الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتراب الشباب واعتداؤهم بالسلاح الأبيض على المارة، أية علاقة

أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)

2024 / 4 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


منذ مدة ليست بالهينة، إجتاحت الشارع المغربي في مختلف المدن المغربية ظاهرة الاعتداء على المواطنين في الفضاء العام بالضرب والجرح بواسطة أسلحة بيضاء حادة من مديات وخناجر وسيوف..هذه الظاهرة، المسماة خطأ ب”الكريساج’ لأن هذه الكلمة تعني في اللغة الفرنسية التشحيم بينما المراد بها “agression”، استفحلت كثيرا بدافع واحد وهو السرقة واعتراض سبيل المارة ونتج عنها ضحايا كثر من كلا الجنسين. من هؤلاء من أصبح من ذوي العاهات المستديمة التي استوطنت أماكن من الجسد ظاهرة وخفية، ومنهم من فارق الحياة على إثر تلقيه طعنات غادرة في أماكن حساسة من جسمه..
ونظرا لخطورة هذه الجرائم، ارتأت في وقت سابق مجموعة من الناشطين على وسائل الاتصال الاجتماعي إطلاق حملة فيسبوكية استقطبت في زمن قياسي عددا كبيرا من المستعملين، إلا أنها لم تخرج عن نطاق المقاربة الأمنية حيث تمت دعوة جهاز الأمن المسؤول إلى التدخل بكل حزم وقوة للتصدي لهؤلاء المجرمين الذين عاتوا فسادا في الشوارع والأحياء وروعوا المواطنين الأبرياء الآمنين وكذا الضيوف والسائحين.
من الأصوات المشاركة في الحملة الفيسبوكية من دعا إلى إعادة النظر في العقوبة السالبة للحرية التي عوض جزر المجرمين فهي تشجعهم على العودة إلى السجن بعد قضاء أيام معدودة داخل أسواره.
بعيدا عن أجواء هذه الحملة، أقترح أحمد الريسوني، خليفة القرضاوي على رأس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ألا يطال العفو الملكي المجرمين من ذوي السوابق وإنما ينبغي أن يتمتع به معتقلو الرأي ومن له مشكلة مع الملك.
وبما أن من كان وراء إطلاق الحملة الفيسبوكية “زيرو كريساج” ومن شارك فيها ليس غرضهم القيام بتحليل سوسيولوجي لهذه الظاهرة المشينة والبحث عن جذورها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وإنما حسبهم التنبيه إلى خطورتها ومدى انتشارها، فلا ينبغي التوجه إليهم باللوم والعتاب لاقتصارهم على المقاربة الأمنية المؤدية إلى معاقبة المعتدين وتشديد القبضة عليهم..
في الواقع، أخذ النقاش حول الظاهرة وعواقبها بعدا حقوقيا سيما بعد توالي عمليات إطلاق الرصاص على بعض المعتدين ("المشرملين" بلغة الشارع المغربي) في هده المدينة أو تلك من طرف أعوان الشرطة دفاعا عن أرواحهم وصدا لمجرم مدجج بمدية ماضية، "ناضية" وكبيرة الحجم وهو في حالة هيجان ناتج عن مفعول الأقراص المهلوسة التي ابتلعها.
حيال هذه النازلة المتجددة، انقسم الرأي العام الوطني إلى معسكرين أو فريقين. الفريق الأول الذي أنتمي إليه صراحة يؤيد إقدام أعوان الشرطة على إطلاق الرصاص على الجانحين المهددين لأمن وسلامة المواطمين في الشارع العام، خاصة إذا رفضوا الامتثال للأمر بالتوقف وتسليم النفس. كما أحبذ الحفاظ على سلامة المعتدي الجسدية باستعمال رجال الأمن لتقنية الأذرع الحديدية من أجل إلقاء القبض عليه. أما الفريق الثاني فينظر للمسألة من جانبها الإنساني والحقوقي بمبرر أن اتخاذ قرار رمي الجانحين بالرصاص غير قانوني..
في الواقع، تسائل هذه الظاهرة الإجرامية الدولة والمجتمع كليهما كلما اعتبرت نتيجة حتمية لتفشي الاغتراب في أوساط الشباب المغربي نتيجة الهدر المدرسي الذي حطم رقما قياسيا عندنا حيث
كشف شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أن مجموع المنقطعين عن الدراسة برسم الموسم الدراسي 2022-2021 بلغ ما مجموعه 334 ألفا و664، أي نفس مستوى الموسم الدراسي 2020ـ 2019 الذي كان خلاله عدد المنقطعين في حدود 331 ألفا و558.
كما أن تفشي الاغتراب راجع جزئيا إلى البطالة وانعدام فرص الشغل واستفحال التفاوتات الاجتماعية والمناطقية والمجالية وتفكك الروابط الأسرية والعائلية والقبلية.
فما هو الاغتراب؟ وما هي مظاهره؟ للإجابة عن هذين السؤالين، يستحسن اللجوء الى يزيد عيسى السورطي الذي يعرف في كتابه "السلطوية في التربية العربية" الاغتراب بكونه حالة ذهنية يشعر فيها الشخص بأنه معزول ومنفصل عن ذاته أو مجتمعه أو عن كليهما. أما مظاهر الاغتراب فقد لخصها في خمس نقط كما يلي:
1- العزلة الاجتماعية: ونعني الوجود الجسدي والمادي في المجتمع، والانفصال الروحي والنفسي عنه وعدم المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، وعدم الرضا عن أوضاع المجتمع ونظمه وقيمه وثقافته والعقليات السائدة فيه نتيجة لانعدام التكيف الاجتماعي أو لضآلة الدفء العاطفي، أو لصعف التواصل الاجتماعي للفرد.
2- العجز: وهو الشعور بعدم القدرة على التأثير في الشؤون الخاصة والعامة، وعدم القدرة على تقرير المصير، أو على المشاركة في صنعه، والشعور بحالة من الاستسلام والخضوع والقهر والاستلاب وغياب القدرة على الاختيار.
3- غياب المعنى: أي فقدان الحياة معناها ودلالاتها، وشعور الفرد بأن حياته خالية من الأهداف التي يستحق أن يعيش من أجل تحقيقها، وبأنه يفتقد إلى مرشد أو موجه لسلوكه.
4- غياب المعايير: وهو غياب القيم الثابتة في المجتمع، او انحلالها وتناقضها وازدواجيتها، وتقسيرها لمصلحة البعض على حساب الآخرين، وسيطرة مبدإ ” الغاية تبرر الوسيلة”. وكثيرا ما ينتج عن ذلك الفردانية المتطرفة والانتهازية والانتفاعية. 5- الغربة عن الذات: وهي إحساس الفرد بابتعاده عن ذاته بسبب عدم قدرته على إيجاد الأنشطة المكافئة ذاتيا، وشعور الفرد بأن ذاته وقدراته مجرد أشياء منفصلة عن ذاته..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية