الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تسقط الأقنعة عن المريض الشيوعي

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2024 / 3 / 5
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


في سفرتي الأخيرة لمدينة البصرة نهاية عام 2023م، وفي أحد الأيام اتصل الصديق احسان عارف، لأبداء رأيه في مقالي الذي نشر على موقع الحوار المتمدن (فاضل البراك يستقطب بعض الشيوعيين العراقيين)، وبين السلام والسؤال عن الصحة والعائلة بدأ الحديث ووضع النقاط على الحروف، وقد تناول موضوع (الشيوعي المريض بحب المال والجاه د. خليل الجزائري)؛ والأخير كان سكرتيراً لمنظمة الحزب الشيوعي العراقي في الاتحاد السوفييتي في سبعينيات القرن الماضي، وهو خريج معهد بليخانوف في موسكو، وعمل بعد تخرجه استاذاً في جامعة قسنطينة بالجزائر.
وقد وضح لي أمور كثيرة كنت بعيداً عنها، ولكن الصديق احسان عارف كان قريباً من الأحداث ومتابعاً لها، ذاكراً لي الكثير من الأحداث، ودار الحديث بين الاستفسار عن ما قام به د. خليل الجزائري بالتعاون مع المخابرات العراقية أبان عهد فاضل البراك عندما كان ملحقاً عسكرياً في السفارة العراقية في موسكو، وما آل إليه انشقاق جماعة (المنبر الشيوعي) وآخرين انضموا حوله، كان سؤالي عن ماضي د. خليل الجزائري، فأجاب بما يلي:
• عند زيارة زوجة خليل الجزائري للعراق أبان التحالف الجبهوي في سبعينيات القرن الماضي بين الحزبين الشيوعي والبعث، كان مسؤول تنظيمات الحزب الشيوعي في موسكو د. خليل الجزائري، وقد ارسل مع زوجته بريد تنظيم موسكو إلى اللجنة المركزية للحزب في بغداد، وعند وصولها المطار اعتقلت من قبل جهاز أمن المطار، وأُخذ منها البريد الحزبي، وتم تصويره وإعادته إليها بعد تغليفه مثلما كان، وأطلق سراحها، وسلمت الزوجة البريد إلى الحزب دون أن تبلغ عن عملية الاعتقال وتصوير البريد، وهنا بعد معرفة الحزب في وقتٍ لاحق تم تجميدها، فتمّ تصعيد العداء للحزب من قبل د. الجزائري وزوجته، وكان شعار الحزب أبان التحالف التفوق العلمي والعودة للوطن، فرفض د. الجزائري وزوجته العودة للوطن بعد انهاء دراستهما وعمل الأثنين في مجال تخصصهما في الجزائر.
وعندما كان الجزائري مقيماً في الجزائري اقام الحزب الشيوعي العراقي احتفالية بمناسبة عيد العمال العالمي، ومن خلال لقاء الجزائري مع الرفاق والاصدقاء؛ وهو الذي كان عائداً بسفرة من بغداد، تحدث لهم عن مساهماته في الندوات التي أقيمت في العراق في مقر الاتحاد العام للأدباء والكتاب في بغداد، ويؤكد من خلال حديثه؛ أن نظام البعث في نيته اطلاق الحريات السياسية وحرية الصحافة، وحديث آخر متشعب، وكان ناصحاً للعراقيين المعارضين للنظام والمقيمين في الجزائر بزيارة العراق، وكان يكرر مراراً لمن يلتقي بهم من رفاقه الشيوعيين: (إن العراق فقط يمكن حكمه من قبل صدام حسين أو فاضل البراك لا غيرهما).
كما أكد د. الجزائري لأحد الأصدقاء قائلاً: بعد انتهاء محاضرتي في اتحاد الادباء، وأنا متوجه إلى ساحة الاندلس قابلني شخص لا اعرفه، وتحدث معي وكان ناصحاً لي، قائلاً: أنتَ أما مجنون أو وكيل مخابرات، وهذا ما استشفه من خلال متابعتي لحديثك في ندوة اتحاد الادباء- المركز العام.
كان لخليل الجزائري الدور في عقد عدة ندوات ومحاضرات في بغداد، فضلاً عن محاضرته في اتحاد ادباء وكتاب العراق- المركز العام، عقد محاضرة في منظمة حقوق الإنسان بشارع حيفا، وقد أدار الندوة كلٍ من: دريد ثابت وماجد عبد الرضا ووميض عمر نظمي (صاحب مجلة الفيضية الصادرة في لندن). وكان من الداعمين لمواقف الجزائري خالد السلام وحسين سلطان.
وكتب د. خليل الجزائري الكثير من المقالات في جريدة الثورة التابعة للنظام، ومن تلك المقالات كان يتطرق إلى حركة المنبر الشيوعي ويدعو لتأسيس (حزب شيوعي وطني) على ضوء حزب رفعت السعيد وجماعة خالد محيي الدين في مصر. كما دعا في إحدى مقالاته في جريدة الثورة التابعة للنظام إلى حل المسألة الكردية بالدعوة للتفاوض مع القادة الكُرد، واعتقد هذه المقالة التي تسببت بتصفيته. وكانت مقالاته في جريدة الثورة تعد كافتتاحية للجريدة وبنفس بعثي عقائدي.

• هل هناك تعاون بين حميدة سميسم وجهاز المخابرات العراقي؟
• عند اعتقال فاضل البراك من قبل نظام البعث، طلبوا شهادة حميدة سميسم كونها كانت مقربه منه عندما كان ملحق عسكري في السفارة العراقية في موسكو، فرفضت، وهي كانت مقيمة آنذاك في بغداد.

• كيف تم تصفية خليل الجزائري؟ فهناك الكثير من الأقاويل حول ذلك.
• كان لي اتصال مع د. حسن شعبان وهو ابن عم د. عبد الحسين شعبان، واليوم عمره يتجاوز (85) عاماً، وحسن شعبان شيوعي سابق، ورجل هادئ، ويعمل في مجال المحاماة. عندما سألته عن مصير د. خليل الجزائري وكيف تمت تصفيته كونه مقرب منهُ، قال لي بالحرف الواحد: اتصل بيَّ ماجد عبد الرضا وخليل الجزائري للعمل معهم في تنظيم (حركة المنبر الشيوعي)، وعملت معهم لتأسيس حزب شيوعي وطني، وذهبت مع ماجد عبد الرضا بعد عودته إلى العراق إلى نادي الصيد في بغداد للقاء ببرزان التكريتي أخو صدام حسين غير الشقيق، وكان هناك حفل في النادي، وتكلم ماجد عبد الرضا مع برزان التكريتي كونه لا يمتلك داراً وسيارة خاصة، وكان موقف ماجد في تلك اللحظة ذليلاً متخاذلاً.
أما موضوع تصفية خليل الجزائري، سأحدثك عنهُ بالتفصيل، لا كما تناقلته بعض المواقع والأشخاص، كان د. خليل الجزائري بعد عودته للعراق يعمل استاذاً جامعياً في جامعة بغداد؛ وهذه من مكرمات البعث كونه قدم الكثير من الخدمات لجهاز المخابرات العراقي، وقام عام 1993م بتأجير داراً لهُ في منطقة العامرية بواسطتي، وكانت بيننا لقاءات شبه يومية، وبعد فترة انقطع الاتصال بيننا، وعند زيارتي لداره بعد اربعة ايام انقطاع، وطرقت الباب؛ وجدت الباب مقفل من الداخل، علماً أنه عندما يخرج من الدار يقفل الباب من الخارج، فتوجست من ذلك واعتقدت جازماً أنهُ موجود داخل الدار، وبعد تبليغ الجيران لغرض محاولة فتح الباب لمعرفة ماذا جرى لخليل؛ توجسوا خوفاً، فقمت بتبليغ الشرطة، وعندما وصلت الشرطة دخلت معهم للدار، كان الجزائري في مكتبهِ نائماً على المكتب، وهناك ثلاثة بيكات من الويسكي، وهناك اطلاقة واحدة اخترقت جبهته.
لكن قبل هذا الحادث بشهر وعدة اسابيع ألتقيت بالجزائري، وطلب مني التفرغ لغرض الذهاب معهُ لخطبة إحدى طالباته في جامعة بغداد، قد تعرف عليها الجزائري وعشقها، وكانت هناك لقاءات بينهما فجذبت انتباهه، وتطورت العلاقة، وفاتحها لغرض الخطوبة والزواج، وفي أحد الأيام وكان اليوم خميس ذهبت معهُ لغرض خطوبتها، كان موقع بيت الطالبة الجامعية في ريف مدينة بعقوبة في منطقة زراعية، وعند الذهاب معه لعقد القران كان من ضمن اهلها الحاضرين اثنين من الرجال وأمها، وحضر السيد لغرض اجراء العقد، وكان وضع عائلة الطالبة مريب ويثير الشك، وكنت أنا الشاهد الوحيد، وبعد عقد القران كنت ألوم وأدين خليل على هذه الخطبة المريبة، وبعد أقل من شهر قُتل الجزائري، واختفت الخطيبة واهلها بعد الحادث، وهذا دليل أن الطالبة الجامعية واهلها من عناصر مخابرات النظام؛ قد اوقعوا الجزائري وتمت تصفيته. وبعد مقتل الجزائري، حضر أخوه من البصرة، وكان خليل الجزائري يمتلك مكتبة كبيرة وعامرة، قد أخذها في حينها الراحل جاسم المطير.

• أما استفساري عن ما يعرفه عن الطبيب محمد جواد فارس، فكان جوابه:
• ثلاث عراقيين ذهبوا للتطوع للعمل ضمن الفريق الأممي (كأطباء) في جمهورية أنغولا الشعبية، مع طبيبة من بيت الدباغ، وكان لمحمد جواد فارس موقف، وكان موقفه سيء بسبب واقع حال دولة أنكولا، إذ أن الطعام كان دون المستوى المطلوب، فعمل لفترة جداً قصيرة وعاد إلى موسكو، وفي موسكو كان ملزماً أن يزكى من قبل المنظمة الحزبية أو أحد اعضائها، وبسبب عدم ابلاغ المنظمة الحزبية بعودته؛ أهمل محمد جواد فارس، فكان موقفهُ سيء من المنظمة وغاضباً عليها، فعاد بخفيّ حنين إلى سوريا ومنها إلى لبنان ربيع عام 1982م، وعندما وصل لبنان قبل الاجتياح الإسرائيلي لها بأقل من شهر، بدأ شغبه وتمرده على الحزب. وكنت حينها متواجد في سوريا صيف عام 1983م، ولاحظت تمرد ومشاغبة فارس مع بعض من اعضاء الحزب حينها، وعندما التحقت بكردستان ضمن فصائل الأنصار للحزب الشيوعي العراقي، كان موقف فارس الرافض للالتحاق، والتحق بجماعة (حركة المنبر الشيوعي). وتعاون محمد جواد فارس بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في نيسان 2003م مع حزب البعث السوري؛ والجناح العسكري لحزب البعث العربي الاشتراكي متمثلاً بمحمد يونس الأحمد، فضلاً عن تعاونه مع هيئة علماء المسلمين، ومع يوسف حمدان عن الحزب الشيوعي العراقي الوطني واجنحة قومية أخرى، كان يقوم بجمع التبرعات والدعم المادي.

• رأيك بموقف باقر إبراهيم من انفراط عقد الجبهة مع حزب البعث عام 1978م.
• بعد حملة الاعتقالات التي طالت اعضاء الحزب نهاية عام 1978م، وانفراط عقد التحالف الجبهوي، كان سؤال الحزب ما لعمل؟ أي الخروج من الجبهة ورفع شعار الكفاح المسلح، أم البقاء ضمن التحالف، فتم رفع شعار الكفاح المسلح وتشكيل فصائل الأنصار والتدريب على السلاح لإنهاء الدكتاتورية، وكانت جريدة طريق الشعب قد توقفت عن الاصدار، وفي عام 1979م كانت تطبع وتستنسخ باليد على ورق الرايز، وتدعوا اعضاء الحزب في الداخل إلى الالتحاق بفصائل الانصار في كردستان العراق، ثم تحول شعار الحزب عام 1980م إلى انهاء النظام.
أما الرفيق باقر إبراهيم كان موقفه بعدم الخروج من التحالف الجبهوي، وهو يردد دائماً (الحزب الشيوعي خارج العراق كالسمكة خارج المياه)، وكان هو العراب الأساسي والرئيس لحركة (المنبر الشيوعي)، ومتحمس لذلك، ومن ضمن من وقف بجانبه لتشكيل حركة المنبر الشيوعي كلٍ من: 1-ماجد عبد الرضا، 2- نوري عبد الرزاق، 3- مهدي الحافظ، 4-حسين سلطان، 5-عبد الوهاب طاهر، 6-ناصر عبود، 7-عبد الحسين شعبان، 8-خليل الجزائري، 9-نظمي عبد الصاحب، 10-خالد السلام، 11-فاضل الربيعي، 12-جمعة الحلفي.
من الملاحظات حول الأسماء اعلاه: أن نوري عبد الرزاق ومهدي الحافظ قد منحى جوازات سفر دبلوماسية ابان التحالف مع حزب البعث، وعند انفراط عقد الجبهة نهاية عام 1978م طالبهم الحزب بتسليم جوازات السفر، فرفضوا تسليمها إلى النظام البعثي، وكان موقفهم ضد الحزب.
كانت تصدر لحركة المنبر الشيوعي في بيروت جريدة تسمى (المنبر)، وتوزع على اعضائها، في حينها اتصل د. محمد جواد فارس بالكاتب والمفكر اللبناني (كريم مرة) وسلمهُ أحد اعداد الجريدة، وقال لهُ اقرأ موقفنا من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، وارغب بمعرفة رأيك؟
في حينها كنت مسافر على متن طائرة كان (كريم مروة) من ضمن ركابها، وقال لي (كريم مروة): عندما اطلعت على الجريدة وجدت فيها الخلافات والتشهير، وهي تحصل في الأحزاب قاطبةً من انشقاقات، لكن الجريدة تؤكد على أن الخلافات 80% للتشهير بالحزب، و20% تمس نظام البعث، فهل يعقل هذا؟ فضلاً عن أن جريدة المنبر ورئيس تحريرها والمشرفين عليه تركز على تسقيط الأستاذ فخري كريم بسبب موقفه المتشدد منها، وكان محمد جواد فارس يكتب باستمرار ضد الحزب.

• رأيك بدعوة النظام للدكتور محمد جواد فارس والدكتور فاضل الربيعي وعبد الجبار الكبيسي وعوني القلمجي ولبيد الصميدعي، وعامر الذرب، لزيارة بغداد.
• كان موقف محمد جواد فارس بزيارته إلى بغداد واهم، وكان يعتقد أن النظام قد غير سلوكياته في قمع المعارضين له. كان النظام حينها يبحث عن نقاط اتصال مع المعارضة، فهو فخ وقع فيه فارس وجماعته، وفارس واهم كما ذكر في مذكراته أن النظام سيطلق الحريات السياسية والصحفية، وكانت زيارة فارس لبغداد بدعوة من عبد الجبار الكبيسي و(اسمه الحركي حازم حسين)، فكانت جماعة فارس تزور العراق باستمرار ولأكثر من مرة، علماً أن علي حسين الساعدي زار العراق ممثلاً عن الحزب الوطني الديمقراطي. ومن يرغب بمعرفة الكثير الاطلاع علة مذكرات د. محمد جواد فارس (نصف قرن في رحاب الشيوعي) الصادر عن دار الرافدين في بيروت هذا العام، ومتوفر في مكتبتها في شارع المتنبي.

• ما علاقة جماعة المنبر الشيوعي بمعن بشور ومؤتمر الشعب العربي؟
• كان من ضمن من حضر مؤتمر الشعب العربي المشرف عليه معن بشور جماعة المنبر الشيوعي وأولهم محمد جواد فارس. وكان من جماعة المنبر المتكبر والقيادي السابق بالحزب الشيوعي العراقي (معن. ج)، كان يلتقي بجماعة المنبر لكن لا يرغب أن يظهر بشكل واضح في الصورة، فضلاً عن عامر عبد الله.

• اطلعت على اطروحة دكتوراه لطارق اسماعيل حول الانشقاقات التي حصلت في الحزب، وقد ركز على حركة المنبر الشيوعي المنشقة. ما هو رأيك بها؟
• صدرت أطروحة الدكتوراه بكتاب في كندا، باسم طارق إسماعيل حول الانشقاقات التي حصلت في الحزب، وسلط الكتاب الضوء على حركة المنبر الشيوعي المنشقة، لكن د. عبد الحسين شعبان ساعد المؤلف في كتابة الفصل الذي يخص المنبر، مبيناً أن الحركة كانت تصحيحية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي


.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط




.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص


.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل




.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري