الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا وراء تجويع الشعب الكوردي ؟

شفان شيخ علو

2024 / 3 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


 دأبت الحكومات العراقية المتعاقبة على ممارسة سياسة الضغط والإكراه المستمرين على شعب كوردستان، ولم تخلُ حقبة من حقَب هذه الحكومات من جور هذه السياسة . أي النظر إلى الشعب الكوردي وكل الذين يتعايشون وإياه في مجتمع واحد، من موقف المعاداة.
ولا بد لدارس التاريخ أن يأخذ علماً بحقيقة هذه السياسة الواحدة رغم تغير الحكومات العراقية، وهي كيفية الاستمرار في تجويع هذا الشعب. فقطع الإمدادات عنه، أو حصاره، أو محاربته في لقمة عيشه، أو الظهور بمظهر المتحكم بقوته، أي بمصيره، من مظاهر تلك السياسة .
وإذا كان هناك من يبحث عن طبيعة هذه العلاقة العدائية ودوامها، أي ما الهدف منها، فلن يكون هناك أي تفسير آخر سوى في النيل من وجوده كشعب مختلف، ومحاولة تركيعه، أي ليكون مأموراً وليس مقرراً مصيره، أو التميز بلغته وقوميته وثقافته .
وفي هذه الحالة، فإن سؤالاً آخر يمكن أن يُطرَح في نطاق سياسة التجويع والمراد منها، وهو: إذا كانت الحكومة العراقية في مستوى اسمها، وتكون حريصة على أمن العراق والاستقرار في العراق، ألا يجب عليها أن تبحث دائماً عن تلك الحلول التي تحقق الاستقرار والبناء الاجتماعي السليم في العلاقات التي تسود إيجابياً بين كافة مكونات المجتمع العراقي، وليس بإثارة طرف ضد آخر، أو اصطناع الحجج التي تدفع بالحكومة هذه لأن تشدد على سياستها تلك؟
يشهد التاريخ، التاريخ الحديث خاصة، على أن سياسة التجويع هذه تشكل صرخة إدانة وتعبير عن الخلل الفظيع في بنية هذه السياسة منذ أكثر من قرن من الزمان.
في المجتمعات التي تريد الأمن والأمان لشعوبها وحكوماتها، وتكون لها سمعة حسنة في مؤسساتها، وفي علاقاتها بالخارج،  يكون البحث عن أي مشكلة لها تأثير سلبي على المجتمع، من الأولويات الكبرى فيها.
وبالنسبة لشعب كوردستان، وكما نعيش هذه الحالة المأساوية، وفي ظل هذه الكوارث الطبيعية التي تجتاح الإقليم، لا نجد أي تعاطف أو تجاوب من قبل الحكومة العراقية القائمة، وإظهار نيتها في تخفيف أعباء هذا الشعب، والإسراع إلى نجدته، وفي الوقت نفسه، ونحن في شهر رمضان الفضيل، إلى تقديم حتى أكثر مما يستحق، ليشعر هذا الشعب حقاً أنه يعيش عهداً جديداً، وأن ما مضى لن يعود، سوى أن مرارة الواقع، وقسوة الحالة، جرّاء الامتناع عن تقديم ما يخصه في حقوقه، أكثر من الرواتب طبعاً، ناحية الاعتراف بتلك الالتزامات الوطنية والإنسانية، سوى أن الذي يعاني منه هذا الشعب يزيد في مخاوفه، ويعمّق المسافة بين هذه الحكومة برموزها، وإقليم كوردستان- العراق، ومع زيادة هذه المخاوف، يصبح الماضي الفظيع بكوارثه وآلامه، حاضراً، ولا يعود هناك من أمل أو تفاؤل بأن الغد يستحق التفاؤل به.
نعم، يمكن لسياسة التجويع أن تستمر، بمقدار ما تجد الحكومة العراقية متخلية عن دورها الوطني الذي يعني الجميع، وتكون حكومة جهة معينة اثنياً وطائفياً ومذهبياً، وما يترتب على ذلك من الشعور بالخيبات، وتنامي الكراهية بين أبناء الوطن الواحد. سوى أن هذه السياسة، كما يخبرنا التاريخ البعيد والقريب، لا تستطيع أن تدفع بهذا الشعب الذي واجه أحلك الظروف وأخطرها، إلى التنازل عن حقوقه، فالتركيع كما هو الممكن رؤيته في أصل سياسة الحكومة العراقية يعبّر عن حسابات خاطئة، وهي الحسابات التي تربطها بالعهود الماضية، وخاصة النظام البائد الذي مارس أفظع أنواع السياسيات الشوفينية والتصفوية ضد الشعب الكوردي، وانقبر إلى غير رجعة.
لو أن هذه الحكومة القائمة أخذت الدرس من الماضي، لعمدت إلى التقرب من شعب كوردستان، دون أن تمارس سياسة التهديد والوعيد والغطرسة من موقع القوة ومن يقف معها، ولجأت إلى غرس بذور المحبة في نفوس الجميع، واكتسبت احترام الآخرين في الداخل والخارج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انهيار جبلي في منطقة رامبان في إقليم كشمير بالهند #سوشال_سكا


.. الصين تصعّد.. ميزانية عسكرية خيالية بوجه أميركا| #التاسعة




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الدفاع المدني بغزة: أكثر من 10 آلا


.. سياق - حراك الجامعات في الولايات المتحدة.. كيف هز إسرائيل؟ و




.. لماذا| لماذا استقال رئيس وزراء اسكتلندا من منصبه؟ وما أسباب