الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية العالم اليوناني للمسيحية (سيلسوس) نَموذجًا (السابع عشر الأول) – عَدم جدوي الطوفان وحتمية الشر مع الأصل الأسطوري ل (أنوش، قينان، مهللئيل، يارد، أخنوخ، متوشالح، نوح)–

ابرام لويس حنا

2024 / 4 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من بين أهم اعتراضات سيلسوس على رواية الطوفان التوراتية هو وقوعه نتيجة للشر، لكنه قام بمهاجمة تلك الحجة بناءاَ على أن مقدار (كّم) الشر والخير في العالم لم ولن يتغير، وهذا ما إعترف به إله العهد القديم بقوله (لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ، لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ، وَلاَ أَعُودُ أَيْضًا أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ) (تك 8: 21)، فإعتراف الله بعدم إمكانية القضاء على الشر هو ما يقوله الفلاسفة اليونانية كذلك، فمثلا نجد أفلاطون يقول:

(ولكن يا ثيودوروس Theodorus يستحيل القضاء على الشر اذا تحث الضرورة ان يستمر نقيض الخير في الوجود كما يستحيل ان تستقر الشرور لدي الآلهة، انما تجول في دنيانا و حول الطبيعة البشرية، لهذا يجب ان نحاول الهروب بأسرع ما يمكن من هذه الدنيا الى مقر الآلهة، والهرب هو التشبه بالله قدر المستطاع والتشبه بالله هو ان يمسي المرء عادلاَ قديسا يتصرف بفهم وفطنة") (1).

فنجد أن الكاتب التوراتي قد إضطر للإعتراف بتلك الحقيقة بالرغم إن العبارة هي في مَحل فرح وبهجة للإله بالخلاص مِن الشر وتطهير الأرض من كل الشر، وعلى هذا فإن قوله (لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ) هو قول يَلزم الحزن ويتبعه وليس البهجة والرضا الذي مَحل الحديث (فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا، وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ، لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ، وَلاَ أَعُودُ أَيْضًا أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ) (تك 8: 21).

وهذا ما عَبر عنه سيلسوس بقوله:

(لن يكن هناك ابداَ زيادة او نقصان في شرور العالم سواء أكان في الماضي او الحاضر او في المستقبل لأن طبيعة كل شيء ما زلت كما هي والشرور تتوالد كما هي دوماَ) (2).

وهذا ما إعترف به كذلك أوريجانوس مُتستشهداً بقول أفلاطون، قائلاً:

(ونحن نتفق مع رأي افلاطون أن الشرور في بعض الاحيان تصبح أقل، ولكن طبقاً لكلمات الثيئيتِتس Theaetetus "فإن الشرور لا يمكن ان تختفي من بين البشر") (3).

مُستشهداً كذلك بقوله أن الآلهة كذلك تقوم بتطهير الأرض كما نجده في الطبيعية من طوفان النيل و أَطْوَافٌ (جمع طوفان) في جميع أنحاء العالم، فيقول أفلاطون:

(أما النيل فهو مُخلصنا، وفي حالات أخرى فهو تهلكة، فعندما يبغي الآلهة من جديدة تطهير الارض فيغرقونها بالمياه) (4)

مُدعياً أن سيلسوس بأن لم يفهم جيداً كلمات أفلاطون حين قال:

(يستحيل القضاء على الشر من بين البشر و يستحيل أن تتواجد الشرور بين الآلهة) (5)

فبالرغم مِن قوله وإدعاءه إن سيلسوس لم يفهم جيداً كلمات أفلاطون، إلا إن أوريجانوس بنفسه لم يستطع أن يَفني أن قلب الإنسان شرير مُنذ حِداثته وأنه يُستحيل القضاء بالفعل على الشر، ولكن يُمكن أن يتواجد الشر بنسبة أقل وهذا ما قام به الطوفان، فإعترافه بإستحالة القضاء على الشر نجده في إعترافه فقط بإمكانية تواجد الشر بنسبة اقل وذلك في رده التالي:

(الا انه لم يفهم كلمات افلاطون بشكل صحيح، على الرغم من ادعاء سيلسوس ان مؤلفه يتضمن كل الحقيقة في كتابه ضدنا الذي اسماه العقيدة الحقة، لكن يوجد مقطع الطيماوس /التـِيمئس Timaeus يقول "وطهرت الآلهة الارض" مما يُبرهن ان المياه بالفعل قد طهرت الارض و وجعلت شرورها اقل مما كانت عليه قبل التطهير، فنحن نتفق مع رأي افلاطون أن الشرور تصبح أقل، فطبقاً لكلمات الثيئيتِتس Theaetetus بأن الشرور لا يُمكن أن تختفي مِن بني البشر") (6).

وهو ما أكد عليه كذلك الفيلسوف الرواقي لوكيوس سينيكا Lucius Annaeus Seneca المعروف بسينيكا الأصغر بان الانسان سيكن كما هو دائماَ شريراَ، وذلك كالتالي:

(دعوني اختم بالإشارة لوصمة هذه الجرائم التي تتعلق بزماننا فقط، فمن قبل رثي اسلافنا خراب الأخلاق وسيطرة الرذيلة والتدهور التدريجي للبشرية، و سيرثي ابناءنا من بعدنا كذلك، فتلك الاشياء ثابتة، فما تتحرك للأمام الا و ترجع للخلف مثل أمواج المد والجزر إحداهما يرتفع على الارض والآخر ينحسر عن الارض، الا انه سيكون هناك وقت عندما تكن فيه الرزيلة الرئيسية هي الزنا والإِبَاحِيَّة المتجاوزة لكل الحدود، سيكون هناك وقتاَ عندما تطغي شهوة الطعام، ويضيع الرجال ميراثهم بأكثر الوسائل خزياَ في المَطهي، وفي وقت ستطغي العناية المفرطة بالجسد و عشق الجمال الذاتي، بينما يصبح العقل قبيحاَ، وسيكون هناك وقت لاحق يكون للحرية الممنوحة بإفراط القدرة على تحدي للسلطة و الفجور، وسَيُمارس حكم القسوة عامة و في الخفاء، و سَيدمر جنون الحروب الأهلية كل ما هو مقدس و لا يُلمس، و سيكافئ السَكر وسيكون شرب النبيذ جميعه فضيلة، ستحوم الرذائل حولنا بأشكال متغيرة غير قابعة منتظرة ايانا في مكان واحد، و ستظهر مَختلفة (متباينة) عن بعضها البعض، بحيث يفوزون بالرغم من خسارتهم للملعب (7)، الا انه يجب ان نحكم على انفسنا علانية بنفس الحكم وهو إننا اننا دائماَ اشرار و أقول - رغم عني - إننا سنكون هكذا دوماَ، سيكون دوماَ هناك جرائم قتل وطغاة ولصوص وزناة وخطاف ومدنسين وخائنين والأسوأ من كل هذا الرجال الجاحدين، كل تلك الجرائم التي تنبع من الجحود الذي بدونه ما كان لينتمي كل الشر ليصل الى كمال قامته، لذا تأكد انك تحرس نفسك ضد هذا لأنه اعظم الجرائم التي يمكن ان تفعلها لنفسك ....) (8).

وهذا ما إعترف المسيح كذلك بقوله (وَلِكَثْرَةِ الإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ الْكَثِيرِينَ) (مت 24: 12).

فكما نصح سينيكا التوبة والحرص على النفس من الخطايا، كذلك نصح بولس الرسول بإنه يجب التسلح النور كقوله (11 هذَا وَإِنَّكُمْ عَارِفُونَ الْوَقْتَ، أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ، فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا، قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ، لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ: لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ، لاَ بِالْمَضَاجعِ وَالْعَهَرِ، لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ، بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ) (رومية 13: 11- 14).

لهذا حاول بيتر نيلز لمكة Noels Peter Lemche بالقول أن حادثة الطوفان كانت تعليم لأصحاب القوى بأن لا يسئوا قوتهم وجبروتهم في هلاك النفوس بصورة جماعية حتى ولو كانوا أشراراً، مُذكراً إياهم بعدم نفع إستخدام الله للقوى في تطهير الأرض من العقاب الجماعي بالطوفان، عدم جدوي الطوفان الجماعي، كأنه قرار متسرع غير حكيم، وهذا ما قد يَشير له إتفاق رواية الطوفان التوراتية والبابلية، فالرواية التوراتية تقول (لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَ لاَ أَعُودُ أَيْضاً أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ) (تك 8: 21)، والرواية البابلية تقول (انت حكيم الآلهة البطل، كيف لم تفكر مليا واحدثت الطوفان! صاحب الخطيئة حمله خطيئته، صاحب الإثم حمله إثمه، أرخِ الخيط فلا ينقطع، شد الخيط فلا يرتخي) (9)، فهنا الرواية البابلية تُشير لعدم جَدوي العقاب الجماعي، ووجوب العقاب الفردي فقط بقوله (صاحب الخطيئة حمله خطيئته، صاحب الإثم حَمله إثمه)، وهذا ما يتفق عليه كذلك الكتاب المقدس بقوله (اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ، اَلابْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ، وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الابْنِ، بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ، وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ.) (حز 18: 20)، فالذين (يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ) (مت 26: 52).

وعلى هذا فقد رأي (بيتر نيلز لمكة) أن الهدف الرئيسي في سفر التكوين هو عدم جدوى الطوفان الجماعي اي العقاب الجماعي (10)، وقد قُمنا بترجمة وجه نظره في مقالتنا التي بعنوان (الفهم الصحيح لرواية الطوفان التوراتية، الحوار المتمدن-العدد: 6254 - 2019 / 6 / 8) بالرغم من تراجعي عن وجه النظر تلك، حيث أرى أن الفهم اليهودي للتطهير كان إما يتم (بالماء أو بالنار) وهو القرينية الموجودة في تلك الرواية بالطوفان أي بالمياة (نوح) وبالنار (تطهير سدوم وعمورة)، كما تأثرت رواية الطوفان، بغرق المياة للأراضي قديماً، وبالفهم القديم بإن الأرض هي كالفلك الذي تحوم على وجه المياة والظلمة، لذا أطلقت على بطل تلك القصة (نوحاً) نسبة (للنون) أي (المياة أو الراحة) الذي نجده مَشهوداً له في مصر القديمة في نصوص الأهرام التي ترجع لعصر الدولة القديمة وتعد أقدم النصوص الدينية المعروفة في العالم، حيث نجد هذا اللقب مشهوداً له مُنذ الأسرة الخامسة (من عام 2494 إلى عام 2345 قبل الميلاد) والسادسة (من عام 2345 إلى عام 2181 قبل الميلاد)، مثل إسم (nwy) و (nwnw) (11)

الجدير بالذكر أن الإسم العبري هو (נח) أي (ناح) وعلى هذا فهو مُرتبط (بالنواح) أي (البكاء والصراخ) مثلما تفيض المياة بدموعها (ينابعها) لتفيض وتملىء المكان وترفعه، لهذا إرتبط اسمه بالتعب في الأرض كقوله (وَدَعَا اسْمَهُ نُوحًا، قَائِلاً: هذَا يُعَزِّينَا عَنْ عَمَلِنَا وَتَعَبِ أَيْدِينَا مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ الَّتِي لَعَنَهَا الرَّبُّ) (تك 5: 29)، فالإنسان عندما يموت فهو ينتقل من حالة التعب في الأرض الملعونة إلى راحة السماء، هكذا إنتقل (لامك) مِن حالة التعب في الأرض إلى حالة (الراحة أي النون أو النواح)، كما نجد وجود ترابط إسطوري في الأسماء، وهو ما يُمكن توضحيه كالتالي:

أ) فأنوش أو أنوس ( אנוש) أي (كثير البشر) نسبة للإنسان (אנש) الذي ولد أبناء وبنات الذين هم مثل (الجنان أو الجنن) أي (قنان أو قنن) بعد (إبدال الجيم قاف)، ولذا عُبر عن وَلد (كثير البشر) أي (أنوش) بـ (قينان/ قينن קינן)، الذي هو كذلك بدون قلب القاف لجيم، فالجنة مثلها مثل الوعاء الذي يحوي الأشياء بداخله مثل الشجرة إذ تُمسك بالخضرة والثمار بداخلها، ولهذا فسواء (قايين קין أو قينان קינן) فهما مِن جذر (קנה) أي احتوى أو جنى وهو ما يشهد عليه كذلك الجذر العربي السامي والعبري سواء (قنى أو קנה أي احتوى و جنى)، وكما نَدرك أن الأرض كالشجرة التي تُمسك كذلك بالاشياء والثمار عليها وتجري بها الماء مثل الشجرة التي تُمسك بالثمار وتجري المياة في ذاتها، لذا فإن (قايين) و (قينان) هما كذلك كالأرض السوداء التي تحوي وتمسك بالمياة والظلمة والانوار، بالإخص إن إدركنا أن (قينان) هو إبن (أنوش) إبن (شيث) أي أن تلك الحاوية أو تلك الشجر (الجنان أو القنان) المُثمرة هي نتيجة لوجود أنوش وتولده مِن/ في (شيث) الذي هو في الأصل (ست שת) أي الظلمة وهو إسم إله سماء الليل في مصر القديمة (ست) في مصر القديمة الذي يُمثل بـحامل (مركبة السماء الليلة) أو ربانها، فهو حامل المركب بمجدافيها، كأن (ست أو شيث) هو (المركبة) و (أنوش) هو (ربان) أو (الإنسان / النور) الذي في المَركبة، وبهذا تولد (قينان) الذي هو إبن (شيث وأنوش) معاً أو بعبارة أبسط كأن المركب وداخلها حياة وحركة وليست جامدة تُدعى (قينان) أي (جينان/ جِنان).

ب) تلك (الجنان) التي هي (كالنجوم أو كالنور في ظُلمة السماء) مثلما لو كانت (السماء بنجومها شجرة تُسقط ثمارها/ نجومها) لتلمع وتُسبح وتهلل الإله ولهذا فإن المُتولد من تلك (الجنان) هو (التهليل والتسبيح للإله) لذا إسم ابنه هو (مَهْلَلْئِيلَ מהללאל) أي (مُهلل إيل أو الإله) مِن (מהלל مُهلل + אל إيل).

ج) تلك السماء المُهللة بإسم الإله (تُنزل) بفمها وِظلامها وبقوتها لتبتلع وهذا الفعل هو الذي عُبر عنه بولد السماء المُهللة بإسم (يَارَدَ ירד) أي (ينزل) (12).

د) كما قلنا إن السماء كالمركب/ ست تحوي النور/ أنوش داخلها لتولد الجنان/ قينان التي تهلل الإله/ مهللئيل، و التي تنزل/ يارد بِحكنها أي (بباطن فمها) (13) لتبتلع، ولهذا ذُكر الحنك في إسم (أخنوخ) الذي هو في الأصل (حنوك חנוך) مِن (الحنك) أو (حلك) بعد إبدال اللام نون (14) أي (الحلوك/ الحالك)، مُشبهاً إياه برجل مُحارب (حانك) في عمله (أي مُتمرس) مثلما نقول (هذا رجل مُحنك)، مثلما نقول (حنك/ رَبِّ חנך الْوَلَدَ فِي طَرِيقِهِ، فَمَتَى شَاخَ أَيْضًا لاَ يَحِيدُ عَنْهُ) (الامثال 22: 6).

هـ) هذا الحنك هو حَنك (الموت) الذي أرُسل ليأخذ الأرواح، ولذا ذُكر إسم (الموت مُباشرة له) في إبنه (متوشالح) المُتشلح أو المُتسلح وهذا هو جلىّ مِن إسمه (متوشالح מתושלח) أي (الموت المُدجج) أو (الموت المُرسل أو المُطلق)، حيث شُبهت السماء بظلامها كإنما لو كانت مُحارباً عظيماً مثل تصوير البعل ورشف أو رشب وهما مُدججان بالأسلحة فوق المياة الثائرة على أعداءها.

و) هذا (حنك الموت المُرسل) لـ (ليموج المياة) أي (لـ م ج) أو (لـ م ك) بعد إبدال (الكاف جيم) (15) وهو إسم (لامك למך) الذي هو في الأصل (لمك/ لمج) أي (لمج) أي (ليموج) وهو ما يؤكده إن (الفعل في متوشالح هو موت أرسل أو مُرسل) فلماذا أو لمِن مُرسل؟! مِن البديهي و الطبيعي أن الكلمة اللاحقة تبدأ بحرف جر (16)، وهذا ما يشهد عليه لقب (لمك/ لمج).

ز) لكن ما الذي يموجه ؟! إن الإجابة هو (النون) أو (النوح) أي (الينابيع والمياة) ومازلنا نقول (ماج البحر) و (نَوّة البحر) وهو ما عُبر عنه بإسم (نوح נח أو ناح)، فالسماء قد فتحت فاها (آبارها) لتبتلع الأرض التي هي (كالسفينة).

لهذا قال لامك (هذَا يُعَزِّينَا عَنْ عَمَلِنَا وَتَعَبِ أَيْدِينَا مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ الَّتِي لَعَنَهَا الرَّبُّ) فعندما يموج البحر على الارض فهو يُغطي الأرض ويموت الإنسان ويرتفع/ يرتاح عن الأرض.


المراجع والحواشي
=============
(1) Plato, Theaetetus, 176 a-b.
(2) أوريجانوس، ضد سيلسوس، الكتاب الرابع، الفصل 62.
(3) أوريجانوس، ضد سيلسوس، الكتاب الرابع، الفصل 62.
(4) Plato, Timaeus, 22 d.
(5) أوريجانوس، ضد سيلسوس، الكتاب الرابع، الفصل 62.
(6) أوريجانوس، ضد سيلسوس، الكتاب الرابع، الفصل 62.
(7) أي مكان ممارسة الرذائل فقد اصبحت تُمارس علانية.
(8) سينيكا الأصغر، عن أفعال الخير De Beneficiis / On benefits ، الكتاب الاول ، المقطع X.
(9) نائل حنون، ملحمة جلجامش، ترجمة النص المسماري ، ط 2006 ، اللوح الحادي عشر، ص. 227، سطر 182- 186.
(10) Noels Peter Lemche (2014), Biblical Studies and the Failure of History: Changing Perspectives 3: Are we Europeans really good readers of biblical texts and interpreters of biblical history? (1999) , p. 242-251.
(11) للمزيد راجع Gavin Cox, The search for Noah and the Flood in ancient Egypt—part 4, JOURNAL OF CREATION 34 (2) 2020, p. Table 1, p. 76.
(12) Hebrew and Aramaic Lexicon of the OT (HOL( 3519.
(13) في العبرية؛ وَرَدَ الفِعْلُ: חָנַךְ (حَاَنخ) ḥānaẖ بِمَعْنى (تَعَلَّمَ الحِنْكةَ) ويُوافِقُ الفِعْلَ العَرَبِيَّ (حنك) مَبْنًى ومَعْنًى، ومِنْ مَجيئِهِ بِمَعْنى (حنك) ما وَرَدَ في سِفْرِ الأمْثالِ: "וחֲנֹךְ לַנַּעַר, עַלפִּי דַרְכּוֹ גַּם כִּייַזְקִין, לֹאיָסוּר מִמֶּנָּה "، أيْ: " حَنِّكْ الوَلَدَ في طَرِيقِهِ، فَمَتَى شَاخَ أَيْضًا لا يَحِيدُ عَنْهُ "(מש 22: 2)
ومِنْه الاسم: חֵךְ (ح۪ٮٰخ) ḥēẖ بِمَعْنى (باطِنُ أعْلى الفَمِ مِنْ داخِلٍ) ويُوافِقُ الاسْمَ العَرَبِيَّ (حَنَكٌ) مَبْنًى ومَعْنًى غَيرَ أنَّ الاسْمَ العِبْرِيَّ خَضَعَ لِحَذْفِ النّونِ، ونُطْقِ الكافِ رِخْوةً، ومِنْ مَجيئِهِ بِمَعْنى (حَنَكٌ) ما وَرَدَ في سِفْرِ أيُّوبَ:"וְחֵךְ אֹכֶל יִטְעַםלוֹ"، أيْ: "ويَسْتَطْعِمُ الحَنَكُ طَعَامَهُ؟" (איוב 12: 11).

وفي الآرامية، وَرَدَ الاسْمُ: חִכָּא/ חִיכָּא (حِكَّا- حِيكَّا) ḥīkkā /ḥikkā بِمَعْنى (باطِنُ أعْلى الفَمِ مِنْ داخِلٍ) ويُوافِقُ الاسْمَ العَرَبِيَّ (حَنَكٌ) مَبْنًى ومَعْنًى غَيرَ أنَّ الاسْمَ الآرامِيَّ خَضَعَ لإدْغامِ النّونِ في الكافِ، ومِنْ مَجيئِهِ بِمَعْنى (حَنَكٌ) ما وَرَدَ في التَّرْجومِ: "וּשְׁעִיעַ מִן מִשְׁחָא חִיכָּהּ"، أيْ: "وحَنَكُها أنْعَمُ مِنَ الزَّيْتِ"(תר ، מש : ה, ג).

وفي السريانية في السُّرْيانيّة: وَرَدَ الاسْمُ: ܚܶܢܟܳܐ (حِنكَا) ḥenkā بِمَعْنى ( باطِنُ أعْلى الفَمِ مِنْ داخِلٍ) ويُوافِقُ الاسْمَ العَرَبِيَّ (حَنَكٌ) مَبْنًى ومَعْنًى، ومِنْ مَجيئِهِ بِمَعْنى (حَنَكٌ) ما وَرَدَ في سِفْرِ أيُّوبَ: "ܢܚܽܘܣ ܥܠܰܘܗܝ: ܘܠܳܐ ܢܶܫܒܩܺܝܘܗܝ ܘܢܶܟ݂ܠܶܝܘܗܝ ܒܓܰܘ ܚܶܢܟܶܗ"، أيْ: "أَشْفَقَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتْرُكْهُ، بَلْ حَبَسَهُ وَسَطَ حَنَكِهِ" (ܐܝܽܘܒ ܟ: 13).
(14) راجع الأمثلة الكثيرة التي أوردها (الابدال، لأبي الطيب اللغوي الحلبي، الجزء الثاني، ص. 382- 413)، وفي هذا يقول (وهو أشد سواداً من حلك الغراب وحنك الغراب يريدون سواد الغراب) (المرجع السابق، ص. 396).
(15) راجع الابدال، لأبي الطيب اللغوي الحلبي، الجزء الاول، ص. 246- 252.
(16)https://www.abarimpublications.com/Meaning/Lamech.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج