الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تغير موقف الكنيسة الكاثوليكية من المثلية الجنسية؟

ألفى كامل شند

2024 / 3 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل تغير موقف الكنيسة الكاثوليكية
من المثلية الجنسية؟

ألفي كامل شنّد
أثارت تصريحات للبابا فرنسيس بابا الفاتيكان حول حقوق المثلين ضجة واسعة وارتباك في الاوساط المسيحية ، وبلبلّة بين المؤمنين الكاثوليك حول عقيدة راسخة في الكنيسة الكاثوليكية والأديان الاخرى.
ورأى البعض ان تلك التصريحات لاتعدو أكثر من نظرة رحيمة ، تنسجم مع فكر البابا فرنسيس التقدمي بحكم التنشئة في جماعة اليسوعيين التي أثارت القلاقل منذ أن تأسست على يد الفارس الاسباني "أغناطيوس دي ليولا "وسبعة من الرفاق في القرن السادس عشر ووضعوا أنفسهم في خدمة الاصلاح الديني والتمييز الروحي، وخدمة العدالة الاجتماعية، رغبة في الافضل (مجد الله الاعظم ألأعظم) الشعار الذي تتبنناه جماعتهم . ويعرف المنخرطون في هذه الجماعة باسم «جنود الله»، نظرًا لخلفية مؤسسها العسكرية.
هذا النهج أالذي يسير عليه اليسوعيون جلب لهم القلاقل مع السلطات الكنسية على مرّ تاريخهم، يذكر في ذلك رفض السلطة في رزما لجوء المرسلون اليسوعيون الاوأئل للصين صبغ الليتروجيا بالثقافة الصينية لتسهيل نشر بشارتهم . وهلع السلطات الكنسية من كتابات عالم الحفريات واللاهوتي "تيلار دي شاردان" (1881 – 1955) وتحريم نشر وقراءة أبحاثه الداعمة لنظرية التطور من منظور لاهوتي وحتى وقت قريب . والتحفظ على كتّابات الأب "إرنستو كاردينال" في «لاهوت التحرير» وانخراطة في جماعة يسارية معارضة في الستينيات من القرن الماضي.
وبسبب تبنّي الرهبنة لقضية العدالة الاجتماعية واقترابهم من حقل السياسة، تم طردهم من عدد من اابلدان الاوربية . واتخذ البابا كليمنت الرابع عشر قرار بحلّ الرهبنة عام 1773، لكن واصلوا تشاطهم الديني في روسيا والصين وبروسيا والولايات المتحدة، حتى ألغي البابا بيوس السابع القرار في العام 1814 .
ومع ان قانون الرهبنة لايجيز لليسوعي تقلد رتبة كهنوتية أعلى من درحة كاهن إلا في حالات أستثنائية. لم يتح لاعضاء الرهنة أعتلاء الكرسي البطرسي، إلا مع مجيء فرنسيس الاول في العام 2013. مع ذلك كانوا قوة فاعلة واصحاب كلمة نافذة داخل الكنيسة، وقاموا بدوراً بارزاً في أعمال المجمع الفاتيكاني الثاني (1962-1963) الذي قاد الكنيسة الكاثوليكية إلى الانفتاح على العالم والحوار مع الاديان الاخرى، والطريق للعمل المسكوني والتجديد اللاهوتي، وتشجيع استخدام الاكتشافات الاثرية والتقدم التكنولوجي ودراسة الكتاب المقدس، والذي كانت قرارته صادمة للمحافطين
لذك توقع كثير من المراقبين لشئون الفاتيكان مع مجيء البابا فرنسيس حدوث تغيير عن ما كان يتبعه أسلافه من البابوات السابقين، و توقعه رئيس مجمع الفاتيكان للعقيدة والإيمان جيرارد مولر لوفيغ عندما سأله الصحفيون عن البابا الجديد .. ورأى الخبراء في شئون الفاتيكان أنه «البابا القادر على إحداث تغيير« . واعتبرت الصحافة الإيطالية انتخابه «ثورة في تاريخ الكنيسة« .
وبالغعل صدقت توقعاتهم. والدليل على ذلك، رفع البابا فرنسيس السرية عن قضايا ومحاكمات وأحكام الاعتداءات الجنسية ضد عدد من رجال الكنيسة.وحثّ الاسقفيات على التعاون مع السطات الزمنية في التحقيقات . كذاك تبنى موقفاً مغايراً تجاه المثليين عن البابوات السابقين وسلفه بنيدكت السادس عشر الذي أدان زواج المثليين، وكرر مرارا أن المثلية "خطيئة كبيرة، وتعرّض استقرار المجتمع للخطر"..

موقف البابا فرنسيس من المثليين:
يختلف البابا فرنسيس عن البابوات السابقين و سلفه بندكت السادس عشر في الرؤية والطريقة والاسلوب في خدمة الرسالة . فهو يسعى ان تكون الكنيسة الكاثوليكية رحيمة، تضميد جراح الإنسانية المتألمة مفتوحة للجميع. ويركز فرنسيس في تعليمه اللاهوتي وعظاته على الرحمة . واختار الرحمة شعاره البابوي ، ويسعى لاقامة علاقات أخوية مع الأديان الاخرى . وقال في لقاءه مع ممثلين عن مختلف الأديان الأخرى بعيد انتخابه في الفاتيكان، بأن الكنيسة الكاثوليكية تحترم جميع الأديان الأخرىالتي تحاول الوصول إلى الله والإجابة عن الأسئلة الوجودية بالنسبة للبشر.. ويدعوا لمزيد من الوحدة بين جميع المؤمنين بالمسيح . ويُعرف عنه الدفاع عن المهاجرين والمناخ والحنّو على الخطاء والضعاف والمهمشين حتى في أكثر القضايا المحرجة للكنيسة، فهو يرفض إدانة المثلين ومطاردتهم قانونيا . وقال في تصريح للصحفيين: "من أنا حتى أدينهم". . وأضاف “إذا كان الشخص مثليا لكنه مؤمن بالله وبإرادته فمن أكون أنا حتى أصدر حكما مسبقا بشأنه".
و في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس" (Associated Press) بتاريخ 25/1/2023، قال البابا فرنسيس إن "المثلية الجنسية ليست جريمة"، منتقدا القوانين التي تجرّم المثلين ".
وأضاف أن "الرب يحب كل أطفاله تمامًا كما هم" على حد تعبيره، داعيا الأساقفة الكاثوليك الذين يدعمون هذا النوع من القوانين المناهضة للمثلية إلى الترحيب بالمثليين في الكنيسة.
ورداً على مجموعة من الكرادلة الذين طلبوا منه التوضيح بشأن الممارسة، التي أصبحت شائعة نسبيًا في أماكن مثل ألمانيا، حيث يبارك الكهنة الأزواج من نفس الجنس الذين هم في علاقة ملتزمة. جاء رد إن الكنيسة كانت واضحة للغاية في أن سر الزواج لا يمكن أن يكون إلا بين رجل وامرأة ومفتوح للإنجاب، وأن الكنيسة يجب أن تتجنب أي طقوس تتعارض مع هذ التعليم.
وقال إن طلب البركات في بعض الأحيان كان وسيلة يتواصل من خلالها الناس مع الله ليعيشوا حياة أفضل، حتى لو كانت بعض الأفعال غير مقبولة أخلاقيا موضوعيا .
وتعلم الكنيسة أن الانجذاب المثلي ليس خطيئة، ولكن الأفعال الجنسية المثلية هي خطيئة.وقال البابا فرنسيس إن أي بركات نهائية لا ينبغي أن تصبح هي القاعدة أو تحصل على موافقةشاملة من سلطات الكنيسة مثل الأبرشيات أو مؤتمرات الأساقفة الوطنية.
ورغم تأكيد البابا فرنسيس على تمسكه بعقيدة الكنيسة ومبادئها . فقد تعرض لانتقادات شديده من داخل تاكنيسة الكاثوليكية وخارجها. يقول أولئك الذين يعارضون البابا فراسيس إنهم يشعرون بقلق عميق بشأن انفتاحه على منح الشركة للكاثوليك (الافخارستيا) المطلقين والمتزوجين مرة أخرى، وصدموا بترحيبه الرعوي بالأشخاص المثليين.
وقال الكاردينال الأمريكي رايموند بورك، المعروف بمواقفه "السلبية" من البابا فرنسيس، بتوجيه انتقاد علنيّ للحبر الأعظم، قائلاً إنّ ما نقل عنه "يذرّ الارتباك في أوساط الكاثوليك، ويثير حيرتهم".
وقال الأسقف الأمريكي توماس توبين منتقدا ، إنّ تصريح البابا يتعارض مع "تعاليم الكنيسة حول اقتران أشخاص من الجنس ذاته، ولا يمكن للكنيسة أن تدعم قبول علاقات غير أخلاقية"، بحسب تعبيره.
موفف الكنيسة الكاثوليكية الرسمي من المثلين:
تدين الكنيسة الكاثوليكية المثلية الجنسية بمنصوص الكتاب المقدس، كما تدينه كل الديانات السماوية الأخرى، حيث ورد في سفر اللاويين (العهد القديم) الرجم كعقوبة للمثليين جنسيا وكذلك من يضاجع الحيونات.
وتظهر الإدانة في نصوص إنجيلية أخرى منها إدانة بولس في الرسالة إلى أهل رومية للمثلية الجنسية، وجاء فيها "وكذلك الذكور أيضا تاركين استعمال الأنثى الطبيعي، اشتعلوا بشهواتهم بعضهم لبعض فاعلين الفحشاء ذكورا بذكور ونائلين في أنفسهم جزاء ضلالهم المحق".وفي الرسالة، ذكر بولس أيضا أن الذين يمارسون المثلية "لا يرثون ولا يدخلون ملكوت الله".
في الختام : يطرح التباين في الاراء حول المثلية الجنسية، بين بابوين تفصل بينهما فترة زمنية قصيرة أستفساراً حول المعايير التي يستند إليها البابوات تجاه الكثير من القضايا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي