الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لا يشتكي المصرى

محمد حسين يونس

2024 / 3 / 10
المجتمع المدني


شيء فظيع أن تجد مدخراتك قد فقدت 90% من قيمتها في ظرف ثمان سنوات ..و أنك لن تستطيع أن تتناول غذائك أنت و زوجتك في مطعم سمك لأن الفرد بعدما كان يتكلف أربعين أو خمسين جنية أصبح يدفع الف جنية .
و أن معاشك .. أصبح لا يكفي إلا لحياة شديدة التواضع بعدما أصبحت علبة الحبوب المضادة للإكتئاب ب 600 جنية .
بصراحة لا أجد تبريرا لهذا الزحام في السوبر ماركات .. و لا لكمية المشتريات الموضوعة في عربات جمع البضائع لكل زبون ..الناس تشترى كيلو اللحمة بخمسمية وبستمية جنية ..وبرطمان القهوة ب360 جنية و علبة التونة بميت جنية ..و البيضة بستة جنيه ..بيشتروا و يخزنوا من أجل رمضان و عزايمة بأسعار تضاعفت عشر مرات ..الغريب إنهم بيدفعوا عند الكاشير الوف الجنيهات .. دون أى تعبير حتي عن إندهاشهم .
أمال فين الفقر ..و العوز .. و الشكوى .. و فبديوهات الدعا علي اللي كان السبب .. مش موجود إلا علي الفيس بوك ..و علي سبيل المزاح..و إستخفاف الدم . من ناس أصبحت تخاف السقوط و بتعالجه بالتريقة و الضحك .
التحليل الطبقي لسلوك الناس في بلدنا ( أو أى مكان ) يحتاج لبيانات و إحصاءات و دراسات ميدانية ..و فهم لطبيعة العلاقات الإجتماعية و الإقتصادية و التطورات السياسية العالمية ..و هي كلها أمور مفتقدة في بلدنا المبتلي بالجهل و الفتاكة و الفهلوة .. رغم كثرة المؤسسات التي يزدحم فيها أصحاب الدكتراة ..و الدراسات العليا .
تحليل حال (الناس) و البحث عن حلول أمور لا تشغل بال من بيدهم مفاتيح الخزائن و بيت المال .. ما يشغلهم هو كيف يستمر رضا (الناس )علي الوضع و إستسلامهم لإرادة القهر ..أو كيف يجرى ترويض كل من يسأل ليه !!..وعلشان إيه !!.. ولأى مدى سيستمر البلاء ؟؟.
عموما ساخذ بما أراه حولي ..و هو أمر قد يكون مضللا .. مثل هؤلاء العميان الذين إلتفوا حول فيل و كل منهم يصف الجزء الذى تصادف وقوفه بجواره علي أساس أنه الفيل .
التفكير في إن أهل مصر كلهم محشورين في السوبر ماركات بيتسوقوا .. تفكير لا يرى إلا الأرجل السمينة للفيل.. ويتغاضى حضرة المتفائل الأعمي عن باقي الأجزاء و التفكير فيها أو ذكرها .
في بلدنا من متابعة ما يحدث في الريف و العشوائيات ..و الأحياء غير المتيسرة بالمدن .. سنجد أن الفقر مستوطن منذ الاف السنين ( مثل البلهاريسيا و الإنكلستوما و الرمد ) ....أغلب الناس هناك معدمين بسبب سوء توزيع الثروة .. و زاد فقرهم في السنين الأخيرة مع الإصلاح الإقتصادى شديد القسوة عليهم.
يعيشون علي أقل القليل ... لا يهتمون بقرارات الحكومة .. فلن يضير الشاه سلخها بعد ذبحها ..هو لن يدفع ضرائب و لن يستخدم الوقود ..و لن يشترى أو يبيع ذهب و دولارات .. و هو طول الوقت بيشحت معلقتين سكر و شوية شاى من الجيران .. وحيفضل يشحتهم مهما زاد سعرها.. و لو رفضوا سيتجه للسماء اللي حاسة بحاله ..عسي أن ترسل له محسنا جديدا.
المعدم المصرى يمكنه أن يسكن وعائلتة في حجرة سيئة التهوية أو عشة صفيح أو مبني بدون سقف مغطي بالكرتون .. و الأمر لم يتغير عبر الزمن حتي في زمن الإشتراكية الناصرية .
.وهو يجهل القراءة و الكتابة ..و لا يشعر بالحاجة إليها ..و إن كان التلفزيون أوالدش قدغير قليلا من درجات جهلة .. ليحل محلها إستسلاما كاملا لتوجيهات الحكومة و الكهان ..
ملابسة لا تتبدل من سنين مهما تغيرت الموضة ..و لا يفكر في هذا الموضوع ..و كلما زاد عدد العيال زاد الرزق فهو سيشغلهم منذ طفولتهم ..حتي ولو بلقمتهم ..و المرض لا يهتم به إنه إبتلاء و الحياة لا تزيد أو تنقص بالعلاج أو الأدوية .
أغلب من يعيش في الأحياء الفقيرة .. لا يهتمون بثمن اللحم أو الفراخ أو الجبنة .. أو الفاكهه .. و بالطبع لا يعرفون باقي الأصناف إلا إذا ذاقوها كبقايا طعام فرح أو مناسبة للمتيسرين .لذلك فإن قرارات الحكومة بالنسبة لهم حبر علي ورق ..و إيش ياخد الريح من البلاط .يكش تولع علي صحابها .
اعلي هذة الطبقة المعدمة يوجد .. من هم (الأكثر فقرا) ..و هؤلاء يعتمدون في الغالب علي شخص أو شخصين من الذين يتكسبون و لهم دخل سواء من وظيفة دنيا في الحكومة .. أوعمل هامشي ( طفيلي ) في القطاع الخاص ..و هم لا يزعجهم إلا إرتفاع قيمة المواصلات ..و السجايرالماكينة .. لذلك لا يهتمون بسعر الدولار بقدر إهتمامهم بسعر الوقود..و السجاير .. يعافرون في البداية .. ثم يستسلمون .؟.
هؤلاء يغطون الفارق في الأسعار إما بشغل أكثر من وظيفة أو تلقيط رزقه بشكل أو أخر من متاهة سوق العمل أو (لا مؤاخذة ) الرشوة و فرض الأتاوات ..و الذى منه ( مش عايز افسر ) .
أعلي هذه الطبقة نجد الفقراء الذين يعتمدون علي البضاعة المدعومة في بطاقات التموين .. تلك الشريحة زاد عددها في هذه الأيام بمن سقطوا من الطبقة المتوسطة ..يصارعون حتي يوقفون تدهورهم ..بتخفيض إحتياجاتهم كما و نوعا ..و العمل بالنصيحة الرائعة (( اللي يغلي م تشترهوش ))
لكنهم في الواقع لا يستطيعون أن يفعلوا هذا مع الكهرباء و المياة ..و الغاز و التليفون المحمول ..و مصاريف المدارس و الدروس الخصوصية .. فهذه أسعار لا تفاوض معها.
الطبقات حتي هذه الشريحة ( معدم ، شديد الفقر و فقير ) لا تشتكي ..و لا تفكر في الغد و لا يهمها سعر الدولار أو الذهب أو الخمور أو الملابس المستوردة .. أو الطعام العالي التكلفة ( لحمة ، سمك ، طيور ، بسطرمة ، كبدة ... الخ ) و هي في نفس الوقت لا تدخل السوبرماركت ..إلا عندما تقوم إنتفاضة فيذهبوا لنهبه .
الشريحة المستورة والتي أنا و حضرتك منها والتي ستجدها بكثرة علي الفيس بوك .. أصبحت الأن ..لا هم لها إلا الشكوى و التحسر علي الزمن الذى مضي .. عندما كان يحرص مبارك علي ألا تزيد الأسعار ..((و مع ذلك ثرنا عليه )) .. ((تستاهلوا اللي حيجرى لكم ))..
شريحة في الحقيقة لا تثور ..و لا تأخذ مواقف و ليس لديها حلول .. تحاول أن تتوائم مع الظرف الجديد بإستخدام مبررات مثل أهو أحسن من حكم الأخوان أومش أحسن من لو نبقي زى سوريا و العراق و الصومال و أفغنستان .
و هي تحاول أن تحذر من اللي حصل في الأرجنتين و لبنان ..و لكن أصواتها تختفي بمجرد ما يطلع النهار ..و تذهب صفحات الفيس بوك إلي المخازن ..
هؤلاء .. لا يذهبون أيضا للسوبر ماركات إلا لو كان فيه تخفيض لصنف معين ..و هم قد توقفوا عن شراء كل ما هو مستورد.. كمقاطعة لداعمي إسرائيل .. أو لمعاداة أردوغان تركيا ..و يستثتون القهوه ( النس كافية ) و الشاى ..والسكر و الزيت .
في منازل هذه الشريحة ستجد الفول و الطعمية والكشرى و العدس والجبنة البيضاء و العسل الإسود و الطحينة .. و يمكن بعض البيض .. و ممنوع الجبنة الريكفورد .. و أخواتها .. أو اللحوم الطازجة أو المعالجة ..أو المعبئة .. وأهي مستورة محدش بينام جعان
تبقي الشريحة المتيسرة التي توحي بأن المصريين يعيشون في رغد و سعادة ...
معرفش بيجيبوا الفلوس منين ..الواد و لا البت منهم بيصرف الف و الفين جنية في الكافتريا بدون أن يهتز له رمش ..
هؤلاء .. مهما زادت الأسعار .. فالأمر لا يعنيهم ما دام سر مغارة علي بابا معروف لديهم ...و إفتح يا سمسم ( ذهب مرجان ياقوت ..أحمدك يارب )..و يذهب لعمل أكثر من عمرة في السنة ..ويحج حج فاخر .
لا أريد أن أغامر و أحدد نسب لكل شريحة ..و لكن المعدمين ..و الأشد فقرا لا يقلون عن نصف المجتمع الذى يذهب لصناديق الإقتراع و يقول نعم لقاء زجاجة زيت و كيس مكرونة ..و شوية سكر .
و الشريحة اللي تعاني من الثراء .. ليست كبيرة ..أغلبها كون ثروته خلال السنين الثمانية الماضية .. لقربه من القربة المخرومة . .وهي شريحة خاضعة يحركها أوليجاركية حضرات المليارديرات المتحكمين في البلد ...و لا أمر يعلو علي ما تأمر به المصارى
كل أبناء هذه الشرائح لا تسمع لهم صوتا .. مهما زاد البؤس ..و الفقر ..و الفاقة .. لقد إعتادوا علي ذلك منذ الأف السنين و إنحصر الصراخ و النقاش ..و قص القصص في الشريحة التي لازالت مستورة..
السبب لانها تخاف من باكر أن تسقط عندما يصبح الدولار بميت جنية ..و تفقد مدخراتهم 99% من قدرتها الشرائية .. أو تفلس البلد ..و يضع الديانة إيديهم علي الأموال اللي في البنوك .
هؤلاء مسموح لهم ..يبرطموا زى م هم عايزين .. فشكواهم و أشعارهم و قصصهم ..و نكتهم .. و حواديت أحزانهم .. لن تغير مسار القافلة التي يقودها المتيسرون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اجابة رقم 1
هانى شاكر ( 2024 / 3 / 11 - 02:00 )

اجابة رقم 1
_____

استاذي ، سأحاول تذكرت سيادتك و القراء الكرام بأجوبة علي سؤالك: مين اللي لسة عايش و بيشتري في مصر

هناك دائما طبقة ميسرة و في رغدة العيش في مصر ، الباشاوات و البكوات عام 1950 ، و الخواجات أيونان و الطليان ، و الإنجليز

ثم هناك عموم المصريين ، طبقات فوق طبقات ، و رأيت بعيني في بيوتات الأغنياء في القاهرة و الإسكندرية الخدم المعدمين

كان الباشا أو الخواجا يختار الأطفال الأصحاء من الريف و الصعيد عايشين بأكلهم طول السنة في سخرة أدمعت عيني و مزقت قلبي الصغير آنذاك

و كان أب هؤلاء الأطفال يأتي مرة في السنة لتحصيل اجرة عمل ابنته أو ابنه في منازل الأكابر

و كان هؤلاء الأكابر يشترون المأكولات بالأطنان في مضان ، أما الخدم فكانوا يأكلون بقايا طعام الأكابر و ينامون علي ( برش ) في المطبخ

تما ما كما رأيت سيادة في السوبر ماركت امبارح

….


2 - اجابة رقم 2
هانى شاكر ( 2024 / 3 / 11 - 02:11 )

اجابة رقم 2
_____

في سلسلة تعليقات بعنوان ( الجمهورية الرابعة ) قدمت مختصر بسيط عن احوال و سلوكيات و حيات طبقات المجتمع المصري ، شرحت فيها عن وجود الكتلة الكبيرة عدديا و لكن ليست في حسابات الحكام المصريين أبدا ، جموع الفقراء المعدمين و اسميتهم الجمهورية الرابعة ،

المقال كان بتاريخ 4 يسمبر 2011
الكاتب : الأستاذ عادل العمري
العنوان : نقد الثورة المصرية - الواقع والمستقبل

رابط المقال :

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=286014

….


3 - الأستاذ هاني شاكر
محمد حسين يونس ( 2024 / 3 / 11 - 07:43 )
قرأت رد حضرتك علي مقال الدكتور عادل العمرى ..و ما أشرت له عن الطبقة الرابعة كأنه نبوءة قيلت في الزمن المناسب و لم يهتم بها أحد .. أشكر حضرتك علي رابط المقال ..و التعليق .


4 - عمرو بن العاص
طاهر مرزوق ( 2024 / 3 / 12 - 11:25 )
الأستاذ/ محمد حسين يونس
إجابة على سؤالك الذى بدأ فى الماضى منذ عهد عمرو بن العاص وماقبله من أستعماريين، لكن أعتقد ان عمرو بن العاص كمحتل أبدى لمصر، نستطيع رؤية حال المصريين ايامها وايامنا سنجد تطابق تام وولم يشتككى المصريين من كارثة الأحتلال ، لكنهم توجهوا إلى الله بطلب العون لكنه لا وجود للآلهة فلم يستجيبوا لهم، ونفس الطريقة يفعلها المصريون حالياً لا يشتكون من الكوارث إلا بطلب العون فى صلواتهم وصب اللعنات على الآخر، والنتيجة واحدة أن الآلهة لا وجود لها لكنهم منتظرون الأستجابة حسب تفسير الفقهاء لهم.
المصرى واحد فى الماضى والحاضر بل لو قام رئيس الجمهورية السيسى بتطبيق العهدة العمرية على المسلمين والمسيحيين، سيطبقها الجميع وينصاعوا للأوامر ولن يشتكى احداً إلا أحفاد عمرو بن العاص وهم : السلفيون والداعشيون والإخوان المسلمين وبقية المتشددين!!
عدم الشكاية وتحمل المصائب نوع من جينات المصريين الذى لم يتغير بمرور الزمن.
شكراً لك على اسئلتك وموضوعاتك التى تلمس اوجاعنا جميعاً نحو مصر الحضارة.


5 - الشعب المصرى ظالما ومظلوما
Magdi ( 2024 / 3 / 12 - 12:40 )
الشعب المصرى ظالما ومظلوما
من المتعذر معرفة حقيقة الشعب المصرى .بلطجى كما وصفه أنيس منصور ؟..سعيد بالعبودية ؟..فقد الأحساس بالأم ؟..مهووس دينيا وجنسيا ؟.. عشوائيا ؟..كسولا ؟..ولكن من المؤكد أنه غير منضبط :
1- د. مجدى يعقوب وضع قاعده ذهبية صارمة للعلاج مجانا فى المستشفى التى تحمل أسمه : الدخول فيها بالدور .حاول مريض ملياردير تخطى غيره فطلب منه د.يعقوب أن ينتظر دوره .هل من يأتى بعده سوف يحترم هذه القاعدة ؟
2 - ليدى غبور القبطية انشأت مستشفى للعلاج من السرطان أستولى عليها طبيب من دين آخر وأستبعد أسم السيدة المؤسسة لها.
3 - الرئيس أعتبر نفسه غير مسؤلا عن معاناة المصريين رغم رئاسته منذ 10 سنوات وكان يقول ( أسمعوا كلامى بس) ولم يتدخل لحذف مناهج أزهرية غير أنسانيه (تحليل ألفاظ أبى شجاع ) أو قف خطف البنات المسيحيات وأسلمتهن .أنظر :
https://www.youtube.com/watch?v=vkK8oi0-gvc

تحياتى .مجدى سامى زكى
Magdi Sami Zaki