الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخروج من الثورة البنيوية: حالة تزفيتان تودوروف (الجزء الخامس والأخير)

أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)

2024 / 4 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


- انعطاف أم خطوة إلى الوراء؟
يبقى هناك سؤال الاتساق الذي يجب طرحه. فعل تودوروف ذلك في مقطع من محادثاته مع كاثرين بورتيفين، مستحضرًا الانتقادات التي تعرض لها من أولئك الذين انتقدوه بسبب ماضيه البنيوي:
"كانت هذه السنوات، بين عامي 1972 و1979، بالنسبة إلي فترة من الطفرة اللاواعية، التي قادتني نحو هذا المقاربة الجديدة، حيث أصبحت اللغة مرة أخرى طريقًا إلى العالم، حيث ساد المعنى على الشكل. من قبل، ركزت أعمالي على قوى اللغة والأشكال الأدبية، وعلى فن رواية القصص وأنواع الرموز. بعد ذلك، وجدت نفسي منقادًا إلى لحديث عن الأخلاق والسياسة، واضعا نفسي في منظور تاريخي وأنثروبولوجي. لكنه كان تغييراً تدريجياً، وليس سيراً في الاتجاه المعاكس. اليوم، يقول لي الناس أحيانًا: كيف يمكنك، وأنت بنيوي وسيميولوجي سابق، أن تتخذ مثل هذه المواقف المختلفة؟ لكن لدي انطباع بأني أنجزت انعطافا، وليس خطوة إلى الوراء."
انعطاف، وليس خطوة إلى الوراء: بهذه الكلمات حدد تودوروف نقطة التحول الأكثر أهمية في مسيرته الفكرية، في كل مرة تتاح الفرصة للحديث عنها. في كتابه "نقد النقد"، اقترح بالفعل تضمين المفهوم المتعدي للأدب في كل أكبر؛ الأدب هو روعة شكلية ووجهة نظر أخلاقية حول العالم:
"رب شخص آخر يعقب علي: بهذا التقييم الأدب ليس أكثر من تعبير عن أفكار يمكن الموافقة عليها أو معارضتها. لكن هذا الرد يفترض أن الأدب شيء واحد. لكنه ليس كذلك على وجه التحديد: إنه لعبة شكلية [تتكون] من عناصره وفي نفس الوقت مثال أيديولوجي (وكذلك أشياء أخرى كثيرة)؛ إنه ليس مجرد بحث عن الحقيقة، ولكنه أيضا شيء من هذا القبيل."
بعد عشر سنوات، في مقابلة عام 1995 التي سبق ذكرها عدة مرات، يعود تودوروف إلى السؤال، ويرسم الصورة الذاتية التي سنقرأها لاحقًا في كتابه "واجبات ومسرات". لم يكن هناك قط، في شخصيته، قتال دموي بين بنيوي أصولي وخلفه، ومحاور مجنون، وأخلاقي فضلا عن ذلك! لم يتم استبدال هايد الذي ليست الكلمات بالنسبة إليه سوى كلمات بجيكل الذي رأى في الكلمات نسخًا فوريًا للأشياء:
"ضمن هذه الفترة المديدة [التي تمتد، بحسب تودوروف، من عام 1963 إلى نهاية السبعينيات]، هناك تقسيم فرعي: لقد اعتمدت في البداية منظورًا وصفيًا وتحليليًا أكثر (منذ كتابي عن الشكليين الروس حتى القاموس الموسوعي لعلوم اللغة ، في عام 1972)، ثم قاموس آخر أكثر تاريخية وحتى اجتماعية بعض الشيء، والذي تجاوز بشكل منهجي الأدب ليتجه نحو خطابات أخرى (مثلا في كتابي "نظريات الرمز").
في تلك اللحظة، أنجزت نقطة تحول، وهي، مع ذلك، ليست إنكارًا بالنسبة إلي، بل إدراج كل ما سبق في منظور جديد: لم تعد الأداة هي التي تهمني، بل الاستخدام الذي يمكن القيام به لها. أو بعبارة أخرى: منذ تلك اللحظة فصاعدًا، لم أكن مهتمًا كثيرًا بتقنيات المعنى، بل بالمعنى نفسه. إذن، ليس ذلك اعتراضا، بل اندماجا في كيان أكبر.
من بين مصطلحي المعضلة، الانفصال والاستمرارية، اختار مؤلف الدراسة الوحيدة الموجودة حاليًا حول فكر تودوروف، جان فيرييه Jean Verrier، بحزم المصطلح الثاني؛ ومع ذلك، قد نتساءل عما إذا كان البديل في وضع جيد. فهل من الضروري حقاً الاختيار بين تشخيص الازدواجية، أو قراءة تصالحية مفرطة، من شأنها أن تخفف من وطأة رحلة فكرية غنية بالالتفافات والعودة والترقب، بحجة الحفاظ على عمقها وقيمتها؟ ألا يمكن أن نعترف أنه ضمن تطور تدريجي، من مرحلة إلى مرحلة، ومن فترة إلى فترة، ومن مرحلة فرعية إلى مرحلة فرعية، هناك لحظة قطيعة، حل قوي للاستمرارية، يتمثل في (إعادة) قراءة أعمال باختين في نهاية السبعينيات؟ هذا من شأنه أن يمهد الطريق للتغييرات التي أصابت القراء الأوائل لكتب مثل "ميخائيل باختين" (1981)، و"غزو أمريكا" (1982)، و"نقد النقد" (1984)، مما أدى إلى ظهور أسطورة الرفض التام للبنيوية من طرف تودوروف الذي كان عليه طلب التوبة وكأنه ارتكب خطأ. بالإضافة إلى ذلك، سيكون لهذا التأويل ميزة دمج عناصر التفسير التي قدمها تودوروف نفسه في تعليقاته الذاتية.
في الختام، سنتركه يتحدث مرة أخرى، لأن هناك في أحد كتبه، منذ عام 1971، صورة تقول الكثير عن تماسك عمله. "بدلاً من عرض موضوعات جديدة،" يكتب في "شعرية النثر"، "نحن نعود دائمًا، مثل القاتل، إلى مسرح الجريمة، إلى الآثار التي تركت بالفعل."
المصدر: https://books.openedition.org/puc/21041?lang=fr








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتوسع في إفريقيا.. والسودان هدفها القادم.. لماذا؟ | #ا


.. الجزيرة ضيفة سكاي نيوز عربية | #غرفة_الأخبار




.. المطبات أمام ترامب تزيد.. فكيف سيتجاوزها نحو البيت الأبيض؟ |


.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. فهل تتعثر مفاوضات القاهرة؟




.. نتنياهو: مراسلو الجزيرة أضروا بأمن إسرائيل | #غرفة_الأخبار