الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البشر و المعرفة :

عزيز الخزرجي

2024 / 3 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ألبشر و المعرفة:
بسم الله الرحمن الرحيم :
[و ما إختلفوا إلّا من بعد ما جاءَهم العلم بغياً بينهم](آل عمران / 19).
[بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ] (القيامة 14-15).
وقال : [ان الله خلق الانسان وجعل له نظام لا يقبل الغلط و الخطأ وهو نظام الفطرة "فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا] (الروم 30).

[الله فطر الناس على حب المعرفة وحب الاخلاق و الخير ولكن بدون عصمة وهو نظام الوجود, و إذا رأيت أكثرهم عازفين عن المعرفة فذلك نتيجة الجهل و حب الذات و الأنتصار لها].
ملاحظة هامة : [حُبّ الذات يؤدي للتكبر و الإبتعاد عن التواضع].

و هناك شيئ غامض و خطير في نفس الوقت في هذا المخلوق العجيب الذي ما زال مجهولاً و محيّراً, و هو حين يكتسب بعض العلوم و المعارف تراه يشذ بقوة عن الطريق و يفسد حتى بعلمه الذي قد يصبح حاجزاً بينه و بين الحقّ, بل و يختلف و يحاول البغي على الآخرين, حيث يصف هذه الحالة الباري تعالى بآلقول:

[إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ] (سورة آل عمران/19)!

إذن ألعلم و المعرفة يجب أن يتقيّدا بآلتواضع و النيّة السليمة بإتجاه رضا الله تعالى كشرط للخير و السلام لمنفعة الناس, و هذه النية المقترنة بآلعمل الصالح هي الضامنة لنجاح حركة الأنسان في الحياة ثم الآخرة .. و ما نراه من فشل في السياسة لدى الحكومات في بلاد العالم ؛ ما هو إلا نتيجة البعد عن الله تعالى و العمل لاجل إعلاء و إبراز القائد ؛ الحكومة ؛ الحزب ؛ العشيرة و وووو ..... إلخ بعيدا عن الهدف و الطريق الذي رسمه الباري لنا.

و ينقسم الناس الى قسمين بشكل عام؛

القسم الأوّل : و هو الذي يعترف بالخطأ و يعتذر و يحاول الإصلاح. و آلقسم الثاني : يبرّر الخطأ و يحاول الأنتصار لنفسه شتى الوسائل و المحاولات, و من الامثلة على ذلك قصّة آدم مع ابليس فالاثنين حصل لديهم خطأ و غواية صريحة ..
حسب قوله تعالى : [وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ](طه/121 و 122).

ثم قال تعالى :
[[وَ لَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا](طه 115),

فآدم بعد غوايته .. نسي .. لكن ردّة فعله إختلف عن الشيطان ؛
[أ َلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ](الاعراف 22).

ولم يقدم آدم تبرير وانما ذهب مباشرة الى الاقرار بالذنب بدون مبررات النسيان او وسوسة الشيطان او الضعف [قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ] (الاعراف 23) .

وبالمقابل الشيطان اخذ بسرد المبررات للأنتصار لنفسه, حيث قال :
[قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ] (ص 76).

وهكذا الرسل والانبياء لم يستخدموا اسلوب التبرير مثل يونس [سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ](الانبياء 87).

ومن أسباب التبرير اولاً؛ الأنتصار للنفس لأنها عزيزة على صاحبها و الهروب من تحمل المسؤولية كما جاء في مناجاة الامام زين العابدين عليه السلام : (ميالة إلى اللعب واللهو، مملوءة بالغفلة والسهو).

وثانياً : التبرير لكي لا يشعر بالنقص و الذنب في نفسه ولا يحب أحد أن ينتقده.

وثالثًاً : الخوف من المجتمع والناس بسبب العقوبة.

فطريق الاصلاح لا يحصل بالعقوبة وانما باللين كما حصل لموسى عليه السلام مع فرعون ؛ [اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى] (طه 43-44).

والله تعالى يبيّن التعامل بالحسنى [وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا] (البقرة 83).
و من هذا يتحدد التسديد الإلهي و لطفه على الأنسان!

والكلام الحسن هو الافضل في الاصلاح بدل العقوبة [ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ] (فصلت 34) و "قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى" (البقرة 263).

والتبرير لا يقلل آلام النفس و لا يحجب تبعات الذنب فالمذنب يبقى في نفسه الألم حتى لو برر الذنب بمعاذير [بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ] (القيامة 14-15) وهذه فطرة الله التي فطر بها الناس.

وبالعكس فان الاعتراف بالخطأ يعني الرجوع الى الله تعالى كما قال امير المؤمنين عليه السلام [أصلح ما بينك وبين الله يصلح الله ما بينك وبين الناس] و "[َلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ] (الرعد 28).

و القصة كلها هي قصة المعرفة .. و ما هو قائم بين علاقتنا بأنفسنا و بين الله تعالى!

يجب على كل منّا أن يُحدّد نيّته و غاية عمله : لماذا يكسب المعرفة .. و لماذا يفعل الخير !؟
ما الهدف من كسب المعرفة ؛ هل لنفوسنا أم لأعلاء الحق الذي هو الله فقط لا أنا ولا أنت !؟
عندها فقط يعم الأمن و السلام و السعادة و الرفاه بين البشر, بعد ما يعلم الله سرائركم!

أما لو كان الهدف من وراء أي عمل خير هو النفس و العلو لأجل مغانم دنيوية زائلة ؛ فأن الفشل و الخصام و العنف و الخسائر و الفوضى هو الذي سيسود و لا تتحقق سعادة الأنسان أو الجماعة أو الحكومة و الحزب؛ بل يزداد شقاؤوهم و عذابهم و كما هو الحال الواقع في بلادنا و في العراق بآلذات.
عزيز حميد مجيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة