الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهادات شهود عيان عن حقيقة يسوع المسيح – الجزء الثاني –

نافع شابو

2024 / 3 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مقدمة
من اقوال الطوباوية "أديث شتاين":
"من كان يبحث عن الحقيقة، يبحث عن الله، أكان ذلك جليّا له ام لا ".هكذا التلاميذ "شهود عيان " شهدوا لحقيقة الله المتجلّي في يسوع المسيح ، لأنّ الله لايراه أحد ألأبن أخبرنا عن الله الآب "يوحنا 1 : 18"
تحدّث ألأنبياء منذُ العهد القديم عن مقصد الله من أجل البشر، بإلهام من روح الله. ولكن الوحي الكامل كان بيسوع المسيح، وتواصل بشهادة الرسل.
جاء في كتاب" المحيط الجامع في الكتاب المقدّس والشرق القديم" عن الجهل البشري لمعرفة الله:
جهل الإنسان الله فعرف المحنة، (هذا ما نقرأه في العهد القديم راجع عدد 14 :22 مزمور 78) ، بدا أقلّ تعقلا من البهيمة ، فما عرف شيئا" اسمعي ايتها السماوات واصغي ايّـتها الأرضُ ، لانّ الربّ يتكلّم : البنون َ ربّيتهم ورفعتهم تمرّدوا عليّ. الثور يعرف مُقتنيهِ والحمار مَعلف صاحبهُ، أمّا بنو إسرائيل فلا يعرفون،شعبي لا يفهمُ شيئا"اشعيا 1 :2 -3"
هو يتحرّر(الشعب الأسرائيلي) ، يتجاوز العهد ، يزني ، (خائنا الله) ومتعلّق بآلهة لم يعرفها في الماضي . وعندما يتخيّل انّه "يعرف يهوه"(هوشع 8 :2) ، فهو يغش نفسه . لانّ العلاقة مع الله ظلّت خارجية، شكلية "اشعيا 29: 13 -14" .أمّا معرفة الله الحقيقية ، فيجب أن تلجّ القلب وتُترجم في الحياة الواقعية "إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، وَمَعْرِفَةَ اللهِ أَكْثَرَ مِنْ مُحْرَقَاتٍ". "هوشع 6 :6". هذا ما كرّره الأنبياء في العهد القديم، ولكن الأمّة لا تسمع صوت إلهها ولا تريد ان تتعلّم.
بالرغم من ذلك بقي الأمل في تجدّد عجيب حيث "تمتلئُ الأرض من معرفة الرب كما يمتلئ البحر من الماء"اشعيا 11 :9"
ولكن كيف يكون هذا؟ لا يعلن الشعب الأسرائيلي أنّه يستطيع ان يصل بقواه الخاصة، لأنّه وعى أنّ قلبه شرّير "ارميا 7 :24”، أنَّ قلبه غير مختون. فإذا أراد ان يعرف الله حقا، وجب ان يكون له قلب كامل.
شدّد سفر التثنية على ضرورة تحوّل داخليّ لا يمكنه أن يجيء إلّا من الله ...وأكمل حزقيال النبي هذه النظرة، فدلَّ على دور روح الله في هذا التجديد الباطني:" أعطيكم قلبا جديدا ، وأجعل في أحشائكم روحا جديدا ...وأجعل روحي في أحشائكم" حزقيال 36 : 26-27". وصوّر إشعيا الثاني مسبقا الخلاص الذي يمنحهُ الله، فشدّد على تأثيره في الكون حين يصطدم الشرك بصدمة لا عهد له بها " اشعيا 45-46”. وفي خروج جديد، دلّ الله على انه سيد التاريخ "فيعلم كل بشر أني مُخلّصك وأنَّ فاديك جبّار ..." اشعيا 49: 26". ويقول الله لبني إسرائيل:"أنتم شهودي .... ذُرّية عبدي الذي اخترته لأنّكم علمتم وآمنتم بي ...." اشعيا 43 :10" وقال لخادمه : "أجعل منك نور الأمم".
العهد الجديد
في يسوع المسيح أعطيت المعرفة التامة، التي وُعد به لزمن العهد الجديد، (زمن الخلاص).بمجئ المسيح وصل التاريخ الى ذروته، ووحي الله الى كماله. بالمسيح تمّ عمل الخلق وبه تصالحت البشرية مع الله. (انتهى الأقتباس)
نعم بيسوع المسيح - كما أخبرنا بها شهود عيان في ألأناجيل الأربعة ورسائل بولس الرسول ويوحنا وبطرس ويعقوب والرسالة الى العبرانيين وسفر الرؤيا- وصل وحي الله الى كماله.
شهود العيان على حياة يسوع يشهدون لشخصه الحقيقي " لوقا 24 : 24 ، 25" ، وما زالت قيامة الرب يسوع ، الى ألآن تصيب الناس بالدهشة : وبرغم الألفي عام من الرهان والشهادة ما زال الكثيرون يرفضون أن يؤمنوا . فليس فقط شهادة رسل العهد الجديد، وتاريخ الكنيسة المسيحية كلها تشير الى انتصار الرب يسوع على الموت. فهل نبقى مثل تلميذي عمواس اللذان عرفوا بالقبر الفارغ الا انه لم يفهموا ان الرب قد قام
يعتبر كتّاب العهد القديم كله كأنبياء، لأنّ شهادتهم كانت تهيئة لمجئء المسيح. كما لا ينفصل بهاء الشمس عن الشمس، كذلك لا ينفصل بهاء الأبن عن اللاهوت، لأنّه هو الله، والأقنوم الثاني في الثالوث الأقدس.
الله حرّر المؤمنين بيسوع من هجوم الشيطان المتواصل عليه. وليس لدى بقيّة العالم حريّة المسيحيين في طاعة الله (المحبّة). فما لم يأت الأنسان الى المسيح بالأيمان فلا اختيار امامه سوى طاعة الشيطان والخضوع له. فليس هناك حل وسط. فإمّا ان ينتمي الأنسان الى الله ويطيعه او ان يحيا تحت سيطرة قبضة الشيطان.
إن عقيدتنا في المسيح شيء أساسي بالنسبة للتعليم والبشارة والحياة. فالمسيح يسوع هو الله الإنسان، الله المتجسّد: إله كامل وإنسان كامل في نفس الوقت. فالأبن المتجسّد، وحده يعرّفُنا بالآب. فهو المولود من الله. هذه العبارة ستكون في أساس ألأيمان النيقاويّ(سنة 325م). هو "نور من نور إله حق من اله حقّ مولود غير مخلوق مساوي لله في الجوهر الذي على يده صار كُلّ شيء في السماء والأرض وكُلِّ ما يرى وما لايرى ".
جاء الينا على الأرض ليموت عوضا عنا من أجل خطايانا.
المسيح القائم من الموت أصبح الوسيط لحضور الله وسط شعبه. وكما يقول الرسول بطرس في اعمال الرسل عند حلول الروح القدس على التلاميذ:"فيسوع هذا أقامه الله، ونحنُ كُلُّنا شهود على ذلك . فلمّا رفعه الله بيمينه الى السماء، نال من الآب الروح القدس الموعود به فأفاضه علينا، وهذا ما تُشاهدون وتسمعون “اعمال 2 :32-33"
جماعة التلاميذ الأثنا عشر هي الكنيسة الأولى. وكما كان يسوع ينمو في القامة والحكمة والنعمة فيصل الى آلاف. بعد حلول الروح القدس على التلاميذ في عيد العنصرة أصبحوا(الرسل) قلبا واحدا، هذا هو الشرط الأساسي لنجاح الرسالة والبشارة وصلت الى جميع الشعوب في لغتهم، فاستطاع كل واحد ان ينشد أعمال الله العظيمة، وهذا ما تفعله الكنيسة اليوم حتى تنقل الكتاب المقدس الى لغات العالم كلّه. كان عيد العنصرة يحتفل بعهد مع الله وإعطاء الشريعة. ونحن هنا مع عهد جديد لا مع شعب واحد (الشعب اليهودي فقط) بل مع البشرية كلها الآتية من الأقطار الأربعة.
" وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ،
وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جالسين وظهرت لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا". (اعمال 2 : 1-4")
وبالأيمان بالمسيح يسوع يمكننا ان ننال الحياة الأبدية، وأن نأخذ قوّة الروح القدس حتى نعمل مشيئته.

أولا: شهادة متى الرسول
يؤكد متى في انجيله انّ يسوع هو حقا المسيح المنتظر، الذي به تتم الكتب. وأنّ لقب يسوع "يعني المخلّص". أمّا "عمّأنوئيل" فمعناه " الله معنا ". ومجرّد الاعتراف بان الله حاضر في وسطنا، فذلك يعني الخلاص.
يشدّد متى على هذه المفارقة: المسيح، رذله أهل بيته (راجع متى 1 :11) ورفضته السلطات اليهودية التي كانت تعرف الكُتب (النبوات عن المسيح الآتي) ، في حين قدم الوثنيون من بعيد ليسجدوا أمامه (المجوس مثلا) !
فيسوع هو مسيح لإسرائيل ولكل الأمم، بل هو “مسيح الكون".
انجيل متى يرينا يسوع بصفته المسيح المنتظر من خلال عشرة عجائب قام بها يسوع. وهو الذي جاء يفتح ملك الله. فلقد تلقى من الأب سلطة على البحر والرياح "متى 8: 26-27" ، وعلى الأمراض والعلل ، وحتى على الشرّ ،إنّه يطرد الشياطين والأهم يغفر الخطايا .بالنسبة ل"متى " (الذي كان عشّارا) يكشف يسوع عن رحمة الله ، سواء بمخالطته " الخطأة" أم بشفاء المرضى .
في وسط الاضطهاد تستطيع أن تطمئن لان الرب يسوع قد غلب العالم "متى 10: 17، 18، يوحنا 16 :33" ولكن من يقبل الى النهاية هو الذي يخلص.
الشهادة للمسيح ليس من شروطها أن يكون الأنسان المؤمن خبيرا في المعرفة او المهارة او الخبرة . فحتى المؤمنون الأحداث يستطيعوا أن يخبروا الأخرين عن ايمانهم في الحال. “متى 2 : 14 ، 15".
ثانيا: شهادة مرقس
في انجيل مرقس نكتشف ان الناس تساءلوا في مرحلة أولى: " ما هذا؟" مرقس 1 :27”. بهتوا من تعليم يسوع ومن أعماله. واليوم أيضا كُل من يقرأ عن تعاليم يسوع ويتأمّل فيها سيخطر على باله هذا السؤال من هذا؟ وبأيّ سلطة عمل هذه المعجزات؟
وحتى التلاميذ في المرحلة الثانية تساءلوا: "من هذا؟" مرقس 4 :41”. إنّ يسوع شخص حي يفرض نفسه على تلاميذه: قدرته قدرة الله، وهو الذي تطيعه الرياح والبحر. وتوسع السؤال فوصل الى هيرودس الملك وحاشيّته “من هذا ".
ولكن يسوع هو الذي يحرّك السؤال، ويفرض على التلاميذ ان يأخذوا موقفا منه. في البداية بدأوا فاختبأوا وراء ما يقوله الناس: يوحنا المعمدان، إيليا، واحد من الأنبياء. وفي النهاية هتف بطرس باسم الجميع: “أنت المسيح " مرقس 8 :29". وصل التلاميذ الى محطة هامة من التعرّف الى يسوع: إنّه المسيح المنتظر، إنّه إبن داود. الالتباس كان واضحا عند اليهود وحتى عند التلاميذ بين مسيح يتألّم ويموت ثم يقوم، ومسيح يمتلك قوّة حربية وسياسية تُحطّم الرومان وتسحق رؤوس الأعداء. وبعد هذا الأعلان (إعلان بطرس)، قال مرقس:" وبدأ يُعلِّمُهم أنّ إبن الأنسان يجب أن يتألّم كثيرا "مرقس 8 :31".
وهذا لم يقبل به بطرس، ولن يقبل به الشعب اليهودي: فالمسيح هو مُنذُ البداية المسيح المُمَجَّد، ولكن يسوع له خطَّتهُ الذي يمرُّ في الألم والموت قبل الوصول الى المجد والقيامة.
يسوع أفهم تلاميذه أنّه إن كان ابن داود، فهو أيضا ربُّ داود. هو إنسان لانّه من نسل داود. وهو إله لأنه ابن الله الآب.
وخلال المحاكمة سأل رئيس الكهنة يسوع: "هل أنت المسيح ابن الله المبارك؟ "مرقس 14 :61". فكان جواب يسوع بالأيجاب. حينئذٍ اعتبروا أنّهُ مجدّف وعزموا على قتله.
فهِم بعض اليهود أنّ يسوع هو ابن الله. وأعلن (شَهَدَ) قائد المئة وهو عند الصليب: " بالحقيقة كان هذا الرجل ابن الله " مرقس 15 :39". وهكذا وصل مرقس الى الهدف الذي وضعه أمام عينيه في بداية إنجيله. “إنجيل يسوع (الأنسان الذي عرفتموه)، الذي هو المسيح، الذي هو إبن الله " مرقس 1 :1"
على ضوء الصليب والقيامة نُعيد قراءة الكتاب المقدّس، كما فعل تلاميذ المسيح، فهم لم يفهموا أقوال وأفعال عديدة، خلال حياة يسوع على الأرض "مرقس 14: 72"، لتستضيء نصوصها بنور جديد " فلّما قام من بين الأموات، تذكَّرَ تلاميذه هذا الكلام ، فآمنوا بالكتاب والكلام الذي قاله يسوع" يوحنا 2 :22"
نحن اليوم نسلط الضوء على العهد القديم لنفهمه بموهبة الروح القدس الذي نحمله لنفهم كلام وأعمال يسوع المسيح " ولكن المعزي، وهو الروح القدس الذي يرسله الآب باسمي، سيعلمكم كُلِّ شيء ويجعلكم تتذكرون كُلّ ما قلته لكم" يوحنا14 :26".
هذا الروح يشهد أمام التلاميذ، وبالتلاميذ يشهد أمام العالم. وهذا ما حدث فعلا." ومتى جاء المعزّي (الروح القدس) الذي أرسله اليكم من ألآب، روح الحق المنبثق من ألآب، فهو يشهد لي “يوحنا 15 :26"."وأنتم أيضا (التلاميذ) ستشهدون لأنّكم من البدء معي “. التلاميذ الذين رافقوا يسوع منذ بداية رسالته سيشهدون له، فيستعينون بروح الحق الذي يُفهِمُهُم ما قاله يسوع، ويُذكّرهم به، كما يواصل تعليمه لهم (من البدء معي ).
ثالثا : شهادة لوقا
كان لوقا طبيبا ومؤرخا ، وجّهه الروح القدس على وضع تركيز كبير على التواريخ والتفاصيل التي تربط بين يسوع والأحداث والناس في التاريخ ..فهذا الأنجيل هو سيرة حياة يسوع الذي هو المسيح ، فهو يقدم يسوع انسانا كاملا وفي الوقت نفسه الها كاملا . كان هناك اهتمام خاص بالرب يسوع، وقد كتب عنه الكثيرون يصفون خبراتهم الشخصية معه. وقد شرع لوقا بوحي من الروح القدس في تسجيل هذه الأحداث بصورة تاريخية شاملة وكاملة مستخدما كل المصادر المتاحة له، وقد كان يهمه ان يعرف الحقيقة. ولذلك اعتمد بصورة كبيرة على روايات شهود العيان. فإنّ المسيحية لا تقول للأنسان: "آمن إيمانا أعمى " بل بالحري: "اختبر بنفسك ما يقال لك " . فالكتاب المقدس يشجعك على ان تمتحن ما ينادى به لأنّ كل ما تصل اليه من نتائج عن شخص الرب يسوع هو مسألة حياة او موت بالنسبة لك.
. قال نثنائيل لفيلبس (اللذان سيصبحان تلميذان ليسوع المسيح) «أَمِنَ النَّاصِرَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ صَالِحٌ؟» قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: «تَعَالَ وَانْظُرْ»"راجع يوحنا 1 :46، اعمال 17: 11،12". لأنّ سمعة الناصرة كانت بالنسبة لليهود سيئة جدا ومكروهة، ويسوع كان من الناصرة.
لوقا كطبيب ومؤرخ حاذق، يدرك أهمية فحص الأمور فحصا شاملا، لذلك استخدم قدراته ومهاراته في الملاحظة والتحليل حتى يتحرّى بصورة شاملة عن الروايات التي قيلت عن الرب يسوع. فيمكنك إذا، ان تقرأ انجيل لوقا وانت واثق أنّ لوقا، كاتبه، رجل مفكر ومحقق وباحث مدقق ،لأنّ الأنجيل مؤسّس على حقيقة تاريخية .
ورد في مقدمة التفسير التطبيقي للكتاب المقدس:
"إنّ كُلّ ميلاد معجزة في حد ذاته. وكل طفل يولد هو عطية من الله. لكن منذ نحو عشرين قرنا من الزمان حدث الميلاد المعجزي الحقيقي، فقد وُلد ابن الله انسانا ليصير الله المتجسد. ويؤكد لوقا البشير لاهوت المسيح، أي طبيعته الإلهية. لكن التركيز الحقيقي في انجيل لوقا على ناسوت المسيح، أي طبيعته البشرية. فإنّ يسوع المسيح ابن الله هو أيضا إبن الأنسان.
منذ نهاية القرن الثاني نُسب الأنجيل الثالث الى لوقا الطبيب الذي جاء من العالم الوثني، لا من العالم اليهوديّ. وتميّز انجيله بجزء ثاني هو أعمال الرسل: هكذا فهم التلاميذ أعمال يسوع وأقواله فجاء عملهم امتدادا لعمله، وكلامهم امتدادا لكلامه ...أراد لوقا ان ينقل الى قرّائه ما تسلّمه من الرسل وخلفائهم (تلاميذ المسيح كشهود عيان) ، أن يُقدّم لهم يسوع كما دخل التاريخ منذ الحبل به ومولده ، من مريم العذراء ، وطفولته ، حتى موته على الصليب وقيامته وصعوده . الموضوع الرئيسي في لوقا، وفي كل انجيل، هو شخص يسوع وعمله. “انتهى الأقتباس"
حين دوّن لوقا الأنجيل وسفر الأعمال، ميّز تمييزا واضحا الحقبات المتتالية في تاريخ الخلاص: زمن العهد القديم الذي يتوقّف مع يوحنا المعمدان. وزمن يسوع الذي يبدأ في عماد يسوع ويصل الى الصعود. وزمن الكنيسة الذي يبدأ في الصعود وينتهي بمجيء يسوع الثاني. وفي قلب هذا التاريخ، يعلن الكاتب" يوم" الخلاص. فملكوت الله حاضر منذُ الآن وإن كان سيأتي. ويسوع هو هنا: أعطي لنا به كُلُّ شيء، غير انّ ملء عطايا الله ستكون تامة في نهاية الزمن.
كُل شيء تمّ اليوم في حياة يسوع ." اليوم وُلدَ لكم مُخلّص في مدينة داود" لوقا 2 :11". اجل، منذ اليوم بدأ الخلاص مع هذا الطفل الضعيف الملفوف بالقمط. وفي المعمودية، هتف الآب لابنه :" أنت ابني الحبيب بك رضيتُ" لوقا 3 :23"
هي ولادة من الأزل الى الأبد على مستوى اللاهوت، وعلى مستوى الناسوت، اليوم تبنّى الله ابنه كما كان يتبنّى الملوك في شعبه. اليوم تبدأ رسالة يسوع كالمسيح المنتظر. وهي تبدأ في خط قصد الله في العهد القديم. لهذا، حين يقرأ يسوع في مجمع الناصرة مقطعا من اشعيا النبي قال:" اليوم تمَّت هذه الكلمات التي تلوتها على مسامعكم" لوقا 4: 21".. حضور المسيح هو أكثر من حضور ماديّ، أكثر من حضور على مستوى الجسد. هو حضور الرب.. موضوع انجيل لوقا هو سرّ يسوع، هو وحي الله في يسوع المسيح.
هذا هو الأنجيل الذي دوّنه لوقا حوالي سنة 85 م، وأرسله الى كنائس اليونان. قال اوسيب وجيروم، إنّ لوقا كان وثنيا من سورية، وطبيبا رافق بولس حتى في سجنه (راجع كورثوس 4 :14). هو ابن انطاكية وصاحب الثقافة اليونانية الرفيعة، فجاء متحررا من العالم اليهودي. قدّم الى انسان عصره تعليما صحيحا ينطلق من شهود عيان ومن خُدأم الكلمة. وقدم لنا انجيلا يدعونا فيه للدخول في سرّ يسوع الذي هو مخلّص جميع البشر، وبالتالي مخلّصنا نحن أيضا. " فما من اسم آخر تحت السماء وهبه الله للناس نقدر به أن نخلص " اعمال 4: 12:
شهادة لوقا المؤمن والمؤرخ يقول " ألفتُ كتابي الأول (انجيل لوقا)، يا تاوفيلس ، في جميع ما عمل يسوع وعلَّم ، منذ بدء رسالته ، الى اليوم الذي رُفِعَ فيه الى السماء ، بعدما القى وصاياهُ بدافع من الروح القدس ، الى الرسل الذين اختارهم" اعمال الرسل 1:1-2 "
فلوقا الأنجيلي، كاتب الأنجيل وسفر أعمال الرسل، رافق بولس الرسول، هنا يُعيدنا الى كتابه الأول "إنجيل لوقا". ذلك أنّ قصة يسوع بالنسبة له، تتواصل ما بعد موته، في قصة شهوده.
يقول لوقا في مقدمة انجيله : " إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا،كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ،لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ." لوقا 1 : 1-3"
اخذ لوقا لغة المؤرخين اليونان، ولكن هدفه هو ان يقدّم انجيلا وخبرا طيّبا. تعرّف الى صحة التعليم فقدّم احداث حياة يسوع ورسالته كما تمت بيد الله ." لكن الروح القدس ينزل عليكم فتنالون قوّة وتكونون لي شهودا في اورشليم وكل اليهودية والسامرة، حتى اقاصي الأرض " اعمال الرسل 1 : 8".
هذه الآية ترسم مخططا لسفر اعمال الرسل
أنّه وعدٌ أعلنه الله ونقله حزقيال والنبي يوئيل يعلن انه شيء اكيد ولكلّ الشعب. فلوقا يصف هنا جماعة الأزمنة الأخيرة التي تعيش خبرة الروح. رافق التلاميذ يسوع، وسمعوا تعليمه وشاهدوا مجده (لوقا 24 :48 ،اعمال 10 : 39،41). فبعد قيامة يسوع المسيح ظهر لتلاميذه وقال لهم:"عندما كُنتُ بعدُ معكم قلتُ لكم: لا بُدَّ أن يتُمّ لي كُلّ ما جاء عنّي في شريعة موسى وكُتُب الأنبياء والمزامير... وأنتُم شهود على ذلك "لوقا 24 :44، 48"
رابعا: شهادة يوحنا
مجد الله في كل الكتاب المقدس، إنّما هو حضور الله القدوس الذي لامثيل له، كحضوره على جبل العهد، سيناء (خروج 24 : 16-17). ويؤكّد يوحنا الرسول، على مدى ألأنجيل الرابع، بأنّ حضور الله القدوس والمخلّص قد تجلّى في يسوع:
عبر أعماله واقواله، في "ألآيات" التي أتمّها ولاسيّما لدى مجيء ساعته (موته وقيامته). هذا الكشف عن الله الغير المنظور هو امر جديد وخارق: ألإنسان يسوع من الناصرة، أعلن انه ابن ، لابل الأبن الوحيد . فعندما سأل فيلبس (احد تلاميذ المسيح) يسوع: "أرنا الآب" أجاب يسوع:" من رآني، فقد رأى الآب"يوحنا 14 :9". ويوجز مطلع الأنجيل كُل هذه الخبرة التي تمتع بها ألأنجيلي وسائر التلاميذ:” وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا. .."يوحنا 1 :14" فيسوع هو حضور الله المخلّص فيما بيننا.
هكذا يشهد يوحنا فيقول: "ما من احدٍ رأى الله. الإله الأوحد الذي في حضن الآب هو الذي أخبر عنهُ" يوحنا 1 : 18"
يصعب على الأنسان ان يصل الى معرفة مباشرة لله، هو لا يرى الله ولا يقدر ان يراه مهما فعل.
فمن يا تُرى يستطيع أن يُخبرنا عن حقيقة الله؟ الجواب فقط "الإله ألأوحد" الذي في حظن الآب هو الذي أخبر عنه. هنا اعلان(كشف) صريح عن الوهية" الكلمة". فالكلمة (الأبن) الأوحد يُقاسم الآب حياته مقاسمة لا حدود لها.
لهذا، فهو (الكلمة يسوع المسيح) يستطيع وحده ان يقود البشر الى معرفة الله والحياة به.
يوحنا المعمدان الشاهد للمسيح يشهد فيقول: "ها هو حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم. هذا هو الذي قلتُ فيه: يجيء بعدي رجل صار أعظم منّي، لأنّه قبلي " يوحنا 1 :3”. وشهد يوحنا وقال :"رأيت الروح ينزل من السماء مثل حمامةٍ ويستقر عليه... وأنا رأيت وشهدتُ أنّه هو ابن الله " يوحنا 1 : 34"
يسوع الحي واهب الحياة فكل من يصغي إليه يحيا. هو مصدر الحياة. من يسمع ليسوع ومن يؤمن بمن أرسله فله الحياة الأبدية، ولايحضر الدينونة (يوم الحساب) .
السؤال لماذا لايحضر الدينونة كُل من يسمع يسوع ويؤمن به؟
ألأجابة قالها يسوع " "«اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ، حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللهِ، وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ." ."يوحنا 5 :24-25”. لأنّ الحياة الأبدية: هي علاقة بين الأيمان والحياة. والحياة الأبدية نمتلكها منذُ الآن. لا ينتمي المؤمن بعد الآن الى الموت، بل هو يحيا القيامة منذُ الحياة الحاضرة. فحتى وإن مات المؤمن (جسديا) فهو يتقّبل الحياة. كُل حياة تأتي من الله.
يسوع هو الحياة، حياة الله ذاته (الحياة الأبدية) ونحن نتقبّلها في الأيمان باسمه والمسيح هو الحياة والطريق والحق"يو14 :6"
تبدأ رسالة يوحنا في كلام عن وحي، ما اكتفى بأنّ يكون امرا نظريا، بل اتَّخذ في التاريخ وجه يسوع الذي يحمل الى البشر حياة ملموسة من الشركة والاتحاد والفرح. فكلمة الحياة: (يسوع الكلمة) تعود الى ما قبل التاريخ البشري" في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمةُ الله "يوحنا 1 :1" فتدلُّ على المسيح. فيوحنا والكنيسة (سائر الرسل) ونحن أيضا سمعناه ولمسته أيدينا. شدَّد يوحنا على بشرية يسوع (ابن الأنسان) هو من لحم ودم استطعنا لمسه. شهادة الرسول صادقة لانها مؤسسة على مرآه وسمعه ولَمَسهُ الشهود الأولون.
"الذي كان من البدء. الذي تأملناهُ، ولمستهُ أيدينا كلمة الحياة. والحياة تجلّت فرأيناها، والآن نشهد لها ونبشركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وتجلَّت لنا "1يوحنا 1 :1-3"
"ذاك الذي وُجِد من الأزل صار بشرا "يو1 :14".
هو إنسان حقيقي، هو الكلمة، وهو الحياة. هو الكلمة الذي يحمل الحياة "والحياة تجلّت فرأيناها". والحياة ألأبدية، حياة الله ذاته. أُعطيت لنا في يسوع المسيح ابن الله "1يوحنا 5: 11، 1يوحنا 4 :9".
بإعلان الأنجيل كشف لنا يسوع، في موته، محبَّة الله العظمى، فمن كان في النور، لا يمكنه أن يبغض، لا يمكنه إلّا أن يحبّ، وإلّا كان في الظلمة. البغض هو قتل لإخوتنا
"مَنْ قَالَ: إِنَّهُ فِي النُّورِ وَهُوَ يُبْغِضُ أَخَاهُ، فَهُوَ إِلَى الآنَ فِي الظُّلْمَة"1يوحنا 2 :9". من هو في البغض هو في الظلام هو أعمى لايرى.
يقول يوحنا الرسول: ونحنُ رأينا ونشهد أنّ الآب أرسل إبنه مخلّصا للعالم...نحنُ نَعرف محبّة الله لنا ونؤمن بها"1يوحنا 4 : 14، 16".
نعرف ...ونؤمن. ألأيمان يتفتّح في المعرفة. فالمسيحيّون يعرفون منذُ ألآن، بفضل إيمانهم محبة الله التي تجلَّت لهم في يسوع المسيح . لان" الله محبة"
الذين يعرفون يسوع يعرفون الله. هذه المعرفة المُحبّة لله، هي تُجرِّد عن الكبرياء ومختلف الشهوات، وتحمي المسيحيين من الضلال (الهرطقات) بفضل اسم المسيح.
"من يؤمن بابن الله، فله تلك الشهادة، ومن لا يصدق الله جعلهُ كاذبا، لأنّه (أي الغير المؤمن) لا يؤمن، بالشهادة التي شهدها الآب لابنه "1يوحنا 5 :1"
السؤال ما هي هذه الشهادة؟
الإجابة وردت في" 1يوحنا 5 :11، 12"وهذه الشهادة هي أنّ الله أعطانا الحياة الأبدية وإنّ هذه الحياة هي في ابنه، من يكون له الابن فله الحياة . من لا يكون له ابن الله، فلا تكون له الحياة"
قال الرب يسوع - وهو واقف امام بيلاطس البنطي حاكم الرومان في القدس، ردّا لسؤال بيلاطس البنطي له: "أملكٌ أنت "؟ لأنّ اليهود اتّهموا يسوع بانه ينادي بانه ملك وهذا كان يهدد الإمبراطورية الرومانية.
أجاب يسوع بيلاطس: “أنا وُلِدتُ وجِئتُ الى العالمِ حتى أشهد للحقِّ. فمن كان مِن أبناء الحقِّ يَستَمِع الى صوتي " يوحنا 18 :37"
هناك مُماهات بين سماع صوت الأبن والمجيء الى الحقِّ،لأنّ يسوع هو الطريق والحقَّ. وهذا ما شهد به يوحنا عن المسيح "الكلمة" إذ يقول:" والكلمة صارَ بشرا وعاشَ بيننا ، فرأينا مجدهُ مجداً يفيضُ بالنعمة والحقِّ" يوحنا 1 :14". كان الكلمة لدى الله. هذا ما يدلّ على وجوده الأزلي. وصار بشراً. هذا يدلّ على وجوده في الزمن، فيشير الى الوقت الحاسم للخلاص. وكلمة بشراً يشير الى ان يسوع هو من لحم ودم. هو الأنسان كله بما فيه من ضعف يصل به الى الموت.
شهادة تلاميذ يوحنا الأنجيلي على صدق ما دوّنه يوحنا في انجيله ( الذي كان شاهد عيان ) . حيث جاء في اخر أنجيل يوحنا هذه الآية التي تؤكد على صدق ما كتبه يوحنا:
"وهذا التلميذ(يوحنا) هو الذي يشهد ُ بهذه ألأمور ويُدوّنها، ونحنُ نعرف أنّ شهادته صادقة" يوحنا 21 : 24"
احتفظت الجماعة اليوحناوية بهذا الأنجيل وهذه الشهادة، وهي بدورها تشهد للتلميذ الذي كان يسوع يحبُّه"راجع يوحنا 13 : 23".
هنا يوحنا يمثّل كُل المؤمنين الذين يحبّون المسيح والمسيح يُحبُّهم. ويوحنا، هو شاهد عيان كان يرافق يسوع المسيح ولم يفارقه حتى عندما صلب المسيح كان موجودا برفقة مريم العذراء ام يسوع المسيح. وجاء في انجيل يوحنا:" وهناكَ، عند صليب يسوع ، وقفت أُمّه ، وأختُ أُمّهِ مريمُ زوجةُ كلوبا ، ومريم المجدليّة . ورأى يسوع أُمُّهُ والى جانبها التلميذُ الحبيب إليهِ، فقال لأمِّهِ:"يا إمرأةُ ، هذا إبنُكِ" . وقال للتلميذ: "هذه أُمَّكَ" فأخَذها التلميذُ الى بيتهِ من تلك الساعة" يوحنا19 :25-27"
في هذا النص هناك كل العظمة الذي أراد الروح القدس ايجاده لنا فيما يتعلق بمريم أم يسوع المسيح وأمنا: انه غنى كبير
يقول البابا يوحنا بولس الثاني:
"ان الانجيلي يوحنا ، من بعد كلمات يسوع لأمه: "ورأى يسوع أن كل شيء تمّ "يوحنا 19: 28" وكأنه يشددّ بأنه أخذ حتى النهاية تضحية بتسليم مريم الى يوحنا ومن خلاله الى كل البشر، والتي أصبحت الأم في العمل الخلاصي" انتهى الأقتباس"
نعم يسوع هنا طلب منّا أن نأخذ أمُّهُ الى بيتنا (من خلال يوحنا الحبيب). هي أم يسوع وبالتالي أمُّ الكنيسة، لأنّ الكنيسة جسد المسيح.، اذ كان يوحنا ومريم المجدلية ومريم السالومي وباقي النساء اللذين يتكلم عنهم الانجيل ثابروا بايمان وكانوا شهود لقيامته.
إنَّ بعضا من أعظم العبارات عن طبيعة " الله المحبّة" كتبها رجل اختبر محبّة الله بطريقة فريدة متميّزة. وقد عبَّر يوحنا تلميذ يسوع المسيح عن علاقته بإبن الله بأن دعا نفسه “التلميذ الذي كان يسوع يُحبُّهُ"
إنّ العناد ورفض يسوع المسيح يقود الى الموت الروحيّ والنهائي. إنّ جحود ألأيمان والهرطقة التي تُقسّم يسوع (1راجع يوحنا 4 :3) فتمنع الأنسان من الشركة مع الله وبالتالي تقود الى الدمار الروحي النهائي.
نلاحظ أنّ كلام يوحنا يُعارض الغنوصيين الذين أنكروا التجسُّد وعاشوا الفلتان الخُلقي. أنكروا وظلّوا معاندين في إنكارهم(أي عدم ايمانهم بيسوع المسيح ابن الله) . واليوم أيضا هناك عشرات الهرطقات والبدع التي خرجت من المسيحية تنكر هذه الشهادات عن أنّ يسوع هو ابن الله الحي وهو الحياة ألأبدية. بينما يقول يوحنا عن المؤمنين والذين يشهدون عن حقيقة يسوع المسيح إبن الله الحي:"نَعرف أنَّنا من الله ، وأنَّ العالم كُلُّهُ تحتَ سُلطان الشرّير. ونعرف أنَّ إبن الله جاء وأنّه أعطانا فهما نُدرك به الحق. ونحنُ في الحقّ في ابنه يسوع المسيح"1يوحنا 5 : 19-21".
شهادة بطرس الرسول كما جاء في سفر اعمال الرسل:

شهادة بطرس في خطبته عن المسيح هي خلاصة شهادة الكنيسة الأولى. دوّنها لوقا الأنجيلي في سفر أعمال الرسل لتكون لنا اليوم أيضا شهادتنا عن يسوع المسيح، لأنّ تاريخ الكنيسة يشهد عن ملايين المسيحيّين الذين استشهدوا ليس لسبب سوى أنّهم آمنوا بيسوع المسيح "المُخلّص" الذي مجّده إله آبائنا بالقيامة" كما يقول بطرس الرسول. يستشهد بطرس الرسول في خطابه بما قاله موسى النبي " سيقيم الربّ الهكم من بين أخوتكم نبيّا مثلي، فاسمعوا له في كُلّ ما يقوله لكم"اعمال 3 : 22"
الرسل لم يكونوا فقط شهود للمسيح، بل قاموا بمعجزات باسم يسوع المسيح. وعندما قام بطرس بشفاء الكسيح (راجع اعمال الرسل 3) ، أصاب الناس الحيرة فلمّا رآهم بطرس على هذه الحال قال لهم :
" يا بني إسرائيل، ما بالكم تتعجّبون مما جرى ؟ ولماذا تنظرون الينا كأنّنا بقدرتنا او تقوانا جعلنا هذا الرجل يمشي؟ "اعمال الرسل 3:12"
أنّ الشفاء باسم يسوع طرح السؤال، عبر التاريخ، حول كيان يسوع ورسالته. ذاك هو قلب كرازة الرسل الأساسية. وهذا السؤال مطروح الى يومنا على البشرية كلها .
رسائل بطرس الرسول
يؤكّد الرسول بطرس في رسالته الثانية: (2بطرس 1 16-17"
إنّ أنبياء العهد القديم كتبوا رسائل الله، ويضع بطرس نفسه والرسل الآخرين في نفس المجموعة لانّهم هم أيضا أعلنوا حق الله.. ويؤكّد بطرس سلطانه كشاهد عيان الى جانب سلطان ألأسفار الموحى بها من الله، وذلك استعدادا لهجومه على المعلّمين الكذبة فلا يمكن ان تكون رسالة أولئك المعلمين الأشرار من عند الله لو تعارضت مع الرسل او مع الأسفار المقدّسة. إذ يقول:
"أَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ. لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْدًا، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهذَا مِنَ مَجْدِ الله تعالى: «هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ. وَنَحْنُ سَمِعْنَا هذَا الصَّوْتَ مُقْبِلًا مِنَ السَّمَاءِ، إِذْ كُنَّا مَعَهُ فِي الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ.2بطرس 1 :16-18"
الأنبياء والرسل تحدّثوا منذ العهد القديم عن مقصد الله من أجل البشريّة :
*بالهام من روح الله * ولكن الوحي الكامل كان في يسوع المسح * وتواصل في شهادة الرسل عن حياة يسوع المسيح .
لهذا يطالبنا الرسول بطرس ان يكون المؤمنون أمناء لكلمة الأنبياء والرسل. وهنا يشهد الرسول على حادثة التجلي "وفيما هو يتكلم اذا سحابة نيرة ظللتهم وصوت من السحابة قائلا: «هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت. له اسمعوا "(متى 17 :5-6) فهو الشاهد، فشاهدها ورواها. فالتجلّي هو تذوّق مسبق ناله التلاميذ للمجيء الثاني حين يأتي يسوع ليقيم ملكوته الأبدي. عظمة الله هي ما يتجلّى من بهاء الله، كما حدث في التجلّي.
إستند تعليم بطرس الى أساسين متينين:
ألأول: صوت من السماء في التجلي
الثاني: شهادة الكتب المقدّسة.
إنّ تجلي المسيح جعل كلام الأنبياء حاضرا، ودلّ على متانته. شُبّه كلام الأنبياء بالسراج، وكلام المسيح بكوكب الصبح الذي يشرق في النهار (راجع 2بطر 2عن المعلمون الكذابون).
تجاه شهادة الأنبياء والرسل، نجد تعاليم كاذبة تميل بالمسيحيين عن التعليم الحقيقي الذي له متطلباته، وتجتذبهم الى تنظيرات غاشّة حول القوّات السماوية.
شهادة الرسول بولس
إنّ التبدل لدى شاول (بولس) حدث رئيسي في تاريخ نشر البشارة . فخبرة المسيح القائم من الموت جعلت بولس شاهدا ليسوع شأنه شأن الرسل، ومنحته سلطانا ليحمل الأنجيل (الخبر السار) الى الأمم الوثنية .
بولس الرسول وهو في السجن، مهدد بالحكم بالأعدام ، ومع هذا فهو فرح .كتب رسالته الى الفيلبيين ليشجّعهم وسط الصعوبات . إن كلام الفرح مكرّر 16 مرة في هذه الرسالة.
كتب يقول عن يسوع المسيح:
"الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا للهِ.لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ.
وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ."فيلبي 2 : 6-9"
نقرأ هنا نشيداً يُنشد سرُّ التجسّد فينقسم الى قسمين: في الأول، يشير الرسول الى تنازل يسوع بإرادته حتى الموت على الصليب.
وفي الثاني، الى ارتفاعه بقدرة الله وان صورة الله تدلّ على شكل منظور يُبرز كيان الله العميق في المنظار البشري .يقول يسوع المسيح "من رآني رأى الآب" يوحنا 14 :9". طبيعة هي طبيعة الله، فهو مساوٍ لله. ففي اخلاء ذاته يتجلى كيان الله وحبّه.. هذا الذي هو اله حقيقي، هو في الوقت عينه انسان حقيقي. وهكذا تماهى يسوع مع البشرية كلها .
فما هو جوابك على أهم سؤال يمكن ان تواجهه: من هو يسوع المسيح؟

المراجع
1 - التفسير التطبيقي للكتاب المقدس
2 – قراءة رعائية للكتاب المقدس
3- المحيط الجامع في الكتاب المقدّس والشرق القديم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با


.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط




.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-