الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في حوار مطول مع جوليا كريستيفا (الجزء الثاني)

أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)

2024 / 3 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


آلان براكونييه: كيف تمكنت من تجاوز أولئك الذين يصورون أحيانا مساهمات فرويد ولاكان بشكل كاريكاتيري؟ هل هذا هو تكوينك الأولي كخبيرة لغوية؟
جوليا كريستيفا: لم يكن تكويني كعالمة في اللسانيات كافيا لو لم أقم بإضافة السيميولوجيا: سوسير، بنفينيست، جريماس، بارت. لقد أتيحت لي الفرصة، وأنا صغيرة للمشاركة في هذا الانفتاح لدراسات المعنى، عبر موضوع "اللغة" لدى اللغويين، على "الممارسات الهادفة" العابرة للغة: الأدب أولاً، ولكن أيضا الصورة، مع الرسم، السينما، والموسيقى، الإيماءة، الخ.. هذه الفترة وهذه الدراسات، التي من السهل جدا نسيانها أو شجبها اليوم، والتي غالبا ما حبست نفسها في باطنية تقنوية، ظهرت لي وما زالت تظهر كأمكنة عليا في (قارة) الفكر المعاصر. لقد اعتبرت المعنى عملية دينامية، دلالة، تعبئ – مع اللغة – وسائل أخرى للدلالة، وساهمت، فيما يتجاوز البنيوية، في فتح موضوع التلفظ في التاريخ للتحقيق: اشتغالي على باختين، مع الجسد والخطاب الكرنفالي، كان افتتاحيا في هذا المنظور. لكن كان من الضروري أيضا مساءلة اللسانيات في ضوء الفينومينولوجيا: هذا ما حاولت القيام به في أطروحتي حول "ثورة اللغة الشعرية: مالارميه ولوتريمون". من خلال الانعطاف نحو الأنا المتعالية عند هوسرل، أردت الهروب من ديكارتية تشومسكي، التي تميل إلى حصر اللغة في القواعد النحوية، وإدخال مقاييس المادة "هيولى" و"الآخر" في دراسات المعنى. عندها اتجهت نحو إعادة تأهيل الدافع والرغبة في تأويل القول الشعري. وقد عنيت ب "الثورة" أولاً عودة المكبوت، وبعد ذلك فقط تأثيرها المفاجئ، وحتى الانتقالي على القانون المتعب للتبادلات الاجتماعية المعيارية. وهكذا، بعد إعادة النظر فيها، لم تعد "اللغة" أو بالأحرى "نظام اللغة" لدى اللغويين هدفي: كان الأمر يتعلق بتأويل النص، الكتابة، مع ذاتهما المتأزمة التي يعاد بناؤها، في سياق سيرذاتي وتاريخي محدد. لم يعد لدى فرويد ولاكان أي سبب لمعارضة بعضهما البعض: لقد شاركا بطبيعة الحال في عملية إعادة الصياغة هذه.
آلان براكونييه: ما رأيك، انطلاقا من المعرفة المعاصرة حول اللغة وصورها الرمزية ومن عملك الخاص في هذا المجال، في صيغة لاكان الشهيرة والتي لا تزال غامضة جزئيا: "اللاشعور ينبني مثل اللغة"، مع التشديد، في ما أعتقد وتعتقدين، على "مثل"؟
جوليا كريستيفا: تم إعداد عملي كعالمة سيميولوجية ومنظرة أدبية وإرفاقه بتحقيق تجريبي وملموس للغاية "في الميدان". حتى قبل أن أبدأ تحليلي الخاص، كرست نفسي للملاحظة الدقيقة لكلا الجانبين من اللغة: تعلم الأطفال للغة [(تسجيلات وتحليلات المصادات، والفونيمات الأولى، والمورفيمات، والتركيب، في حضانة سينسييه Censier)، واضطرابات الكلام، بل تلك الخاصة بالقدرة اللغوية نفسها في حالة ذهان (في مستشفى لابورد La Borde). في صيغة لاكان، أشدد بالفعل على "مثل". تحدث لاكان نفسه عن "lalangue" بالإشارة إلى "lallation"، أو المصادات، أو ما قبل- عبر اللغة. يخضع الكائن المتكلم لتأثير الشيفرة اللغوية العائلية، وكل لغة أم تنطبع على تنظيم "الخاص"، بما في ذلك الجسد الخاص. إن اللاشعور لدى مرضاي الروس أو الإنجليز ليس هو نفسه عندما يتحدثون معي باللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو الروسية. ومع ذلك، فإن موقف فرويد، الذي يرى أن اللاشعور يتكون من دوافع، هو موقف معقد لا يزال يتعين علينا دعمه ببيانات جديدة من السيميولوجيا وعلم الأحياء: اللاشعور ليس إلا لغة. إن التأثيرات، الدوافع، المحسوسات-المدراكات، مكونات الدلالة هاته لا يمكن اختزالها في اللغة، التي تشكل بطانتها غير المتجانسة. وعلى هذا المستوى، اتفقت مع مواقف أندريه جرين، وقمت بتطوير لاتجانس اللغة/الدافع في "ثورة اللغة الشعرية". في ممارستي التحليلية، أدركت هذه الكيانات باعتبارها واجهات غير متجانسة للتذوتن: في لحظات معينة من العلاج، عاينتها في خصوصيتها الإدراكية، الجسدية، الذاتية- الرضائية، المؤلمة، المهلوسة. جذبت انتباه المحلل إلى هذه "التجارب" الجسدية، سميتها استعارات، أشكال قصص، لتأويل تأثيرها اللاواعي على التحويل/التحويل المضاد. بشكل حتمي وضروري، مررت عبر اللغة لفتح الفضاء النفسي الخارجي والداخلي على لما "ليس لغة"، على التجربة اللاواعية غير المتجانسة مع اللغة. كنت أعرف شخصا مثقفا جدا، كان يحب أن يردد أن "اللاشعور مبنين مثل اللغة"، واعترف لي بأنه فخور لأنه أجرى، وفق هذا المنظور، "تحليلًا على مستوى الأنا الأعلى!" ليس هناك ما يمكن أن نفتخر به في طريق لغوي مسدود.
(يتبع)
المصدر: https://www.cairn.info/revue-le-carnet-psy-2006-6-page-40.htm








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي