الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع جائزة نوبل في الفيزياء سنة 2023

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)

2024 / 3 / 13
التربية والتعليم والبحث العلمي


مع جائزة نوبل في الفيزياء سنة
2023

توجد الإلكترونات ضمن التركيب الأرضيّ بإعتبار الأرض جسمًا كبقيّة الأجسام، حيث توجد الإلكترونات ضمن التركيب الذريّ والجزيئيّ للأرض أو لمكوّنات الأرض المتعدّدة. لذلك نلاحظ أنّ عملية تدفّق الإلكترونات من الأرض وإليها عمليّة مستمرّة منذ نشأة الأرض. حيث يوجد على سطح الأرض وضمن تركيبات هذا السطح أعداد مهولة من الإلكترونات الحرّة والمتجدّدة بإستمرار. ومن ضمن هذه الإلكترونات بإستثناء الحرّة المذكورة، هناك الإلكترونات المتنقّلة نتيجة لوجود الدائرة الإلكترونيّة المعقّدة والعالميّة في الغلاف الجويّ والتي تساهم في تدفّق الإلكترونات الى سطح الأرض والى باطنها (يعتمد هذا التدفّق على العمر النصفيّ لزمن حياة الإلكترون في إنتقاله الى السطح أو الى أعماق الأرض). هنا يمكن للمرء إستيعاب وجود هذه الجسيمات ذات السرع الكبيرة التي تقترب من سرعة الضوء والتي تمتلك طاقات حركيّة عالية بحيث لا يمكن رصدها ومتابعتها قبل دخول الجسم أو بعد دخولها إليه. لذلك يسعى الإنسان للتقليل أو للتخلّص من هذه الإلكترونات بطريقين، أحدهما هو إستخدام الأحذية العازلة في الحركة و / أو أثناء النوم، وإن تكون في أسرّة معزولة عن الأرض وعن المستوى الأرضيّ الكهربائيّ للأرض. وبالتالي يتمّ فصل الجسم عن الإيقاعات الكهربائيّة للأرض وبضمنها الإلكترونات الحرّة التي تلعب الدور المؤذي للإنسان بصور الأذى المختلف.
تعدّ مشكلة وجود الإلكترونات الحرّة على سطح الأرض أو في باطنها من المشاكل التي تعيق الكثير من معالجة الأمراض المتسبَّبة بفعل هذه الإلكترونات إذا ما تسرّبت الى جسم الإنسان. ومن المشاكل الأخرى هو عدم وجود القدرة التقنيّة الكافية لمراقبة حركة الإلكترونات كي يتمّ التعامل معها من خلال العديد من التأثيرات. وعدم وجود القدرة على متابعة هذه الإلكترونات لا يعني العجز عن بلوغ أو طموح الوصول الى التقنيّة اللازمة التي تساعد في رصد ومراقبة الإلكترونات بأنواع متعدّدة من الحركات. ولقد أظهرت العديد من الدراسات السابقة الى أنّ جسم الإنسان يتعرّض الى الملايين من الإلكترونات في النهار وفي الليل. فلذلك يتمّ الحديث عن بعض المعالجات من خلال الربط بما يسمّى بتأريض الجسم لتسريب هذه الإلكترونات الى الأرض دون بقائها في الجسم والتي ربما تساعد على تسريع الإصابة بالعديد من الإصابات والأمراض. فحينما ينام الإنسان يمكن أن يقوم هذا الربط التأريضيّ على تطبيع إيقاع الكورتيزول اليوميّ مما يؤدّي الى تحسين وضع النوم وتهدئة الكثير من التفاعلات التي تحدث أثناء النوم والتي تسبّب أحيانًا حتى في الجانب النفسيّ والجسديّ بعض الكوابيس بفعل التفاعلات الناتجة من تسرّب الإلكترونات الى الجسم وكذلك من التفاعل الداخليّ الذي يحدث بسبب وجودها المباشر أو غير المباشر. فبينما نتخلّص من الإلكترونات المذكورة بنسب مختلفة أو القضاء عليها بشكل جيّد قد يقلّل من الآلام والإلتهابات. وقد أجريت العديد من التجارب، حيث لوحظ من خلالها الفرق ما بين حالة ما قبل التأريض وحالة ما بعده. حيث كانت التأثيرات فسلجيّة وسريريّة مباشرة تقريبًا. لذلك تعتبر فرضيّة التأثيرات للتأريض في نوعيها السلبيّ أو الإيجابي مهمّة لأغراض الدراسات المستمرّة والعمليّة الإحصائيّة في بيئات مختلفة ولأعمار من البشر مختلفة. فمن المهمّ توثيق تلك النتائج وتدوينها بالأسلوب النافع بإستخدام كلّ التقنيّات المتوفّرة. حيث يكون التخلّص من تأثير الإلكترونات هذه في مجال ضررها على الجسم مهمّة للغاية كما أعتقد. لقد لوحظ أن تدفّق هذه الإلكترونات يكون على شكلين أو تدفّقين مختلفين في الكميّة والتأثير. فهناك تدفّق الليل وهناك تدفّق النهار، وهذه الكميّة تختلف من مكان الى آخر، وقد أطلق على تلك التدفّقات بالتدفّقات الإلكترونيّة النهاريّة والأخرى بالتدفّقات الليليّة. هنا ينبغي أن نشير الى أنّ هذه الإيقاعات والتدفّقات الإلكترونيّة للأرض وللأجسام تحدّد الساعات البيولوجيّة للهرمونات التي تنظّم النوم والنشاط. وكذلك الإشارة الى أنّ الإلكترونات الحرّة من الصادرة من الأرض تقوم بلعب دور مهمّ فيما يتعلّق بالسمات الموجودة والتي تتعلّق بالإلتهابات المزمنة. حيث تمّ إثبات العلاقة بين الكورتيزول والإلتهابات في العمل الرائد الذي قام به سيلي والذي نُشر في الخمسينيّات من القرن الماضي. حيث أدّت الأبحاث الطبيّة الحيويّة الحاليّة إلى فرضيّة الإلتهاب التي تحدّد الإلتهاب المزمن بإعتباره السبب وراء كلّ الأمراض المزمنة الحديثة تقريبًا. هناك العديد من الأبحاث في هذا الجانب ومتوفّرة بقدرات نشر مختلفة حيث توفّر التقارير والأبحاث اللاحقة أساسًا لعدد من تقنيّات التأريض التي تستعيد وتحافظ على الإتّصال الكهربائيّ الطبيعيّ بين جسم الإنسان والأرض طوال النهار والليل في المواقف التي يكون فيها الإنسان حافي القدمين على الأرض وحينها يكون تأثير هذه الإلكترونات تأثيرًا فعّالًا وسلبيًّا على الإنسان لذلك ينبغي أن يحذر الإنسان هذه العادة اليوميّة خاصّة في الأراضي التي تتعرّض الى الكثير من هذه التأثيرات ومنها بعض بلداننا وأراضينا في شرق المتوسّط. لكن يمكن ان يُقترح أن يكون تأثير الإلكترونات الحرّة أو المتنقّلة من الأرض تأثيرًا إيجابيًّا إذا ما أحسنّا إتّباع الأساليب الصحيحة، كي تكون واحدة من الأساليب لمعالجة الإلتهاب المزمن عن طريق العمل كمضادّات أكسدة طبيعيّة، كما تقول الأبحاث المشار اليها.
إلكترونات باحثي جائزة نوبل
يشير مصطلح "اهتزازات الإلكترون" عادة إلى الحركة التذبذبية للإلكترونات حول نوى الذرات في المادة. في ميكانيكا الكم، لا تتحرك الإلكترونات في مدارات كلاسيكية مثل الكواكب التي تدور حول الشمس، ولكنها تتواجد في حالات شبيهة بالموجة توصف بالدوال الموجيّة. ومع ذلك، يمكن لهذه الدوال الموجية أن تظهر سلوكًا تذبذبيًا، مما يتسبّب في إهتزاز الإلكترونات بشكل فعّال حول النواة.
تعتبر إهتزازات الإلكترون هذه أساسيّة لفهم الخصائص المختلفة للمواد، مثل التوصيل الكهربائيّ، والتوصيل الحراريّ، والخصائص البصريّة. في علم المواد وفيزياء الحالة الصلبة، يلعب سلوك الإلكترونات وإهتزازاتها دورًا حاسمًا في تحديد خصائص المادة وسلوكها.
هناك إلكترونات في نبضات الضوء، تلك التي أشار اليها الفائزون في جائزة نوبل، حيث إستطاعوا إنشاء ومضات ضوئيّة قصيرة بما يكفي لإلتقاط لقطات للإلكترونات وهي تتحرّك بسرعة كبيرة. حيث قامت أنّا هويللير من إكتشاف تأثير كبير وجديد من تفاعل ضوء الليزر مع الذرّات الموجودة في الغاز. حينها يمكن إستخدام هذا التأثير لإنشاء نبضات ضوئيّة أقصر مما كان ممكنًا في السابق.
لو عرّجنا قليلًا على الفائدة من الدخول الى عالم الإلكترونات من جديد وهو مطروق بأساليب متعدّدة سابقًا؟ في حقيقة الأمر لا يمكن القول أنّ الأبحاث ستتوقّف عند حدّ معيّن خاصّة فيما يتعلّق بتلك الجسيمات التي حولنا في كلّ مكان تقريبًا. فلو لاحظت حركة الكثير من الطيور مثلًا أنّها تولّد العديد من الحركات التي تثير موجات بصور مختلفة وبأطوال موجيّة مختلفة. هل لاحظت تأثيرها على التردّدات التي تحيط بعالمها ومنها عالم البشر؟ ففي تلك الحركات ما لا تدركه الحواس، لكنّه يلعب دورًا عظيمًا فيما يحيط بنا، بحيث لوقمنا بوضع البرنامج المناسب لتلك الحركات وإيجاد الطاقات اللازمة والأصوات بالتردّدات المختلفة والإفرازات التي تفرز من قبل الطائر أثناء طيرانه لإستطعنا حلّ الكثير مما يربط ما بين الكوانتم والأحياء والعلوم الأخرى التي لها علاقة. نحن بحاجة الى التقنيّات المتعدّدة لمعالجة الكثير من هذه التأثيرات، ومنها ما قام به فائزو جائزة نوبل للعام المنصرم. ففي تقنيّة التصوير الفوتوغرافيّ عالي التقنيّة وعالي السرعة والإضاءة القويّة نستطيع إلتقاط صور تفصيليّة للعديد من الظواهر العابرة. وهنا لو ضرب الطائر خفقة بجناحيه مثلًا وبسرعة عالية ومع التقنيّة الفائقة نستطيع تصوير الصورة بشكل أسرع وبجهاز عالي الدقّة في قياس التردّدات والموجات غير المرئيّة وغير المسموعة بالأذن البشريّة، نستطيع دراسة العديد من السلوكيّات المشار اليها. ومع التقنيّات التي أشار اليها الفائزون إستطاعوا إجراء تجارب توضّح طريقة لإنتاج نبضات ضوئيّة قصيرة بما يكفي لإلتقاط صور للعمليّات داخل الذرّات والجزيئات. وهنا تكمن النتيجة الرائعة. بوجود التقنيّة المتقدّمة لدراسة الزمن من سلوكيّات وحركات الذرّات والجزيئات يكون لزامًا علينا أن نبحث عن طرق القياس المتناسبة مع هذا الوضع الجديد. حيث يمكن للذرّات أن تتحرّك وتتحوّل في جزء من مليون من مليار من الثانية، إلى الفيمتو ثانية. يمكن دراسة هذه الحركات بأقصر نبضات يمكن إنتاجها بالليزر، لكن هناك مشكلة عند الباحث حينما يتعامل مع حركة الذرّات بأكملها. حينها يتمّ تحديد النطاق الزمنيّ بواسطة نواتها الكبيرة والثقيلة، والتي تكون بطيئة للغاية مقارنة بالإلكترونات الخفيفة. أي أنّ حركة الإلكترونات داخل الذرات أو الجزيئات تكون حركة بسرعة كبيرة بحيث تصبح التغييرات غير واضحة في الفيمتو ثانية. ففي وضع الإلكترونات تتغيّر المواقع والطاقات بسرعات تكون تقريبًا ما بين الواحد وبضع مئات من الأتو ثانية والتي تكون جزء من مليار من مليار من الثانية، وتعني واحدًا مقسومًا على عشرة للقوة 18 من الثانية. وهذه المدة تعتبر مدة قصيرة بشكل لا يصدّق غالبًا ما تستخدم في مجال البصريّات فائقة السّرعة لقياس الجداول الزمنيّة للعمليّات الإلكترونيّة على المستوى دون الذريّ. ومع تقنيّة تصل فيها المدة الزمنيّة الى هذا الرقم تكون ضروريّة لدراسة وفهم الظواهر السريعة للغاية في الفيزياء والكيمياء. وإذا ما علمنا مدى الأتو ثانية نستطيع تقدير فعل الباحثين في هذا المجال حينما تكون الدراسات بهذا العمق، حيث أنّ الأتو ثانية يصوّر لنا عدد الثواني التي إنقضت منذ ظهور الكون قبل 13.8 مليار سنة. حيث يمكن من خلال هذه المدد القصيرة جدًّا يمكننا أن نتخيّل وميضًا من الضوء يتم إرساله من أحد أطراف الغرفة إلى الجدار المقابل، ويستغرق ذلك عشرة مليارات أتو ثانية. وللعلم حينما قام علماء الفيمتو ثانية بدراسة ومضات الضوء المتصلة والتي لها علاقة بهذا المدى الزمني لبعض الذرات والجسيمات كان مذهلًا قبل أكثر من عقدين من الزمن، أي منذ عام 1999 حينما حصل أحمد زويل وجماعته على الحدّ الأقصى آنذاك من ومضات الضوء المنتَجة والتي كانت في وقتها تقنيّة مهمّة كافية في مجال تطوير تقنيّات جديدة أخرى لدراسة الأنظمة الكيميائيّة بإستخدام الليزر، ومُنِحوا على أثرها، التفرّد في هذا المجال، على جائزة نوبل. واليوم تتطوّر التقنيّات بسرعة كبيرة بحيث أجرى الفائزون بالجائزة عام 2023 من خلال تجارب فتحت المجال البحثيّ الجديد لفيزياء الأتوثانية.
من طريف الأمور، لقد أثرت موضوع الزمن الدقيق والقصير سابقًا في عدد من المقالات، وقد قلت في كتابي (الزمن واللازمن في كوننا الواسع)، ما معنى أن يصل الإنسان أو الباحث الى مستوى يتعامل به مع البيكوثانية وهو مقدار الواحد مقسومًا على عشرة للقوّة 12. وقد أثرت موضوع التقنيّات المتوقّعة التي ستتعامل مع البيكو وإذا بنا نتفاجأ بالأتو ثانية عند الباحثين الذين منحوا جائزة نوبل للعام المنصرم 2023. هذا ليس غريبًا على الباحثين الذين يسعون الى تطوير العالم بأساليب متعدّدة شرعيّة أخلاقيّة ولتطوير الحياة الى الشكل الأفضل. وقد تعاملوا مع موجات الضوء ودقائقه بالشكل الذي لا يعتمد على تركيب جزيئات الضوء بل مع تقنيّات لتطوير الطرق في التعامل مع موجاته متعدّدة التردّدات وفق الألوان التي يتركّب منها كما هو معروف. حيث تمتلك موجات الضوء القدرة على الإهتزاز في المجالات الكهربائيّة والمغناطيسيّة وتتحرّك بشكل أسرع في الفراغ. وقد ذكر أحد الباحثين في مقال منشور في مجلة فيزيكاكتويلت السويديّة حول دورة الموجة الضوئيّة: (يبلغ طول موجة الضوء الأحمر حوالي 700 نانومتر، أي جزء من مائة من عرض الشعرة، ويدور بمعدل أربعمائة وثلاثين ألف مليار مرة في الثانية تقريبًا. يمكننا أن نفكّر في أقصر نبضة ضوئيّة ممكنة على أنّها طول فترة واحدة في موجة الضوء، وهي الدورة التي تتأرجح فيها الموجة الضوئيّة إلى القمّة، ثم إلى القاع، ثم تعود إلى نقطة البداية. في هذه الحالة، فإنّ الأطوال الموجيّة المستخدمة في أنظمة الليزر العاديّة لا يمكنها أبدًا أن تقلّ عن الفيمتو ثانية، لذلك في الثمانينيّات أعتُبِر هذا حدًا صارمًا لأقصر دفقات ضوئيّة ممكنة). وهو بالفعل، لقد كانت فترة الثمانينيّات مرحلة من مراحل هذا التوجّه في البحث. وقد كان التعامل مع حركة الإلكترونات بهذا الإتّجاه مع تقنيّات بسيطة بالمقارنة مع الحاليّة. وأتوقّع أن نصل في هذه الأبحاث الى تركيبات أدقّ في كيفيّة ملاحظة ودراسة حركات الإلكترونات والجسيمات الاخرى التي ستصبّ كلّها (أي الملاحظة والدراسة وغير ذلك) في الإقتراب أكثر من الفعل الأوّل في تكوين الكون وكيفيّة تحرّك جزيئات وجسيمات الكون الأوّل أو يمكن أن نسميها المرحلة الأولى من تكوينه بهذا الشكل فيما يتعلّق بالجزء المرئيّ والمدرَك والمراقَب. وسنعود الى ذلك مرّة أخرى.
د.مؤيد الحسيني العابد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. دعم صريح للجيش ومساندة خفية للدعم


.. رياض منصور: تغمرنا السعادة بمظاهرات الجامعات الأمريكية.. ماذ




.. استمرار موجة الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين في الجامعات


.. هدنة غزة.. ما هو مقترح إسرائيل الذي أشاد به بلينكن؟




.. مراسل الجزيرة: استشهاد طفلين بقصف إسرائيلي على مخيم الشابورة