الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فوانيس رمضان.....مهارة حرفية وطقوس روحانية

عبدالرحمن محمد محمد

2024 / 3 / 17
المجتمع المدني


للفانوس مكانة وقيمة روحانية ومعنوية في أغلب الثقافات وبخاصة في المجتمعات الاسلامية والعربية، وقد رافق الانسان في عصور شتى وما يزال حتى يومنا هذا مع كل التطور الذي طال تصنيعه والتطور الصناعي الذي صرف عنه الاهتمام، وشكله وطرق واساليب الاستفادة منه.
يُقال إن كلمة فانوس تعود إلى الأصل اليوناني (Fanos)، ومرادفها العربي "مِشعل"، وللفانوس في رمضان حكايات لا تنتهي وارتباط وثيق بالقيم الروحانية، في الكثير من الدول الإسلامية يكون ظهور الفانوس واطلالته في واجهة المحلات والحواري إيذانا بحلول الشهر الكريم، والبدء بالاحتفالات والاستعدادات حتى قبل ان يعلن عن رؤية هلال رمضان، ولاشك إن الكثير من النشاطات الاجتماعية ترافق شهر الصيام والعديد من السلوكيات المجتمعية كـ "السكبة" في بلاد الشام، و"القرقيعان" في دول الخليج.
ارتبط ظهور الفانوس بقصص وروايات متعددة في مصر لكنها جميعا ترتبط بالخير والاستبشار بالأجمل والأفضل، وما بقي من جميل طقوس رمضان والفوانيس تجول الأطفال بفوانيسهم في الاحياء والحواري المصرية، والشعبية منها على وجه الخصوص وهم يرددون اناشيدهم التي حفظت عن ظهر قلب منذ مئات السنين، ومن الروايات عن ظهور الفوانيس في مصر خلال شهر رمضان، ان المسلمين أخذوا ذلك من الأقباط وهم يحتفلون بأعياد الميلاد، بإيقاد الشموع المتنوعة والمزينة، وفيما تشير بعض الروايات ان الفانوس ظهر مع قدوم المعز لدين الله الفاطمي إلى مصر في رمضان من عام358 هـ، واستقبال الأهالي له بالفوانيس، ليصبح تقليدا محببا كل بداية رمضان، بينما يشار في رواية أخرى انان الحاكم بامر الله كان يأمر بوضع الفوانيس في المساجد ليلا طيلة شهر رمضان، كانت توضع في أغلب الشوارع وعلى مداخل البيوت، بينما تميل رواية أخرى ان الخليفة المعز كان يخرج قبيل كل رمضان مع جمع من الناس ليلا يلتمسون هلال رمضان، وكانوا يصطحبون الفوانيس لتضيء طريقهم فباتت كطقس من طقوس التماس شهر رمضان والاحتفال بقدومه.
وفي سوريا كان "الدومري" الرجل المكلف بإشعال القناديل يقوم بإيقادها في الازقة القديمة قبل عصر الكهرباء، ويقوم بتعليق فوانيس إضافية في الحارة أو الحي احتفاء بعيد الميلاد المجيد واستقبال شهر رمضان المبارك”، أما في قرى الريف، ولبعد المسافات بين القرى، كانت الناس تعتمد على قناديل رمضان في الإفطار والسحور، إذ ان امام السجد كان يضيئ قنديلا ويعلقه على المئذنة وقت الإفطار ليعلم الناس بحلول وقته، وتطفأ القناديل حتى حلول وقت السحور ليعود وبشعلها حتى أوان الإمساك.
يتفنن صناع الفوانيس في صناعته وكل حسب ذوقه ومهارته، ورغم بساطة صناعته الظاهرة إلا إنه يحتاج للدقة والذوق الرفيع ليكي يضفي عليه مسحة جمال ووقار تليق به، لارتباطه بطقوس روحانية دينية، وكثيرا ما ارتبط الفن بالدين والايمان، كذلك الفانوس الذي تحمل صناعته اليوم طابعا دينيا ما يضفي على صناعته هالة روحانية.
ما يزال الفانوس الرمضاني يحتفظ بشكلة الخارجي و هيبته، ولكن المواد الأولية والتقنيات الالكترونية باتت تدخل في صناعته، وبخاصة الطبع الالكتروني والقص والتجميع الليزري، والاضاءة الالكترونية، بالإضافة إلى دخول مواد جديدة في صناعة هيكله، وكل ذلك يزيد من الدقة والحرفية في العمل واضفاء مزيد من اللمسات الجمالية.
اليوم يمكن الاستفادة من الكثير من المواد لتدخل في صناعة الفانوس، كالخشب والزجاج والحديد والبلاستيك والكرتون وغير ذلك، ورغم كل التقدم والتطور العلمي ما زال الكثيرين يحبون اقتناء الفوانيس البسيطة المصنعة يدويا، وتعتمد على الإضاءة بشموع عادية بسيطة، تكون مصنوعة ومجمعة يدويا ما يزيدها قيمة معنوية ومسحة من الجمال المعتق، والارتباط بالماضي العريق، وما زالت الأغنيات المحفوظة عن ظهر قلب تردد في الازقة والشوارع تردد أناشيد وتسبيحات ودعوات للخير والسلام والمحبة، فتضيف لامسيات وليالي رمضان بهاء وسحرا واجواء روحانية تريح النفوس والقلوب وتحمل القلوب والالسن لتناجي ربها رمضان كريم والله أكرم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين