الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرؤية الأصلية لخلق العالم وآدم وحواء وشجرة الحياة وشجرة معرفة الخير والشر

ابرام لويس حنا

2024 / 3 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في البدء نَذكر أن حل مُشكلة رؤيتنا لقصة التكوين هو إهمال نص التكوين (1: 1، 2) على ضوء الفكر القديم، والذي هو بإختصار أن (النور كان مُلتحماً بالسماء الليلية) لم يكونا مُنفصلين (كذاتين مُنفصلين) وهو ما سوف أورد عليه الأدلة الكتابية، فقد كان الصُبح والليل ذاتاً واحدة، إلى أن تدفق النور من تلك الذات الواحدة ليخرج من (العمق) كخروج ماء المرأة عند إستثارتها أو خروج الإبن (الحياة/ النور) وإنفصاله عن (رحم الأم)، فالإبن في رحم الأبن هو كذات واحدة (ظلمة تحوي الحياة)، لحين خروجه وتدفه من تلك الظلمة وإنفصاله عنها، فأصبحت تلك الظُلمة بلا حياة (كأنها ميتة)، والدليل على إنها كانت حية هو إحتواء السماء على (بقايا النور) المتمثل في النجوم، هكذا عندما إنفصل النور عن ذات السماء الواحدة التي كانت تحويه، أصبحت تلك الذات كالذات الميتة أو كالرحم الذي بلا حياة بداخله، ومثل عند خروج الإبن مِن رحم الأم (الولادة) يخرج دماً وماءا بصورة مُبعثرة، هكذا أثناء خروج النور من رحم الأم، تَبَعْثَرَ النور ليكون لنا النجوم، فقد تشتت (النور التي كانت تحويه الأم/ الظلمة) ليتبقي أثره وبقاياه (النجوم)، تلك الصورة التي نرى خلفيتها في قوله (فِي بَدْءِ خَلَيقَة آلهة السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ،كَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ) فالنص يُسلم بوجود (الظُلمة وماءها والنور) فلم يذكر على الإطلاق أن الله (خلق ظُلمة وماء الكون) بل سلم بأزليتهما، فالذات التي تحمل الظُلمة والماء كانت موجودة منذ الأزل مع النور ،إلى أن تم الإنفصال فأصبح (روح الله) أي (نور الله) يُرفرف على الُظلمة ومياها، وهو ما سنراه مؤكدا كذلك مِن قصة خلق آدم وخلق حواء عند مناقشتهما.
لكن أولاً دعونا نذكر مُلخص قصة الخلق حسب نص التكوين الإصحاح الأول، بكلمات بسيطة ومُبسطة:

يُصور لنا كاتب النص أن الأرض كانت (خربة وخالية) وغارقة بالظلمة والمياة، إلا أن نور الله (روح الله) كان يُحلق على تلك الظلمة بقوله (وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاه) (تك 1: 2)، فأمر الإله بأن يتواجد أو يَخرج النور أو يَنبثق منه، والنور هنا يشمل كذلك معنى (الحياة)، فقوله (وَقَالَ اللهُ: لِيَكُنْ نُورٌ، فَكَانَ نُور) (تك 1: 3)، يشتمل أمره بأن (تتواجد الحياة) وأن (تخرج للعلن)، ولكي تَخرج لنا الحياة بالعلن، أمر بفصل الماء وظلمتها عن الأرض التي كانت تحيط بالأرض من كل ناحية وذلك عن طريق (الرقيع)، الذي رفعه الله (بقوته)، تلك القوة المُصورة (بالأسد) المشهورة والمعروفة في مصر القديمة بتصوير، إذا صُور الإله (شو) وهو إله (الهواء) بالقوة الرافعة كقوة الأسد، كأن أنفاس الله وقوته هي التي رفعت (الُظلمة عن الأرض) مكونة لنا (الرقيع) الحد الفاصل بني الحياة والظلمة، كما إننا نرى في الطبيعة إن الهواء يُحيط بنا من كل ناحية وكرغيف الخبز ينتفخ وينفصل أعلاه (قبته) عن (قعره) بسبب الهواء، ومثلما تنتفخ وتمدد قٌربة الماء أو غيرها كالبالون أو العجين نتيجة للهواء الساخن، أو مثلما يدخل الهواء إلينا الذي يحمل قوة الله (فيرفع الظلمة والموت عنا) فالميت لا يتنفس، فالهواء (أنفاس الله القوية) هو ما (يرفع الظُلمة عنا)، لذا لا تنطفأ شُعلة النار (الشمس) ولا النجوم إذا هي خارجة في ذاك الرقيع (الهواء) مُرتفعة في السموات وتحتها تطير الطيور في ذاك الرقيع كقوله (وَقَالَ اللهُ: لِتَفِضِ الْمِيَاهُ زَحَّافَاتٍ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ، وَلْيَطِرْ طَيْرٌ فَوْقَ الأَرْضِ عَلَى وَجْهِ جَلَدِ רְקִ֥יעַ السَّمَاءِ) (تك 1: 20)، فأصبح الرقيع فاصلًا بين المياة التي فوق السموات التي تحيط بالارض وبين التي على الأرض، وبقوته (رفع الأرض) من ظُلمتها أمراً بأن تُرفع الأرض من الماء كقوله (وَقَالَ اللهُ: لِتَجْتَمِعِ الْمِيَاهُ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ وَلْتَظْهَرِ الْيَابِسَةُ، وَكَانَ كَذلِكَ) (تك 1: 9).

لكنه يجب أن نُلاحظ إسهام (الماء والُظلمة) في رفع الأرض (ذات نفس اللون الأسود للظلمة)، كأن الأرض هي جسد تلك الظلمة الميتة، فهو كالجسد بلا نور أو حياة، كان غارقاً في الظُلمة، إلى أن رُفعت الظلمة عن جسده، ليظهر جسده، لينزل عليها (نور الله) و (أنفاسه) أو قوته الرافعة، وبذلك تواجدت الحياة وخرجت الحياة كقوله (وَقَالَ اللهُ: لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلًا يُبْزِرُ بِزْرًا، وَشَجَرًا ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَرًا كَجِنْسِهِ، بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذلِكَ، فَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلًا يُبْزِرُ بِزْرًا كَجِنْسِهِ، وَشَجَرًا يَعْمَلُ ثَمَرًا بِزْرُهُ فِيهِ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ) (تك 1: 11- 12).

لذا يعترف ويسلم كاتب النص بالآلهة في سفر التكوين، كقوله (في بدء خليقة آلهة السموات والأرض) (تك 1: 1)، وقال الآلهة (إيلوهيم) (تك 1: 2)، (ورأي إيلوهيم) (تك 1: 3)، (فعمل إيلوهيم) (تك 1: 7)، (فدعا إيلوهيم) (تك 1: 8)، (فجعلها إيلوهيم) (تك 1: 18)، (وقال إيلوهيم: نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا)، وسوف نُناقش خلق آدم وحواء فيما بعد، لكن التركيز حالياً على خلق الكون.

وبعدما وهب الإله الخالق (النور) الحياة للأرض، حان وقت أن يهب حياة للسماء، فأخرج من نوره (النار والنور)، النار تمثلت في (جَمرة الشمس) التي هي كالنار مُلتهبة، والنجوم هي (كالنور)، وجعلهما في السماء، تلك الشُعلة التي تَسير على مركبة السماء لذا يُمكنها التحرك بُحرية ولا تنطفىء بالماء، وكذلك النور (النجوم) الخارجة أو السائرة على على ماء السماء، ومثلما ذكرنا سابقًا أن الرقيع يَحمل القوة الرافعة لله (كالمركب التي ترتفع الأشياء عليها وُتحمل) أي أنفاسه، فهكذا النجوم والشمس لا ينطفئا لانهما مِن نور ونار الإله ولأنفاس الإله المُحيية، ولعل المياة هي مُجرد عاكسة لنور الإله تمثل ذاك الإنعكاس في إخراج (الشمس) لنا و خروج (النور) الذي يُمثل بقايا خروج النور من الظلمة.

ومثلما نرى إنعكاس النور (الإله) في الشمس وفي نور النجوم، ولان النجوم هي كالطيور التي تحوم في ذات السماء، فَطن كاتب النص، ببذكر الطيور والكائنات البحرية بعد إخراج الشمس والنجوم في السماء، كالتالي: (وَقَالَ اللهُ: لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتَفْصِلَ بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَتَكُونَ لآيَاتٍ وَأَوْقَاتٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينٍ. وَتَكُونَ أَنْوَارًا فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذلِكَ. فَعَمِلَ اللهُ النُّورَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ: النُّورَ الأَكْبَرَ لِحُكْمِ النَّهَارِ، وَالنُّورَ الأَصْغَرَ لِحُكْمِ اللَّيْلِ، وَالنُّجُومَ. وَجَعَلَهَا اللهُ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ، وَلِتَحْكُمَ عَلَى النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَلِتَفْصِلَ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا رَابِعًا.

وَقَالَ اللهُ: «لِتَفِضِ الْمِيَاهُ زَحَّافَاتٍ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ، وَلْيَطِرْ طَيْرٌ فَوْقَ الأَرْضِ عَلَى وَجْهِ جَلَدِ السَّمَاءِ». فَخَلَقَ اللهُ التَّنَانِينَ الْعِظَامَ، وَكُلَّ ذَوَاتِ الأَنْفُسِ الْحيَّةِ الدَّبَّابَةِ الَّتِي فَاضَتْ بِهَا الْمِيَاهُ كَأَجْنَاسِهَا، وَكُلَّ طَائِرٍ ذِي جَنَاحٍ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ) (تك 1: 14- 21).

فالشمس تخرج من الظُلمة أي أن الظلمة تحوي حياة بداخلها (كالسمك والكائنات البحرية) ومثل النجوم التي تتحرك في ظُلمة المياة (كالكائنات البحرية كذلك) ومثل إن الشمس تخرج من الظلمة لتُطلق (إجنحتها) في السماء، فهكذا الطير يخرج من ظلام الشجر ليُطلق أجنحته في السماء، ولأن أنوار السماء تلقي بنورها على المياة ونرى إنعاكسها في مياة الأرض، فكأن النور يهب حياة في داخل المياة تمثل ذلك (بالحياة في داخل المياة كالكائنات الحية)، لذا وُصفت إخراج الكائنات الحية البحرية والطير بلفظ (خُلق أو برأ) وذلك في قوله (فَخَلَقَ וַיִּבְרָ֣א اللهُ التَّنَانِينَ الْعِظَامَ، وَكُلَّ ذَوَاتِ الأَنْفُسِ الْحيَّةِ الدَّبَّابَةِ الَّتِي فَاضَتْ بِهَا الْمِيَاهُ كَأَجْنَاسِهَا، وَكُلَّ طَائِرٍ ذِي جَنَاحٍ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ) (تك 1: 21)، فالنور أوجد أو خلق حياة في وسط الظُلمة والموت.

وهكذا الأرض والحيوانات والإنسان، فالأرض أصبحت حية أي (خرجت للحياة من الظلمة) من خلال (الجسد المُظلم) الذي أصبح حياً (بنور الله وأنفاسه/ قوته الرافعة)، فالأرض وهي حية عبارة عن (جسد ميت+ نور أو شعلة نور + نفس حي)، أما وهي ميتة فهي عبارة عن (جسد ميت فقط أو تُربة وتراب)، هكذا الحيوانات البرية الأرضية هي عبارة (جسد ميت أصبح حياً بنور الله وأنفاسه)، وهكذا الإنسان هو عبارة عن (جسد ميت أصبح حياً بنور الله وأنفاسه)، لكن السؤال هنا ما الذي إذا بين (الإنسان) و (الحيوان)؟! وهل يجب أن نفهم عبارة (نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا) ( تك 1: 26) على كونه خلقهما كآلهة السموات والأرض أي (ظُلمة ونور)؟! إذا بالتالي الحيوانات مخلوقة كذلك على صورة الله ومثاله إذا هي كذلك (ذكر وأنثى) كالإنسان.

إن قوله (وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ) (تك 1: 26)، يجب ترجمته كالتالي (وَقَالَ اللهُ: نَعْمَلُ آدم אָדָ֛ם عَلَى صُورَتِنَا/ بصورتنا בְּצַלְמֵ֖נוּ كَشَبَهِنَا כִּדְמוּתֵ֑נוּ، فَيَتَسَلّطُ (بالمفرد וְיִרְדּוּ) عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ) (تك 1: 26)، لذا يُكمل قائلاً (فَخَلَقَ اللهُ آدم הָֽאָדָם֙ بصُورَتِهِ בְּצַלְמ֔וֹ، بصورة الله/ إلوهيم خَلَقَهُ בְּצֶ֥לֶם אֱלֹהִ֖ים בָּרָ֣א אֹת֑וֹ) (تك 1: 27 أ).

وهذه هي الصورة التي خلق إيلوهيم آدم عليها، إذا إيلوهيم هو (الذات السوداء المُحيطة بالنور أو الخارج فيها ومنها النور)، لذا النَص يُركز أولا على آدم كأنه (سماء سوداء يحوي بداخله الشمس والنور) أو كأنه يحوي (سماء الصبح وسماء الليل).

ولأنه كــ (السماء العظيمة التي تحوي قوة الشمس بداخلها) فهو بالتالي (السائد) على الأرض وعلى كل الحيوانات، مثل سيادة السماء والشمس على السماء والأرض، فهكذا آدم أصبح كذات الإله (السماء التي تحوي قوى الشمس والنور) ليسود بها ويَعظم على بقية المخلوقات والأرض، لذا يؤكد النص أنه على تلك الذات الواحدة خلقه بقوله (فَخَلَقَ اللهُ/ إيلوهيم آدم عَلَى صُورَتِهِ בְּצַלְמ֔וֹ بالمُفرد، عَلَى صُورَةِ اللهِ בְּצֶ֥לֶם بالمفرد خَلَقَهُ בָּרָ֣א אֹת֑וֹ) (تك 1: 27) .

فيجب أن يٌفهم النص هنا على الذكر فقط، إذ أن خلق حواء فرد له (الإصحاح الثاني) سرداً مٌنفصلا بحد ذاته في (تكوين 2: 18- 24).

وبالتالي فإن مقطع (ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ، وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ، وَقَالَ اللهُ: «إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْلٍ يُبْزِرُ بِزْرًا عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْرًا لَكُمْ يَكُونُ طَعَامًا، وَلِكُلِّ حَيَوَانِ الأَرْضِ وَكُلِّ طَيْرِ السَّمَاءِ وَكُلِّ دَبَّابَةٍ عَلَى الأَرْضِ فِيهَا نَفْسٌ حَيَّةٌ، أَعْطَيْتُ كُلَّ عُشْبٍ أَخْضَرَ طَعَامًا وَكَانَ كَذلِكَ) (تك 1: 27 ب: 30) هو مقطع مُضاف، بالأخص إن الله بذاته يقل في الإصحاح الثاني (وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: «لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ») (تك 2: 18)، فلو خُلقت المرأة بالفعل سابقاً فكيف اذا يُعود الله ليقول (ليس جيداً بأن يكن آدم وحدة؟!) ويؤكد النص بقوله (وَأَمَّا لِنَفْسِهِ –أي آدم– فَلَمْ يَجِدْ مُعِينًا نَظِيرَهُ) (تك لهذا أحضر الله له الحيوانات (تك 2: 19 -20) لكي يُسميها آدم أي أسماء مُذكرة أو أنثوية، ويعلم بحاجته إلى المرأة (وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ وَكُلَّ طُيُورِ السَّمَاءِ، فَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ لِيَرَى مَاذَا يَدْعُوهَا، وَكُلُّ مَا دَعَا بِهِ آدَمُ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ فَهُوَ اسْمُهَا، فَدَعَا آدَمُ بِأَسْمَاءٍ جَمِيعَ الْبَهَائِمِ وَطُيُورَ السَّمَاءِ وَجَمِيعَ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ. وَأَمَّا لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَجِدْ مُعِينًا نَظِيرَهُ) (تك 2: 19- 20)، وعلى هذا فَمن المؤكد أن خلق أو تواجد حواء لم يحدث أو لم يُذكر في الإصحاح الأول، ولهذا فإن هذا المقطع يُعد مُضاف وقد أضيف (لإنهاء السردية) وهذا واضح من جعل النقطة المركزية في هذا المقطع هو (بركة الإله) كما اننا نرى إنه مقطع غير مُنقطع بل مُتلاصق، ويمكن القول كذلك بإنه مقطع يوازي المقطع النهائي في الإصحاح الثاني الذي يقول (لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا) (تك 2: 24)، فآدم لم يعرف الأب أو الأم فليس له آب أو أم، ولكنه (نص ختامي تعليمي للأجيال اللاحقة)، هكذا فإنه نص (تك 1: 27 ب: 30) هو مقطع (ختامي تعليمي بأن الذكر والأنثي على صورة الآلهة، يسودون على كل كل شىء)، وعلى هذا فإنه المقطع الأصلي الأساسي هو كالتالي:

(وَقَالَ اللهُ: نَعْمَلُ آدم عَلَى صُورَتِنَا/ بصورتنا كَشَبَهِنَا ، فَيَتَسَلّطُ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ، فَخَلَقَ اللهُ آدم بصُورَتِهِ، بصورة الله/ إلوهيم خَلَقَهُ، وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا سَادِسًا).

لكن بالرغم إن السماء المُظلمة مٌنبق وخارج منها النور مثل آدم (سماء أو ذاتا مظلمة يحوي بداخله النور)، وكما قلنا سابقاً أن النور هو كالإبن الذي يخرج من رحم الأم أي ينفصل عنها، أو كأن الأم تحيط بإبنها من الوراء والإبن من أمام، فكأن (النور والشمس) خارج مُتقدم أمام أمه (السماء السوداء) يخرج ليُدافع عن جسد أمه (واهباً الحياة في جسدها) ومياهها، هكذا آدم هو (كالذات السوداء التي تشمل قوى الشمس او النور بداخله) لحين ما يفصل إيلوهيم (الذات السوداء عن ذاته) ليصبح آدم (كسماء الصبح فقط) و المرأة (كسماء الليل التي تحوي بقايا النور) أي النجوم، وهذا ما وصفه الكتاب بقوله (فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلهُ سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلأَ مَكَانَهَا لَحْمًا، وَبَنَى الرَّبُّ الإِلهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ) (تك 2: 21)،

فعندما آل آدم إلى النور، أي (نام نوره) مثلما تؤُولُ الشمس إلى مَخدعها لتغرب، تستيقظ (الظلمة) فوراً، هكذا يذكر النص بإنه عندما خلد آدم أي النور إلى النوم، خُلقت حواء فوراً (تك 2: 21)، حيث فصل الله عن آدم الذي هو كـ (سماء الصبح والليل) الجانبه الأسود مع بقايا لنوره، لهذا إستخدمت الكلمة العبرية المُترجمة هنا إلى (ضلع) צֵלָע التي تعني حرفياً (الجانب) كقوله (وَإِذْ كَانَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ يَسِيرُونَ فِي الطَّرِيقِ كَانَ شَمْعِي يَسِيرُ فِي جَانِبِ בצלע الْجَبَلِ مُقَابِلَهُ وَيَسُبُّ وَهُوَ سَائِرٌ وَيَرْشُقُ بِالْحِجَارَةِ مُقَابِلَهُ وَيَذْرِي التُّرَابَ) ( 2 صم 16 :13) لهذا عندما يرتبط آدم وحواء فهم يعودا إلى ما كانا عليه (ذاتاً واحدة) كقوله (لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا) (تك 2: 24).

بالطبع فإنه سُيرد ويُقال بإن الله كما ذكر خلق حواء في الإصحاح الاول وكرره في الاصحاح الثاني، هكذا ذكر خلق آدم في الاصحاح الاول والثاني، إذ هو يقل (وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً." (تك 2: 7).

ولكن هناك خطأ جسيم في الترجمة بالأخص في الجزء الثاني من الجملة (فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً) مع خطأ شائع وشديد ومنتشر في التاؤيل والفهم، وعلى هذا فيلزم منا شرح المقطع وسياقه، لنفهمه بطريقة صائبة.
يذكر الكتاب (هذِهِ مَبَادِئُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ حِينَ خُلِقَتْ، يَوْمَ عَمِلَ الرَّبُّ الإِلهُ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ كُلُّ شَجَرِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ فِي الأَرْضِ، وَكُلُّ عُشْبِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلهَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَمْطَرَ عَلَى الأَرْضِ، وَلاَ كَانَ إِنْسَانٌ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ) (تك 2: 4- 5) إذا المشكلة الرئيسة الأساسية هي عدم (خروج النبات) من الأرض الذي برره كاتب النص بسبب عَدم (إمطار الله على الأرض وعدم فلاحة الإنسان، فالإنسان لم يكن قد تعلم الفلاحة بعد)، لذا كان هناك مُشكلتين هما (عدم وجود أمطار وعدم فِلاحة الإنسان)، ولم يترك كاتب النص النص بلا أجوبة فحل مُشكلة المطر بقوله (ثُمَّ كَانَ ضَبَابٌ يَطْلَعُ مِنَ الأَرْضِ وَيَسْقِي كُلَّ وَجْهِ الأَرْضِ) (تك 2: 6)، فالضباب خرج ليسقي الأرض وهو ما يؤكده أيوب بقوله (لأَنَّهُ يَجْذُبُ قِطَارَ الْمَاءِ، تَسُحُّ مَطَرًا مِنْ ضَبَابِهَا) (أي 36: 27)، تتبقي مُشكلة عدم عمل الإنسان في الأرض وعدم فلاحه إياها التي لم يتركها كذلك دون حل وذلك بقوله (وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً) (تك 2: 7)، هذه الترجمة التقليدية المعتادة يُقصد بها أن الله (جلب أو جبل أو أخرج تراب من الأرض وأحضره لآدم) أي (خصص له للأرض) أو (قطعة من الأرض) فالنص لا يذكر أن آدم كان (تراباً) ولكنه يُقصد أن الله جلب لآدم (تراباً)، تلك الأرض التي نفخ فيها في وجهها أو أنفها، مُشبها الأرض بذات قاحلة ميتة دون أنفاس الله بقوله (وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ) فالنفخة عائدة على الأرض القاحلة الميتة لتحيا وتُخرج لنا الحياة والخضرة، فالميت بحصوله قوة (أنفاس الله) يصبح حيًا، ثم يسرد النص قانوناً وهو (يٌصبح هآدَم لنَفْس/ لذات حَيّاةً וַֽיְהִ֥י הָֽאָדָ֖ם לְנֶ֥פֶשׁ חַיָּֽה) (تك 2: 7) بدلاً من الترجمة الخاطئة (فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً)، فلأن الإنسان أو آدم الذي هو على صورة الله ومثاله، يجب عليه أن يكن كالله يهب حياة في الأرض الميتة، مثلما فعل الله أمامه وضخ فيها أنفاسه (تعبه)، فهكذا اصبح آدم مُدركاً (للفلاحة) وأصبح (آدم لنفس الأرض حياة) فالنص العبري يذكر حرفياً (ويكن آدن لنفس حياة וַֽיְהִ֥י הָֽאָדָ֖ם לְנֶ֥פֶשׁ חַיָּֽה) فذكر (لنفس) وليس ( نفساً נֶ֥פֶשׁ) وعلى هذا فما الذات التي يُنسب لها ذاك النفس؟! وهو (لنفس الأرض) أي (لذات الأرض الميتة) أي (يصبح آدم لنفس الأرض الميتة حياة) كالإله (ويكن آدم/ الإله لنفس الأرض حياة أو نوراً)، فالإنسان على صورة الله ومثاله (إلهاً مثله)، وعبر بالتربة هنا (بالنفس) كأن التربة ذاتاً لها نفس، إذ التربة هي من تحمل (الحياة) كدم الإنسان الذي يحمل النفس، وما يؤكد ما أقوله هو إنه بعد ذلك وصف الله غرس جنة في شرقي عدن كالتالي (وَغَرَسَ الرَّبُّ الإِلهُ جَنَّةً فِي عَدْنٍ شَرْقًا) (تك 2: 8)، والزارع كذلك بقوله (نْبَتَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ شَجَرَةٍ شَهِيَّةٍ لِلنَّظَرِ وَجَيِّدَةٍ لِلأَكْلِ) (تك 2: 9).

لذا السؤال الذي يجب إجابته إن كنا على خطأ هو لماذا لم يقل (ويصَيرَ/ ويكون الإنسان (هآدَمُ) نَفْس حَياة וַֽיְהִ֥י הָֽאָדָ֖ם נֶ֥פֶשׁ חַיָּֽה)، بل قال (ويصير هآدم لنفس حياة) أي لماذا قال (לְנֶ֥פֶשׁ) ولم يقل (ְנֶ֥פֶשׁ).

ولِحسن الختام؛
سأذكر علاقة الجنة كذلك (بشجرة الحياة وشجرة معرفة الخير والشر).
فبعد أن وهب الله الحياة للأرض ونبتت الحياة منها، غرس بعد ذلك مُباشرة (الجنة) شرقي عدن، غارساً فيها كذلك الإنسان، ومن زرع الله إمتلئت الأرض شجراً كقوله (وَأَنْبَتَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ شَجَرَ מִן־הָ֣אֲדָמָ֔ה כָּל־עֵ֛ץ شَهِيَّ لِلنَّظَرِ وَجَيِّدَ لِلأَكْلِ، وَشَجَرَةَ الْحَيَاةِ فِي وَسَطِ الْجَنَّة וְעֵ֤ץ הַֽחַיִּים֙ בְּת֣וֹךְ הַגָּ֔ן، وَشَجَرَةَ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ וְעֵ֤ץ הַֽחַיִּים֙ בְּת֣וֹךְ הַגָּ֔ן וְעֵ֕ץ) (تك 2: 9)، فالله غرس جنة أي المُرتفعة من الجنان أي المُرتفعات وغرس أو وضع الإنسان فيه، ونبت أمامه كل الشجر شهي النظر والطعام أمامه وشجرة الحياة في وسط الجنة (رمزاً يهوه المُرتبط بالشمس والنور)، لهذا عندما أخطأ الإنسان يذكر الكتاب أن الله (وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ، وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ) (تكوين 3: 24)، مُشبها الله (النور) بشجرة الحياة وأمامه الشمس كأنها سيف مُتقلب، أما (شَجَرَةَ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ) فهي (الشجرة الأم والزوجة) المَعروفة بأشيرة (أشيرة، شٍجيرة) وهي الذات التي خرج منها النور وبالتالي أصبحت (ميتة) بعدما إختبرت (الحياة) لهذا سُميت بشجرة معرفة (الخير والشر) أي (الموت والحياة) ولانها بِمثابة جسد الأم الذي يُدافع عنه الإبن ويلوذ عنه هكذا حَرم الإله لمسها، ومن يلمس جسد الميت يصبح (نجساً) لإرتباطة بالموت وخروج الحياة، فقد لمس الموت، لهذا حرم الله لمس الإنسان الميت ومن يلمسه يصبح نجساً كقوله (كُلُّ مَنْ مَسَّ مَيْتًا مَيْتَةَ إِنْسَانٍ قَدْ مَاتَ وَلَمْ يَتَطَهَّرْ، يُنَجِّسُ مَسْكَنَ الرَّبِّ. فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ إِسْرَائِيلَ) (عد 19: 13)، لذا مَن يسعي (للسماء السوداء) فهو يسعي للإرتفاع أي (للموت).

فنص (وَأَنْبَتَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ شَجَرَةٍ شَهِيَّةٍ لِلنَّظَرِ وَجَيِّدَةٍ لِلأَكْلِ، وَشَجَرَةَ الْحَيَاةِ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ، وَشَجَرَةَ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ) (تك 2: 9) هو نص تصويري بإمتياز يُصور لنا أيقونة جمالي (الملك قابع في جنته والجنات والأشجار أمامه من كل صنف ولون، والإله/ النور بنور شمسه فوقه في وسط الجنة، ومن فوق الإله النور والشمس السماء وظلمتها واحتواءها لهم).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج