الكتابي lemma) وبين (القول التفسيري dictum) لتكوين المدراش.
5- Sibylline Oracles 3:97–98
6- אשר חלק ה אלהיך אתם להאיר לכל העמים (דברים ד, יט)
7- ומושב בני ישראל אשר ישבו במצרים ובשאר ארצות ארבע מאות שנה (שמות יב, מ).
8- לא חמד אחד מהם נשאתי (במדבר טז, טו)
9- ויקח משה את אשתו ואת בניו וירכיבם על נושא(י) בני אדם (שמות ד, כ)
10- Thayer s Greek Lexicon, 5268
11- Plato, Laws, 9.873d-873e
12- Herodotus, The Histories, 9.39
13- כי באפם הרגו שור וברצונם עקרו אבוס.
14- כי באפם הרגו איש וברצונם עקרו אבוס.
15- Wenham, G. J. (2002). Vol. 2: Word Biblical Commentary: Genesis 16-50. Word Biblical Commentary (474). Dallas: Word, Incorporated.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج