الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن مسلسل الحشاشين والطوطم المشرقي

حمزة رستناوي

2024 / 3 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بخصوص الجدل الدائر حول "مسلسل الحشاشين" وشخصية الحسن الصباح واستياء المجتمع السوري الاسماعيلي منه: سأعرض لعدة نقاط ذات صلة:

أولا- هذه الظاهرة لا تخص السوريين الاسماعليين، بل هي ظاهرة عابرة للفئويات الطائفية الدينية في سوريا وعبر العالم العربي، وهي من سمات ثقافة الانغلاق التي تعيشها المجتمعات الشرقية/ العربية الاسلامية. لنتخيل ردود فعل المجتمع السُني في حال عرض مسلسل لشخصية أبو بكر الصديق، أو ردود فعل المجتمع الشيعي في حال عرض مسلسل لشخصية الحسين، أو ردود فعل المجتمع العلوي في حال عرض مسلسل عن علي بن أبي طالب، أو ردود فعل المجتمع المرشدي في حال عرض مسلسل عن سلمان مرشد، أو ردود فعل مجتمع الموحدين الدروز في حال عرض مسلسل عن شخصية حمزة بن علي.

ثانيا- الشخصيات الدرامية الناجحة هي شخصيات خلافية مُتعددة المنازع، والحبكة الدرامية الناجحة قائمة على الصراع المُركب الكاشف، وهنا يمكن استثناء المُسلسلات التي تقوم بتقديم شخصيات دينية من منظور أحادي، غالبا ما يقوم بتقديس الشخصية وإبراز محاسنها فقط، لغرض تمجيد الطائفة الدينية التي ينتمي إليها الأتباع والترويج لها.

ثالثا- الدراما عموما والمسلسلات ليست وثائق تاريخية وليست أبحاث في علم التاريخ، هي نص سردي بصري مُتخيل في معظمه، يُجسّد رؤية ومنظور كاتب السيناريو والمخرج ويستند أو يتقاطع مع إلى أحداث تاريخية معينية في الاطار العام. الأعمال الدرامية الناجحة ليست بالضرورة مُخلصة للتاريخ الوقائعي. في الحقيقة يستحيل تكوين صورة دقيقية وحقيقية عن سيرة شخصية تاريخية مقدسة - أو غير مقدسة- لنقص الوثائق و تقادم الزمن والانحيازات الثقافية المقصودة وغير المقصود. الشخصية الدرامية الواحدة تحتمل الكثير من المقاربات ووجهات النظر الدرامية في معالجتها.رحم الله معروف الرصافي القائل:
نظرنا لأمر الحاضرين فرابنا ..فكيف بأمر الغابرين نصدق ؟!

رابعا- عقيد الأصل واستحالة التأصيل: كل فئوية طائفية دينية تمتلك شخصية أو مجموعة شخصيات مُقدسة وفقا لمُعتقداتها، عادة ما تقوم هذه الطائفة باحتكار هذه الشخصيات وتقديمها وفق منظور تقديسي تمجيدي. وسوف تتحول هذه الشخصيات ركن عقائئدي- اجتماعي، بحيث يصبح أي نقد لهذه الشخصية هو بمثابة اعتداء مُباشر على الطائفة الدينية كلها. فهو أشبه بالطوطم المؤسس و الحامي للجماعة، ولسان حالهم يقول: إليه ننتسب! وبه نفتخر!

خامسا- ثمة سؤال أساسي يتعلق بمقدرة الفرد إلى النظر إلى نفسه كذات حرة مُستقلة بمعزل عن الخلفيات الإجتماعية-الدينية التي ينتمي إليها بحكم المولد و التربية الباكرة. هذا هو أحد معايير التنوير .. وأحد مُحددات قدوة المُجتمعات عن نقد قصورها وتجاوز عطالتها التاريخية.

أخيرا- في الحاجة للثقافة الديمقراطية: طبعا من حق أي انسان التعبير عن رأيه بأي مُنتج درامي سلبا أو ايجابا، و من حق الشخص اختيار طريقة الايمان الديني - وغير الديني- التي يرتاح اليها، ومن حقه عرضها لا بل والتبشير بها. بالمقابل من حق الآخرين التعبير عن وجهات نظر مُختلفة وناقده لمُعتقداتنا ووجهات نظرنا، وعلينا تقبل حضورها في الفضاء العام والنقاش حولها من دون استخدام العنف اللفظي أو التحريض عن العنف الجسدي. إنّ تقبل حضور مسلسلات أو كتابات ( لا تعجبني ولا أوافقها الرأي) هو محك حقيقي للوعي الديمقراطي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا يركز الجيش الإسرائيلي على الطائفية لوصف مجريات الحرب ف


.. رقعة| أين يقطن المسلمون في أمريكا؟ وكيف يؤثرون على الانتخابا




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية لا زالت تواجه على المتر الأو


.. مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال




.. رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية يفتتح مسجد خلود محمد جمع