الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طلبة العراق والارهاب

ماجد لفته العبيدي

2006 / 12 / 1
المجتمع المدني


حينما قراءة الخبر الذي وزعته ونشرته يوم الثلاثاء الماضي ( وكالة اخبار الناصرية ) , والمتعلق بتهديد طلبة المعهد التقني في الناصرية بالإضراب اذا لم تتخذ السلطات المحلية الإجراءات الكفيلة بحمايتهم من التجاوزات التي يتعرضون لها من قبل بعض منتسبي الأجهزة الأمنية ، والذي جاء فيه حسبما ذكرت الوكالة , أن احتجاجات الطلبة حصلت بعد ظهر اليوم الثلاثاء حيث قام عدد من الشرطة ( المفترض أنهم مكلفون بحماية الطلبة في الناصرية ) بضرب طالبين وإطلاق النار في الهواء قرب بوابة المعهد ، الأمر الذي أدى الى حصول مظاهرة احتجاج وردود فعل من الطلبة والتي نتج عنها تحطم زجاج احد سيارات الشرطة ، بالإضافة الى إصابة ثمانية طلبة بجروح طفيفة ، وقد تمت السيطرة على الموقف بعد جهود قام بها عميد المعهد و تدخل ( فوج المهمات الخاصة) في المدينة .
أن هذا الخبر جعلني اقلب في الذكريات والصفحات القديمة من تاريخ الحركة الطلابية العراقية , وفي مقدمتها الصفحات المجيدة لحركتنا الطلابية في مدينة الناصرية , حيث تمتلك الحركة الطلابية العراقية تاريخا طويلا من المعارك المهنية والوطنية , التي خاضها مناضلوا اتحاد الطلبة العام ,منذ تأسيس اتحادهم المجاهد في 14 نيسان 1948, ودفعت فيها الحركة الطلابية, خلال سفرها النضالي المجيد ألاف الشهداء وفي مقدمتهم الشهيد جعفر ألجواهري , و الشهيد قيس الالوسى و الشهيد شمران علوان .
وشهدت ساحة السباع في منطقة الشيخ عمر أول فعالية وطنية , لمؤتمر الطلبة الأول بحماية العمال ,وبتشجيع وحماس قصائد شاعر العرب الكبير محمد مهدي ألجواهري , وأستمد الطلبة من هذه المناسبة عزمهم للمشاركة في وثبة الشعب العراقي ضد الظلم والاستعمار في كانون 1948 , وانتفاضة تشرين 1952 , والمظاهرات التي عمت جميع مدن العراق ضد العدوان الثلاثي على جمهورية مصر العربية الشقيقة في 1956, ومشاركتهم في المظاهرة المليونية التي نظمها اليساريين والديمقراطيين العراقيين من اجل السلم في كوردستان 1961, وما لحقهم من أذى وحملات اعتقال وتعذيب على أيدي[ بعثية الحرس القومي ] في انقلاب شباط 1963, وفي اضرابات طلبة معهد المعلمين, وكليات الطب والهندسة والعلوم , وغيرها من المؤسسات الدراسية 1964_ 1967 ,والنضالات المهنية والمطلبية والديمقراطية في السبعينات وغيرها من النشاطات الطلابية التي أرعبت انقلابي 17تموز 1968 وجعلتهم ينتقمون من اتحاد الطلبة العام , بتجميد نشاطه 1975 ومحاربة قياداته , وتوجيه ضربات قاسية لمنظماته وفروعه , وتصفية زملائه وزجهم في المعتقلات والسجون , وقدمت مدينة الناصرية على هذا الطريق , كوكبة لامعة من القيادات الطلابية الديمقراطية , في مقدمتهم الزميل الشهيد صبار نعيم عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الطلبة العام ,الذي تم تصفيته في نهاية السبعينات , والشهداء سحر أمين , علي إبراهيم , صباح مشرف , وصباح طارش , وصلاح مشرف , والشهيدة نجية ألركابي , هدية ألركابي , حرية فعيل , خالدة فعيل , شوقية ضايف لايذ , إكرام عواد سعدون, عميدة عذبي حالوب, زهرة ذياب سرحان , و ألاف الطلبة الذين تم تصفيتهم ودفنوا في المقابر الجماعية من أمثال الشهداء , تغريد البير حبيب , رعد مالك , قبيلة جاسم علي ألعامري و ومي علي صدقي .

لم يبتعد طلبة المعهد التقني في الناصرية كثيرا عن تاريخ الحركة الطلابية العراقية, هذا التاريخ المجيد , الذي يمثل نبراسا لعموم طلبة العراق الذين تشهد لهم بغداد والبصرة والموصل واربيل , والانبار ,والناصرية والحلة والسليمانية, والديوانية ,والعمارة , وكركوك وباقي مدن العراق الأخرى , تحديهم للقتلة والرجعيين والارهابين ومساندتهم لقضايا شعبنهم , في نضاله من اجل التحرر واستعادة سيادته الوطنية واستقلاله الوطني , وتحقيق بديله الديمقراطي , الذي يحضى بمساندة الشعوب العربية, وتضامن جميع شعوب العالم .
لقد صنع الطلبة العراقيين العديد من الملاحم النضالية منذ سقوط الصنم, من خلال تصديهم للظلامين الذين شددوا الخناق على الحرم الجامعي , عبر مليشياتهم المسلحة , والتكفرين وجماعاتهم الذين يغتالون نشطاء الطلاب والكوادر التدريسية , والذين يرفضون مشاريعهم الظلامية الرجعية ,ولازالت دماء الشهداء الزكية وأثارها على جدران وأرصفة هذه المؤسسات , شاهدا على الجرائم البشعة بحق الطلاب والكادر ألتدريسي في الجامعات والمدارس والمؤسسات الدراسية والعلمية .
إن هذه الاعتداءات المتكررة التي تطال الهيئات التدرسية والطلبة والحرم الجامعي , واغتيالات الأساتذة ونشطاء الحركة الطلابية , جاءت في العديد من البيانات الطلابية , لفرع اتحاد الطلبة العام في البصرة [ففي يوم 15 من آذار الربيع داهمت مجاميع مسلحة حديقة الأندلس وقامت بالاعتداء على زملائنا الطلبة بحجج ظلامية القصد منها فرض الرأي والاستبداد بعدما أستبد النظام الدكتاتوري الصدامي لعقود طوال. أن هذا الاعتداء الجريمة الذي ارتكبته بعض المليشيات المحسوبة على الإسلام السياسي ليتنافى مع أبسط حقوق الانسان ولكل القيم والشرائع السماوية والإنسانية ولا يمت بصلة للعراق الجديد] .
وكذلك في بيان اتحاد الطلبة العام فرع النجف [في ليلة 19 -20 -6-2006 قامت شلة من القوات العراقية باقتحام القسم الداخلي لطلبة جامعة الكوفة في قضاء الكوفة وبدون مبرر يستوجب ذلك أو تصريح قانوني مستخدمين إثناء عمليتهم النكراء, أنواع الاسلحه المتاحة لديهم وبأسلوب لا يقل بشاعة عما كان يستخدمه جلاوزة النظام البائد .حيث أثار الاطلاقات النارية في جدران الغرف وكسر أيادي وأرجل وأنوف وفقرات بعض الطلبة أضافه إلى الكدمات على أجسامهم وتلف الأثاث كما جرى اعتقال العشرات منهم وممارسة التعذيب وإهانة كراماتهم بفرض جلوسهم في المياه الأسنة. وبدلا من إن تقوم هذه القوات بحفظ الأمن والاستقرار هي نفسها تقوم بخرق القانون وتثير الذعر بين السكان في منتصف الليل . وبدلا من أن تساعد الطلبة على أداء امتحاناتهم تعمل على عرقلتها وبالتالي تعرقل عجلة التطور العلمي ]
ومنذ قرابة ثلاث سنوات يتعرض طلبة العراق إلى اكبر كارثة علمية ,تضاف إلى كوارث الدكتاتورية التي إطاحة بمستوى الجامعات العراقية على الصعيد الدولي , حيث تسعى الجماعات الظلامية والتكفيرية إلى تصفية وتهجير علماء العراق في شتى ميادين البحث العلمي ومن شتى الاتجاهات السياسية او الانتماءات المذهبية والدينية والاثنية, عبر القيام بتصفيات جسدية منظمة, بالإضافة الى نزيف هجرة الذي طال ألاف منهم في الداخل والى الخارج , حسب تقارير المنظمات المحلية والدولية , وبحسب رابطة التدريسيين الجامعيين فان عدد أساتذة الجامعات والكفاءات العراقية في عموم العراق الذين قضوا بمسلسل القتل والتصفيات الجسدية منذ 9 نيسان 2003، تجاوز الـ ( 250) استاذا وطبيباً ومهندسناً وعالماً.
وقد صرح الشهيد عصام الراوي رئيس الرابطة في وقت سابق , والذي راح ضحية الإرهاب في الشهر الماضي , ان الإحصائية تشير الى تصفية 250 من أساتذة الجامعات والمعاهد والكفاءات العراقية المتميزة "مما يؤكد ان جهاتا تقف وراء هذه الأعمال تريد إفراغ العراق من العقول والكفاءات المعرفية".
وأوضح الراوي ان استمرار مسلسل الاغتيالات والخطف والتهديد لأساتذة الجامعات والكفاءات دفع اكثر من 1000 من هؤلاء الى الهروب خارج العراق جراء تكرار تلقيهم رسائل تهديد ووعيد بالقتل، مضيفاً ان الجامعة المستنصرية سجلت لوحدها 13 حالة بين قتل وتهديد واختطاف ومطالبة بفدية، تعرض لها أساتذتها.
وفي القوائم التي حصل عليها ( الملف نت ) يتضح ان تواريخ التصفية والاغتيال والتهديد بدأت تحديداً في ايار 2004 وتظهر القوائم ايضا أن محافظات بغداد والبصرة والموصل هي اكثر المحافظات التي شهدت عمليات الاغتيال والاعتقال، ولم تسلم محافظات صلاح الدين وديالى وكربلاء والنجف من الامر، وان كانت النسبة اقل، ولم يكن للمذهب او الدين الذي ينتمي اليه الاستاذ او الطبيب او العالم اي انحياز لعمليات القتل.
لقد طال القتل الطلبة و الهيئات التدريسية , ليربك العملية التدريسية ويضاعف من مصاعب الطلبة , الذين يعانون من فقدان الأمن , والسكن ,والحرية في الحرم الجامعي ,والهجوم المتكرر على اقسامهم الداخلية , والاغتيالات , والاختطافات , وما حدث في وزارة التعليم العالي , وأقسام الجامعة التكنولوجية , هي مثال ساطع على الاستهتار والفوضى والمعانات الحقيقية التي يعاني منها طلبة العراق.
وكذلك الاغتيالات التي جرت في مدينة الموصل لنشطاء الحركة الطلابية , وبيانات الجماعات الإرهابية في هيت والانبار التي عطلت المدارس والمؤسسات الجامعية ,ومنعت الطالبات من مواصلة الدراسة ,ومنعت ممارسة الرياضات النسوية في المؤسسات الدراسية ,يضاف إلى ذلك معانات الطلبة في الحرم الجامعي من تصرفات رجال المليشيات التي حولت هذه المؤسسات الدراسية إلى مؤسسات دينية تمارس عليها الوصاية الأبوية .
إن الظروف الراهنة التي يعيشها الطلبة بالرغم من تعقيداتها ,لا كنها لم تمنعهم من مواصلة دفاعهم عن حقوقهم المهنية , ففي البصرة والناصرية والسليمانية واربيل ,تظاهر الطلبة دفاعا عن حقوقهم الاكاديميه والمهنية وضد الإرهاب , ومؤكدين من جديد على قوتهم وقدرتهم للعب دور طليعي في العملية السياسية السلمية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محاكمة غيابية في فرنسا لـ 3 مسؤولين سوريين بتهمة ارتكاب جرائ


.. الحكم بإعدام مدرس الفيزياء قاتل طالب الثانوية العامة بالمنصو




.. بايدن يهاجم طلب الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت.. -أ


.. المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة: نزح 40% من سكان غزة




.. رئيس مجلس النواب الأميركي: الكونغرس يدرس معاقبة -الجنائية ال