الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله وعقدة النقص المركب

فيليب عطية

2006 / 12 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعرف كل من لديه اقل المعلومات عن تاريخ وحضارة الانسان أن الله فكرة تطورية نبتت في أدني المجتمعات البدائية حتي وصلت الي شكلها الحالي المتمثل في ثلاثة ديانات كبري يقال انها الديانات السماوية وهي اليهودية والمسيحية والاسلام بالاضافة الي ديانة كبري لم تنل هذه الحفاوة لكنها ديانة ملايين من البشر لايستهان بها وهي الديانة الهندية او الهندوسية ولنصرف النظر عن البوذية والكونفوشوسية فهاتان ديانتان لم تتمحورا علي فكرة الله لكنهما مازالتا ديانات لملايين اخري غير ملايين ايضا مازالوا علي دياناتهم البدائية ولن يرضوا عنها بديلا ،فما سبب هذا الكوكتيل الفكري الهائل ؟
نشأت فكرة الله كأداة محورية لتنظيم المجتمع وتعددت بتعدد المجتمعات كماتطورت بتطور المجتمع ذاته من مجتمع بدائي يعتمد اقتصاده علي الصيد والقنص الي مجتمع اكثر تعقيدا يعتمد اقتصاده علي الزراعة والتجارة،ولاننسي بالطبع ان تطور معارف الانسان بالكون والطبيعة ساهم بدوره في تطور فكرة الاله ،وايضاح كل هذه الامور تحتاج الي مجلدات وليس الي مقالة قصيرة،لكن مايهمني هنا الاشارة الي حقيقة غابت عن اذهان الكثيرين حتي من تناولوا فكرة الله بالنقد والتحليل من فلاسفة اليونان القديمة الي فلاسفة عصر التنوير العظام،وهي الدور الذي يلعبه الله في التكوين النفسي للفرد
عندما كان احمس يطارد الهكسوس وعندما كان رمسيس يصارع الحيثيين كان كل منهما يتضرع الي الهه:لتمنحني تعضيدك امام هؤلاء الذين لايؤمنون بك ،وهكذا كان من الطبيعي ان تتقدم رموز الآ لهة مواكب النصر ،ومازال هذا الفعل الانفعالي موجودا حتي الآن في فكرة العون الالهي فبعون الله وتعضيده سوف نهزم الامريكان ونطرد اليهود ونفعل المستحيلات والي الجحيم بحسابات الربح والخسارة والعقل والعلم ،ولما لا:اليس معنا ربا حكيما قادرا ؟
يأخذ هذا المركب النفسي الانفعالي طابعا اكثر تعقيدا في نفسية الفرد،فالاله هو الذي سيحدد رزقه ويضمن لقمة عيشه ويحقق الرفاه له ولعائلته،لهذا ينهمك الفرد في اداء الواجبات الدينية التي تجلب رضا الاله ،ويزداد تقوي الفرد وورعه عندما تجابهه الازمات....كل هذا موجود ومقبول في كل المجتمعات البشرية القديمة والمعاصرة لكن الامر ينقلب الي مأساة عندما ينقلب الاله الي تعبير مباشر عن عقدة النقص البشرية فيصبح الفرد امام الآخرين هو الافضل والاقوي لأن الهه هو الافضل والاقوي بل ويمكن ان يصل الامر الي فعل اجرامي فاضح يتخفي تحت راية الدين:ومارميت اذ رميت ولكن الله رمي
يمكن ان نجد هنا لاجذور الارهاب فحسب بل جذور الفتن الطائفية والحروب الاهلية،وهي لاتقتصر فحسب علي منطقة الشرق الاوسط بل نجد اوروبا في القرن السادس عشر والسابع عشر مسرحا لتلك الفتن والحروب ،ولم يكن وصول الانجيلكان الي امريكا مثلا حبا لتلك الارض الموعودة بل كان فرارا من الابادة
تلعب الازمات الاقتصادية والسياسية دورها في تلك المسرحية الدرامية لكن لايمكن للازمات ان تأخذ هذا المسار الا عند وجود الفرد المهيأ نفسيا لارتكاب الفعل الاجرامي.ينظر الكثيرون للبدائي الذي يعبد صنما وهم يصيحون:ياللغباء ....وهم لايدرون انهم يعبدون صنما داخل عقولهم ،وعندما يرتبط هذا الصنم بعقدهم النفسية يتحول الي وحش كاسر يمكن ان يودي بهم قبل ان يودي بأعدائهم الوهميين
هل يحتاج الامر الي علاج نفسي؟ لااعتقد ،فالعلاج السياسي والاجتماعي والفكري هو السبيل الامثل للخروج من محنة العصور الوسطي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وول ستريت جورنال: إسرائيل تريد الدخول إلى رفح.. لكنّ الأمور


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق الحالية بين حماس




.. صحيفة يديعوت أحرونوت: إصابة جندي من وحدة -اليمام- خلال عملية


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. نتنياهو يعلن الإقرار بالإجماع قررت بالإجماع على إغلاق قناة ا