الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حثالة بالوراثة وحثالة بالثقافة: ايهما اشد خطورة على المجتمع؟

إسلام أشرف عطية
(Eslam Ashraf Attia)

2024 / 3 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا عيب في أن يولد الإنسان بقدرات او أمكانيات محدودة في الاستيعاب أو الفهم أو الأحساس أو التذوق الفني أو الجمالي، فهذا قدره.
لكن الخزي أن يختار بإرادته أن يوقف عقله عن الفهم والتفكير والتحليل، وأن لا يعطى لنفسه الفرصه فى الاستمتاع بجماليات الحياة، هذا هو المأزق الحقيقي.

هؤلاء لا ينقصهم ذكاء أو موهبة أو إحساس ولكن اختاروا بمحض إرادتهم أن يلعنوا أنفسهم بلعنة التشدد. إنهم فقط يرفضون الاستمتاع بالحب والفن والجمال، ويختارون العيش في المعاناة.

السؤال هو كيف يقرر إنسان بأن يتشبه بمتبلدى المشاعر والإحساس ومعدومى الذكاء بالوراثة؟، والإجابة هى المعتقد.
إنّ اختيار الإنسان المعافي بمحض إرادته أن يكون غبيًّا شئ لا يمكن تصوره إلا اذا كان الإنسان قد اعتنق معتقدًا يشجعه على هذا.
المعتقدات هى أخطر ما يهدد الأنسان. يمكنها أن تجعل الإنسان يعيش محرومًا ومريضًا ويمضي إلى هلاكه، بينما يعتقد أنّه يتصرف بحكمة.

الشئ الآخر هو أن المعتقدات الغبية تمنع معتنقيها من فهم العالم.
فتلك المعتقدات البدائية تقدم نفسها على انها علم إلهى. ولذلك تمنعهم من فهم العالم من منطلق علمي، فالعلم الذي لدينا بالنسبة لهم هو علم دنيوى من صنع البشر. ويُعيق هذا الموقف قدرتهم على تحليل الأحداث والمواقف بشكلٍ موضوعي، مما يُشوه رؤيتهم للواقع ويجعلهم يتعاملون مع كل حقيقة تصطدم مع أفكارهم واحكامهم المسبقة على أنها مؤامرة تستهدف معتقدهم. وهكذا يحكموا على انفسهم بالعيش فى ظلام الجهل إلى الأبد.

إنّ المتشدّدين وأصحاب المعتقدات البالية قد لا يختلفون عنّا جوهريًا، فكلٌّ منّا لديه أفكاره الخاصة عن الحياة والموت، لكنّ الفرق يكمن في مدى انفتاحنا على الأفكار الجديدة وقدرتنا على تقييمها بموضوعية. لا شكّ أنّ المتشدّدين بذلوا جهدًا في البحث عن الحقيقة، لكنّهم أضلّوا طريقهم. ولكن لا ننسى أنّ الفرصة لا تزال قائمة لعودتهم عن ضلالهم، فكثير من دعاة العلم والتنوير كانوا في البداية من المتشدّدين، لكنّهم تمكّنوا من تحرير أنفسهم من قيود التعصب.

الحثالة بالوراثة جعلوا من حياتنا جحيمًا بغبائهم. والحثالة بالثقافة، جعلوا حياتنا جحيمًا بأفكارهم.
ولكن يظل الفرق بينهم كبير فمن هو حثالة بالوراثه نادرًا ما يتدخل فيما لا يعنيه أو يتطفل على احد أو ينصح من لم يطلب منه النصيحة، وهدفه فى الحياه ان تتركه يأكل وينام بسلام وان لا تزعجه أو تهدد مصالحه. اما الحثالة بالثقافة فلا يكف عن الدعوة لمعتقداته المدمرة لأنه يعتقد ان هذا واجبه الأخلاقى، ولا يترك المختلف معه يعيش فى سلام، ولو سنحت له الفرصة، قد يلجأ إلى العنف ضده.

الحثالة بالوراثة لا يوجد امل فى شفائهم من غبائهم واذيتهم لنفسهم ولمن حولهم، فهم غير واعيين بتصرفاتهم فى اغلب الاحيان. اما الحثالة بالثقافة فهم أكثر وعيًا بتصرفاتهم، ويوجد امل فى شفائهم من افكارهم حتى ولو كان ضئيلًا.

التشدد ظاهرة عالمية لا ترتبط بمعتقد معين، يتسم المتشددين بصفات مشتركة. هم أشبه بجمهور كرة القدم، يختلفون فقط في الانتماءات، بينما تتشابه سلوكياتهم. لذلك، من السهل السخرية من المتشددين، لأنهم متشابهون.

في النهاية، يبقى الحل بيد الفرد. فكلّ فرد مسؤول عن معتقداته، ويجب عليه أن يسعى إلى المعرفة والحقيقة وأن يكتشفها بنفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك


.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي




.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن


.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت




.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان