الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجّندر والجّندريّون وأصحاب الجّندر 5

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)

2024 / 3 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في مقدمة هذه الحلقة أودّ أن أطرح ما كتبه لي أحد الأصدقاء الذين ترجمت له الحلقة الأولى، فأثار عددًا من الأسئلة المنطقيّة المهمّة، سأذكرها تباعًا لأهميتها. منها مثلًا:
ما هو الجنس بالضبط؟ وماهو الإنتماء؟ هل لقدراتنا علاقة بالخَلق؟ هل الخلق لا يزال مستمرًّا في الحاضر أم أنّه ثابت منذ بداية الزمن؟ هل يجوز للإنسان أن ينتهك شيئًا بسبب جنسه؟ والعديد من هذه الأسئلة. ويتسلسل صاحبي بهذه الأسئلة الجميلة التي تحتاج الى إجابات وبأشكال تتناسب مع العقل البشريّ كما أتصوّر.
لتكملة ما بدأته في الحلقة السّابقة: أقول في تحليل القول السابق للكاتب (أو للكاتبة) في التسلسل أولًا: طرح الكاتب (أوالكاتبة) صيغة الجنس الثالث على أساس وجودها القسريّ أو الواقعيّ الذي لا علاقة له بالبحث العلميّ الذي يريده (أو تريده)، أي أنّه (أو أنّها) طرح (أو طرحت) ما سمّاه (أو سمّته) إشكاليّة الجنس الثالث على أساس أنّه موجود ومطروح وحاصل بالواقع الذي لا ينبغي أن يطرح على أساس وجوده بلا سبب ما.... الى أخره من القول السابق. وهنا أقول التسلسل الثاني:
ثانيًا: لا يخلو الأمر من تباحث قسريّ كذلك حينما يراد لهذا التصوّر أن ينتشر لغايات كثيرة ومتعدّدة مدعومة بمال ورأي من هنا، ومزاج من هناك، بلا سند معتبَر، إلّا من خلال ما يُراد له أن يكون. وهنا تكمن عدّة خطورات في الأمر، منها مثلًا: أن يُدفَع بدراسات متعدّدة فكريّة أو تأريخيّة غير تلك التي تستند على الواقع العمليّ المختبريّ أو البحثيّ بالدليل العلميّ الذي يرتبط بما هو مؤثّر على التكوين لهذا الذي يسمّونه الجنس الثالث، والذي لا علاقة له بأيّ تكوين فسلجيّ إطلاقًا، كما أشرنا سابقًا. أي أنّ الأمر إن لم يرتبط بذلك البحث المتعلّق والمرتبط بالوضع المباشر فلا قيمة له في إطار الوصول الى نتيجة صحيحة. فيمكن لك أن تكتب ما تشاء كما نراه ونقرأه هذه الأيّام في العديد من المواقع الإلكترونيّة، أو في وسائل الإعلام الفوضويّة التي لا قيمة لها في الوسط العلميّ والبحثيّ حيث ترى ما لا يتصوّره عاقل من فوضويّة حتى في تشويه القيمة العلميّة من أيّ بحث أو نقد علميّ.
عودة الى السيد الحيدريّ
يشير السيد الحيدريّ الى ما يقوله عبد المجيد الشريفيّ في مقدمة كتاب الدكتورة آمال قرامي:(إنّ الذي يشكّل الإختلاف بين الذكورة والأنوثة أكثر من أيّ عامل آخر). وهنا يشرح السيد الحيدريّ ويسلط الضوء بهذا الشكل وبهذه التساؤلات المنطقيّة:عندنا في الذكر والأنثى بُعد بيولوجيّ تكوينيّ (هل) المجتمع يشكّله أو لا يشكّله؟ (الجواب): لا يشكّله هو متكوّن بنفسه، وعندنا هويّة لهذا الذي نسمّيه ذكر وهويّة لهذا الإنسان الذي نسمّيه أنثى من قبيل أنّ هذا أفضل من هذا، مع أنّ كلاهما إنسان. ولكن هذا الإنسان في الدرجة الأولى، (وهذا) الإنسان في الدرجة الثانية، هذا الإنسان عقله أكمل، وهذا الإنسان عقله أنقص، هذا الإنسان يستطيع التدبير (أي) عنده قدرة على تدبير الحياة أو ليست عنده قدرة؟ هذا الإنسان عنده قدرة على تدبير (ما) وهكذا. ويتساءل: القضايا هل هي تكوينيّة أم هي ماذا؟ أم إجتماعيّة؟ يقول ويقصد المشرفيّ في هذا التساؤل، إطمئنّوا أنّ أهمّ عامل في تكوين هوية الذكر والأنثى مرتبط بماذا؟ بالبُعد الإجتماعيّ والثقافيّ، لا بالبعد البيولوجيّ والتكوينيّ. إنتهى القول. من الملاحظ أنّ الكثير من الباحثين يؤكّدون على أهميّة الإعتناء بالبحث المستمرّ والمعمّق للوصول الى الغاية المنشودة وهي الحقيقة والحفاظ على القيم الإنسانيّة لإستمرار الحياة بشكلها الطبيعيّ والمتطوّر، إلّا من بعضهم للأسف فقد أصرّوا ويصرّون على الإهتمام بالمناكفات التأريخيّة التي إن دخلتَ في دهاليزها ستضيّع موضوعك وبحثك إن لم يستند على أسس البحث التأريخيّ من موثوقيّة النقل والمصدر وغير ذلك، بعيدًا عن الأبعاد المؤثّرة الأخرى! والتي وقع فيها بعض الباحثين العرب في هذا المجال المهمّ، والحسّاس. وهنا يذكر السيد الحيدريّ أنّ الأمر ما بين الجنسين أو جنس الذكر وجنس الأنثى هو تكوينيّ في طبيعته، أمّا الإختلاف فيما عداه، أي فيما يتعلّق بكلّ الأمور الإجتماعيّة، فهي من قبيل الظروف الإجتماعيّة لا أكثر. أي حتى في إطار ما يميّز الذكر عن الأنثى إجتماعيًّا من هذا التوجّه وليس تكوينيّ السبب. وهذا الذي ذكره هو ما ينطبق على الدراسات التي تؤكّد على إجتماعيّة هذا التأثير وليس تكوينية التأثير (لقد ذكرنا ذلك بالتفصيل في حلقة سابقة). الآن لو سأل أحدهم فيما يتعلّق بما يسمّى النوع الثالث أو الجندر! ماذا عليه لو أنّ التواصل الإجتماعيّ أو التأثير الإجتماعيّ يساعد على إيجاد النوع هذا بعيدًا عن التصوّرات أو الضاغطات على مثل هذه الحالات. أي ما عليه من ضير لو سارت الحياة بغير هذه التكوينيّة التي يؤمن بها بعضنا على أنّها من خالق الكون وهو الله تعالى، أو من طبيعة ما، كما يؤمن بها ذلك الذي أجيب على كلّ أسئلته لو بحث في هذا المجال. ما الضير في هذا أن يكون جنس ثالث أو ربما رابع او غير ذلك؟!! والجواب على مثل هذا التساؤل ليس لأنني أؤمن بما أقول ولكن للمناقشة العلميّة المنفتحة أقول: لهذا الكون قوانين قد فطن عليها الإنسان منذ وجوده على هذه الأرض، وكلّ كائن حيّ منذ خلقت هذه البشريّة الى الآن على الأقل، وهذه التراتبيّة والتنظيميّة مستمرّة حيث لا يمكن لعقل الإنسان أن يتفاعل مع الرأي القائل بعشوائيّة هذا الوجود. فمن خلال عقلك تستطيع أن تبصر كيف أنّ هذا الوجود منظّم وفق هندسة غاية في التنظيميّة وغاية في التراتبيّة. لمَ يكون هذا الإضطراب أو لنقل هذا التغيير بإتّجاه آخر بعيدًا عن هذه التنظيميّة التي تساهم في تقدّم الكون وهو في ذاته متوسّع وفق القوانين الفيزيائيّة المعروفة. بإعتبار أنّ التوسّع في الكون أو التمدّد الحاصل فيه يكون من مميّزاته الضمنيّة أن يكون هناك تغيّر أو تغيير في الصيغة أو هذا التكوين من ذكر وأنثى فحسب!؟ لأنّ التغيير يمكن أن يشمل كلّ الوجود المدرَك وغير المدرَك، لِمَ لا؟! والجواب ببساطة إنّ التغيير الذي يحصل ليس غايته التغيير لأجل التغيير بل ما الغاية لوجود قانون ينفي أو يقف حائلا ضدّ القانون الآخر غير العبثيّة التي يرفضها العقل والمنطق الإنسانيّ على الأقل في الوقت أو الزمن الحاليّ. أي وجود هذا التكوين بهذه الصورة ضرورة كما قلنا لإستمرار هذه الحياة خاصّة إذا ما علمنا أنّ هذه الإزدواجيّة موجودة في الكثير مما يحيط بنا ليس للمطلقيّة في القول بإعتبار أنّ ما أقوله هو الأهمّ بل أقول من هذا المثال يمكن أن نستوعب الضرورة لوجود هذه الموجودات بهذا الشكل وهذه الصورة. ولتقريب المفهوم أكثر: حينما تكون الجاذبيّة ضرورة لوجود الأشياء بالقرب من الأجسام (أو من طبيعة تكوين الأجسام) بأبعاد معيّنة وبالشكل المعروف الذي لم يصبح قانونًا بل قريب من البديهيّة، أقول ما الغاية من طرح سؤال، لِمَ لا يوجد شيء إسمه اللاجاذبيّة؟! أي لِمَ لا يكون التعامل مع الإفتراض بعدم وجود الجاذبيّة كمجال في علم الكلام أو الجدال أو المجادلة اللغويّة لا أكثر. هل هذا منطق في طرح مثل هذه الأسئلة بهذه الصورة؟! لا ننسى الغاية من وجود قانون السببيّة الذي يعرفه الكثيرون. لذلك أرى من الضروريّ أن يكون هناك تنظيم مهمّ يمكن الإستناد عليه في كلّ تفاصيل هذا الكون ومن ذلك هذا الوجود الذي نحن فيه ومعه ومنه. فوجود الإثنين بهذا الشكل يؤكّده الواقع المنسجم مع هذه التنظيميّة في كلّ شيء. لِمَ هذا التشويه والتغيير بإتّجاه لا يخدم الإستمراريّة والتنظيميّة عمومًا. كلّ ما قرأناه في هذا الإطار، أي ما يتعلّق بالحالات التي يذكرها التأريخ هي عبارة عن خضوع لمؤثّرات إجتماعيّة أخلاقيّة يفرضها الوضع. وقد أثرت موضوعًا مهمًّا فيما يتعلّق بإعلام مدفوع للنّفخ في تشويه الحقائق حتى منها العلميّة، فيما يتعلّق بإعلام يضخّ لإيجاد ما يسمّى بجنس ثالث ورابع ودراسات تجريبيّة محاولة لإيجاد مثل هذا الوضع غير التراتبيّ وغير التنظيميّ. ولا أستثني من ذلك بعض الباحثين الذين إتّسموا بالعلميّة والعمل الجادّ لتطوير الحياة بالطرق التي يرونها مناسبة وفي نيّتهم المقبولة والتي لا غبار عليها، لكنّ المشكلة مع من يعاند في قوله والقول فيما يتعلّق بحريّة الفرد في العيش، لكنّنا نعرف أنّ هذا المفهوم مرن الى درجة كبيرة حينما نقارن ما بين حريّة الفرد المذكورة والقوانين التي تحكم المجتمع. أي بمعنى آخر هل يجب علينا تغيير القوانين بما ينسجم مع تغييرات محتملة في السلوك الفرديّ أو التطور بهذا الإتّجاه؟ وكذلك مع التغييرات التي تحدث في الكون عمومًا؟ أم نغيّر مفهوم حريّة الفرد المطروحة بهذا الشكل الذي تطرحه كلّ الدول مع تطبيقات متناقضة واضحة تدلّ على عدم التوافق في المفاهيم وتطبيقاتها. فنلاحظ الكثير من أهل الإختصاص بعد التعامل مع الصراعات بين حريّة الفرد والقوانين تعامل صعب وقضيّة معقّدة غالبًا ما تتضمّن التقريب ما بين المفهومين أو بين التعاملين. ففي ذلك الكثير من المصالح المتضاربة والمتنافسة داخل المجتمعات. ولا توجد إجابة واحدة تناسب الجميع، لأنّ المجتمعات والأنظمة القانونيّة المختلفة تتعامل مع التوازن المذكور بأشكال مختلفة في الغالب. مع ذلك هناك بعض الطرق الشائعة التي تحاول التوفيق في حالة التطبيق الفعليّ لهذه المفاهيم. في حالات كثيرة يكون التعامل مع التعديلات القانونيّة وفق إجتهادات متعدّدة تدخل الثقافات المجتمعيّة فيها بالإضافة الى التشريعات الدينيّة بل وحتى التقاليد الإجتماعيّة المتوارَثة ومنها مفهوم حريّة الفرد التي تحوّلت الى كابوس يتناقض فيه الناس في الكثير من الأمور حين التطبيق. ففي تفسير القوانين أو تعديلها يتضمّن أو تتضمّن التعديلات مفهوم أو مفاهيم تستوعب الحريّات الفرديّة بشكل أفضل مع الإستمرارفي خدمة المصلحة العامّة للبلد أو للمجتمع أو حتى لعدّة مجتمعات. وقد يشمل التفسير المذكور في المحاكم للقوانين بطريقة تحمي الحريّات الفرديّة عمومًا، ولكنّها تفهم الحريّة الفرديّة بما يتعلّق بالجندر ما زالت معقّدة لأنّها تكون ضدّ القوانين الطبيعيّة في أغلب دول العالم والمجتمعات العالميّة وهي الغالبية الساحقة من هذه الدول أو المجتمعات. رغم قيام عدد من المشرّعين بتعديلات للقوانين لتحقيق مثل هذا الذي يسمّونه التوازن ما بين حريّة الفرد عمومًا والتنظيم. آخذين التشدّد فيما يتعلّق بالتناقض مع الفطرة البشريّة التي جُبِل عليها الإنسان عبر تأريخ طويل، حتى في التشريعات الأرضيّة القديمة. وفي المجتمعات الأناركيّة أو حتى المجتمعات الأخرى التي تحوي السلطة المركزيّة. هناك بعض الإستثناءات والقيود القانونيّة التي تتضمّن القوانين وقيود على بعض الحريّات الفرديّة لإدامة بناء المجتمع الذي سبّبت هذه التي يسمّونها حريّات فرديّة (خاصّة في المجتمعات الرأسماليّة!) الكثير من المشاكل الإجتماعيّة والإقتصاديّة والتعليميّة وغيرها بحيث إنتشرت حالات الإدمان على العادات السخيفة المستهجنة ومنها الإدمان على الحشيشة والمخدّرات والتي كلّفت الميزانيّات مئات المليارات من المال والوقت والموظفين وغيرذلك. ولو سلّطنا بعض الضوء على حريّات الفرد المذكورة بهذه الصورة المعقّدة في تلك المجتمعات والتي يسمّونها بحريّة التعبير والممارسة قد أوجدت حالات من خطاب الكراهية والخطاب المضاد ومن خطاب التشهير لحماية حقوق الأفراد الآخرين. وبشكل صريح نقول لولا التطرّف في الآراء لوصلنا الى رأي مشترك ما بين المدارس التعبيريّة والآراء المطروحة ففي الحوارات المهمّة ما بين الآراء المطروحة والإحترام المتبادل دون الوقوع في المحظورات التي تغلق الأبواب من جهة يطلق عليها بالإعتداء على حريّات الفرد ومن جهة أخرى يطلقون عليها بالإعتداء على القوانين الموضوعة. ولا أبالغ اذا ما قلت أنّ موضوع الجندرة أو الجندريّين يلعب به أهل السياسة الدور الأوّل وغير الحاسم. والغاية هي عدّة غايات وليست واحدة، منها تلك النظريّات التي تريد للأخلاق أن تنطلق بلا قيود ويتحوّل المجتمع الى أفراد بلا أيّ قيد قانونيّ ولا أخلاقيّ لتعمّ الفوضى التي يتسلّق من خلالها أصحاب المصالح الضيّقة الذين يدفعون ببعض الناس للضغط الشعبيّ لمحاولة تغيير القوانين وفق مآربهم وتطلعاتهم كما حدث في بعض الدول العربية مثلاً، بإعلان العصيان والتمرّد على القوانين بإعتبارها غير عادلة ولا تسمح بحريّة الفرد لنشر الفوضى في المجتمعات، بعيدًا عن التشريعات القانونيّة التي من المفترض أن تكون سائدة وفق التراتبيّة والتنظيميّة المشار اليها والتي تنظم حياة الأفراد والمجتمعات بل وكلّ الكون وموجوداته.
من الضروريّ التعامل مع كلّ الأمور وفق القوانين من توعية المجتمعات وزيادة الوعي وفهم معنى الحريّة الفرديّة ومعنى التشريع ومعان أخرى منها بناء المجتمع والكيفيّة المناسبة للتعامل مع البناء وأدواته الصحيحة.
ثقافة الفوضى
كثرت البرامج التي تدفع بهذا الإتجاه الذي يساهم في نشر ثقافة الفوضى وحجّة وجود تأثيرات تكوينيّة ومؤثرات من هذا النوع غير التأثير المجتمعيّ، بينما هو في الحقيقة التي لا تقبل الخطأ وجود هذا التوجّه عبر التاريخ لضرب وتشويه هذا الترتيب، حتى بعيدًا عن العلميّة التجريبيّة والنقاشات العقليّة الفلسفيّة! لا تستغرب فأعتقد أنّ الإنسان جُبِل على المناكفة حين الرخاء! يقول (أو تقول) أحد الكتّاب (أو إحدى الكاتبات) في دراستها التأريخيّة (بتسليط الضوء على حالات شاذّة لا تتجاوز عدد أصابع اليد وتعتبرها مصدرًا مهمًّا لوجود خلل في التعامل الدينيّ مع الوجود الإنسانيّ. حيث يقول (أو تقول) فيما يخصّ المصدر الآخر للإضطراب التراتبيّ والجندريّ كما يسمّيه (أوتسمّيه): (فالغريب أنّ هؤلاء المخصيين المهيئين خاصّة لحراسة النساء كانت لهم رغبات جنسيّة عارمة، بل يبدو أنّهم كانوا محلّ إعجاب النساء لأنّهم سريعو الإفاقة طويلو الإراقة). وتستمر في هذا التوجّه لإبراز ما تريد الدفع به كما الأخرون الذين يسعون الى إيصال الرسالة إيّاها! من خلال قوله (أو قولها): (مع ذلك يبدو أن هذه الاتجاهات الجنسيّة كانت مفتوحة نسبيًّا وكانت تحظى بتسامح واضح. فكما أن تحريم الخمرة لم يمنع شرب الخمرة وإنشاد الأشعار فيها، فإنّ تحريم المثليّة الجنسيّة لم يسدّ أبواب اللذّة المحرّمة وأبواب التغنّي بها. لم ينتظر القدامى الجنّة للإستمتاع بالغلمان لا أدلّ على ذلك من الغلمان الذين كانوا يطوفون حول ملوك وخلفاء منهم الأغلبيّ إبراهيم الثاني والخليفة الأمين والمعتصم). أنظر جعل هؤلاء أبواش الخلافة (!) مثالًا يتّهم الدين بسلوكهم! أوليس هذا السلوك الخليفي(!) كان ومازال مستهجنا من قبل الشريعة؟! أيكون تصرّف حاكم ما حجّة على شعبه وعلى السلوك العام للمجتمع كي يحال الى حجّة على أنّه إجتماعيًّا مقبول أو مشرّع أو قانونيّ وفق التوجّه العام للمجتمع. متى كانت المثليّة الجنسيّة مشروعة في المجتمع الإسلاميّ إلّا من ممارسات شاذّة ذكرت في كتب أشعار الخمريّات وكتب الغناء والتدوين الخاضع لهذا التوجّه؟! كما يحصل الآن من سلوك في هذا الإتّجاه ليكون حجّة قانونيّة أو واقعيّة يتّفق عليها البعض على أنّه مقبول. وإلّا كيف لنا أن نفهم مثل هذا البحث على مستوى من المسؤولية العلميّة الدليليّة يستند الى أسس البحث التأريخيّ المجرّد من التأثير النفسيّ أو التوجّهي لغاية في نفس الكاتب؟! من الصعب التعامل مع مثل هذه الطروحات الغريبة على البحث العلميّ، فكيف عرف الكاتب (أو الكاتبة) أنّ الأمر يتعلّق بهذا الإتّهام حتى وإن كان هذا المسؤول عن البيت أو القاعة أو قصر الخلافة(!)؟ فنحن نعرف أنّ العديد ممن سبقوهم الى ذلك كما روتها الروايات كانوا يمتلكون من العادات التي توغّلت في المجتمعات القديمة وسادت عند بعض السلاطين أو الخلفاء(!) ليس لأنّهم بهذا التصوّر الذي عند الكاتب (أو الكاتبة) بل لأنّ الأمر غير معروف السبب في وجود مثل هؤلاء الخصيان أو الخناث في تلك الأماكن. وفيه تحوّل الكاتب (أو الكاتبة) من مسألة التعامل مع هؤلاء الى فقه حَوَتْه الكتب الدينيّة في فقه يجادل (أو تجادل) فيه بعض الفقهاء في تفاصيل تتعلّق بموضوع إمامة الصلاة أو غير ذلك من التفاصيل الفقهيّة التي لا ينبغي لباحث أن يتطرّق الى هكذا موضوع سلوكيّ ليربطه بفقه بهذا الشكل البعيد عن الدقّة في الحجج، كما ذكرت آنفًا. ونشير الى أنّ المجتمعات عبر التأريخ حوت الكثير من السلوكيّات أو الموجودات التي لا تتعلّق بقانون أو قاعدة أخلاقيّة ترتبط بالزمن. ربّما يسأل أحدهم يمكن أن يكون هذا السلوك بغير الزمن طبيعيًّا إذا ما قدم زمن آخر....أي أنّ السلوك سيكون طبيعيًّا لو قمنا بإنشاء شيء جديد يكون جزءًا من حياتنا الجديدة. الجواب على ذلك ينبغي ان لا نعبر فوق الحقائق، هذا الكلام صحيح لا شكّ فيه! لكنّ التكوين في النشأة أو في الكون كما أشرنا يعود الى ما يؤمن به كلّ العلماء من وجود التنظيم والتناسق في هذا الكون بل يصل بأحدهم أو بجماعة تؤمن بوجود ما تسمّى بالهندسة المقدّسة، أي أنّ الأرض وما فيها وما عليها تخضع لقانون هندسيّ على أشكال هندسيّة تتكرّر بأضلاع وزوايا وأشكال عامّة متّسقة على وضع من التنظيم والإتّساق هائل جدًّا. فكيف بهذا العالم أو الكون الذي يكون وفق القوانين التي بين أيدينا منظّمًا حتى في توسّعه وتمدّده. ولنا عودة إن شاء الله تعالى.
مؤيد الحسيني العابد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيني اسبر واعترافات لاول مرة


.. عاجل | مظاهرات وأحكام عرفية وإغلاق مبنى البرلمان في كوريا ال




.. فضائح جديدة تلاحق تسلا ومالكها إيلون ماسك.. ما القصة؟


.. قراءة عسكرية.. كمين للقسام في رفح وتقدم للمعارضة السورية تجا




.. سياق | هل انتهى النفوذ الفرنسي في إفريقيا؟