الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسلمة أسّست للتعريب ، والتأسلم قاد إلى الاستعراب (احتلال العقول مدخل لاحتلال الأرض)

محمد بن زكري

2024 / 3 / 20
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لزوم التوضيح : هذه المادة ليست بالأصل مقالا ، بل نقاط نقد ونقض ، كُتبت كمداخلة تعقيبا على مقال للسيد حسن خليل غريب ، بعنوان : الأقليات في العالم العربي جذور الأزمة وآفاق الحل .
لكن بالنظر لما انتهى إليه إعداد نص المادة المكتوبة من طول ، فقد رأيت نشرها في شكل مقالة .
===============
- المقال من عنوانه إلى آخر فقرة فيه ، هو طرح قومجي عروبي شوفيني ، ذو محتوى إلغائي تجريفي ، يتبنى أيديولوجيا الاحتلال الاستيطاني ، لكنه الاحتلال الاستيطاني الأشد مراوغة وخبثا ، لأنه يقوم على أساس غزو واحتلال العقول فكريا وثقافية باسم المقدس ، ليكون ذلك وسيلة وأداة لغزو واحتلال الأرض بسهولة ودون تكلفة عالية . وفي تعصبه العنصري للعرب ، لا أدري ما إذا كان الكاتب قد أجرى تحليلا للحمض النووي فتأكد لديه انتسابه سُلاليا للعرق العربي .
- فالمقال ينضح عنصرية استئصالة تنتزع الشعوب المنكوبة بالاستعمار الاستيطاني العربي الإسلامي من تاريخها ، وتسلخها من هويتها ، وتجردها من أصالتها . ويمتلئ تزويرا لوقائع التاريخ ، ويتعمد تزييف المفاهيم لخدمة غرضه الأيديولوجي القومجي لإحلال هوية المحتل الغازي محل الهويات الأصيلة للأقوام المنكوبة تاريخانيا بالغزو العربي المدجج بدين قبيلة قريش (المشكوك في أصلها وأصله) .
- ليس ثمة في الجغرافيا السياسية لكوكب الأرض ما يسمى (العالم العربي) ، ولا وجود بين أمم العالم لِما يسمى (الأمة العربية) ، إلا في أدبيات الأيديولوجيا القومجية العروبية الشوفينية الإلغائية وأوهام القوميين العروبيين وأحزابهم النازية . و مصطلح (الأمة العربية) ، لا يختلف عن مصطلح (الأمة الإسلامية) ، أدلجة وتهافتا وتدليسا .
- محض تزوير هو القول بأن العرب أتوا شمال أفريقيا كقوة تحرير من سلطان الإغريق والرومان {و للتصحيح : عندما غزا العرب بلاد شمال أفريقيا ، لم يكن بها وجود لسلطان الإغريق} ، فالعرب أتوا غزاة استعماريين ، والاستعمار العربي كان أشد سوءً وأشرس طغيانا وظلما - بكل المعايير - من الاستعمار الروماني . فالرومان لم يسْبُوا نساء الأمازيغ ، ولم يثخنوا فيهم تقتيلا وإبادة جماعية ، ولم ينهبوا أموالهم وممتلكاتهم ، مثل ما فعل الغزاة العرب المعتدون {الداعشي السفاح موسى بن نصير ، سبا 300 ألف من بنات الأمازيغ ، والداعشي العنصري السفاح عقبة بن نافع سبا 80 ألف صبية من بنات الأمازيغ} . وقد ارتكب الغزاة القتلة الاستعماريون العرب مجازر أبادوا فيها مئات الآلاف من الأمازيغ (غدرا وعدوانا) .
- في دين العرب ، يقول قرآنهم : «فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ» (البقرة 194) . لكن عندما أمر ملك العرب عمر بن الخطاب ، بغزو بلاد الأمازيغ في شمال أفريقيا وارتكاب ما ارتكبوه فيها من ألوان الإجرام (مما يسمى اليوم جرائم الإبادة الجماعية ، وجرائم ضد الإنسانية) ، وكان العرب قبل ذلك قد غزوا مصر واستباحوها لأنفسهم ؛ هل كان الأمازيغ أو المصريون قد اعتدوا على العرب المسلمين في جزيرتهم ؟! الجواب قطعا : لا . فالغزو العربي الإسلامي لبلاد شمال أفريقيا - وقبلها غزو مصر ، وبعدها غزو إسبانيا - لم يكن مطلقا ردا للعدوان ، بل كان عدوانا أجنبيا وتوسعا استعماريا ، بقصد احتلال الأرض ونهب الأموال والأملاك وسبي النساء ، وما صاحب ذلك العدوان من سفك لدماء الأبرياء الآمنين في بلادهم ، وفرْض دين قبيلة قريش عليهم بحد السيف ، وفرْض لغة قبيلة قريش (كلغة دينية مقدسة) .
ولقد تمكن الأسبان من تحرير بلادهم ، أما الأمازيغ والمصريون ، فقد بلغ بهم التماهي مع الغزاة درجة التأسلم والاستعراب . حتى رأيناهم يتنكرون لأصلهم وتاريخهم وهويتهم الحضارية العريقة ، ورأيناهم ينتحلون لدولهم صفة العروبة { الجمهورية العربية المتحدة ، الجمهورية العربية الليبية ، جمهورية مصر العربية} ! مما وصفه ابن خلدون بتقليد المغلوب للغالب ، وما يطلق عليه في علم النفس : متلازمة التماهي بالمتسلط ، أو متلازمة التماثل مع المعتدي ، ونجد له تفسيرا في متلازمة ستوكهولم .. لكن على مستوى الشعوب المتأسلمة في بلاد شمال أفريقيا (ليبيا التاريخية) .
- وإنّ إجرام الغزاة العرب لم يسبق له مثيل في تاريخ الغزو الأجنبي لشمال أفريقيا ، فلا الاغريق ولا الرومان ولا حتى الوندال ارتكبوا من فظائع الغزو ما ارتكبه الغزاة العرب القتلة المعتدون . وكتب التاريخ تكتظ بأخبار جرائم الغزو العربوإسلامي لشمال أفريقيا ، مما يمكننا أن نسرد من تاريخه الأسود وفظائعه المرعبة ما يملأ آلاف الصفحات . بداية من غزو عمرو بن العاص لبرقة سنة 642 ، وقد استعان في حملته (للأسف) بأقباط مصر كجند ومرشدين ، حيث كانت لهم دراية وخبرة متراكمة بالمنطقة ولهم علاقات قديمة مع قبيلة لواتا الأمازيغية .
ومما ورد في الكتب التي أرّخت للغزو العربي الإسلامي لبلاد شمال أفريقيا ، بدءً من برقة و وصولا إلى طنجة ، ومن تلك الكتب (المبتدأ والخبر لإبن خلدون ، البداية والنهاية لإبن كثير ، فتوح البلدان للبلاذري ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ، البيان المُغرب في أخبار المغرب لإبن عذارى) ؛ أن عمرو بن العاص ، فرض جزية على أهل لواتا من البربر من أهل برقة 13 ألف دينار ، واستكتبهم وثيقة إذعان تحت ظلال السيوف ، اشترط عليهم فيها أن يبيعوا أولادهم وبناتهم ، لسداد ما عليهم من الجزية . وأنه لم يُسمع في تاريخ الإسلام بمثل سبايا موسى بن نصير أمير المغرب ، وأن موسى خرج من افريقيا الى طنجا فوجد البربر قد هربوا خوفا ، فتبعهم وقتلهم قتلا ذريعا وسبى منهم سبيا كثيرا . وأن عقبة بن نافع باغت كلا من زويلة وكفرا وهون ، فأثخن في أهاليها قتلا وأعمل فيهم السيف حتى استسلموا ، وفرض على زويلة جزية 5 آلاف دينار و على ودان و كفرا جزية 360 عبدا ، وقطع أذن ملك ودان وإصبع ملك كفرا ، قائلا لكل منهما : هذا حتى اذا مسستَ اذنك (أو رأيت إصبعك) تذكرتَ العرب ، فلا تعود إلى مقاتلتهم .
- وإنه محض زيف وأضاليل مؤدلجة شوفينيّاً وتكاذب صراح ، هو القول بأن من كانت لغته عربية فهو عربي . وإلا لكانت شعوب نيجيريا وتشاد وأفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا والسنغال ، شعوبا فرنسية تنتمي إلى الأمة الفرنسية . وكانت شعوب أميركا الجنوبية شعوبا أسبانية أو برتغالية .. (لأنها جميعا تتحدث لغة المستعمِر ، واللغة الرسمية لدولها هي لغة المستعمِر) . هذا ، و إنّ اللغة الفرنسية لا تجعل من السنغالي ليوبولد سنغور فرنسيا ، واللغة الإنجليزية لا تجعل من الجنوب أفريقي نلسون ماندلا بريطانيّاً ، واللغة الإسبانية لا تجعل من البوليفي إيفو موراليس إسبانيّاً .
- العرب لم يستقروا ببلاد شمال أفريقيا إلا بداية من القرن الثاني عشر للميلاد ، بعد غزو وحروب بدو قبيلتي بني سليم وبني هلال عام 1051 للميلاد ؛ بإغراء ودفع من الخليفة الفاطمي المستنصر بالله ، ليتخلص من شرورهم في مصر ، ولينتقم بهم من المعز بن باديس (أشهر أمراء دولة بني زيري الأمازيغة) الذي خلع طاعة الفاطميين . أما قبل زحف بدو بني سليم وهلال ، فالعرب لم يستقروا في بلاد شمال أفريقيا ، بل كانوا يشنون غارات مفاجئة فيقتلون ويسلبون وينهبون ، ثم يعودون بما غنموه من حيث أتوا .
- ومحض تدليس هو الزعم الباطل بأن قبيلتين اثنتين من الأعراب (مرتزقة القرامطة) هما قبيلتا بدو بني سليم وبني هلال ، وتعدادهما لا يتجاوز بضعة عشرات الآلاف على أقصى الافتراضات ، هلك منهم في الحروب آلاف الغزاة ؛ قد غيرتا التركيب الديموغرافي لبلاد الأمازيغ شمال أفريقيا ، خلال ثمانية قرون ، حتى تجاوز نسلهما ما يربو عن 120 مليون نسمة ، في حين أن أكثر من سبعين قبيلة عربية - ظلت باقية في شبه جزيرتها - لا يتجاوز تعدادها اليوم في دول الخليج 80 مليون نسمة .
- الأمازيغ ثاروا ضد الغزاة العرب وارتدوا عن دين قبيلة قريش 12 مرة ، وقاوموا الغزو العربوإسلامي في 360 معركة حربية . ولكن ما أن تمكن منهم فايروس التأسلم حتى ألحقوا أنسابهم بالعرب وصاروا أشد تطرفا إسلامويا من قادة الغزو العربي الإسلامي : الدواعش القريشيين عقبة بن نافع ، وعمرو بن العاص ، وبسر بن أبي أرطأة ، و حسان بن النعمان . وتحولوا من أمازيغ أحرار إلى (موالي بربر) ، بفعل متلازمة التماثل مع المعتدي ، وذوبان المغلوب في ثقافة الغالب .
- بخلاف مصر وبلاد الشام وبلاد ما بين النهرين ، فإنّ التعريب لم يتمكن تماما من الأمازيغ ، حيث إنّ نسبة كبيرة منهم في موراكوش (المغرب) وأتزاير (الجزائر) لا زالت تحتفظ بلغتها الأمازيغية (متعددة اللهجات) ، و لا زالت نسبة أقل في تونس وليبيا تحتفظ بلغتها الامازيغية وتعتز بهويتها القومية . ومع ثورة المعلومات صار ملايين المستعربين الأمازيغ يستعيدون هويتهم الأمازيغية من براثن التاريخ المزور الذي كتبه الغزاة العرب المنتصرون ، وخاصة بعد تطور تحاليل الحمض النووي وتقدم دراسات علم الجينوم .
- ما يجهله صاحب المقال - أو يتعمد تجاهله - هو أن عدة دول مستقلة عن الخلافة الإسلامية أو تابعة شكليا لدولة الخلافة ، قامت في بلاد شمال أفريقيا ، منها : دولة بورغواطة ، و دولة الموحدين ، ودولة بني مرين ، ودولة بني زيري ، والدولة الرستمية (الأباضية) ، ودولة بني الخطاب (الأباضية) ، ودولة المرابطين . والدولة الحفصية ، والدولة الزيانية ، ودولة بني مدرار . لكن المشكلة أنها جميعا دول إسلاموية ، بل متطرفة في إسلامويتها (تماهي المغلوب بالغالب) .
بل إن الخلافة الفاطمية قد تأسست على أكتاف قبيلة كتاما الأمازيغية القوية ، التي أخضعت - بالقوة - غيرها من قبائل الأمازيغ لحكم ونفوذ عُبَيد الله المهدي (في عاصمته المهدية بتونس) ومكنت للخلافة الفاطمية في شمال أفريقيا . وإن قبيلتا كتاما وهوّارا الأمازيغيتان ، كانتا عماد جيش الخليفة الفاطمي الرابع المعز لدين الله ، في اجتياح مصر والقضاء على الإخشيديين ، بقيادة مولاه جوهر الصقلي .
- العرب هم الأقلية (العرقية) ، في بلاد شمال افريقيا الأمازيغية ، كما في مصر ، ففي الدراسة الجينومية التي أنجزها مشروع (Genographic Project / Geno2.0 ) ، بالتعاون بين مؤسسة National Geographic وشركة Family Tree DNA ، ظهر أن نسبة 68% من المصريين هم شمال أفريقيون أصليون ، و نسبة 17% فقط هم عرب وافدون . كما ظهر أن نسبة 88% من التوانسة هم شمال افريقيون (يحملون البصمة الوراثية الأمازيغية E – M81 ، ونسبة 4% فقط هم عرب يحملون البصمة الوراثية العربية J1c2d3 . (انظر الرابطين / مثلا) :
https://stepfeed.com/dna-analysis-proves-arabs-aren-t-entirely-arab-4864?channel=stepfeed
https://www.arabamerica.com/82423-2/
وفي ليبيا اضطر العروبي معمر القذافي لإلغاء مشروع إدراج البصمة الوراثية لليبيين ، ضمن بيانات بطاقة الرقم الوطني ، عندما تبين له مِن نتائج التحليل الجيني (DNA) أن الأغلبية الساحقة من الليبيين هم أمازيغ (جينيّاً / عِرقيا) وليسوا عربا ، بمن فيهم أبناء قبيلته الصغيرة القذاذفة . فضلا عن القبائل الكبرى المستعربة كهوارا (و) ورفلّا . {وأهالي طرابلس الكبرى الأصليون ، يدركون تماما ويعرفون جيدا ، أنهم هوّارا ليبيون أصلاء ، وليسوا عربانا سُليميين وافدين} .
ومن الطرف في الموضوع ، أن نقابة (الأشراف !) الأدارسة و العلويين في مُوراكُش ، قد حظرت على أعضائها فحص الحمض النووي ، بعدما تبين و تأكد لـ(الأشراف !) أنهم ليسوا أشرافا !
- من بين نحو 7 ملايين مواطن ليبي ، توجد نسبة - تتراح بين 15% و 20% - من الليبيين الناطقين بالأمازيغية (وليس ثمة إحصاءات دقيقة) ، أما النسبة الأكبر من الليبيين فهم الأمازيغ المستعربون (ويسميهم هنريكو دي أغسطيني ، مؤلف كتاب سكان ليبيا : العرب البربر) .
ورغم كل ما تقدم ، فنحن الأمازيغ ، لسنا شوفينيين ولا نقول بالنقاء العرقي للشعوب والأمم . وفي ليبيا ، ندرك أن العناصر السكانية الوافدة إلى بلادنا على امتداد وتعاقب حقب التاريخ ، قد امتزجت بالسكان الأصلين وبمن سبقهم وجودا على الأرض الليبية . واليوم يجمع بيننا الانتماء للوطن الليبي .
فالليبيون الحاليون ، الذين اكتسبوا جنسية الدولة الليبية ، بموجب القانون رقم 17 لسنة 1954 ، هم مزيج من الأصول العِرقية : ليبيون أمازيغ ناطقون بالأمازيغية ، وليبيون أمازيغ مستعربون ، وكورغلية (و هم متعددو الاصول العرقية) ، وعرب ، وعبريون ، ورومان ، وإغريق (قريتلية) ، وتورك ، وكورد ، وفرس ، ومن شعوب القوقاز ، ومن شعوب البلقان ، وسلاف ، ومالطية ، وأسبان ، وشعوب الجوار الافريقي . وعدا الليبين الناطقين بالأمازيغة ، فجميع الليبيين قد استعربوا ، جراء ما اسلفنا ذكره من عوامل تأثير الغزو العربي الإسلامي ، الاستيطاني والإلغائي .
ولنا عودة للموضوع ، ما دام في العمر بقية ومتسع من الوقت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضباط إسرائيليون لا يريدون مواصلة الخدمة العسكرية


.. سقوط صاروخ على قاعدة في كريات شمونة




.. مشاهد لغارة إسرائيلية على بعلبك في البقاع شرقي لبنان‌


.. صحيفة إيرانية : التيار المتطرف في إيران يخشى وجود لاريجاني




.. بعد صدور الحكم النهائي .. 30 يوما أمام الرئيس الأميركي الساب