الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إضاءات جديدة حول الرتاث التازي : نمذج العلامة علي بن بري

عبد الإله بسكمار

2024 / 3 / 15
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ولد أبو الحسن علي بن بري التازي ببلده تازة سنة 660 هــ/ 1261 م وتوفي ودفن بها سنة 730 هـــ / 1329 م أي في أوج الدولة المرينية وخلال الفترة التاريخية التي ازدهرت فيها تازة إلى جانب مدن مرينية أخرى وتلقى تعليمه على يد أبيه أولا ثم بعض الشيوخ المنحدرين من الأندلس كأبي جعفر بن الزبير الغرناطي وأبي حمدون الشريشي ومالك بن المرحل المالقي السبتي، واشتغل عدلا موثقا انتظم ضمن سماط عدول تازة.
والمعروف أيضا أن من تلامذته القاضي عيسى بن عبد الله الترجالي، الذي أنف أن يستقبل أستاذَه ابن بري كمجرد شاهد في القضايا المختلفة، فتوسط له لدى السلطان المريني أبي سعيد عثمان لتربية وتأديب ولي عهده الأمير أبي الحسن، فاستجاب ابن بري وتولى المهمة في البلاط اعتبارا من سنة 715 هــ بل وتقلد ديوان الإنشاء أيضا .
والمعروف أن ابن بري اشتهر بمنظومته في علم القراءات والتي أطلق عليها منظومة " الدرراللوامع في أصل مقرإ الإمام نافع " والتي عمت شهرتها كل الآفاق وبلغت شروحاتها أزيد من خمسين شرحا بل تم تدريسها في بعض الجامعات كالقرويين بفاس وجامعة الزيتونة بتونس، وأطلق على العلامة علي بن بري " إمام القراء المغاربة " .
احتفت به تازة مرتين: الأولى عندما أطلق إسمه على إحدى ثانويات تازة العريقة والثانية لما نظمت رابطة علماء المغرب بتازة مهرجانا ثقافيا تخليدا له وتجديدا لضريحه الموجود لحد الآن وراء مقر عمالة الإقليم، وذلك أيام 25 – 26 – 27 أبريل 1986، بتنسيق من الرابطة وعلى رأسها آنذاك العلامة ج امحمد بن احمد الامراني ووطنيا العلامة المعروف عبد الله كنون الحسني رحمهما الله .
ولكن الذي لا يعرفه الكثيرون أن إبن بري كان أديبا أيضا والشاهد على ما نذهب إليه هو تلخيصه للكتاب الأدبي " زهر الآداب وثمر الألباب " لابراهيم الحصري مركزا على الشواعر النساء وأشعارهن في الرثاء وأسمى كتابه الملخص " اقتطاف الزهر واجتناء الثمر" ويضاف إلى هذا كتاب " الكافي في العروض والقوافي " وهو مصنف في علم العروض وكذا اختصار الشريشي على المقامات، ولابن بري في هذا المقام آراء طريفة في الأدب والشعر.
والذي يجهله الكثيرون هو ان ابن بري كان سباقا إلى تفصيل مخارج الحروف وصفاتها قبل اللغويين المحدثين ( نقصد في الغرب تحديدا كدوسوسير ومارتيني وبلومفيلد ) في إطار علم اللسانيات الحديث وبالضبط مبحث الصوتيات Phonétique
فيقول ناظما مخارج حروف المعجم :
وهي ثلاث مع عشر واثنين....في الحلق ثم الفم ثم الشفــــتين
فالهاء والهمزة ثم الألف.... من آخر الحلق جميعا تُعـــــــــرف
والعين من وسطه والحاء....والغين من آخره والخـــــــــــــــاء
والقاف من أقصى اللسان والحنك.... والكاف أسفل قليلا تدرك
إلخ ...
من هنا تتضح بعض الجوانب المتميزة للعلامة ابن بري، حيث كان تصنيفه للحروف دقيقا رغم عدم تطور وسائل قياسها في ذلك الوقت .
وقد سبق أن ترجمت وقدمت نصوصا لهذا العلامة التازي الفذ في كتابنا الموسوم ب " تقريب المفازة إلى أعلام تازة " الصادر عن دار المعارف الجديدة بالرباط سنة 2017، علما بأن كل آثاره ما زالت مخطوطة باستثناء الجهود المشكورة للعلامة الراحل ج امحمد الامراني، وخاصة من خلال كتابه الرائد " ابن بري التازي إمام القراء المغاربة "
على هذا النحو يمكن أن نضيف ابن بري التازي الأديب واللغوي الفذ إلى جانب ابن بري العدل الموثق والقارئ اللبيب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا