الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع العلاقات الاجتماعية في الريف

احمد طاهر كاظم
باحث واكاديمي

(Ahmed Tahir Kadhim)

2024 / 3 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ان كنت تعيش في قرية صغيرة ضمن اطار هذا المجتمع الكبير كان عليك ان تكون واحدا من افراد هذه القرية ليس بالمعنى الرياضي او الاحصائي ان صح التعبير, بل بالمعنى الاجتماعي اذ يجب عليك ان تحمل افكار هؤلاء الافراد وتعمل بعاداتهم وتقاليدهم وتتحدث بأسلوبهم الذي يتحدثون به, كان عليك التنازل من القيم التي تحملها الى القيم التي يحملونها, وان تكون افعالك مطابقة للتوقعات الاجتماعية التي يحملها الافراد, وان تتخلى عن الكثير مما في رأسك وتتمسك بالكثير مما يوجد في رؤوس هؤلاء الافراد, وهذا في الغالب قد يكون ارادياً بالنسبة للأفراد العاديين بمعنى يندمجون وفق ارادتهم او رغبتهم, وقد يكون قسريا بالنسبة للأفراد الغير عاديين, وفي كلا المعنيين هنالك صراع ضمني او ظاهر قد يحدث في لحظة الاشتراك مع هؤلاء الافراد او قد يكون صراعا مستترا, لكنه موجود والمشترك في هذه العلاقات الاجتماعية يشعر به بشكل واضح جدا, الا انه في اغلب الاحيان لا يفصح عنه ويبقى خفيا الا ان يظهر فجأة بشكل رهيب يسبب الكثير من الدمار لهذه العلاقات, وعادة يكون ظهوره نتيجة التعارض او التناقض بين الافراد ما يؤدي الى حدوث مشكلة هي في الاصل موجودة بشكل خفي لكنها ستاتيكية لتتحول فجـأةً الى ديناميكية قلقة, ويعتبر هذا النوع من المشكلات عصية الحل وستبقى الى زمن طويل حاضرة في العلاقات الاجتماعية ومعكرة لصفو التفاعل بين الافردا, الشخصية في هذه المجتمعات شخصية قلقة لا تتبنى نوع واحد من التفكير بل تتبنى انواع عدة وعاطفية الى درجة كبيرة بمعنى تتأثر بأبسط الاشياء, فهذا يقودنا الى انه من الصعب على الانسان الذي يتمتع بتفكير منتظم ومتزن ان يحسن التعامل مع تلك الشخصية, وهذا يؤدي بالنتيجة الى حالات من الصراع الاجتماعي او حالات من الانطواء الاجتماعي تلافيا للمشاكل التي من المتوقع ان تحدث في اي لحظة. ويعد الاتجاه النظري الذي طرحه ابن خلدون ومن بعده علي الوردي الاتجاه الاكثر مقبولية في تفسير هذه الظاهرة والتي اطلق عليها علي الوردي (الازدواجية) اذ ان متطلبات الحياة تفرض على الافراد ان يغيرون من طريقة تفكيرهم ليكونوا اكثر انسجاما في المجتمع الذي حلوا به واصبحوا جزءا منه, لكنهم في الباطن يحملون طريقة التفكير القديمة التي عاشوها في ما مضى وسرعان ما يرجع الافراد الى شخصيتهم الاولى عندما تتأزم الامور وتتعقد المواقف ما يؤدي الى حالات الصراع الحادة التي تؤدي الى الكثير من الضرر. ما اريد قوله هنا لا يمكن للمرء ان يعيش في قرية صغيرة مغلقة من دون ان يتنازل الى مستوى تفكير افرادها, ويتفاعل معهم مثلما يتفاعلون معهم بمعنى يتحدث معهم بلغتهم, ومع ذلك يتمسك بقيمه وطريقة تفكيره لكن على نحو مخفي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله