الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية العالم اليوناني للمسيحية (سيلسوس) نَموذجًا (الجزء السادس عشر) –الإبادة الجماعية بدلاً عن الإقناع، ومُعضلة الشر والخير بين أوريجانوس وأفلاطون–

ابرام لويس حنا

2024 / 4 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لطالما كانت حجة القٌدرة على الإقناع بُرهان على خير وبر الإله أو المُتحدث، فإن لم يكن قادراً على تغير النفوس أو إقناعهم بترك أفعالهم فكيف يكن بهذا أن يكن إلها؟! فهل لم يكن قادراً على تغير أو إقناع الغير سوى نوح وعائلته؟! هالكاً المخلوقات بالقوة غير مُمارسًا قوة الاقناع بصفة عامة بل في سرية اباد البشرية، وهو ما نقله أوريجانوس على لسانه.

كما إعترض على رفع المسيح للبشرية مِن الجحيم كقول بولس الرسول (إذ صَعِدَ إلى العلاء سبي سبْيًا وأعطى الناس عَطايا، وأمَّا أنه صَعِدَ فما هو إلاَّ أنه نزل أيضًا أولًا إلى أقسام الأرض السُّفْلَى، الذي نَزَل هو الذي صَعِدَ أيضًا فوق جميـع السموات) (أفسس 4: 8 ـ 10)، أو رفع البشرية إليه من الأرض وهذا كان دُور يسوع الذي هو بِمثابة رسول إله العهد الجديد، بالرغم من إله العهد القديم عاقبهم بالمكوث في المكان السٌفلي (سواء الأرض أو الجحيم) كأن البشرية مُمتلكات تُنقل مِن مكان لآخر، كأن الإله تاجراً للرقيق يَنقل البشر حسب ما يراه، مُميزاً بين (إله العهد القديم) و(إله العهد الجديد) مثل المرقيونية، وكيف له أن ينتقل بشراً قتله مثل قايين ! مُقارناً بين قايين وإياه، فقايين قتل أخاه في الخفاء بدون تحذير هكذا الإله قتل البشر والأبرياء دون تحذير في الخفاء، حتى وإن كان تحذيراً لمِجموعة مَنطقة ما، لكن بقية العالم لم يُحذر ولم يصل إليهم تحذير أو بناء نوح للفُلك، كأن الإله نفسه مارس القتل الجماعي في الخفاء (الطوفان).

كما إعترض سيلسيوس من عدم إنتقام إله العهد الجديد بعدما أرسل رسوله (يسوع) ليُحضر البشر إلي نوره، إلا إن إله العهد القديم قد قتله، فكيف إذا يُمكن إعتباره إلهاً أو التصديق بكونه رفع أولئك الذين كانوا في الجحيم أو رفع البشر إلي نوره بعدما كانوا على الأرض إن كان غير قادراً على أخذ ثأره من الإله الذي قتله؟!

كما إعترض سيلسوس على تحرير المسيحية للعبيد، حيث إعتبرت المسيحية إن الجميع (نوراً) مُتساوي دون تَمييز، وكُلنا جميعاً أبناء لله دون تمييز، كقول بولس الرسول (لاَ كَعَبْدٍ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ أَفْضَلَ مِنْ عَبْدٍ: أَخًا مَحْبُوبًا، وَلاَ سِيَّمَا إِلَيَّ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِلَيْكَ فِي الْجَسَدِ وَالرَّبِّ جَمِيعًا!) (الرسالة إلى فليمون 1: 16)، وكقوله (لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ، لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ) (غلاطية 3: 28)، ولهذا هرب العبيد من آباءهم وسادتهم من أمثال (أُنِسِيمُسَ) الذي هرب من سيده فليمون (راجع رسالة بولس الرسول إلى فليمون)، هذا التحرير وتلك المساواة التي إعترض عليها سيلسوس كأن المسيح يُعلم العبيد الهروب من السادة والآباء بحجة كونه أباً وسيداً لهم، بل وكيف يُمكن للخالق ابادة مَن يدعي أنهم أولاده، وكيف له أن يُعاقبهم و يهلك نسله واطفاله بالرغم انه هو سبب هذا الشر المعيوب وهم صَنعة يديه، تلك الإعتراضات التي جمعها أوريجانوس بقوله:

(لماذا أرسل سراً لتدمير مخلوقات هذا الإله؟ لماذا استخدم الاقناع والخداع بصورة سرية؟ ولماذا رفع/ جذب هؤلاء الذين أدانهم ولعنهم الإله الخالق!! وحملهم كتاجر الرقيق مُعلماً الهروب من السادة والفرار من الآباء بكونة والداً لهم بدون موافقة آباءهم والداً للغرباء! كيف لهذا الإله العجيب أن يرغب في أن يكن اباً للخطأة المدانين من قبل الإله الآخر و أن يكن اباً للصعاليك الذين يقولون على انفسهم انهم ما ليسوا سوى روثا أو نفاية، غير قادراً على اخذ انتقامه من الخالق عندما أسر رسوله/ يسوع الذي ارسله ليحضر البشر إليه، ثم بعد ذلك، كما لو كان يوجه حديثه الينا - الذين يؤمنون بأن العالم لم يخلقه إلهاَ ما غريباَ او أجنبياَ - قائلاً : لو تلك هي اعمال الخالق فكيف يمكن لله ان يقوم بعمل ما هو شرير؟ لماذا لم يمارس الاقناع و التحذير؟ و كيف له ان يندم عندما يجد البشر اصبحوا جاحدين به و اشرار، و أن هناك عيباً في صنعة يديه، فيكرهم و يهددهم و يدمر نسله / يبدد اطفاله، أو الى أين يمكن له نفيهم عن العالم الذي صنعه بنفسه ؟) (2).

لهذا قام أوريجانوس بالرد عليه كالتالي:

(فشل سيلسوس في توضيح ما هو الشر، فبرغم انه بين الاغريق انفسهم اختلافات كثيرة عن طبيعة الشر والخير، إلا ان سيلسوس قفز الى الاستنتاج وهو إنه بما إننا نؤكد على ان الله خلق هذا العالم فبالتالي يترتب ان يكون الله هو خالق الشر كذلك، و أي كانت الحقـيقة حول الشر ،سواء أكان الله خلقه ام لا، فهو قد اتى للوجود كنـتيجة ثانوية للكائنات الرئيسية، وبرغم اننا نحن لسنا مَعنيين بهذا الان، الا اننا نستغرب من استنـتاجه بأن الله خلق الشر والذي ينبع - حسب اعتقاده- من تأكيدنا أن الله خلق هذا العالم، ولكن أليس هذا ما يقوله كذلك بنفسه ؟!...فهو بنفسه يواجه نفس الانتقادات.

وفقاً لما تقوله الأسفار المقدسة عن الخير والشر، فإن الفضيلة و العمل الفاضل هما الخير في حين النقيض من ذلك هو الشر ... وللوقت الحاضر سأكتفي ببعض كلمات المزمور الثالث والثلاثون: "أما طَالِبُو الرَّبِّ فَلاَ يُعْوِزُهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ، هَلُمَّ أَيُّهَا الْبَنُونَ اسْتَمِعُوا إِلَيَّ فَأُعَلِّمَكُمْ مَخَافَةَ الرَّبِّ، مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ الَّذِي يَهْوَى الْحَيَاةَ، وَيُحِبُّ كَثْرَةَ الأَيَّامِ لِيَرَى خَيْرًا؟ صُنْ لِسَانَكَ عَنِ الشَّرِّ، وَشَفَتَيْكَ عَنِ التَّكَلُّمِ بِالْغِشِّ. حِدْ عَنِ الشَّرِّ، وَاصْنَعِ الْخَيْرَ"(3) إن عبارة : "حِدْ عَنِ الشَّرِّ، وَاصْنَعِ الْخَيْرَ" لا تشير لعمل أعمال الفضيلة المادية او عدم فعل الاشياء الشريرة المادية أو الاشياء الخارجية كما يدعى البعض، ولكنها تشير الى الخير والشر الروحي (أو صلاح النفس وشرها) بمعناها الحرفي... وبمعني أوسع فإن الاشياء المادية (4) و الخارجية (5) تعتبر خير و تساهم في الحياة وفقاً للطبيعة بينما النقيض من ذلك يعتبر شراَ، ولهذا يقول ايوب لزوجته : "الْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟"(6)، و كذلك عندما تقول الاسفار الالهية ان الله هو: "صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ" (7) و إن"الشَّرُّ نَزَلَ مِن عِندِ الرَّبّ إِلى بابِ أُورَشَليم، ضَوْضَاءَ الجِيادَ والمَركَبَة "(8).

تلك النصوص التي أزعجت الكثير من قارئ الكتاب المقدس لانهم غير قادرين على معرفة ماذا يقصد الكتاب المقدس عندما يتحدث عن الخير والشر، ومن المحتمل لهذا السبب وجد سيلسوس مشكلة عندما تساءل قائلاَ كيف يمكن للإله ان يصنع ما هو شراَ؟ او انه كتب تلك الكلمات التي اقتبستها منه بعد ان سمع شرح تلك الامور بطريقة غير مستنيرة من شخص ما ، إلا اننا نؤكد ان الله لم يصنع الشرور او الشر الميتافيزيقي Metaphysical Evil (9) أو الافعال التي تنتج عنه، فلو كان الله هو بالفعل من صنع الشر اذا كيف يمكن التبشير برسالته للدينونة بجسارة ! والتي فيها يُعلم ان الاشرار يعاقبون لأجل شرورهم حسب آثامهم التي اقترفوها ، في حين من يَعيشون حياة فاضلة او يقومون بأعمال فاضلة هم المُباركين ويُكافئهم الله ؟

اعلم جيداً ان بعض الاشخاص على استعداد للتجرأ و التأكيد على ان الله هو من خلق الشر، هؤلاء يقتبسون بعض النصوص من الكتاب المقدس الا انهم لن يستطيعوا عرض سلسلة متماسكة/ محكمة من النصوص الكتابية، فالكتاب المقدس يلوم الخطأة و يستحسن فعل الصواب بالرغم من احتواه على بعض التصريحات القليلة نسبياً و التي يبدو انها تشتت انتباه قراء الاسفار الإلهية الجهلة ، الا اني لن اشرحها الان لأنها تتطلب مناقشة مطولة، فالله لم يصنع الشرور اذا فهمت في معناها الصحيح، فتلك الشرور القليلة بالمقارنة مع الترتيب المُنظم للعالم كانت مجرد نتيجة لأعماله التي كانت في نـيته الاساسية (10)، مثل بقايا نجارة الخشب اللولبية و نشارة الخشب التي تنتج من الاعمال الاساسية للنجار، أو مثل ما يُسببه البنائين في فوضي من بقايا حجرية و الجص حول المباني.

لكن ان تحدثنا عن تلك الاشياء التي يُطلق عليها بطريقة خاطئة الشرور العـينية (11) و الشرور الخارجية (12)، فإننا نعترف على ان الله بالفعل قد صنع بعضها احياناً من اجل تغير بعض الرجال، و ما الذي يُمكن ان يكون خاطئ في مثل تلك العقيدة؟ ألا نسمع عن الالام التي يقوم بها الاباء و المعلمون واستاذة التربية لمن هم تحت رعايتهم ، الا يُطلق عليه كذلك شراَ، و ألا نسمع عن كي المرضى وخضوعهم للعمليات، أليس هذا من اجل الشفاء فالأب يُسي معاملة ابنه (يفعل الشر بابنه) و المعلمين واستاذة التربية يسيئون كذلك معاملة تلاميذهم والاطباء بمرضاهم، الا انه لا يقع أي لوم عليهم.

تذكر الاسفار ان الله يوقع آلاماَ مثل تلك لكي يغير و يشفي أولئك يحتاجون لمثل هذا العقاب، ولهذا لا يوجد أي سبب للاعتراض عندما نجد الكتاب المقدس يقول : "الشَّرُّ نَزَلَ مِن عِندِ الرَّبّ إِلى بابِ أُورَشَليم"(13)، هذا الشر هو الضيق الذي مارسه اعداء شعب اسرائيل عليهم، لكنه في الحقيقة كان لأسباب اصلاحية ، وبالمثل عندما نقرأ انه" بتفْقِدُ بالعصا مَعْصِيَة الَّذِينَ ينَقَضُون شَرِيعَةِ اللهِ و إِثْمَهُمْ بِضَرَبَاتٍ "(14)، وكذلك "لِتَجْلِسَ على الجَمْرً الّذي مَعَكَ، لِيَكُنْ لَكَ عَوْنًا"(15) وبتلك الطريقة نشرح كذلك تلك الكلمات : "صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ" (16) فهو خلق الشرور المادية والخارجية لتنقية وتعليم اولئك الغير مستعدين للتعلم بالمنطق وبالتعليم الصحيح، هذا كثيراَ للإجابة على سؤاله : "كيف ان الله يفعل ما هو شراَ ؟" (17).

هنا فرق أوريجانوس بين الشر كعمل لله و بين و كونه نتيجة لعمل الله، وبالرغم من ذلك فقد اعترف بان الله بالفعل قد صنع بعض الشر من اجل تغير البشر، وهذا ما نجده عند افلاطون حسب نقل القديس هيبولتيس الرومي Hippolytus of Rome عنه، الا انه يذكر ان الشر جزء منه من ارادي و جزء منه لا ارادي، كالتالي:-

(يؤكد الناس ان افلاطون يقول ان هناك أشياء ليس لها ما يُعينها/ يعضدها وأخرى لها ادوات تعينها/ تعضدها، وأخرى هي وسائل في حد ذاتها؛ فعلى سبيل المثال هناك النوم والاستيقاظ أو ما يُشبه مما لا يوجد فيه وسط (18)، أما الفضيلة ونقضيها فهي مثالاً على الاشياء التي لها أمور تعضدها...ثم يؤكد أفلاطون ان الاشياء المتعلقة بالروح هي وحدها فقط الخير المطلق، في حين الاشياء التي تخص الجسد سواء داخلياَ او خارجياَ (19) تُعتبر نَعم حسنة لكنها لا تعتبر الخير المُطلق، فهناك اربع فضائل وهي: رجاحة العقل، الاعتدال/ القناعة، العدل، الشجاعة، ولكل منها هناك نقصان، إحدهما يكمن في الإفراط و آخر يكمن في النقصان، فعلى سبيل المثال؛ اذا كان يتواجد النقصان في رجاحة العقل فسيكون عندنا تهور (طياشة)، و اذا كان هناك افراط في رجاحة العقل فسيكون لدينا احتيال، اما اذا كان هناك نقصان في الاعتدال فسيكون لدينا فجور، و اذا كان هناك افراط في الاعتدال فسيكون لدينا بلاهة او غباء، واذا كان هناك نقصان في العدل سيكون لدينا تنازل، وان كان هناك افراط في العدل سيكون لدينا ضغط لا داعي له، وان كان هناك نقصان في الشجاعة فسيكون لدينا جبن، وان كان هناك افراط في الشجاعة سيكون لدينا تهور.

هذه الفضائل التي عندما تكن متأصلة في الانسان تجعله كاملاَ و تمنحه السعادة، والسعادة هي - كما يقول - هي استيعاب الله على قدر الامكان، هذا الاستيعاب الذي يحدث عندما تجتمع القداسة بالعدل مع رجاحة العقل.

ويؤكد ان الفضائل تتبع أحداها الاخرى وهي متماثلة فلا تتعارض مع بعضها البعض ابداً، على النقيض من الرذائل فهي متعددة الاشكال، وبالرغم انها احيانا تتبع بعضها البعض بالفعل الا انها احيانا تتعارض مع بعضها البعض، مما يؤكد ان وجود القدر ولكن ليس كل الاشياء هي نتيجة للقدر ،فهناك اشياء تقع حسب قدرتنا مثلما ما يقول في موضع آخر : "تقع مسئولية الخطأ علي المُنتقي، فالله ليس مَلوماَ " هكذا يُدافع البعض عن القدر والبعض الآخر يدافع عن الارادة الحرة، الا انه مع ذلك يؤكد افلاطون ان الآثام لا إرادية، لأنه بداخل قوتنا اعظم شيء ألا وهو الروح، ولذلك لا يمكن لأحد ان يقوم بما هو شر أي الاثم عن عمد، فمن خلال جهلنا وتصورنا الخاطئ للفضيلة فإننا نقوم بالنقيض مفترضين اننا نحاول تحقيق ما هو مُشرف.

هذه العقيدة واضحة في كتابه الجمهوري حيث يقول [له مُعارض]:

انك تفترض ان النقيض هو شيء مكروه و ومخزي عند الله، لهذا أتسأل لماذا قد يختار أحدهم مثل هذا الامر الشرير [اي النقص]؟ فأجاب أفلاطون : سيفعل من تغرقه اللذات والملذات، ولذا هو يفعله لا اراديا، فعندما يختار احدهم عمل فعل شائن، فالعقل لا يوجد مما يثبت على كونه لا ارادياَ، على النقيض من الشخص الذي يصمم على الظفر بالانتصار إراديا، فأجابه المعارض : لماذا اذا يُعاقب الرجال اذا اخطئوا لا اراديا؟ فأجاب افلاطون: لان العقاب ليس في ذاته شراَ لكنه خيراَ، فمن خلاله يمكن للمخطئ التحرر من الرزيلة ،فالعقاب يطهر الشرور ، و الغالبية يعرفون ان العقاب هو الحامي من تلك الرذائل.

ومع ذلك لا يقول افلاطون ان الاله قد صنع الشر او ان الشر هو مادة في حد ذاته، فالشر هو مجرد النقيض لما هو خير، سواء بنقص هذا الخير او بالإفراط فيه كما ذكرنا سابقاَ ) (20)

مُقسماً الخير إلى (ثلاث أنواع) في عمله القوانين /التشريعات، مُعتبراً إن تقديم الإهتمام بالثروات عن الإهتمام بالشجاعة أو العدل لهو في حد ذاته شراً، فيقول على لسان الأثيني:

(إذن أقول انه لواجب محتم على الجماعة التي تهتم بأن تخلد وتسعد بكل السعادة الى يسعد بها الناس أن تقرر وضع علامات الشرف وعدم الشرف في الطريق الصحيح؛ والطريق الصحيح هو أن تضع الصفات الطيبة للنفس (21) في المقام الأول والأكثر شرفا ونعنى به دائماَ وسلفا عدالتها دون أدنى تسمية، وتأتي في المقام الثاني مزايا وصفات الجسم الطيبة (22)؛ و في المقام الثالث خيرات المنزلة الاجتماعية (23) أي الثروة كما نسميها، واذا ما تعدى مشرع أو جماعة هذه الحدود؛ بأن قدم الثروة على الشر ؛ أو منح أي شيء عن المرتبة الدنيا امتياز المرتبة العليا؛ فإن ذلك العمل يكون جريمة على السواء بالنسبة للسياسة والدبن علي السواء، أنستطيع أن نجعل ذلك عقيدتنا؟ ) (24).



المراجع والحواشي
==============
(1) مثلما نقل إلينا القديس أبيفانيوس أسقف سلاميسEpiphanius of Salamis في كتابه خزانة الدواء أو الهرطقات Panarion عن المرقيونية، كالتالي:

(لقد رفض الناموس وكل الانبياء و اعتبرهم خدام لأرخون/ حاكم، هذا العالم وخالقه، ونادى بأن المسيح نزل من العلى من عند الآب الغير منظور الذي لا يمكن تسميته لخلاص النفوس... وإن المسيح نزل الى الجحيم ليخلص قايين و قورح و داثان و أبيرام و عيسو وكل الامم التي لم تطيع إله اليهود مثل أهل سدوم و المصريين، لكنه ترك هناك هابيل و أخنوخ ونوح وابراهيم واسحق ويعقوب وموسى وداود وسليمان لانهم امنوا بإله اليهود الخالق والصانع و خضعوا له ولم يكرسوا انفسهم للإله الغير منظور) راجع: The Panarion of Epiphanius of Salamis, book 1 (Sects 1-46), Nag Hammadi and Manichaean Studies,vol.63, Frank Williams (2009), ISBN 978-90-04-17017-9, p.297.

(2) أوريجانوس، ضد سيلسوس، الكتاب السادس، الفصل 53، Henry Chadwick (1980), Origen: Contra Celsum, Cambridge University Press, ISBN: 052105866, p.369-70.
(3) النسخة السبعينية (مزمور 33 : 11- 14)
(4) الاشياء المادية مثل الجمال و القوة
(5) الاشياء الخارجية مثل الصداقة و المجد أو الاطراء.
(6) أيوب 2: 10
(7) أشعياء 45 : 7
(8) النص السبعيني (ميخا 1 : 12-13)
(9) الشر الميتافيزيقي Metaphysical Evil وهي الشرور التي تتكون من حالات النقص وعدم الكمال imperfection .
(10) و هنا يقصد أوريجانوس سواء الشر الطبيعي او الأخلاقي ،الشر الطبيعي مثل الكوارث و الفياضات ، المجاعات وغيرها ، بينما الشر الاخلاقي مثل القتل و الاغتصاب و غيرها.
(11) اي الشرور المادية الجسدية مثل الالم و الخوف و الصداع ..الخ.
(12) الشرور الخارجية أي الكوارث الطبيعة مثل الحرائق و الفيضانات و المجاعات و غيرها،
(13) النص السبعيني (ميخا 1 : 12-13)
(14) مزمور 89 : 31- 32
(15) النص السبعيني (أشعياء 47 : 14 -15)
(16) أشعياء 45 : 7
(17) أوريجانوس، ضد سيلسوس، الكتاب السادس، الفصل 53 ، 54، 55، 56.
(18) فانت اما نام او مستيقظ.
(19) مثل الشهرة أو المجد.
(20) هيبولتيس الرومي ، تفنيد كل الهرطقاتRefutation of All Heresies، الكتاب الاول، الفصل 16.
(21) مثل الشجاعة و العدل
(22) مثل القوة و الجمال
(23) مثل المجد و الصداقة
(24) أفلاطون، القوانين/ التشريعات Laws، الكتاب الثالث، المقطع b 697.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج