الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية العالم اليوناني للمسيحية (سيلسوس) نَموذجًا (الجزء الثالث عشر) –كل الأشياء تَعمل مِن أجل الكون وليس الأشياء مُنفصلة–

ابرام لويس حنا

2024 / 3 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعد كثير من الجدالات المُتعلقة بِمكانة الحيوانات والبشر، توصل سيلسوس إلى أن كل شيء يعمل من أجل الكون لا من أجل بعضه البعض ولكن من أجل الكون لكي يكون كاملاً، وينقل أوريجانوس قول سيلسوس كالتالي:-

(لهذا لم يتم خلق كل الاشياء من أجل الانسان ولا لأجل الاسد ولا للنسور ولا للدَلاَفِين، ولكن لكي يُصبح العالم كاملاً ومثالياً في كل شيء فهو عمل الله، ولهذا السبب عينيه جُعلت كل الاشياء في تناسق / تلائم مع الكل όλου ولكن ليس مع الآخر بشكل منفصل –الا النُدرة عن طريق الصدفة–، فما يَهم الله هو الكل و العناية الإلهية لن تهجر هذا ابداً، ولن تصبح العناية الإلهية شريرة أبداً ولن يهجر الله الكون، فالله لا يغضب بسبب الانسان أو بسبب القردة أو الجرذان، كما انه لا يوجه تهديدات ضد أحداً فكل شيء له قدره /مصيره μοίραν الذي سيلقاه) (1).

بينما الرواقيين على النقيض من سيلسيوس كانوا يعتقدون أن الاشياء خلقت من أجل بعضها البعض، فعلى سبيل المثال النـباتات خُلقت من أجل الحيوانات، والحيوانات من أجل الانسان، فالحصان للركوب والثور للحرث والكلب للصيد والمراقبة، اما الإنسان فقد وُلد لُيراقب و ليقلد الكون (2)، كما نُلاحظ أن قول سيلسوس فيه صدد لإحدى اساطير أفلاطون التي وردها في محاورته الشهير (رجل الدولة)، حيث كان الله العلي هو من يُرشد الكون في دورانه إبان عصر كرونوس Cronos ويجعله يَدور في إتجاهه، بينما في عصر زيوس Zeus لم يتحكم فيه الله، لذا بدأ الكون يدور في الاتجاه الآخر، فأصبح القدر هو من يتحكم في العالم وتدمرت كثير من الاشياء، إلا إنه في نهاية ذاك العصر عندما تفسد حتى الاشياء الجيدة بالشر و تظهر الفوضى، يأخذ الله زمام السيطرة مرة اخرى و يشفي الكون، وخَير لنا ذكر سرده هنا وهو كالتالي:

(الغريب : ألم تسمع أبداً ان رجال الازمان الغابرة خُلقوا من التراب و لم يتوالدوا من بعضهم بعضاً.

سقراط : نعم تلك رواية أخرى قديمة.

الغريب: كل تلك القصص وعشرة آلاف قصة أخرى أكثر روعة تمتلك أصلاً مشتركاً ولقد فُقِد العديد منها مع مرور الزمن أو انها كُررت فقط في شكل غير متصل، لكن أصلها هو ما لم يخيره أحد ابداً و ليس هناك ما يمنع من إخبارها الآن، أسمع أنه قد كان هناك زمن هدى الله بنفسه العالم وساعده ليدور في مساره وهناك زمن عندما أطلقه في تمام دورة مُحدده وجعل العالم مَخلوقاً حياً، مُتلقيًا من الأساس ذكاء من مبدعه فاستدار، ولكن دَعته الضرورة ليدور في الجهة المعاكسة...ولذلك لا يستطيع أن يكون حراً من الاضطراب بالكامل، فحركته واحدة وفي المكان عينه والنوع عينه ولكنها تَعرضت للدوران في الإتجاة المُضاد....فإن قلنا أن الله يحركها في وقت واحد في اتجاه واحد وفي وقت آخر في الاتجاه المضاد فهو تجديف....وإن قلنا هناك إلهين اثنين لديهما أغراض متناقضة فهو تجديف، لكنني كما قلت إن الله يُرشده في زمن واحد بقوة إلهية خارجية ويتلقى حياة جديدة وخلوداً من يده المبدع المُجددة ليتحرك تلقائياً عندما يَطلقه...) (3).

ومن هنا نفهم لماذا قال سيلسوس : (فما يُهم الله هو الكل والعناية الإلهية لن تهجر هذا ابداً أو تعود إليهουδέ διά χρόνου προς εαυτόν ό θεός επιστρέφει) مما يُثبت إنه افلاطوني الفكر كذلك.

وبهذا نُنهي فِكر سيلسوس في الكون والعناية الإلهية والبشر والمخلوقات، لننتقل إلى النِقاط الأخرى.

المراجع والحاشيات:
===============
(1) أوريجانوس، ضد سيلوس ، الكتاب الرابع، الفصل 99.
(2) شيشرون ، في طبيعة الآلهة، الكتاب الثاني، الفصل 14.
(3) أفلاطون، رجل الدولة Πολιτικός أو محاورة بوليتكوس Politikós، المقطع 269.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج