الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع صديقي الملحد (6) عن -التنوير- والعنف

أمير السليمي

2024 / 4 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لن أطيل هذه المرة وربما التزمت بذلك مستقبلا..

أبسط الأسئلة تحرر من أعظم الأوهام.. قاعدة يعرفها جيدا الملحد، لكنه لا يطبقها في كل شيء فيكون بذلك كالمتدينين الذين يعملون عقولهم في كل العقائد الا عقائدهم.

منا من يرضى بالمشايخ -الكيوت- -المودرن- اليوم ويقول هم الحل الأمثل للرقي بالوعي الجمعي الذي لن يقبل الخطاب المباشر الصريح الكاشف لحقيقة النص الديني؛ فمثلا شيخ يقول بأن الدين لم يقل بالتعدد والبدوفيليا أحسن بكثير من ذلك الذي يقول حقيقة النص كما هو، وبما أن هدفنا هو تجاوز وعي المجتمع لهذه المهازل يكون الشيخ -الكيوت- حلا الى -أن يأتي ما يخالف ذلك-..مثال آخر: الملحد -المتسامح- والداعي الى وجود أديان أخرى مع الدين الحاكم، هدفه كما هو معلوم كسر سلطة التوحيد المهيمن حتى يخفف من حدة المطلق بزرع بذرة اختلاف ونسبية.. هذا المنطق -برجماتي- و-واقعي- عكس منطق من يتكلم من برج عاجي غير ملم بما يتطلبه الواقع، أصحاب هذا النهج قد يتجاوزون الى مهاجمة كل ملحد يقول عكس قولهم بل و-اخراجه من الملة- فالملحد -نسبي- بالضرورة ولا مطلق عنده وانما أقواله تلك تعكس موروثاته الدينية -المطلقة- التي لم يتحرر منها بالكلية.. وهذا وهم كبير يجب التحرر منه:

لفظ -المطلق- لفظ لاهوتي/ كلامي في الأصل وبذلك ينسب في حقيقته بطريقة غير مباشرة الى الدين وان ألصق بالفلسفة.. اللاهوت والكلام أشباه علوم أو علوم مزيفة نشأت للدفاع عن الدين عند تحطيم الفلسفة لكل دفاعاته الكرتونية. وبما أن الدين لوث كل شيء كمرض وراثي لم ينج منه أحد، فحتى الذي تجاوز الدين لم ينج من الاله -والاله ماركة دينية مسجلة- فتطفل على الفلسفة وابتكر فيها فرعا وطريقا فصار يدعى "فيلسوفا" -والفلسفة منه براء- تحت مسمى "المثالية".. أعلم أن مختصي الفلسفة سيقولون أن هذا كلام لا يتجرأ على قوله الا جاهل فقولي يستهزئ بأسماء عظيمة جدا في مجال -الفلسفة- وربما أمضى ذلك الدكتور الجامعي عمره في دراسة فلسفة فلان ولم يصل الى سبر كل أغوارها(تراث ابن تيمية أيضا يلزمه عمر للإلمام به)؛ دكاترة الفلسفة هؤلاء لا يختلفون في شيء عن الملحدين الذين يقبلون بالمشايخ الكيوت الذين يحسنون قليلا الوضع المزري لمجتمعاتنا لكنهم يساهمون في تواصل الوهم ومثلهم دكاترة الفلسفة (وكلامي يخص الملحدين منهم بالطبع) الذين يتناسون أن عظمة فلاسفتهم المثاليين جاءت من تفنيدهم للمنظومة الدينية لكنهم أصلوا لآلهة جديدة والاله والآلهة خرافات يجب تجاوزها.. وإذا كان هذا قولي في -عظماء- الفلسفة، تخيل قولي فيمن يتكلم بإجلال مثلا عن.. ويا للعجب: المعتزلة! ويلتزم صفهم وهو ملحد ولا سيف على رقبته وينسى أن مكانه الوحيد لن يكون الا في صف ابن الرواندي..

بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الديني وتبسيط-تتفيه الشر(الذي ينسبه من يرفضون أو يجهلون حقيقة أحداث الحرب العالمية الثانية) للـ -فيلسوفة العظيمة- حنه أرانت، يتذبذب كثير من الملحدين، و-الفساق- منهم وتحت خيمة العلمانية يرفضون القيام بواجبهم -المقدس- الذي تمليه عليهم ضمائرهم.. هؤلاء ينسون أو يتناسون أنه لا يمكن أن يقارن ملحد بمؤمن لأن المؤمن يحكم منذ قرون دون أي شراكة وعنده كل الامكانيات عكس الملحد؛ ينادي الملحد بحرية العقيدة ليستطيع هو وغيره من المؤمنين ممن يخالفون المؤمن الحاكم الحياة ويظن نفسه بذلك متحضرا ومتمدنا و-علمانيا- وحقيقته أنه جزء من المشكل والوحيد الذي لا يعذر بين كل من ينادون بقوله.. خذ عني هذه الحقيقة عزيزي الملحد: لا تقدم دون الصدام مع الدين ومن قال عكس ذلك فعليه مراجعة حساباته.. المسيحية فكر توحيدي والتوحيد اقصاء للآخر وارهاب ودمار لكنك لن تستطيع انكار أن ارهاب الاسلام واليهودية أعظم، هي أرقى قليلا ويعود ذلك للفكر اليوناني الذي أثر فيها عكس الاسلام الذي نشأ بدويا صحراويا قاحلا لم ولن يرض يوما بغير بداوته، فقلي عزيزي ذلك الفكر المدمر الأرقى قليلا والأقل بداوة وتصحرا كيف تخلص منه الغربيون ليتقدموا؟ البرجوازية-العامل الاقتصادي؟ الفلسفة/ التنوير؟ .. السيف/ الاقصاء بالقوة؟؟ .. تشبيه: كان عندهم ذئب نزعوا مخالبه وأنيابه بالقوة فتقدموا، أنت عندك دب أو نمر ولا تقدم دون خلع أنيابه ومخالبه فهل ستستطيع ذلك بما تدعو اليه من أوهام؟ الحقيقة دائما مرة ولن تجدها الا عند من يسميهم -الفساق- منا -متطرفين- فلماذا تهرب من كونك حامل لحقيقة -مطلقة- وتنكر أنك لن تكون صادقا مع نفسك ولن ترض ضميرك الا إذا -تطرفت-؟ ما الذي يميزك عن المتدينين إذا رضيت باستمرار كل هذا الشر العظيم الذي يحيط بك؟ بل أنت تسكت وتباركه فقلي صديقي ما الفرق بين دفاعك عن علمانية مزيفة في بلدك وبين ذلك المسلم الذي سكت عن أفعال داعش في المسيحيين وذلك المسيحي الذي -وكل شيء حوله يدمره القتلة- يردد الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون؟ .. ليست دعوة لتقديس الغرب أو استنساخ تجربته، حاشا، لكن هناك حقائق تعرفها نظريا ومع وجود الدليل المادي عليها تصبح عندك -حقيقة- لا تناقش، متى تكون العلمانية؟ -حصرا- بعد نزع مخالب الدب أما قبل ذلك فهراء وسفه! أعطيك مثالين:

أقارن في الأول بين مصر وتونس.. الشعب المصري اليوم أكثر تزمتا من أصحاب الدين الأصليين، هل حقا الشعب التونسي أرقى من المصريين؟ فلا انكحوا ما طاب لكم ولا انكاح الرجل ولده الصغار لقوله تعالى واللائي لم يحضن ولا المرأة كلها عورة ولا بقية الأمور التي تعرفها عنه والتي -تميزه- عن بقية الشعوب الموبوءة؟ الجواب.. ما يروى عن الشاعر العباسي كلثوم بن عمرو العتابي وقوله ألم أقل لك انهم بقر! بعد أن جعل الرعاع مستمعيه كل يمس بلسانه أرنبة أنفه، والقصد التذكير بأن الميدالية الذهبية في تصدير الدواعش من قاطعي الرقاب ومجاهدات النكاح أخذها الشعب التونسي زمن حكم الإخوانجية فكيف يكون أرقى؟ بورقيبة قلم القليل من مخالب الدب لكنه لم يستطع نزع المخالب بالكلية (بل لم يرد!) وفي وقت لاحق نماها من جديد ليوقف مد اليساريين.. شعب وهب مكاسب دون أن يعرف قيمتها ودون أن يناضل للحصول عليها ليس شيئا غير قطيع من الحمير تطعمه توتا وموزا، ولذلك عندما تمنع عنه الموز وتذكره بأصله أي التبن لن يبد أي مقاومة بل سيفرح وربما لعنك وموزك لأنك أبعدته عن أصله عن هويته الحقيقية التي اكتشفها بعد أن أبعدت عنه ظلمات... الموز! أما الشعب المصري فهو يأكل التبن بالعصا وأقصى ما سيرجوه هو أن تبعد عنه العصا أما التبن فهو هويته بل لو قدمت له الموز سيرفض وسيثور وهذا ما حصل بعد 2011.. (التبن=الدين/ الموز=الحرية/ الكرامة الحقيقية).. نعم لنظرية المستبد المستنير الذي يكون همه الأول نسف الدين فيفرض التنوير فرضا في كل لحظة من حياة القطيع مثلما هو شأن الدين اليوم، همه الأول اختراق المؤسسة الدينية وتدميرها من الداخل تماما مثلما حدث في الفاتيكان حتى صار أبوهم خليفة المسيح في الأرض يقول أن اليهود لم يقتلوا الرب وأن السماء مفتوحة للجميع حتى للملحدين والمثليين.. أزعم أن الوحيد الذي يستطيع فعل هذا هو الملحد الذي أحدثك عنه، لا أن يكون الحاكم وقد بينت لم في الأجزاء السابقة لكن صاحب المركز والصوت المسموع وأستطيع تشبيهه باللوبي اليهودي في الدول الغربية فلا شيء يمر في كل هذه الدول ويمس من مصالح اسرائيل، التجربة اليهودية في الغرب دروسها عظيمة لمن عرف حقيقة الديانة اليهودية وصهيونيتها وأيضا لمن تجاوز أكاذيب الحرب العالمية الثانية فكن أحدهم ولا تغتر بالحقائق المزيفة التي لا يسائلها أحد في جل العالم حتى عندنا! أيضا ستكون لتجارب الماسونيين في هذا المجال عبرة كبيرة فتأمل جيدا وابحث في الأمر ان كنت لم تدرس تاريخ الحركات الماسونية، فليس الأمر مجرد أوهام شوية كاثوليك متعصبين أو نظرية مؤامرة مسلمين بل فلتبحث فيمن يقول هذا ولماذا؟ أهو الجهل؟ أم -تتفيه الشر-؟ ويكفي الاشارة الى الثورة التي يقال عنها -فرنسية- ومن كان قادتها والولايات المتحدة الأمريكية ومن أسسها والأمر مستمر الى اليوم فيستحيل مثلا أن تكون رئيسا لفرنسا دون أن تكون عضوا في محفل ماسوني.. وأيضا الاشارة الى إعلان حقوق الانسان والمواطن 1789 وكيف يمرر ذلك الملحد ويتشدق به وينسى ما حدث بعده من استعمار ونهب وعنصرية دون أن يتذكر الأديان وشعاراتها البراقة التي لا تنطلي الا على السذج والمغفلين: من استعمر ونهب واستعبد وقام بالابادات الجماعية (-الجمهورية- -الديمقراطية- أبادت قرابة 200ألف فندي!)؟ نفس الذي كتب اعلان حقوق الانسان الجميل! فلتعلم صديقي أنك كلما تشدقت بذلك الاعلان الذي لا يطبق الا لمصلحة الأقوياء أنك لا تختلف في شيء عن مسلم يحلم بعودة الخلافة وعدلها ونعيمها.

في الثاني سؤال عن لماذا قبلت الكنيسة الأرثدوكسية في مصر المادة الثانية من الدستور؟ ولماذا لم تناد قط بالعلمانية؟ والجواب عن الأول أن الدب دب! ولن يتحول أبدا الى عجل أو حمل وعن الثاني أني قلت في جزء سابق أن مفهوم العلمانية الحقيقي تجده عند المشايخ والقمامصة.. تعلم الكنيسة (أقصد قادتها لا تابعيها من العوام) يقينا أنها لن تحكم مصر ولن يصبح الأقباط المسلمون مسيحيين، تحت الشريعة الاسلامية مسموح لها بممارسة شريعتها ولن يكون لها ذلك تحت العلمانية فمثلا العلمانية ستعطي للمسيحيين الخيار في الأحوال الشخصية بين الكنسي والمدني وبذلك ستحد سلطة الكنيسة على أتباعها أما تحت الشريعة الاسلامية فلا.. العلمانية تحرر المسيحيين من سلطتها أما تحت الاسلام فهو يضطهد الجميع لكن يسمح لها باضطهاد أتباعها أي الأهم عند السلطة الكنسية التحكم في أتباعها لا حريتهم وكرامتهم.. العلمانية -هرطقة- و-الحاد- و-معادية للرب وتعاليمه- وهذا صحيح بما أن الكنيسة حقيقتها الحكم كأي دين آخر وليس -علمانية!- أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله! والتي يرددها بعض الملحدين الذين أذكرهم بالقرآن المكي و-طلاوته!- و-علمانيته!- (لكم دينكم ولي دين/فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر: العلمانية جاء بها محمد بن عبد الله منذ القرن السابع!) وللدقة جاء بها قبله بقرون موسى بن النيل فالعلمانية أصلها اليهودية! (قد جعلت قدامك الحياة والموت، البركة واللعنة، فاختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك).. المغزى من كلامي هنا: حتى تلك الكنيسة التي لا نفوذ لها في مصر الا على أتباعها وهم أقلية يجب تقليم مخالبها بالقوة لأنها يستحيل أن تتقدم أو ترتقي وحدها وخصوصا أن تكون شريكة في مسيرة النهضة والتنوير.. سفاح قتل الآلاف يضطهد سفاحا قتل سبعين فقط: هل يوجد مجال ولو واحد على مليار أن تتعاطف مع السفاح -الصغير-؟

ربما زعم متدين أن ما قيل دعوة للعنف.. فأضيف والكلام لك عزيزي الملحد.. أولا لا أحد كائنا من كان قدوة لك أو طريق يجب أن تسلكه، ومثلما لمحت بأمثلة موجزة أن كل شيء حولك وكل ما عاشته البشرية من تجارب وأفكار وأيديولوجيات وفلسفات ليست حجة عليك، وكل فكر أو فلسفة عندما تذهب للأصول لن تجد الا القليل من تلك الشعارات الرنانة المرفوعة بل وفي حالات كثيرة لن تجد الا العكس تماما، وعليه أنت الوحيد المقرر أين الصواب وأين الحق وان رفض كل سكان الأرض فدليلك في يدك وعقلك هو الحاكم الأوحد تقطف ثمارك وأزهارك من أين تريد.. الالحاد منهج حياة وميزان حكم على كل شيء، الملحد الذي لا ينتمي الى أي أيديولوجيا لا يستطيع أن يحكم مباشرة ولا يجب له أن يسعى لذلك بل يستطيع أن يصنع التاريخ ويغير مجتمعه وعالمه لو التزم بضمير لن يتركه لامباليا والعالم يدمر أمام عينيه من أفراد لا يزيدون عنه شيئا غير تصميمهم و-ايمانهم- بتميزهم وأن من حقهم أن يسيروا الأرض ومن عليها مثلما يريدون، ولا قيمة لرأيي ولرأيك فهم يرون أن ما يفعلون هو الصحيح ولا مجال حتى لنقاشهم والاعتراض عليهم.. لا يقولون ذلك مباشرة بالطبع لأنهم أذكياء وأقوياء فلنسع أن نكون مثلهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - توضيح
أمير السليمي ( 2024 / 4 / 2 - 16:52 )
منذ انشاء موقعي لم أفتح حسابي، الآن فعلت ورأيت تعليقات على هذا المقال وغيره، أرجو أن يعلم أن منع النشر ليس مني وشكرا.