الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة ودور الشباب العربي... الغائب: في ندوات مهرجان دمشق المسرحي الثالث عشر

مايا جاموس

2006 / 12 / 1
الادب والفن


بعدما جرت الرهانات حول إمكانية استمرار مهرجان دمشق المسرحي، رأيناه هذا العام يعود بدورته الثالثة عشرة، كيف؟ لا أحد يعرف. كل ما نعرفه أن منظمي المهرجان( إدارته ) قرروا صنعه من العدم حتى لو اضطر الأمر، ومن الواضح أن الأمر لم يكن بعيداً عن ذلك.
فقد جلس جمهور المسرح خلال عامين أي بعد الدورة الثانية عشرة للمهرجان، لم يشاهد سوى بضعة عروض خلال موسمين مسرحيين، لذا يصبح من الطبيعي أن تكون عروض الموسم هي عروض المهرجان وعروض المهرجان هي عروض الموسم، أو أنها إعادات لعروض عمرها سنوات.
بكل الأحوال نحن أمام مهرجان حاول إلى درجة كبيرة أن يعود ويرسي تقاليده القديمة بل ويضيف الجديد.
من التقاليد القديمة التي تم إحياؤها هي الندوات الفكرية: ثلاث ندوات حملت العناوين: المسرح في ظروف العولمة، نحو مسرح عربي جديد، دور الشباب في النهوض بالحركة المسرحية.
في الندوة الأولى أثار فضولي عدم تطرق أي من المسرحيين إلى توصيف أو تحليل حال المسرح في ظروف العولمة وكأنما هناك إجماع ضمني على أن المسرح في حال متردية.
لم تنجُ الحوارات رغم تحديد المحاور من العودة إلى الأسئلة القديمة قدم المسرح نفسه عند العرب، أسئلة من قبيل: هل مسرحنا العربي الحالي أصيل؟ ما السبل لتأصيله، وما آليات التجديد فيه؟ كيف نثبت هويتنا في المسرح ومن خلاله؟ وكما في ندوات الدورات السابقة للمهرجان، اختلفت الآراء ، وفي هذا الخصوص جاءت إحدى المداخلات من الحضور، لتسأل هل حقاً يوجد ما يسمى مسرح عربي؟ على اعتبار أن المسرح والفن عموماً كذلك الثقافة هي نتاجات عالمية، إذ ليس مسرح شكسبير بريطانياً فحسب أو مسرح بريخت ألمانياً، هو نتاج إنساني وللإنسانية جمعاء.
رغم اتفاقي مع المسرحيين على هذا الطرح لكن أعتقد أنه يوجد ما يميز المسرح لدى العرب ليسمى بالمسرح العربي، دون أن يبعده ذلك عن العالمية، إذ لا تزال توجد الكثير من الموضوعات والقضايا الإشكالية والشائكة لدى العرب لم يتطرق المسرح إليها، مشاكل مجتمعية وهموم المواطن إن صح التعبير، أقصى المسرح نفسه عنها، أو أُقصي، لتسبقه إليها باقي الفنون، السينما، أو حتى التلفزيون، وهو أي المسرح معروف بأنه كان دائماً السباق إلى طرح الموضوعات الحساسة في المجتمع. وفي الحقيقة هذا موضوع على درجة من الأهمية ويستحق بحثاً أعمق وأوسع.
وبالعودة إلى المسرح العربي، أعتقد أنه طالما لدينا ما يسمى جرائم الشرف يتعامل القانون معها بخصوصية، وبمصطلح أدق يحمي القانون مرتكبيها لاعتبارات الأعراف والتشريعات الدينية، وطالما أنه لا يزال لدينا معتقلو رأي، ويقضون عشرات السنين من أعمارهم في المعتقلات، وطالما هنالك ما يسمى بقانون الطوارئ والأحكام العرفية وقانون الأحوال الشخصية على الأقل هنا في سوريا، يتعامل مع المرأة على أنها مخلوق من الدرجة الثانية، إذاً يوجد ما يسمى مسرح عربي.
قصدت من أمثلتي السابقة أن أوضح أي مضمون يمكن للمسرح عند العرب أن يكونه، وهذه المضامين لم تعد موجودة لدى الغرب، تجاوزها الغرب، ودون شك كانت هي أو موضوعات تماثلها مثل محاكم التفتيش، والحريات والقضايا الوطنية والقومية، كانت مواداً لمسرحه يوماً ما، أما الآن فقد أصبحت الموضوعات ذات الطابع الإنساني والوجودي أكثر حضوراً في مسرح الغرب مع انتفاء أو تراجع الموضوعات المجتمعية.
وللأسف فإن المسرح العربي وعلى الأقل في سوريا معطل عن مهمة طرح القضايا الهامة كالتي ذكرتها سابقاً.

تفاوتت الآراء حول تأثير العولمة على المسرح في العالم العربي. فمن رأي لم يخفِ خوفه من ضياع المسرح، أو حتى فقدانه في ظل تأثيرات العولمة ونتاج الحضارة الحديثة وحلولها مكانه، وأنه لا يمكننا فعل شيء حيال ذلك.
ورأي يخشى أن يتحول المسرح إلى سلعة استهلاكية.
وصولاً إلى الرأي القائل إنه لا خوف على المسرح من العولمة لأنه أي المسرح آخر ما يمكن أن تؤثر عليه العولمة. ومن ثم ألم نجد أخطر من العولمة لنخشى على المسرح منها! لننظر إلى مشاكلنا الداخلية، إنها أكثر ما يهدد مسرحنا، وتتمثل بشكل أساسي في غياب الحريات الأساسية، وغياب مؤسسات المجتمع المدني، إلى جانب سيادة القيم القبلية والعشائرية والطائفية أي القيم ما قبل المدنية.
أعتقد أنه دون شك سيصل، بل وصل تأثير العولمة إلى المسرح، ولا يمكننا أن نجلس ونتفرج بينما يندثر المسرح، ولا يكون الحل بمزيد من العزلة والانكفاء من أجل الخروج بمسرح "عربي أصيل"، بل يكون بالتفاعل والتلاقي مع النخب الأرقى في العالم، النخب التي تحمل القيم الأرقى(قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان) وبالتالي مواجهة العولمة بثقافة بديلة.

في الندوة الثالثة: الشباب مستقبل المسرح، تحدث بعض المسرحيين من الشباب، سوريون وعرب، عن تجاربهم المسرحية. ويمكن تلخيص المشاكل التي تحدث عنها المسرحيون السوريون الشباب بمايلي: عدم توفر التمويل والدعم، عدم توفر أمكنة للتدريب والعرض، الإهمال واللامبالاة في تعاطي مديرية المسارح معهم.
من المؤسف أن يختصر الحديث عن الشباب والمسرح بالمسرحيين الشباب فقط، ماذا عن الشباب من الجمهور؟ وهذه برأيي مسألة لا تقل بأهميتها عن المشاكل التي ذكرها المسرحيون كغياب التمويل وأماكن العرض. وأقصد هنا الحديث عن الجمهور كجزء من مشكلة - أزمة المسرح. جمهور غائب أو مغيب وليس هنا مجال للبحث في أسباب غيابه لكن يمكن إيجازها بأن مجموع المؤسسات الاجتماعية بدءاً بالأسرة، ومروراً بالمؤسسات التعليمية، كما الأعراف الدينية، والمؤسسات الثقافية والتي مديرية المسارح جزء منها، وصولاً إلى أعلى المؤسسات السياسية، فإنها بمجملها مؤسسات قمعية، مواقفها من المسرح إن لم نقل متخلفة، فبالحد الأدنى ليست حضارية، لا تشجعه، ولا تشجع الجمهور المفترض على حضور المسرح والاهتمام به. وما يظهر من المؤسسات المعنية بالمسرح مباشرة من اهتمام فهو غير جدي، بمعنى أنها لا تؤمن به كحاجة أساسية للمجتمع ولا تؤمن بدوره ووظيفته. وهنا يمكن تفسير غياب الكتلة الواسعة من الجمهور عن المسرح. وأصرخ مثال على ذلك غياب الشباب عن ندوات المهرجان، إذ بدا الأمر مضحكاً مؤسفاً خاصة في الندوة الثالثة: الشباب مستقبل المسرح، حيث عدد الحضور من الشباب ضعيف جداً مقارنة بالأكبر سناً.
وبالتالي لا يمكن اختصار مشاكل المسرح بما ذكره المسرحيون الشباب، الأمر يمتد إلى أبعد من ذلك. وهذه أيضاً مسألة تستحق البحث. آمل أن تهتم بها ندوات المهرجان في الموسم القادم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة